زمن السُقوط

شهرزاد


هل أخْبرتك أَصْوات الانْكِسار من حوْلك، وانْهِيار بقايا الوجوه التي أحببتها، وأشْلاء أمنياتك وأحلامك التي تملأ واقعك أنه زمن السُقوط وزمن اهْتِزاز المواقف والأرواح، وزمن فِقْدان الثَوابِت لثباتها، وزمن تأرْجح القيم وتخبُّطها بقّوةٍ كأنها كَوْمة قَش في مَهَب الريح. وهل أخْبرتك الوقائع المُحيطة بك أنك يجب أن تتأقْلم مع هذه الحقائِق المُرعبة، وأن تقلل من حِدّةِ دهْشتك وتستقبل كل حالات الانْكسار التي قد تتعرَّض لها بهدوءٍ وبِلا ضَجيج قد يؤدي بك إلى حدود الصَدْمة...


ففي زمنِ السُقوط أنت مُعَرَّض لخُسْرانِ الكثير، ومُرْغمَ على مشاهدة الكثير من المَشاهِد التي قد يقوم ببطولتها شخص مُقرَّب منك، شخص كنت تظنه قبل لحظة الهبوط منك أنه ضد السُقوط، وضد الكَسْر..
ففي زمن السُقوطِ كل الأشياء قابلة لمغادرة القِمّة، وكل الأشياء قابِلة لمُلامَسة القاع!
فقوِ مناعتك قدر اسْتِطاعتك، فقد يسْقط إنْسانك المُفَضَّل فلا تتألم، وقد يسقط نِصْفك المُفَضَّل فلا تتألم، وقد يسْقط صديقك المُفَضَّل فلا تتألم، وقد يسْقط كاتبك المُفْضَّل فلا تتألم، وقد يسقط لاعبك المُفَضَّل فلا تتألم، وقد يسقط مشهورك المُفَضَّل فلا تتألم...


ففي زمن السقوط ستتعرَّض لتلك المواقف التي كان مُجَرَّد التفكير فيها يرعبك، فأحدهم سيفْلِت يدك ويسقط منك في وقت أنت في أمس الحاجة إليه..
وستمد يدك نحوه ولن تجد سوى السراب، وستقْفز عالياً ولن تصل إلى القِمّة، وستركض طويلاً ولن تصل إلى مكانٍ، وستسير طويلاً ولن ينْتهى طريقك، وستُقطع كل الخُيوط التي في يدك، وستصبح مساحات الخوف في قلبك شاسِعة، وستطيل الوقوف أمام الصباح بانْتظار شروق شمسك الجديدة.. وأبطالك الجدد!


فتأَقلْم مع تَطَوُّرات أحْداث زمن السقوط ولا تتحوَّل إلى عُقْدة نفسيّة تتضخَّم كلما تضخَّمت حالات السقوط من حولك.
ولا تحزن عند اكْتشافك أن أكبر انْتصاراتك في هذا الزمن أن تحْتفظ بأجزائك كاملة، وأن لا تتخلّى عن بعضك كما تَخَلّى سواك عن بعضه، وأن تحافظ على ثبات قلبك كي تتجنب الهبوط إلى القاع، وكي لا تسْقط كما سقطوا، ولا تتلوَّث كما تلوَّثوا..


قبل النهاية بقليل:
لا تتوقَّف أمام حالات السُقوط طويلاً... فالساقِط منك لا يستحق أن تعرض قلبك لألم الصَدْمةِ..