تيم حسن .. ثقافة الأداء وتكنيك الممثل واللوازم لا تفسد للود قضية

تيم حسن

سواء اختلفنا أو اتفقنا مع ما يقدمه مسلسل " الهيبة " من أفكار أو أيدنا قصته أم وقفنا ضدها فإنه يعد من الأعمال الأكثر جماهيرية في الوطن العربي خلال السنوات الأخيرة واستطاع أن يشكل حالة خاصة به وهو الأمر الذي عبّر عنه منتج المسلسل صادق الصبّاح علانية حين قال إن "الهيبة " يصنع موسماً بحد ذاته ولعل تلك المقولة صحيحة سواء اتفقنا أو اختلفنا مع ماهية العمل وأفكاره "نكرر" .


تنقل تيم بين مفاصل مختلفة من الأداء ونوّع حضوره

تيم حسن
تيم حسن


في الحقيقة عندما نتحدث عن "الهيبة " فإننا نتحدث عن جميع العاملين فيه، ولكن نخص تيم حسن. فبناء وقوام الهيبة قائم على شخصية "جبل شيخ الجبل" شئنا أم أبينا . وبالطبع هذه ليست لعنة أو مذمّة فهذا النمط من الأعمال القائمة على حكاية بطل شعبي حتى لو كان ما يفعله منافياً للقانون يقوم بشكل أساسي على شخصية البطل وهو هنا " جبل شيخ الجبل " تماماً مثلما تقوم حكايات مسلسلات " السيّر الذاتية " على شخصية بطل العمل الذي يروي المسلسل سيرته أو سيرتها الذاتية .
في " الهيبة " تنقل تيم بين مفاصل مختلفة من الأداء ونوّع حضوره واستخدم تقنياته كممثل واستحضر شخصية البطل الشعبي على طريقته كمفردات أداء ولا أعتقد أن ممثلاً بقيمة تيم عاجز عن ذلك. فهو فعل الصعاب في أعمال أخرى وقادر على تقديم المزيد . قوة تيم تعتمد على شخصيته واستحضار مفرداته وضبط تكنيكه وإيقاعه عندما يؤدي. أما الموهبة فلا أعتقد أن هناك جدالاً عليها حتى من منتقدي أداء تيم أنفسهم. الرجل موهوب جداً وممثل من طراز رفيع وهذه حقيقة. ما يميز نجومية تيم حسن بالإضافة إلى ذكاء الأداء ونوعيته وضبطه هو الكاريزما التي يتمتع بها النجم السوري. هنالك ممثلون رائعون ولكنهم ليسوا نجوماً . تيم جمع كل ذلك في نجومية لا جدال فيها ولا مجال لإنكارها. فهو ممثل من طينة الكبار استطاع أن يوظف موهبته وحضوره وقدرته الكبيرة على التنويع في كل أعماله و"الهيبة" إحداها.
في الموسم الرابع من المسلسل اختلف تيم جذرياً قدم مشهداً للذكرى عندما سمع صوت الرصاص واستذكر ابنه وزوجته وموتهما ، عندما عانق أمه استحضر شخصية الطفل الذي أرهقته السنون. بأداء انفعالي كبير ورصين دون حركات استعراضية لا تلزم في هذا النوع من المشاهد العاطفية بينما يعود ويستخدم أدواته الانفعالية في مشاهد المعارك. تيم يعرف ما له وما عليه باختصار .


لا شخصية في التاريخ تخرج من جلبابها

منى واصف
منى واصف


توجه انتقادات من قبل أحد الكتاب لاستخدامات تيم لمفردات في دعم شخصية " جبل " وذلك بعد أن جعلنا نحس بأنه صنع معجزة بالتحول الذي طرأ على شخصية " جبل " ونقلاتها الدرامية وعلى حكاية العمل ولكن على الكاتب الشاب أن يفكر بمنطق المجتمع لا بمنطق فردي. فلا شخصية في التاريخ تخرج من جلبابها وتتحول باستدارة كاملة "360 " درجة كاملة فـ "جبل" يبقى "جبل" حتى لو شهدنا تغييراً جذرياً بالظروف المحيطة والتي أثرت عليه ولكنه لا يمكن أن ينقلب حتى ينسى أبسط ما صبغ شخصيته. هذه الفكرة منطقية وعقلانية ومجتمعية وبالتالي استخدامه لمفردات من تركيبة الشخصية وحتى بطريقة أداء جديدة ليست مذّمة بل هي استمرار لبناء الشخصية المجتمعية الحقيقية . لو أردت جبلاً بلا مفردات فكان عليك أن تميته وتخلق جبلاً جديداً وليتقمص تيم شخصيته . فالإنسان العادي وهو ما تروي الدراما قصته لا يتغير بشكل كلي حتى لو غيّر كل ظروفه وحتى لو حاول الخروج من ثوبه لكن يبقى ما علّق بشخصيته وما صبغها حاضر في ظروف معينة وبالتالي فإن استخدام المفردات لا يفسد للود قضية .
باختصار "الهيبة" عمل شعبي ولعل أهم ركائز نجاح هذا النوع من الأعمال هي حكاية بطله الشعبي ولا جدال أن تيم استطاع أن يثير الرأي الجماهيري والنقدي حول هذا العمل والذي نعيد أنه مهما اختلفنا أو اتفقنا معه لا يمكن إنكار أنه مثير للجدل.