الشعر العمودي وكيف اختلف بين القديم والحديث

الشعر العمودي أو التقليدي
الشعر العمودي أو التقليدي

الشعر هو لسان العرب، ولطالما عرف العرب ببلاغتهم اللفظية الشعرية، وفصاحتهم البيانية، ولطالما كان الشعر ساحة لنقاشاتهم وسجالاتهم، وشريكاً لأفراحهم وأتراحهم ومعبراً بليغاً عن بيئاتهم بأدبياتها وتراثها وثرائها وثقافتها، وبمرور الزمن اختلفت سياقات الشعر وأجناسه وبناياته...  

"سيدتي" التقت الشاعر الكبير جابر بسيوني، عضو مجلس إدارة اتحاد أدباء مصر، وأمين عام هيئة الفنون والآداب المصرية، والمستشار الثقافي لوزارتي الشباب والرياضة، ووزارة الثقافة، للحديث حول الشعر العمودي، ماهيته، وكيف تطور.. 

يقول الشاعر جابر بسيوني: 

عرف الشعر قديماً بالشعر البيتي أو الشعر صاحب الشطرين، وهو الشعر الذي يحافظ على نسق البيت ذي الشطرين بأوزانهما ورويهما، حيث تنتهي القصيدة بروي واحد أو حرف واحد بحركته، وقد اعتاد  العرب نظم قصائدهم بالقافية نفسها على طول القصيدة، حتى لو كانت قصيدة طويلة. 

للشعر البيتي أو التقليدي أو الشعر صاحب الشطرين اسم آخر هو الشعر العمودي، وهو أصل الشعر العربي أو جِذره كما يسمونه؛ لأن منه تفرعت أجناس الشعر الأخرى.. 

لماذا سُمي الشعر العمودي بهذا الاسم 

عرف الشعر العمودي بالجزيرة العربية قبل الإسلام، وسمي كذلك لأنه كالعمود في هندسة بنائه واستقامة أوزانه، فهذا الجنس الشعري يحافظ على بنيان القصيدة أو عامود القصيدة. 

يعتبر هذا النوع من الشِّعر الجذر الرّئيسي للشعر العربي، والذي تفرعت منه أنواع الشِّعر الأخرى. 

والشعر العمودى هو قصيدة تتكون من أبيات شعرية. 

البيت الواحد يتألّف من شطرين. 

الشّطر الأول يسمى الصّدر. 

الشّطر الثاني يسمى العجز. 

يخضع الشِّعر العمودي لقواعد علم العروض، وهي بحور الشِّعر والالتزام بالقافية وغيرها. 

 

يحافظ الشعر العمودي على الشطرين، وعلى الروي الواحد والقافية بطول القصيدة.  

كما يحافظ على البحر ونسق القصيدة. والموسيقى الظاهرة والباطنة. 

من الأمثلة على الشِّعر العمودي: 

من شعراء الجاهلية امرؤ القيس :     مكر مفر مقبل مدبر معاً   ****  كجلمود صخر حطه السيل من عل 

من العصر الحديث إبراهيم ناجي:   رفْرَفَ القلبُ بجنبي كالذبيحْ      ****  وأنا أهتف: يا قلبُ اتّئدْ 

                                            فيجيب الدمعُ والماضي الجريحْ ****  لِمَ عُدنا؟ ليت أنّا لم نعد 
وأمير الشعراء أحمد شوقي:      ريمٌ عَلى القاعِ بَينَ البانِ وَالعَلَمِ  ***** أَحَلَّ سَفكَ دَمي في الأَشهُرِ الحُرُمِ 

                                        رَمى القَضاءُ بِعَينَي جُؤذَرٍ أَسَدًا  ***** يا ساكِنَ القاعِ أَدرِك ساكِنَ الأَجَمِ 

من أشهر شعراء الشعر العمودي 

امرؤ القيس، المتنبي، أبو تمام، زهير بن أبي سُلمى، بشار بن برد، أحمد شوقي، إبراهيم ناجي، أمل دنقل، بدر شاكر السياب، محمود درويش. 

 اختلاف الشعر العمودي 

القرآن الكريم حافظ على الشعر العمودى - من موقع unsplash
القرآن الكريم حافظ على الشعر العمودى - من موقع unsplash

تعتمد القصيدة العمودية على الالتزام بالبحر الشعري الواحد (البحر يتكون من عدد من التفعيلات)، ثم ظهرت قصيدة التفعيلة، حيث يستعين الشاعر بتفعيلة واحدة يكررها بطول القصيدة، وتم الاستغناء عن البحر كأساس للموسيقى الظاهرية، مع الحفاظ على اللغة والمفردات العربية، ثم ظهرت قصيدة النثر وفيها تحرر الشعراء تماما من البحر والتفعلية الشعرية واعتمدت على الدفقة الشعورية. 

هل الشعر العمودي كان أكثر ثراء في عصور سابقة؟ 

لماذا قلّ شعراء الشعر العمودي؟ وهل تجد عصر التكنولوجيا لا يكافئ عصر الشعر العمودي؟ 

 نعم، كان ابن البيئة يتربى على الشعر العربي الأصيل، فينمو داخله هذا الهيكل الشعري ويغرس فيه، وكان ذلك قبل الإسلام وما بعده، حيث كانت القبائل تحتفي بميلاد شاعر، فقبيلة عبس احتفلت ببزوغ نجم عنترة، وقبيلة أخرى احتفت بحسان بن ثابت شاعر الرسول، وعندما تكون القبيلة بلا شاعر تكون قبيلة بلا شأن، فالشعر قديماً كان المنبر الإعلامي والمتحدث الرسمي باسم القبيلة؛ فهو يؤرخ ويوثق وينقل للتاريخ أخبار القبيلة وأحداثها وحوادثها وشخوصها وأمجادها وحروبها.. وهكذا، وكانت القصيدة العمودية القديمة في أزهى عصورها، حيث كانت في جينات العرب، أما اليوم ضعف دور الشعر في التلاحم مع المجتمع. 

عصر التكنوولجيا أثر في زيادة الفجوة بين الشاعر والمجتمع، فالتكنولوجيا ارتبطت بالصورة المادية التي شغلت الناس عن الشعر والخيال وذهبت بهم لروافد ودروب أخرى.. كما أن اللغة العربية فقدت كثيراً من بريقها، ولولا القرآن ما كان للغة العربية استمرار. 

تابعوا المزيد: إطلاق مشروع مسار الشعر العربي لتوثيق مواقع أشهر القصائد العربية القديمة