الجمعيات التعاونية تركيزٌ على الاستهلاكيّة منها.. ومناداةٌ بدعمها

الجمعيات التعاونية تركيزٌ على الاستهلاكيّة منها.. ومناداةٌ بدعمها
الجمعيات التعاونية تركيزٌ على الاستهلاكيّة منها.. ومناداةٌ بدعمها

نظراً إلى أن الجمعيات التعاونية تقوم على قيم، مثل: المساعدة الذاتية، والديمقراطية، والمساواة، والإنصاف، والتضامن، فقد تلعب دوراً قوياً بشكل خاص في تمكين المرأة، وخاصة في البلدان النامية؛ إذ تسمح الجمعيات التعاونية للنساء اللواتي يعملن بشكل فردي بالتكاتف مع بعضهن، وخلق وفورات في منتجات متعددة، فضلاً عن زيادة قوتهن التفاوضية في السوق. في هذا الملف، ركز الخبراء الاقتصاديون على الجمعيات التعاونية الاستهلاكية، وبعضهم عرّج على الاجتماعية منها، فهي تعتمد بشكل مباشر على قوت يوم البشر، لكنها في بعض البلدان العربية لا تلقى الدعم المطلوب، حتى أن هناك جهاتٍ فرديةً تكاتفت لتحدث جمعيةً استهلاكيةً لمنتج ما، بينما في بعض البلدان يفضلونها مستقلة بإداراتها وقراراتها. فما حال هذه المؤسسات التي ما زال نهم التجار يحاول السيطرة على أسعارها، وهل هي مستقلة بالفعل؟

 

 

 

 


الريّاض | زكية البلوشي Zakia Albalushi
تصوير | غازي مهدي Ghazi Mahdi
جدّة | ولاء حداد Walaa Haddad
المغرب | سميرة مغداد Samira Maghdad
السّودان | سميّة آل خير Somia Al Khair
بيروت | عفّت شهاب الدّين Ifate Shehabdine
تونس | منية كواش Monia Kaouach
القاهرة | أيمن خطّاب Ayman Khattab

 

 

 

 

من الرياض

د. نوف الغامدي
          د. نوف الغامدي

 


700 ألف فرصة عملٍ


يدمج القطاع التعاوني بين القطاعين الخاص وغير الربحي، كما تكشف د. نوف الغامدي، مستشارة التخطيط والاقتصاد، والرئيسة التنفيدية لمجموعة COC للاستشارات الإدارية والاستراتيجية، وهذا ما يبرر وجوده خلال الأزمات والكوارث. تحوّلت الجمعيات التعاونية عن دورها الأصيل، لتصبح مثل غيرها من منافذ التجزئة، التي لا تلتفت إلا إلى رفع الأرباح، مثل باقي منافذ البيع، تعلّق الغامدي: «دور الجمعيات في مسألة التسعير لا يقتصر فقط على الخصومات».

وحول وضع هذه الجمعيات في السعودية، قالت الغامدي: «كان من المفترض أن يكون لدينا أكثر من 5 آلاف جمعية تعاونية حتى نهاية عام 2020، وتحقق أهداف رؤية 2030 حول الجمعيات التعاونية، وأرى أنه لا بد من وضعها تحت الإشراف التنظيمي لهيئة مستقلة، لتوضيح الفرق بينها وبين الجمعيات الخيرية».


صلاحياتٌ كاملةٌ


تطالب د. الغامدي، بإزالة العوائق أمام الجمعيات بالتعاون مع الجهات الحكومية وشبه الحكومية، لضمان حصولها على حصة أكبر من السوق، وتحديد مجالات عملها وأهدافها، والخدمات التي تقدمها، ورفع مستوى الكوادر البشرية اللازمة لتيسير شؤونها، وإعطاء الصلاحيات الكاملة للتعاونيات.

كما تدعو د. الغامدي إلى احتساب ما تقدمه التعاونيات للمسؤولية الاجتماعية بوصفه جزءاً من مبلغ الزكاة الذي يتم تحصيله من قِبل هيئة الزكاة والدخل، ووضع خطة عمل لتسهيل الإجراءات الخاصة بتأسيس التعاونيات، وتخصيص أراضٍ في المخططات الجديدة للجمعيات.

تابعي المزيد: مؤثرات في قطاع الترفيه ... مكانة بارزة ومعرفة واسعة بالتفاصيل

 

من جدّة
ريم أسعد:

 

 

ريم أسعد



ننتظر مساهمات رجال وسيدات الأعمال


اقترحت ريم أسعد، خبيرة استثمارية، أن يكون لرجال الأعمال والمؤسسات الخيرية دور في الجمعيات التعاونية. مفهوم الجمعية التعاونية، كما ذكرت الموارد البشرية والتنمية الاجتماعية، هو كُل جمعية يكوِّنها أفراد طِبقاً لأحكام هذا النِظام؛ بهدف تحسين الحالة الاقتصادية والاجتماعية لأعضائها، سواء في نواحي الإنتاج، الاستِهلاك، التسويق، أو الخدمات، تعلّق ريم: «يكون ذلك باشتِراك جهود الأعضاء حسب المبادئ التعاونية. ويجب أن يشتمل اسم الجمعية على ما يدل على صفتها التعاونية، ونوع عملها».


ملاذٌ استهلاكيٌّ


تفترض ريم الوقوف مع أي جهود أو مبادرات تساهم في دعم المواطنين على المستوى الاقتصادي، تستدرك قائلة: «كلنا نتفق على فائدة وجود ملاذٍ استهلاكيٍ للطبقات المعسّرة اقتصادياً بشكل خاص. وفكرة الجمعيات التعاونية يمكن أن تطبق بوصفها جزءاً من الأعمال الخيرية بمساهمات رجال وسيدات الأعمال في دعمها». في كثير من الدول المجاورة، نجد تطبيقاً لفكرة الجمعيات التعاونية، لتخفيف العبء، خاصة في ظل ارتفاع الأسعار لكثير من المنتجات الاستهلاكية عالمياً، تعلّق ريم: «أزمة كورونا وارتفاع أسعار النفط ومشاكل سلاسل الإمداد كلها تستوجب وجود الجمعيات».

تابعي المزيد: في رمضان الأم العاملة كيف تعيش أجواء الشهر الكريم؟

 

من الإمارات
محمد الضنحاني:

 

 

محمد الضنحاني



ارتفاع الأسعار مع زيادة تكاليف الشحن


وجود الجمعيات في الإمارات، جيد جداً، كما يقول محمد الضنحاني، المستشار والخبير الاقتصادي، فالجمعيات تضبط الأسعار في السوق. ارتفعت أسعار بعض المنتجات في الجمعيات التعاونية، كما يقول محمد، ويستدرك قائلاً: «السبب أنهم صاروا كثيراً يستوردون المنتجات من الخارج، فارتفعت أسعارها؛ ما زاد مصاريف النقل والشحن، فمثلاً مصاريف الشحن في البحر ارتفعت 100%، وكذلك مصاريف التأمين، وهذا ما أثر سلباً في فكرة الجمعية ومنتجاتها».


مثالٌ ناجحٌ


ميزة الجمعية التي يأخذها المستشار محمد بعين الاعتبار، هي إمكانية التوظيف الحر، التي تعود فوراً لرئيسها، وهذا أسهل تماماً من التوظيف الحكومي الآخر، في الإمارات أكثر من جمعية بأسماء مختلفة، لكنها تجتمع تحت فكرة واحدة، يستدرك محمد: «بالنسبة إلى الوطن العربي قد تفتقر بعضها إلى الدعم الذي تحتاج إليه الجمعية من قبل الحكومات، أو حتى الشركات المساهمة، وعلى الداعم أن يكون له تأثير في السوق والبلد، كما أنها تحتاج إلى معاملات كثيرة، والظروف الأمنية في بعض الدول لا تساعد على انطلاق الجمعيات». تطبيق الفكرة أكثر ما نجده ناجحاً، برأي المستشار محمد، هو في الكويت، فالأسعار ممتازة للجميع، كما أن الجمعيات لديهم منتشرة في كل مكان، مثل السوبرماركت.

تابعي المزيد: بين البحر والجبال وحقول الربيع الملونة احتفالات العيد بثَوبٍ جَديد

 

من المغرب
حكيمة خالص:

 

 

حكيمة خالص



على الجمعيات تنمية نفسها بنفسها


تثمن، حكيمة خالص، خبيرة في الاقتصاد الاجتماعي والتضامني، ومؤلفة كتاب عن الاقتصاد الاجتماعي المغربي، دور المنتجين، والبيع مباشرة للمستهلك بثمن الإنتاج، عبر تفادي الوسطاء الذين يرفعون الأسعار. تقول حكيمة: «عدد التعاونيات في تزايد مستمر، لكن ليس بالوتيرة المطلوبة، فهناك ما يعيق فعاليتها في تحقيق الأمن الغذائي»، وتتابع: «منها مشاكل التمويل، ونقص في استعمال التكنولوجيا لتكثيف الإنتاج». بلغ عدد التعاونيات في المغرب أكثر من 470 ألف تعاونية، تضم في عضويتها أكثر من 700 ألف عضو وعضوة، وتشكل نسبة المقاولات التعاونية النسوية 34%؛ أي هناك نحو 7 آلاف تعاونية هي نسوية 100%. تستدرك حكيمة: «تقف الجمعيات أمام تحديات التشغيل، ومحاربة الفقر، وتعزيز البعد الاجتماعي والبيئي، لكنها تعاني من سيادة روح الاتكالية، وأرى أن الظروف أصبحت اليوم مواتية لإرساء سياسة جديدة لتنمية التعاونيات، ترتكز أكثر على التخطيط الاستراتيجي لتفعيل دورها، من خلال تنمية نفسها بنفسها، وإيجاد مجالس لها لفض نزاعاتها، وتكوين مواردها البشرية وفقاً لحاجاتها، وتثمين منتجاتها على الصعيدَيْن المحلي والدولي».


تعاونياتنا مستقلة


للتعاونيات المغربية إطار قانوني شامل ومبسّط، أصبح مرجعاً لعدد من الدول الأفريقية والعربية، تستدرك حكيمة: «للجمعيات حرية التأسيس والإدارة، فيما تكتفي الحكومة بتوجيهها، والتحقق من أنها تدار وفق القانون الذي ينظمها، خلافاً للعديد من الدول العربية التي تؤسس حكوماتها التعاونيات وتديرها بشكل مباشر».

تابعي المزيد: تكامل الأدوار بين الرجل والمرأة انعكاسات إيجابية على الأسرة والمجتمع

 

من السودان
د. إقبال جعفر:

 

 

د. إقبال جعفر



الجمعيات التعاونية هي الحل الناجح لمشكلة إنتاج الغذاء


اتسعت الفجوة بين الدخل والإيرادات بعد جائحة كورونا، التي حدّت من النشاط الاقتصادي، وحاصرنا هبوطٌ حادٌّ في الغذاء وارتفاع أسعاره، كما تقول د. إقبال جعفر الحسين كرار، خبيرة التنمية الاقتصادية والصيرفة الاجتماعية بالسودان. تدعو د. إقبال إلى ضرورة اتخاذ خطوات عملية لخفض المصروفات، وزيادة الإيرادات؛ حتى يرجع التوازن إلى ميزانية الأسرة العربية، تتابع قائلة: «هذا دور الجمعيات التعاونية، وأخص بالذكر هنا نوعين منها: الأولى، هي التعاونية للسلع الاستهلاكية، وهذه تعمل بطريقة فعّالة لخفض المصروفات عن طريق بيع السلع الضرورية بأسعار مخفّضة، فهي تحصل على المنتج مباشرة من غير وسيط إضافة إلى امتيازاتها، التي تؤهلها لخفض الأسعار».


اهتموا بالجمعيات الزراعية


أما الجمعيات الثانية فهي الزراعية المنتشرة في السودان، التي تقدم كل مدخلات الإنتاج، من بذور محسنة، ومبيدات، ومعدات زراعية، وغيرها؛ ما يساعد على خفض أسعار المنتجات الزراعية، وتوفير الغذاء بأسعار مناسبة، وتحقيق عائد مجزٍ. تستدرك د. إقبال: «بين الجمعيات ترابط وتبادل منافع لمواجهة كافة الصعوبات بوصفها مجتمعاً قوياً، كما أنها تقدم خدمات أخرى في الأفراح والأتراح، فهي الحل الناجع لمشكلة إنتاج الغذاء، ولابد من الاهتمام أكثر بالجمعيات الزراعية بكل أنواعها، فهي توفر الغذاء بأسعار مناسبة وجودة عالية».

تابعي المزيد: فعاليات وحوارات تسهم في التقارب الإنساني..التنوع الثَقافي قوة محرِّكة للتنمية

 

من لبنان
سنى الصايغ:

 

 

سنى الصايغ



نحن مهددون بخطر المجاعة


تقول سنى الصايغ، منسّقة مشاريع في دليل تضامن لبنان، 24 عاماً، لطالما أهملت القطاعات الإنتاجية في لبنان لصالح قطاع العقارات والخدمات المصرفية والسياحة. يعتمد سكان لبنان اليوم على الاستيراد لتأمين 80% من حاجاتهم الأساسية. تتابع سنى: «اقتصادنا غير منتج؛ الأمر الذّي يرفع الأعباء والكلفة على المستهلكين. وهنا، تأتي أهميّة الاعتماد على اقتصادٍ تعاونيٍ ومنتجٍ مبنيٍ بشكلٍ أساسيٍ على مبادئ العدالة، والديمقراطية، والمساواة». تحقّق التّعاونيات عدالة اجتماعيّة، برأي سنى، فهي تخفّف من البطالة والفقر، تستدرك قائلة: «هناك تجارب في البلدان الأوروبيّة؛ حيث يمكن تطبيقها بما يتناسب مع بلداننا العربية وحاجاتنا لمواجهة الأزمات، وخاصة أزمة الغذاء العالمية. فوفقاً لآخر تقرير صادر عن الأمم المتحدة، تبيّن أن لبنان وسوريا واليمن من بين البلدان المهدّدة بخطر المجاعة».


«مسرّع المشاريع التضامنية»


حان الوقت أن نصنع البدائل الاجتماعية والاقتصادية لتلبية احتياجاتنا الأساسية عن طريق التّضامن، وتأسيس تعاونيات ومؤسّسات تضامنية، تتابع سنى: «نذكر عمل فرق «دليل تضامن» الذي قام في الأشهر السابقة بتأسيس تعاونيات ضمن إطار برنامجه «مسرّع المشاريع التضامنية». وفي هذا السياق، تمّ تأسيس ـ مع مجموعتين من النساء ـ مؤسسة خدميّة تضامنية تدعى «ساعد» لإنتاج الصابون، وسيتم إنشاء تعاونية تعليمية إعلامية سيُعلن عنهما قريباً، وهي عمالية جديدة تلبي حاجات المجتمع المحلي الأساسية».

تابعي المزيد: في اليوم العالمي للأرامل.. سيدات التضحية والعطاء

 

من تونس
نعيمة الهمّامي:

 

 

نعيمة الهمّامي



تقاسموا الأرباح، لكن لا ترفعوها!


تعرّف نعيمة الهمّامي، الأمينة العامّة المساعدة السّابقة للاتّحاد العامّ التّونسيّ للعمل، التّعاونيات في تونس بأنّها مبادرات جماعيّة متكوّنة من متطوعين، جمعتهم الرّغبة في تحسين دخلهم المادي، فاشتركوا في مشروع جماعيّ إنتاجيّ وخدميّ، ثمّ تقاسموا جزءاً من أرباحه لتحسين وضعهم الاجتماعي، تتابع نعيمة: «هو ما سمح لهم ببيع منتجاتهم بأسعار في متناول المستهلك، كما فعلت تعاونيّة «جمنة» للتّمور بمدينة «جمنة» من محافظة «قبلّي» بالجنوب التّونسي، فعلوا ذلك في علاقة ثنائية من دون وسيط بين فلاح وتاجر؛ حيث باع الفلاح تموره للمستهلك بسعر مناسب».


نموذج ناجح للتعاونيات


تحدّثت نعيمة الهمّامي عن دور منظّمة العمل الدّوليّة في التّشجيع على نشر التّعاونيات لتحقيق اقتصاد مرن ومستدام، على غرار تعاونيّة «برج السّوقي» لتربية الدّواجن بمحافظة «بن عروس» المتاخمة للعاصمة التونسيّة، وهي تعاونيّة تديرها مجموعة من النّساء، تملك إحداهن قطعة أرض صغيرة، فأسّسن عليها تعاونيّة لتربية الدّواجن، ومكنتهنّ الوكالة الألمانية للتّعاون الدّولي من المواد الأوّليّة من أعلاف وكتاكيت، إلى أن أصبح لهنّ منتج حرصن على بيعه إلى المستهلك مباشرة بأسعار مقبولة.

تابعي المزيد: اليوم العالمي للوالدين كيْفَ نَرُدُّ الجَميْل؟

 

من مصر
مي حمدي:

 

مي حمدي

 


واجهنا أزمة النقص والغلاء من دون وكلاء

تطالب مي حمدي، الخبيرة الاقتصادية، مديرة قطاع ترتيب وإصدار الدين في المجموعة المالية هيرميس، بدعم الجمعيات التعاونية بصفتها إحدى الأذرع الأهلية التي تستطيع الحكومات الاعتماد عليها للسيطرة على الأسعار، بعيداً عن الاحتكار وجشع بعض التجار. لا يقتصر دور التعاونيات على كونه تجارياً فقط، بل هو اجتماعي أيضاً. وبالنسبة إلى الجمعيات التعاونية، يجب ألا يقل عن أي دور آخر، وهذا ما حدث مؤخراً من خلال مواجهة أزمات النقص والغلاء لبعض السلع، والقيام باستيرادها من دون وكلاء؛ ذلك من خلال إدارة خاصة بالاستيراد المباشر من البلد المصنع للمواد الاستهلاكية بأسعار مقبولة؛ للوقوف بجانب المستهلك ضد غلاء الأسعار. تعلّق مي: «على هذا الدور أن يمتد إلى المساهمات الاجتماعية والإنسانية».

 


الاتحاد التعاوني العربي


من الأدلة على اهتمام الوطن العربي بالتعاون، تأليفُ لجنة خبراء التعاون العرب في نطاق الجامعة العربية، التي تهتم بالتنسيق بين الحركات التعاونية في الأقطار العربية، تستدرك منى: «هي تعالج قضاياها المهمة والمصيرية. كما يعد تأسيس الاتحاد التعاوني العربي خطوة أولى على طريق تكامل نشاطات الحركات التعاونية في الأقطار العربية».

تابعي المزيد: في يومها العالمي الأسرة..مركزٌ التفاعلات بين الأجيال