المصمم أيمن الرابغي: المبدع هو مَن يفاجئ الواقع

جذبه عالم الإكسسوارات والأقمشة منذ الصغر متأثراً بمهنة والده، وآمن بأن الحياة رحلة لصنع الذات، وأن الفن يجب أن يفاجئ الواقع، فأدخل على تصاميمه ابتكاراتٍ، فاقت التوقعات، مثل العباية التي يتغيّر لونها تحت ضوء الشمس، والأقمشة المقاومة للأشعة، والأقمشة المقاومة للسوائل. ولاحق حلمه حتى أصبح مصمماً بارزاً يلمع اسمه مع إطلالات النجوم والمشاهير. مصمِّم الأزياء السعودي أيمن الرابغي، خصَّ «سيدتي» بهذا الحوار، كاشفًا فيه عن تفاصيل تشكيلته الجديدة الخاصة بعيد الفطر.

المصمم أيمن الرابغي

المصمم أيمن الرابغي، من عالم الفيزياء إلى عالم الأزياء، أعطنا صورةً عن هذا التحوّل، وكيف فازت مهنة العائلة لتصبح عالمك المميّز؟

بعد إنهائي المرحلة الثانوية، كشفت لوالدي عن رغبتي في العمل معه بمجال إكسسوارات الأزياء و«الكلف» والأقمشة، لكنه رفض الأمر، وطلب مني إتمام دراستي الجامعية. فدخلت كلية العلوم، قسم الفيزياء، وأنهيت تخصّصي بنجاحٍ، لكنني عدت مجدّداً إلى ملاحقة حلمي بالعمل في مجال التصميم مدفوعاً بشغفي به، إذ كنت وما زلت أحبّ كل ما يتعلَّق بالأزياء من تفاصيل دقيقة، وخيالٍ وإبداعٍ، وأنبهر دائماً بما أراه في مجلات الموضة.
«دار أيمن الرابغي» موجودةٌ منذ عام 1436 هـ، لكن تفوّقك في هذا القطاع وامتلاكك مفاتيحه ليسا حديثي العهد، فما سرّ هذا التفوّق، وكيف تمكَّنت من تطويره عبر الزمن؟

سرّه الخبرة. لقد استفدت كثيراً من عملي مع والدي، فمن خلاله تعرّفت على تفاصيل ومفاتيح عالم الأزياء والإكسسوارات، وأذواق الناس، وكيف تتغيّر الأذواق بتغيّر الظروف والأزمنة والاتجاهات العالمية، وكيف أطوّر، وأجدّد الأشياء، إذ إنّ عالم الأزياء عالم متجدّد، فبعض القطع التي كانت موجودة قبل عشرة أعوامٍ قد تعود لتصبح موضة اليوم، لكن علينا أن نعرف كيف نجعلها ملائمةً لهذا العصر، وكيف نمنحها بعض التميّز.

هل أنت مهتمة بمتابعة لقاءات مع مصممين الأزياء..تابعي اللقاء من الكويت مصمم الأزياء ظاهر باقر: الموضة المستدامة هي نظرية لابد أن تؤخذ بعين الاعتبار

مشروعات توسيعية

من تصميم المصمم أيمن الرابغي

يطغى على تصاميمك النمط السعودي، أو الخليجي، مثل الثوب والعباية، حتى فيما يخصّ تصاميم الأطفال، هل لديك مشروعات مستقبليةٌ لاستقطاب مجتمعات أخرى عبر تصاميم خارج هذا الإطار؟

بالطبع أفكّر ببعض المشروعات العالمية، أي خارج حدود الوطن والمنطقة، لكن ضغط الأعمال، والطلب المتزايد على العبايات والمنتجات الخاصة في مجتمعاتنا، يحدّان من زيادة نطاق عملي. شخصيّاً أتمنّى توسيع أعمالي، وتصميم قطعٍ جديدة، ونقل أفكاري، التي تعكس ثقافة مجتمعنا وذوقنا وتميّزنا، إلى الخارج.

ما أكثر نمط تحبّ العمل على تصميمه؟

أحبّ العمل على كل الأنماط والفئات المتاحة في الأزياء، فلا حدود لأفكاري أبداً. ما يهمّ بالنسبة لي أن يكون التصميم فريداً، وأن أميّز الآخرين من خلاله.

تصاميم الأطفال، ما مدى صعوبتها، وعلى ماذا تركزون فيها؟

تصاميم الأطفال جميلة جداً، وليست صعبة إطلاقاً، والهدف الرئيس فيها، أن يكون الطفل مرتاحاً وسعيداً وغير مقيّد الحركة، لذا نركز على الألوان، والتفاصيل التي تضيف البهجة.

 

العباية النسائية

ارتدت من تصاميمك للعبايات شخصيات نسائيةٌ معروفة؛ ما أهم قاعدةٍ في تصميم العباية، وهل يختلف الأمر إذا كانت الشخصية معروفةً، أم لا؟

كلا، لا يختلف الأمر، لكنّ القاعدة الرئيسة، أن تكون الشخصية أنيقة وراقية ومميزة. أي سيدة ترتدي من تصاميمنا، تشعر بالفخر بمظهرها، وتزداد ثقتها بنفسها بين الحاضرات.

من المعروف أن النساء متطلبات فيما يخصّ التفاصيل، لكنك تقول دائماً إن التصميم الرجالي أصعب، لماذا؟

التصاميم الرجالية أصعب، لأنّ مساحتها صغيرة من حيث أنواع الأقمشة، والألوان، والتفاصيل، والإكسسوارات، عكس التصاميم النسائية التي تتيح لنا التوسّع بأفكارنا، والإبداع بها. وفي التصميم الرجالي غالباً نهتمّ بالمحافظة على قيمة الشخص، ومظهره الرجولي، وألا نخدش هذه القيمة في محاولتنا لتقديم تصاميم مختلفة وغريبة.

نقترح عليك متابعة اللقاء مع  المصمم عزيز بكاوي: الكوفية تلهمني لأنها رمز للأناقة والتاريخ


المشاهير

من تصميم المصمم أيمن الرابغي

هل تتطلّب ملابس المشاهير قواعد مختلفة، وكيف تنجح في إيجاد التصميم الملائم لكل شخصية؟

الشخصية المشهورة، أو المعروفة، يتطلَّب التصميم الخاص بها إضافة مزيدٍ من عناصر التميّز إلى القطعة حتى يخرج بإطلالةٍ فريدة وغير متكرّرة. أنا أصمّم بطريقتي وأسلوبي، لكنني أختار ما يناسب كل شخصية، وأدرسها جيداً قبل ذلك، وأصمم القطعة حسب نمط وذوق كل شخص، وطريقة تفكيره، والفن الذي يقدمه، مع المحافظة على لمستي الخاصة.

هل تسمح للمشاهير بفرض شروط، أو تفاصيل معينة على تصاميمك، وهل يمكن أن تقدم تصميماً لست راضياً عنه؟

إطلاقاً، هذا أمر مستحيل، فلا يمكن أن أقدم تصميماً لا أكون راضيًا عنه، لذا لا أقبل أن يفرض أي شخصٍ عليّ شروطاً، أو أفكاراً لا تناسب طريقتي في التصميم.
مَن الشخصيات التي تطمح لأن ترتدي من تصاميمك؟

أحبّ أن ترتدي كل الشخصيات من تصاميمي.

لديكم بعض التصاميم التي تتخطى البساطة، وتتخذ الطابع الفاخر، مثل شموخ، سمو، أمسيتي، تفرد، وغيرها، مَن تستهدفون بهذه التصاميم؟

نستهدف بأغلب هذه التصاميم العريس حتى يتميّز في ليلة فرحه، ويفتخر بمظهره، وأن يكون لإطلالته صدى، وأن يبهر ضيوف عرسه، ويحكي عن ذلك بفخرٍ لأبنائه وأحفاده.
مِن الشخصيات التي ارتدت من تصاميمك، مَن تنطبق عليه الصفات التالية: دقيق، ومغامر، ومتابع للموضة وتصاميمك؟

في الدقة لا أحد ينافس فنان العرب محمد عبده، فهو دقيق في اختيار الألوان والتفاصيل، ويركز على كل شيء بطريقة مبهرة؛ أما المغامر، فأختار الفنان راكان خالد، إذ إنه جريء في اختياراته، ويحبّ الاختلاف؛ بينما يبرز النجم الكبير عبدالمحسن النمر بين متابعي تصاميمي بشكل دائم، وتعجبني كثيراً اختياراته وأناقته وتنسيقه للمظهر مع النظارات والشماغ، ما يمنحه «طلَّة مختلفة».

نحن على أبواب الصيف، ما القصّات والألوان الجديدة في الموسم بالنسبة للرجال والنساء؟

بالنسبة إلى ألوان الملابس، ألاحظ دائماً أن اللونين السكري والرمادي الفاتح موجودان في هذا الفصل، ويدخل عليهما بالنسبة للنساء لون أزرق تيفاني، أو الفيروزي، واللون الأصفر.
حدِّثنا عن تفاصيل التشكيلة الخاصة بعيد الفطر؟
تشكيلتي للعيد مميزة جداً، إذ دمجت فيها أفكاراً مختلفة للخروج بعمل فني متكامل من خلال التصاميم. مثلاً في بعض القطع، ستجدون أن التصميم الحرفي، يعتمد على الحبيبات البرّاقة، والكريستالات، والخرز، والأحجار الكريمة، مع دمجها، وتنسيق ألوانها بطريقة غير عادية، وهذا أخذ مني جهداً كبيراً ووقتاً طويلاً، لكن كان هدفي أن أقدم أسلوباً جديداً، يكون فريداً من نوعه وغير متكرّر حتى تشعر المرأة عندما ترتديه بالتميّز والأناقة. كذلك استخدمت أسلوب التطريز اليدوي على الأكمام، كونها أكثر ما يظهر من العباية، وحاولت تقديم مجموعة، تليق بالعيد، وتعطي انطباعاً مترفاً وفاخراً بإطلالة مختلفة وتليق بكل امرأة تحبّ التباهي بعبايتها. وفيما يخصّ الأثواب الرجالية، اعتمدت اللون الأبيض المكسور، أو الأوف وايت، والكريمي كألوان أساسية، وهي ألوان محبّبة للجميع خلال المناسبات، وأضفت إليها إكسسوارات ذهبية وفضية. وأعتمد دائماً على القصّة، وإبرازها بإكسسوار مميّز.

تتحدث دائماً عن أهمية الإكسسوارات بوصفها مكمّلةً للتصميم، كيف يمكن أن نختار إكسسواراتٍ ملائمة لإطلالتنا؟

أعشق الإكسسوارات، وأرى أن القطعة، وإن كانت عادية، قد تصبح فريدة ومتجددة إذا ما أضيفت إليها إكسسوارات مميزة، إذ تعطيها روحا جديدة. فيما يخصّ اختيار الإكسسوارات الملائمة، يكون ذلك حسب التصميم، وشكله، ولونه، وتفاصيله، أي أن التصميم هو الذي يفرض شكل الإكسسوار المناسب.
نلاحظ تركيزاً كبيراً في تصاميمك على الخطوط الهندسية، بماذا يخدم ذلك التصميم، وهل تختلف وفق اعتبارات معينة مثل طول العميل، أو شكل جسمه؟

التصاميم الهندسية تضفي طابعاً عصرياً على الملابس، وتعكس المستقبل، وتجعلها متجددة دائماً. بالطبع هناك معايير لاختيارها، فالجسم القصير مثلاً، نختار له تصاميم طولية من أجل منحه مظهراً ممشوقاً.

ترويج التصميم

أيهما الأكثر فاعليةً للمصمم، فيما يخصّ الترويج لتصاميمه، عروض الأزياء، أم استخدام مواقع التواصل الاجتماعي؟

الأمران مهمّان بالنسبة لمصممي الأزياء، لكن هذا عصر الإنترنت، لذا أعتقد أن مواقع التواصل الاجتماعي، تلعب الدور الأكبر حالياً في مختلف المجالات، خاصةً الأزياء، إذ تساعد كثيراً في إطلاع العالم على مستجدات القطاع، حيث يقضي الكثيرون ساعاتٍ طويلة خلال اليوم في هذه المواقع.

بمَن تتأثَّر عالمياً، ولماذا؟

أنا متأثر بالمصمم الراحل كارل لاغرفيلد Karl Lagerfeld، لأن أسلوبه كان أنيقاً. تعجبني دقة التفاصيل في تصاميمه، إذ تجعلها متميزة ومختلفة، وذات لمسة إبداعية، وأظنّ أن العالم بأكمله تأثّر بتصاميمه.

من المصممين الحاليين مَن ينافس أيمن الرابغي، أو تُعجبك تصاميمه؟

كل مصمم جديد، ينافس أيمن الرابغي.

ما أفضل تصميم قدَّمته حتى اليوم؟

التصميم الأجمل لم يأت بعد، وسأسعى دائماً لأن يكون كل تصميمٍ أقدّمه أفضل من الذي سبقه، وكل مجموعة أروع من سابقاتها.
ومن عالم التصميم أيضأً اخترنا لك اللقاء مع  المصممة ريم العدل: أحلم بتغيير نظرة الجمهور إلى مصمّم الأزياء

الأسرة

من تصميم المصمم أيمن الرابغي

هل تُطلِع أسرتك على تصاميمك قبل تنفيذها، وهل تأخذ برأيهم، ومن أكثر من يهتم بعملك منهم؟

نعم بالتأكيد، خاصة زوجتي، لأنها صاحبة ذوقٍ رفيعٍ، ولها نظرة مميزة للأشياء، لذا أحبّ الأخذ برأيها حول التصاميم، وهي أكثر مَن يهتم بعملي ونجاحي، إضافة إلى أولادي بالطبع.
هل تتقبّل النقد حول تصاميمك؟

نعم أتقبّله إذا كان صادراً بطريقة إيجابية ومهذّبة، وإذا كان نقداً بنّاءً، كذلك يعنيني مَن يقوم بانتقادي.

هل يتأثر أولادك بك، وهل يطمحون للعمل معك مستقبلاً؟

نعم، يتأثرون بتصاميمي وأفكاري وأزيائي، ويحبون ارتداء ملابس مشابهة لملابسي، لا سيما أحمد، الذي يشبهني كثيراً، ولا أعرف إن كانوا سيعملون في المجال نفسه مستقبلاً، وسأترك لهم حرية الاختيار، فلا أحبّ أن أفرض عليهم توجّهاً معيناً.

 

التحول في السعودية

تحوّلات كثيرة طرأت على السعودية بشكلٍ عام، وقطاع الأزياء خاصةً في الفترة الأخيرة، كيف انعكست هذه التحوّلات على عملكم؟

الشعب السعودي، مع هذا الانفتاح الحاصل في بلادنا، صار أكثر اطّلاعاً على مجال الأزياء، فهم يتابعون عروض الأزياء من خلال شاشات هواتفهم النقّالة، ويعرفون جيداً اليوم اتجاهات الموضة، ويختارون ما يناسبهم، ما جعل الأمر أصعب بالنسبة لمصمم الأزياء، لأنه بات ملزماً بتصميم قطعٍ لمجتمعٍ يفهم جيداً هذا المجال، ويتابع كل مستجداته.

أين ترى أيمن الرابغي عقب خمسة أعوامٍ في ظل كل هذه التحولات التي تشهدها السعودية بعد إطلاق «رؤية 2030»؟

أرى نفسي في كل أنحاء السعودية والخليج العربي، وأنافس عالمياً أيضاً، بإذن الله.

تابعي اللقاء الخاص مع المصممة آلاء أحمد: على كل امرأة أن تبحث عن هويتها في الأزياء