mena-gmtdmp

داعمة الفنون والشباب والإستدامة الأميرة نورة بنت سعود بن نايف بن عبدالعزيز:نزرع الأمل في كل حلم ونراه يكبر معنا

صور منوعة لمشروع المشتل الخاص بالاميرة نورة بنت سعود بن نايف بن عبدالعزيز
صور منوعة لمشروع المشتل الخاص بالاميرة نورة بنت سعود بن نايف بن عبدالعزيز


منذ طفولتِها، بدأ شغفُ الأميرةُ نورة بنت سعود بن نايف بن عبد العزيز بالفنَّ والرسمِ على الجدرانِ واللوحاتِ، وقادَها ذلك لدراسةِ الفنّ والتصميمِ. وإيمانُها بأن الإبداعَ، هو المحرِّكُ للتغييرِ، ألهمها لبدءِ رحلتها في استثماره من أجل خدمةِ مجتمعها، ودعمِ المبدعين والموهوبين. أطلقت مشروعَها الأوَّلَ عامَ 2013، وحملَ عنوان «استديو ركن» بهدفِ مدِّ جسورِ التواصلِ بين المبدعين، واستوحت أفكارَه من هويَّتها السعوديَّة، وتاريخها الثري، لتتوالى مشروعاتها الفنيَّةُ والإبداعيَّة، منها «ذات» و«المشتل»، ويُحقِّق كلٌّ منها نجاحاتٍ استثنائيَّةً، تواكبُ أهدافَ رؤيةِ السعوديَّة 2030 التي تضعُ ضمن أولويَّاتها تنميةَ المواهبِ المحليَّة، ودفعَ عجلةِ الابتكار، ودعمَ النموِّ الاقتصادي المستدام. التقينا الأميرةَ نورة في حوارٍ ملهمٍ، أضاءت فيه على جوانبَ مهمَّةٍ من مسيرتها.

 

"الهدف وراء «ركن» خلق مساحة لتبادل المعرفة والخبرة وبناء جسور بين الإبداع والحياة اليومية واستكشاف أنفسنا"

 

مصدر الإلهام

بوصفكِ مصمِّمةً مبدعةً ورائدةَ أعمالٍ ناجحةً، ما مصادرُ إلهامكِ التي تستوحين منها مشروعاتكِ وتصاميمكِ؟

يقدم "المشتل "برامجَ متخصِّصةً، وورشَ عملٍ، واستشاراتٍ، ومنصَّاتٍ، تجمعُ بين المبدعين والخبراء


بعد تخرُّجي في الجامعةِ، والانتهاءِ من مرحلةِ الماجستير، واكتسابِ المعرفةِ والخبرةِ في التصميمِ والتفكيرِ الإبداعي، وعودتي إلى السعوديَّة، تبادرَ لذهني سؤالٌ مهمٌّ: من أين سأستلهمُ أفكاري، وأبني معارفي، لأتمكَّنَ من تقديمِ تصاميمَ رائعةٍ؟ جميع مصادري كانت غربيَّةً، لذا وجدتُ نفسي أمامَ تحدِّي الاستلهامِ من ثقافتي وتاريخي، من هويَّتي وأشياءَ، أراها في يومي، من الطبيعة، والقصصِ التي أسمعها عن الحياةِ في الماضي. كلُّ تصميمٍ، لابدَّ أن يحملَ رسالةً، أو قِصَّةً ليلقى رواجاً واسعاً، وكلُّ مشروعٍ، يجبُ أن يعكسَ رؤيةً، تنبثقُ من إرثي الشخصي بوصفي فتاةً سعوديَّةً، تتطلَّعُ للمستقبل. هذا كلُّه قادني لإطلاقِ أوَّلِ مشروعاتي «ركن».

كذلك قادكِ اهتمامكِ بالإبداعِ وتطويرِ الذات إلى إطلاقِ «ذات»، ما الذي تحقَّقَ من أهدافِ المشروع؟

بعد فترةٍ من إطلاقِ مشروعِ «ركن»، تساءلتُ: كيف يمكن أن نتعرَّفَ على بعضنا بوصفنا مبدعين، وندعم ونتعاون معاً، وكيف يمكن أن نهتمَّ بفهمِ ذاتنا، وتطويرها للخروجِ بإبداعاتٍ أكثر وأجمل؟ عليه، جاءت مبادرةُ «ذات» تحت مظلَّةِ «ركن». كان الهدفُ، هو خلقُ مساحةٍ لتبادلِ المعرفةِ، والخبرةِ، وبناءِ جسورٍ بين الإبداعِ والحياةِ اليوميَّة، واستكشافِ الأشياءِ التي لم نكن على معرفةٍ بها عن أنفسنا داخلياً، وقيمنا، ورؤيتنا، وغايتنا، والدافعِ الذي يجعلنا نخلقُ كلَّ هذه الإبداعات. من هنا، بدأت رحلةُ الاهتمامِ بتطويرِ الذات لإعادةِ التواصلِ مع ذاتنا الحقيقيَّة، وخلقِ مجتمعٍ حيوي متفاعلٍ ومتكاتفٍ. فعلنا ذلك عبر طرحِ الأسئلةِ، وعملِ حلقاتِ نقاشٍ، كانت دائماً تنبعُ من الفضولِ، والرغبةِ في استكشافِ ما لا نملكُ إجابةً له في رحلةِ معرفةِ ذاتنا.

توَّجتِ مسيرتكِ في مجالِ الإبداعِ والمبدعين بمشروعِ حاضنةِ «المشتل»، حدِّثينا عن هذه المسيرة؟

بدأتُ مسيرتي في مجالِ الإبداعِ عامَ 2013 باستديو «ركن»، وكان القطاعُ الإبداعي في ذلك الوقتِ ببداياته، خاصَّةً في مجالِ التصميم، إذ لم تكن العواملُ التي تدفعُ إلى التصنيعِ المحلي متوفِّرةً، لا سيما القطعُ الصغيرةُ التي تمنحُ فكراً فنياً. حرصتُ في تلك الفترةِ على زيارةِ عديدٍ من المعارضِ، والتقاءِ المبدعين. كنا نتحاورُ حول كيفيَّةِ تمكينِ القطاعِ الإبداعي في بلدنا حيث نملكُ مواهبَ عظيمةً، وطاقاتٍ خبيرةً، تبحثُ عن الفرصِ وتلبيةِ احتياجاتها لتقديمِ نفسها. من هنا بدأت فكرةُ «المشتل» لاحتضانِ المبدعين والموهوبين لدينا، وتحديدِ نقاطِ قوَّتهم، واحتياجاتهم، ومساعدتهم في إظهارِ إبداعهم، وتحويله لمصدرِ دخلٍ، وكتابةِ مسيرةٍ مهنيَّةٍ ناجحةٍ.

ما دورُ حاضنةِ «المشتل» الإبداعيَّةِ في دعمِ روَّادِ الأعمال، وتمهيدِ الطريقِ أمامهم؟

نحن نهدفُ إلى وضعِ أي مبدعٍ، يرغبُ في القيامِ بعملٍ حرٍّ على طريقٍ مستدامٍ عبر مساعدته في فتحِ منشأةٍ متناهيةِ الصغر، أو صغيرةٍ، تعملُ في المجال الإبداعي، ليصبحَ قادراً على خلقِ محتوى، والمنافسةِ في المجال، لكنَّنا نشترطُ عليه أن يملك إمكانيَّةَ اكتسابِ الخبرة، والقدرةَ على تحويلِ شغفه إلى مشروعٍ ناجحٍ. نُقدِّم من خلال «المشتل» أيضاً برامجَ متخصِّصةً، وورشَ عملٍ، واستشاراتٍ، ومنصَّاتٍ، تجمعُ بين المبدعين والخبراء، ونذلِّل أمامهم أي صعوباتٍ قد تواجههم، ونكون السندَ لهم، ونُشجِّعهم على دخولِ السوقِ، ونُطلِقُ العنانَ لإبداعاتهم ومشروعاتهم عبر معاملَ إبداعيَّةٍ متخصِّصةٍ، يحتضنها «المشتل» في مجالاتٍ محدَّدةٍ، منها معملُ الصنَّاع، ومعملُ الريادة، ومعملُ الصوت.

"الهدف وراء «ركن» خلق مساحة لتبادل المعرفة والخبرة وبناء جسور بين الإبداع والحياة اليومية واستكشاف أنفسنا"

 

الصندوق الثقافي

الصندوقُ الثقافي، احتفى بافتتاحِ معمل الصُنَّاع في حاضنةِ «المشتل»، ما أهدافُ هذا المشروع؟

نسعى من خلال معملِ الصنَّاعِ، ودعمِ الصندوقِ الثقافي إلى منحِ الفرصةِ للمبدعين في مجالِ التصميمِ، والهندسةِ المعماريَّة، والفنِّ، وريادةِ الأعمالِ، والابتكار. نحن ندعمُ أيضاً الحِرفيين، والمهتمِّين بمجالاتِ التصنيع، ونساعدهم في تحويلِ أفكارهم إلى منتجاتٍ حقيقيَّةٍ بتوفيرِ معدَّاتٍ ذات جودةٍ عاليةٍ لهم، وخبراءَ ومدربين، يُقدِّمون التوجيه والإرشاد خلال عمليَّةِ التصميم، هذا مع التركيزِ على التصنيعِ المحلي، والإبداعِ المستدام، ومنحهم القوَّةَ لإنتاجِ نماذجَ أوَّليَّةٍ، وربطهم بالسوقِ المحلي، لنكون جزءاً من تطويرِ الناتجِ السعودي المدعومِ برؤيةِ 2030.

هواة الموسيقى

تسمية

ما نوعُ الدعمِ الذي يُقدِّمه «المشتل» لهواةِ الموسيقى، على سبيلِ المثالِ فرقةُ «سيرة» النسائيَّة التي تشتهرُ بفنِّ «الروك آند رول» بمحتوياتٍ عربيَّةٍ؟

فرقةُ «سيرة» من أوائلِ الفرقِ في السعوديَّة التي تُوقِّع عقداً احترافياً في مجالِ الروك السعودي. دعمناهم بتوفيرِ مكانٍ للتدريب، وتسجيلِ موسيقى خاصَّةٍ بهم في «المشتل»، وتحديداً بـ «معمل الصوت»، ليتمكَّنوا من تقديمِ حفلاتهم وعروضهم في مواسمِ السعوديَّة، والحفلاتِ الخاصَّة.
«معملُ الصوت» مساحةٌ مجهَّزةٌ بالكاملِ للموسيقيين والمبدعين للقيامِ بتجاربِ الصوت، والأداءِ الصوتي، وهو متاحٌ لكلِّ مَن يرغبُ في إنتاجِ عملٍ موسيقي من تأليفِ الأغنياتِ إلى تقديمِ البودكاست، والـ «فويس أوفر». المعملُ يُوفِّر الأدواتِ، والتكنولوجيا الداعمةِ لهذه المجالاتِ الإبداعيَّة، وصناعةِ المحتوى لتحقيق مشروعاتهم على مستوى عالٍ، وبأسعارٍ مناسبةٍ. كذلك نرتبطُ بشراكةٍ مع استديو «بروفا»، وهم متخصِّصون في تقديمِ مهندسي الصوت، ومساعدةِ المبدعين من هواةِ الموسيقى.

كيف يمكن أن تمضي رؤية 2030 بالموسيقى السعوديَّةِ وتراثها الغني نحو آفاقٍ جديدةٍ من الإبداع عالمياً؟

رؤيةُ 2030 فتحت الأبوابَ لتقديمِ الموسيقى السعودية عالمياً من خلال الاستثمارِ في تعليمها، وفتحِ المعاهدِ المتخصِّصة، وإقرارها في المدارسِ، ودعمِ المحتوى الموسيقي المحلي المبتكر، وتعزيزِ حضوره في المهرجاناتِ السعوديَّة والدوليَّة. هذا أسهمَ في نقلِ جزءٍ من تراثنا السمعي والموسيقي، وأشعارنا إلى العالم. كذلك أصبحت المواسمُ الإبداعيَّةُ ضمن قطاعِ الترفيه، والمبادراتُ الفنيَّة مثل «نور الرياض» منصَّةً جاذبةً للمبدعين والفنَّانين، إذ تمنحهم الفرصَ لعرضِ أعمالهم، والتواصلِ مع جمهورٍ أكبر محلياً ودولياً، وإظهارِ إبداعاتهم في مجالِ الفنونِ المختلفةِ مثل الموسيقى، والمسرحِ، والسينما، والارتقاءِ بها.

 

"«المشتل» يجمع بين المبدعين والخبراء، ويذلل أمامهم أي صعوبات قد تواجههم عند دخول السوق"

 

تحديات وعراقيل


رحلةُ ريادةِ الأعمالِ، أو خلقُ شيءٍ مختلفٍ، أو تقديمُ رؤيةٍ جديدةٍ غالباً ما تُصاحبها تحدِّياتٌ، كيف تمكَّنتِ من تجاوزها؟

التحدِّياتُ كانت موجودةً، وبالذات لشركةٍ صغيرةٍ، بدأت بمواردَ محدودةٍ. فكَّرنا كيف يمكن أن نحوِّلَ أي تحدٍّ إلى فرصةٍ للتقدُّمِ والتطوُّر، وكيف يمكن أن نثبت أنفسنا في السوق، ونُنفِّذ وعدنا، ونكون عند كلمتنا. أهمُّ عاملٍ بالنسبةِ لنا لتجاوزِ أي تحدٍّ وصعوبةٍ، هو المثابرةُ، والاستفادةُ من الأخطاءِ عند أي فشلٍ، وأي خطأ، ومواصلةُ التقدُّم، وبناءُ شبكةٍ تدعمنا لتحقيقِ النجاح.

نظَّمتم «منتدى النساء المبدعات»، ما أهميَّته بالنسبةِ للمرأةِ السعوديَّة؟

المنتدى شكَّل منصَّةً للاحتفاءِ بإنجازاتِ المرأةِ في العالم بكلِّ المجالات، ووفَّر الفرصَ لتبادلِ الخبرات، والتعرُّفِ على دورِ المرأةِ السعوديَّة منذ القِدم في مجالِ القيادة، والإنجازاتِ العظيمةِ التي حقَّقتها، وكان لها أثرٌ في التغييرِ الذي تشهده بلادها حالياً.

خلال رحلتكِ الإبداعيَّةِ مَن كان سندكِ الدائم؟

أعدُّ نفسي محظوظةً بوجود نساءٍ من حولي لطالما وقفن معي، وقدَّمن لي يد العون، في مقدِّمتهن والدتي، وجدتي، يرحمها الله، وخالاتي اللاتي كن مصدرَ إلهامٍ لي. لا أنسى أيضاً دعمَ الرجالِ في حياتي، والدي حفظه الله، وزوجي. لقد كانوا جميعاً سنداً لي في كلِّ خطوةٍ بمسيرتي، وآمنوا بقدراتي. الموازنةُ بين دورِ الرجلِ والمرأةِ في المجتمع، يمنح القوَّةَ، ويزيدُ الترابطَ، بالتالي نرتقي بمجتمعنا وبلادنا، ونصلُ إلى آفاقٍ لا حدودَ لها.
أي شيءٍ في هذه الحياةِ، يتطلَّبُ الشجاعةَ والحكمة، والنجاحُ فيه، يتوقَّفُ على كيفيَّةِ استخدامهما.

لديكِ مهامُّ عدة، كيف توازنين بين عملكِ وحياتكِ الشخصيَّةِ بوصفكِ أماً وزوجةً؟

بالنسبةِ لي، أسيرُ على مبدأ تحديدِ الأولويَّاتِ والتخطيط. في كلِّ مرحلةٍ من حياتي، تتغيَّرُ أولويَّاتي. أحياناً أهتمُّ أكثر بعملي، وما أرغبُ في إنجازه، وفي أخرى، تكون الأولويَّةُ لأبنائي وزوجي. من المهمِّ جداً التخطيطُ لحياتنا، وتحديدُ الأولويَّات، وما نريدُ فعله بشكلٍ جيِّدٍ للوصولِ إلى حياةٍ قد لا تكون مثاليَّةً تماماً، لكنَّنا نشعرُ فيها بأننا نُعطي كلَّ ذي حقٍّ حقَّه.

يمكنك متابعة الموضوع على نسخة سيدتي الديجيتال من خلال هذا الرابط

ما الهواياتُ التي تمارسينها في أوقاتِ فراغكِ؟

أحبُّ القراءةَ، والسفرَ، والتعرُّفَ على الثقافاتِ المحليَّةِ، والحِرفِ التقليديَّة، كما تستهويني الألغازُ والأحاجي.

إلى أين يأخذكِ طموحُكِ في المستقبل؟

طموحي كبيرٌ. أهدفُ إلى زيادةِ تأثيرِ «المشتل» في المجالَين الإبداعي والثقافي، إذ أحلمُ بتعزيزِ مكانةِ الإبداعِ السعودي في الساحةِ الدوليَّة. أنا أؤمنُ بقدراتنا، وعراقةِ ثقافتنا، وأرى أن لدينا «بترولاً ثقافياً»، لم ينفجر بعد. أطلقنا «المشتل» لتحقيقِ ذلك عبر تشجيعِ الإبداعِ والمبدعين، والتعاونِ مع كلِّ المبادراتِ الحكوميَّةِ والخاصَّة، والمجهوداتِ الفرديَّة.

في النهايةِ، ما رسالتكِ للمبدعين السعوديين؟

أقولُ لهم: آمنوا بأفكاركم، واستثمروا في تطويرِ مهاراتكم، ولا تخافوا من الفشلِ، وإن شاء الله ستجدون أكثر وأجمل مما تخيَّلتم. الخوفُ، مهما كانت درجته، أكبر رادعٍ للشخصِ لتحقيقِ أي شيءٍ ذي معنى في هذه الحياة، وأسهلُ طريقةٍ للتغلُّبِ على مخاوفنا، هي بمواجهتها، والإيمانِ بأفكارنا وقدراتنا. الإبداعُ، هو المحرِّكُ للتغيير، لذا أدعو كلَّ مبدعٍ في وطننا إلى أن يشاركنا في رحلتنا لبناءِ مستقبلٍ أكثر إلهاماً وابتكاراً.
اقرأ المزيد : الأميرة نورة بنت سعود في مجلس "المشتل": الإعلام صوتنا كقطاع إبداعي