ليس دائمًا يُقال لك إنك أقل، أحيانًا يُقال هذا بالإيماءة، بالنبرة، بتجاهل الرأي، أو بإسناد المهام للآخرين بينما يُترك اسمك في الخلف. هذه التفاصيل الصغيرة تخلق شعورًا غائرًا بأنك لا تُعامل كندّ، بل كملحق لا أهمية له. البعض يصمت ويتألم، والبعض يثور ويفقد صورته. لكن هناك طريقًا ثالثًا، أكثر وعيًا وهدوءًا، تستطيع من خلاله أن تعيد التوازن دون أن تفتح معركة لا داعي لها. إليك أربع خطوات ذكية تعيد لك حضورك دون أن تتورط في الصدام. بحسب المحامي والخبير في تطوير الذات، الدكتور صهيب عماد.
راقب السلوك لا النوايا
في لحظة شعورك بأنك تُعامل كأنك أقل، لا تندفع لتفسير ما يحدث بناءً على الظنون. ركّز على السلوك الظاهر، وليس على ما تظنه خلفه. هل تم استثناؤك من نقاش مهم؟ هل لم يُطلب رأيك في قرار يشملك؟ هل يتم تمرير المعلومات إليك متأخرًا؟ توثيقك لهذه التصرفات سيساعدك في التعامل معها لاحقًا بوعي وليس بانفعال. ومن يفصل بين الفعل وتفسيره يحمي نفسه من الوقوع في فخ الحساسية الزائدة أو تضخيم الأمور داخليًا.
هل تعلم: لماذا يهرب البعض من لقب رئيس الفريق؟ 6 واجبات تستهلكك دون سلطة حقيقية
ابدأ بإثبات الحضور
لا تنتظر من الآخرين أن يضعوك في المقدمة، بل خذ زمام المبادرة بإثبات حضورك. عبّر عن رأيك بصوت واضح في الاجتماعات، شارك بملاحظاتك حتى لو لم تُطلب منك، وتابع التفاصيل كما لو أنك في مركز القرار. الشخص الذي يتصرف بثقة لا يُمكن تجاهله طويلًا. وحين تُجبر الآخرين على رؤية إضافتك بدلًا من انتظارهم ليسمحوا لك، فأنت تبدأ أول خطوة حقيقية نحو تعديل صورتك الذهنية لديهم.
طالب بالتوضيح بذكاء
إذا شعرت بأن هناك موقفًا متكررًا يُقصيك، يمكنك أن تسأل عنه لكن بطريقة ذكية وغير هجومية. اسأل مثلًا عن سبب استبعادك من مهمة معينة، أو لماذا لم تُرسل لك المعلومات في الوقت نفسه كالبقية. نبرة السؤال هنا ليست للاتهام بل للفهم. هذه الخطوة تُظهر وعيك ومتابعتك، وتكشف للآخرين أنك تلاحظ التفاصيل وتطلب معاملة متوازنة دون افتعال ضجيج. من يطالب باحترامه بهدوء، يُحترم أكثر مما لو صرخ طلبًا له.
ابنِ تكتلًا صغيرًا
إذا وجدت نفسك دائمًا على الهامش، فكر في بناء علاقات مهنية قوية مع زملاء يعرفون قيمتك. وجود حلفاء مهنيين يقدّرونك ويُظهرون دعمهم علنًا يُحدث فرقًا كبيرًا في إدراك الآخرين لك. الأشخاص لا يعيدون النظر في الفرد إلا إذا رأوه محاطًا بتقدير. لا تكن وحدك في المعركة النفسية، بل كوّن دائرة من الزملاء الذين يشعرونك بالندية، ويتفاعلون معك كما تتمنى أن يفعل الآخرون. الصورة التي تصنعها بين الناس تسبق ما تقوله عن نفسك.
لماذا يتجاهلك البعض في بيئة العمل، وهل الأمر متعلق بك فعلًا أم بهم هم؟
- لأن البعض يتعامل وفق الصورة النمطية: قد لا يكون التجاهل مقصودًا، بل نتيجة تصور مسبق عنك كوّنوه في البداية ولم يتغير. إن لم تكسر أنت هذه الصورة بتصرف مختلف، ستبقى في الهامش حتى دون نية واضحة منهم.
- لأن الهدوء يُفسَّر ضعفًا: حين تصمت كثيرًا أو تتراجع في المواقف، يبدأ البعض بتصنيفك تلقائيًا كطرف غير مؤثر. وهذا لا يعني أنهم أقوى منك، بل فقط أنهم ملأوا المساحة التي تركتها فارغة. الحضور لا يُمنح، بل يُنتزع بثقة.
- لأن احترام الذات يبدأ منك: ما لم تحترم دورك وتطالب بحقك في الحضور، لن يبادر الآخرون بتقديمه لك. الموظف الذي يرى نفسه أقل، يُعامل كذلك. أما من يطالب بالتوازن دون أن يرفع صوته، فهو من يُعاد حسابه في كل اجتماع وموقف.
لا تتجاهل: أسرار لتجنب الحرب النفسية في العمل.. كيف تحمي نفسك من اللوم؟