في كل عقد من الزمن، تترك الموضة بصمة خاصة لا تمحى، لكنها لا تختفي أبداً، بل تعود دائماً، بإطلالة جديدة، وكأنها تقول لنا: "أنا هنا، ولكن بنسخة أكثر نضجاً".
ومع اقترابنا من ذروة العودة إلى الجمال الكلاسيكي الممزوج بروح الفن، يظهر من جديد أسلوب جمالي لطالما أسر القلوب والعيون: مكياج السبعينات. تلك الحقبة الذهبية التي غيرت مفهوم الجمال، وقدمت للعالم لغة جديدة من التعبير الأنثوي، لغة لا تخضع لقواعد صارمة ولا تقتصر على الكمال المصقول، بل تحتفي بالعفوية، والحرية، والجرأة.
كانت السبعينات زمناً مختلفاً بكل المقاييس، عصراً حمل روح التغيير والتجريب، انعكست حتى على المكياج، كانت المرأة آنذاك تضع خطوط الأيلاينر كما يضع الرسام لمسته الأخيرة على لوحة فنية، وكانت تلون شفتيها بألوان عميقة تعبر عن حضورها الطاغي وثقتها المتوهجة. واليوم، في زمن الحداثة والابتكار، يعود هذا النمط من المكياج ليذكرنا بأن الجمال الحقيقي ليس في اتباع القواعد، بل في كسرها بأناقة.
هذه العودة ليست مجرد إعادة إحياء لاتجاه قديم، بل احتفاء بروح أنثوية جريئة تتجاوز المألوف، هي دعوة إلى كل امرأة لتعبر عن نفسها دون تردد، لتستخدم المكياج كأداة لتروي قصتها، لا كقناع لتخفي ملامحها.
في هذا التقرير، سنغوص معك في عمق هذه الصيحة الآسرة، من فلسفة مكياج السبعينات إلى تفاصيل الأيلاينر الغرافيكي والشفاه الغنية، وصولاً إلى كيفية اعتماد هذا الستايل اليوم بأسلوب عصري راقٍ يناسب مختلف الشخصيات والمناسبات.
فلسفة مكياج السبعينات: الجمال كوسيلة للتعبير

في السبعينات، كانت المرأة تخرج من إطار الصور المثالية للجمال، لم تعد تسعى لأن تكون كاملة، بل أن تكون واقعية، حرة، فريدة. انعكس ذلك في أسلوب مكياجها: عيون ملفتة لكن غير مثالية، شفاه مشبعة بالألوان دون خطوط صارمة، وبشرة تنبض بالحياة.
السبعينات لم تكن فقط عقداً زمنياً، بل حالة فكرية؛ كانت دعوة للتحرر من القواعد الاجتماعية، وتحول المكياج إلى لغة من لغات الهوية.
حينها، لم يكن الهدف أن يبدو الوجه مثالياً أمام الكاميرا، بل أن يعبر عن الذات. لذلك، أصبح الأيلاينر وسيلة للتعبير الفني، وأحمر الشفاه رمزاً للقوة الداخلية.
وعندما ننظر اليوم إلى عودة هذه الصيحة، نجد أنها تعكس تماماً روح الجيل الحديث من النساء: الجيل الذي يرى في الجمال مساحة للجرأة والتجريب، لا وسيلة لإرضاء الآخرين.
خطوط الأيلاينر الغرافيكية: توقيع جمالي لا يشبه أحداً

- الأيلاينر في السبعينات لم يكن مجرد وسيلة لتكبير العين، بل كان تصريحاً فنياً، في زمن تميز بالحرية والانطلاق، تحولت العيون إلى لوحة للتعبير: خطوط مزدوجة، أقواس ممتدة، وزوايا هندسية تلتقط الضوء وتبرز نظرات المرأة بثقة آسرة.
- عادت هذه الصيحة اليوم بقوة مذهلة، لتحتل مساحات جفنيك بأسلوب غرافيكي يعكس الجرأة والابتكار، لكن ما يجعلها مميزة ليس شكل الخط فقط، بل ما يحمله من معنى: قوة، حرية، وتفرد.
- الأيلاينر الغرافيكي الحديث مستوحى من روح السبعينات، لكنه أكثر دقة بفضل أدوات الجيل الجديد، لم يعد مقتصراً على اللون الأسود، بل اتسعت لوحته لتشمل الفضي، الأزرق، البنفسجي، وحتى البني والأبيض الناصع.
كيف يمكنك اعتماد هذا الأسلوب بأسلوب أنثوي عصري؟
- ابدئي بخط ناعم متقن على الجفن العلوي، ثم ارسمي امتداداً حاداً نحو الخارج، وكأنك تكتبين توقيعك الشخصي.
- جربي الخطوط المزدوجة التي كانت أيقونة السبعينات، برسم خط إضافي فوق التجعد الطبيعي للجفن، هذه اللمسة تمنح العين مظهراً فنياً دون أن تفقدها جاذبيتها.
- ألوان الميتاليك تمنحك بعداً مستقبلياً مع الحفاظ على روح الماضي، جربي الذهبي الباهت أو الفضي المعدني في المساء.
- يمكنك اللعب بالفراغات: أحياناً، الجمال يكون في ما لا يرسم بقدر ما يرسم، استخدمي خطوطاً غير مكتملة أو نقاطاً صغيرة حول الزاوية الخارجية لتخلقي تأثيراً غامضاً ومميزاً.
ما يميز هذا النوع من المكياج أنه لا يخضع للنسخ، كل عين تصبح لوحة خاصة بك، والنتيجة نظرة لا تنسى، تجمع بين الحنين والابتكار، بين الأصالة والجرأة.
الأيلاينر كأداة للتمكين
- في السبعينات، لم يكن المكياج مجرد زينة، بل هو شكل من أشكال المقاومة الأنثوية، كان الأيلاينر العريض، والخطوط المبالغ فيها، بمثابة إعلان أن المرأة لم تعد تخفي نفسها خلف المظهر البريء، بل تظهر قوتها بفنها.
- واليوم، يحمل الأيلاينر الغرافيكي الرسالة ذاتها، فكلما اختارت امرأة أن تجرب رسمة جريئة أو لوناً غير تقليدي، فإنها تؤكد أنها صاحبة قرارها الجمالي.
- المكياج هنا يتحول إلى لغة، إلى فعل. ولعل أجمل ما في هذه العودة أنها لا تسعى إلى تكرار الماضي، بل إلى إعادة تفسيره، فالمرأة العصرية لا تقلد نجمات السبعينات، بل تستلهم منهن الجرأة لتخلق أسلوبها الخاص.
الشفاه الغنية: عمق اللون وسحر الحضور

- إذا كانت العيون في السبعينات أداة التعبير، فإن الشفاه كانت القلب النابض للأنوثة، لم تكن الألوان باهتة أو خجولة، بل عميقة ودافئة وغنية بالتفاصيل، كانت الشفاه تعبر عن الإحساس، عن الثقة، عن الرغبة في الحياة.
- في تلك الحقبة، سادت الألوان الداكنة والمشبعة: الأحمر الكلاسيكي، البني البرغندي، القرمزي العميق، وحتى الخوخي المتوهج، كانت تدرجات تشبه دفء غروب الشمس على وجه امرأة تعرف تماماً كيف تلفت الأنظار دون أن تتكلم.
- اليوم، ومع عودة هذا الاتجاه، نرى هذه الدرجات تعود بقوة إلى منصات الجمال، ولكن بصيغ عصرية أكثر نعومة وثراء، أصبح التركيز على الإحساس بالامتلاء الطبيعي بدلاً من الإفراط في التحديد.
خطوات إطلالة الشفاه الغنية بروح السبعينات:
- ابدئي بترطيب الشفاه جيداً لتبدو ناعمة وممتلئة بشكل صحي.
- استخدمي قلم تحديد بدرجة أغمق بقليل من لون أحمر الشفاه، لخلق عمق طبيعي يذكرنا بتقنيات المكياج الكلاسيكية لتلك الحقبة.
- اختاري ألواناً دافئة ومشبعة، مثل الأحمر الكرزي، أو البني المائل للأحمر، أو البرونزي الداكن.
- اللمسة النهائية مهمة: يمكنك اختيار لمسة ساتان خفيفة أو لمعان ناعم ليمنح الشفاه بعداً ثلاثي الأبعاد.
الشفاه الغنية ليست فقط عن اللون، بل عن الإحساس بالأنوثة، هي توازن بين الجرأة والرقي، بين اللمعان والغموض، حين تنظرين إلى المرآة وتبتسمين، تدركين أنك لست بحاجة إلى كلمات لتعبري عن نفسك، شفاهك تتكلم بالنيابة عنك.
التباين بين العيون والشفاه: سر الجاذبية في مكياج السبعينات

- من جمال مكياج السبعينات أنه لا يقوم على التناقض بل على التناغم بين القوة والنعومة، العيون الغرافيكية قد تبدو حادة، لكنها تكتمل مع شفاه ناعمة الملمس وغنية اللون.
- السر يكمن في التوازن: حين تكون العيون مسرحاً للفن، تترك الشفاه انطباعاً من الدفء والرغبة، وحين تتوهج الشفاه بلون قوي، يأتي الأيلاينر ليحافظ على انسجام الملامح دون مبالغة.
هذا التوازن هو ما يمنح مكياج السبعينات جاذبيته الخالدة، هو مكياج لا يتقادم، لأنه يحتفي بالتنوع داخل الجمال الواحد.
المكياج كقصيدة بصرية
- الأيلاينر الغرافيكي والشفاه الغنية ليسا مجرد صيحات، بل يمثلان جوهر مفهوم الجمال في السبعينات: المكياج كفن.
- فحين ترسمين على وجهك خطوطاً حرة، وتختارين لوناً عميقاً لشفتيك، فإنك تمارسين نوعاً من الإبداع البصري، كل لمسة تصبح تعبيراً عن شعور أو حالة، تماماً كما كانت النساء في تلك الحقبة يرسمن جمالهن بإحساس موسيقي، نابض بالحياة.
- مكياج السبعينات لم يكن يتبع القواعد، بل يخلقها، واليوم، في زمن تملؤه القوالب الجمالية المتشابهة، يعود هذا الاتجاه ليذكرنا بأن التميز في الاختلاف، لا في التقليد.
كيف تنقلين روح السبعينات إلى ملامحك اليومية
قد تظنين أن مكياج السبعينات مبالغ فيه أو غير عملي، لكن في الواقع يمكن تكييفه بسهولة ليمنحك إطلالة راقية وجريئة في الوقت نفسه:
- اختاري رسمة أيلاينر هندسية بسيطة بلون أسود مطفي لإطلالة نهارية واثقة.
- أضيفي لمسة أيلاينر ميتاليك أو جناحاً مزدوجاً في المساء لإبراز العيون بأسلوب فني.
- ضعي أحمر شفاه غنياً باللون دون إفراط في اللمعان لتوازني الجرأة بالنعومة.
- حافظي على إشراقة بشرتك الطبيعية لتبرزي تفاصيل المكياج دون أن يطغى عليها.
بهذه الخطوات، يمكنك أن تستحضري روح السبعينات دون أن تغادري الحاضر.
عندما تعيدين إحياء مكياج السبعينات بخطوطه الغرافيكية وشفاهه الغنية، فأنت لا تعيدين موضة فقط، بل امرأة تعرف كيف تكون قوية دون أن تتخلى عن نعومتها، فنانة في تفاصيل وجهها، وجريئة في اختياراتها.
هذه الصيحة ليست مجرد رحلة إلى الماضي، بل احتفاء بالحاضر الذي يسمح لنا بأن نمزج بين العراقة والحداثة، فكل مرة تمسكين فيها قلم الأيلاينر، وكل مرة تختارين فيها لون شفاه يعكس إحساسك، أنت تكتبين فصلاً جديداً من قصة جمالك الخاصة.





