الكثيرون يُعلِّقون آمالهم على بداياتِ الأعوامِ الجديدة، وكأنَّ الأرقامَ وحدها قادرةٌ على أن تُغيِّر ما في داخلهم، أو أن تفتحَ لهم أبوابَ الحظِّ والنجاح! غير أنَّ الحقيقةَ، أعمقُ من ذلك بكثيرٍ، فالعامُ، لا يحملُ في طيَّاته سحراً خفياً، بل نحن مَن نمنحه المعنى حين نبدأ فيه خطوةً جديدةً نحو إنجازٍ حقيقي.
الإنجازُ، لا يُولَدُ مع تقويمٍ جديدٍ، وإنما مع قرارٍ حاسمٍ، يتَّخذه الإنسانُ في لحظةِ وعي. في تلك اللحظةِ التي يقولُ فيها لنفسه: كفى تأجيلاً، كفى تردُّداً، لقد حان وقتُ العمل. فالأعوام تتبدَّلُ، لكنْ مَن لا يتبدَّلُ في فكره، ونيَّته، وجهده، سيبقى أسيرَ البداياتِ الفارغة.
الإنجازُ، هو اللغةُ التي يفهمها الزمنُ، فبين مَن يكتفي بالاحتفالِ ببدايةِ عامٍ جديدٍ، ومَن يختارُ أن يحتفلَ ببدايةِ مشروعٍ، أو فكرةٍ، أو كتابٍ، أو خطوةٍ نحو حلمه، يكمنُ الفرقُ بين مَن يعيشُ الزمنَ، ومَن يصنعه.
ابدأ من حيث أنت، لا تنتظر يوماً، أو تاريخاً، يحملُك نحو المستقبل، فكلُّ صباحٍ جديدٍ، هو بدايةُ عامٍ في حياتِك الخاصَّة. المهمُّ ألَّا تبدأ العدَّ، بل أن تبدأ العمل، فالنجاحُ لا يُقاس بعددِ الأعوامِ التي مرَّت، بل بعددِ الإنجازاتِ التي بقيت.
ابدأ الآن، فكلُّ لحظةٍ، لا تُستَثمرُ في الإنجازِ، هي بدايةُ عامٍ ضائعٍ من عمرك.
وتذكَّر أن الحياةَ لا تنتظرُ أحداً، وأن الزمنَ لا يلتفتُ إلى المتردِّدين. لا تُعلِّق أحلامَك على الغدِ، فالغدُ، يُولَدُ من قراراتِ اليوم. اجعل كلَّ يومٍ بدايةً لعامك، وكلّ خطوةٍ إنجازاً، يُضاف إلى سيرتك التي تكتبُها بجهدك لا بأمنياتك.
ابدأ صغيراً، لكنْ لا تتوقَّف، فكلُّ إنجازٍ، مهما بدا بسيطاً، هو لبنةٌ في بناءِ عظيمٍ، لا يراه إلا مَن يملك الصبرَ والإصرار.
ليس المهمُّ أن يبدأ عامك بتقويمٍ جديدٍ، بل أن يبدأ قلبك بعزيمةٍ جديدةٍ.
ففي النهاية، الذين يصنعون الفرقَ، ليسوا من الذين ينتظرون العامَ الجديد، بل هم من الذين يبدؤون الإنجازَ الآن.





