من الطبيعي أن يكبر الطفل ويخرج من بين ذراعي الأم لكي يواجه العالم، ولكن يجب أن يخرج الطفل إلى العالم وهو يمتلك ثقة قوية بنفسه وقادراً على حل مشاكله ومواجهة التحديات التي تواجهه ولا يحدث ذلك دون أن تتبع الأم خطوات أساسية تعتبر العمود الفقري لبناء شخصية قوية واثقة بنفسها.
من الخطأ أن تستمر الأم في فرض السيطرة على الطفل بدافع الحب لأنها بذلك سوف تربي طفلاً مهزوز الثقة بنفسه وغير قادر على مواجهة المجتمع، ولذلك فقد التقت "سيدتي وطفلك" وفي حديث خاص بها بالمرشد التربوي عارف عبد الله، حيث أشار إلى 5 قواعد أساسية يمكن للأم اتباعها لتعزيز ثقة الطفل بنفسه منذ سن مبكرة ومنها مدح مجهوده وتشجيعه وكذلك عدم السخرية منه وغيرها في الآتي:
1- استمعي لطفلك مهما كان حديثه تافهاً لتعززي ثقته بنفسه

اعلمي أن الاستماع للطفل والتفرغ له لكي يبدي رأيه يشعر الطفل بأن صوته مهم وبأن له وجود وكيان في الأسرة، ولذلك فيجب أن تتركي كل ما تفعلينه وتلتفتي نحوه لكي يشعر الطفل بأنه مهم وبأن ما يقوله سوف يترك أثراً، ولذلك فحين يدخل عليك المكان يجب أن تتركي الهاتف مثلاً وتفتحي ذراعيك وتفسحي له مكاناً لكي يجلس ويبوح لك بما لديه، فقد عاد لكي يجد لديك الدعم فأنت الملهمة الأولى له.
امنحي طفلك الفرصة لكي يتحدث عما بداخله ويعبر عنه، وذلك بأن تفتحي أمامه فرصة للنقاش في كل ما يتعلق بأموره ولا تحولي طفلك لشخصية منقادة أبداً وكل ما عليه أن ينفذ الأوامر التي تلقينها، فالطفل بهذه الطريقة يتحول إلى إنسان مهزوز الشخصية غير قادر على اتخاذ قرار صغير، ويرى أنه عديم المكانة في الأسرة، ويمكن أن يميل طفلك أيضاً إلى الانطوائية والعزلة، ويبدأ في البحث عن صداقات خارج إطار البيت.
صادقي طفلك وخصصي له وقتاً كل يوم لكي يخبرك بكل ما يحدث معه، والأم الناجحة هي الأم التي تنجح في أن تصبح الصديقة الأولى والمقربة لطفلها، وامنحيه الفرصة لكي يتحدث عما وقع فيه من أخطاء، ولا تكرري عقابه على خطأ قام بإصلاحه بنفسه ولا تعيريه أمام الآخرين أو تذكريه بأخطاء سابقة قد ارتكبها، وجددي تذكيره بأن الإنسان دائماً يخطئ، ولكن الإنسان الحكيم من يبدأ من جديد متجنباً ما وقع فيه من الأخطاء السابقة.
2- امدحي مجهوده بغض النظر عن النتيجة
توقفي عن أسلوب منتشر كثيراً وهو أسلوب غير تربوي تستخدمه للأسف الكثير من الأمهات أثناء مدح أطفالهن، فمن الطبيعي والمهم أن تقومي بمدح الطفل من أجل أن يحقق طفلك المزيد من الإنجاز، وأن يكون لديه تطور في الأداء سواء على مستوى المدرسة أو الحياة العملية؛ ولكن الخطأ الذي تقع به الأم أنها ترتكب خطأ بتعميم المديح، ولا تقوم بمدح الفعل الذي قام به الطفل، فغالباً ما نرى أن الأمهات -مثلاً- في حال أنجز الطفل رسمة جميلة وملونة بألوان زاهية ومتناسقة، وكذلك في حال كانت الرسمة بدقة عالية؛ فالأم تستخدم المديح العام على مسامع الطفل بقولها: "أنت رائع، أنت فنان، أنت مدهش"، وهذا يسمى المديح العام أو الشمولي؛ الذي سوف يوقف الطفل عن ممارسة الرسم بدقة وجودة أكثر.
خصصي المديح لطفلك فمثلاً عند إنجاز الطفل مثل هذا الموقف قولي له: "رسمك رائع"، "حلك للمسائل الرياضية متقن ومنظم"، "شكراً لأنك رتبت غرفتك"، فالأم في هذه الحالة تمتدح الفعل أو الموقف، ويصبح الطفل حريصاً على الحصول على درجات مرتفعة، وحريصاً على ترتيب غرفته دوماً ، أما المديح العام؛ فهو يجعل الطفل يصاب بالغرور، ويستقر في ذهنه أنه في حال قيامه بأفعال طيبة، أو أنه لم يفعل، فأمه ستحبه وسوف تمتدحه ولن تغضب منه مهما تصرف من تصرفات، ويبدأ شعور الغرور وتحول الطفل إلى الاتكالية والأنانية لأنه يرى أن الأم هي المحامي والمدافع الأول عنه، وجعلته يشعر بأنه إنسان خارق لا يخطئ، وليس بحاجة للعمل والجد لكي يثبت نفسه.
3- امنحي طفلك فرصة التجربة لكي تعززي من ثقته بنفسه

- توقفي عن انتقاد طفلك باستمرار وتصيد الأخطاء له، وكأنه تحت المجهر لأن شخصية الطفل سوف تصبح بهذا الأسلوب شخصية مهزوزة، لأنه في الحقيقة لا يعرف ما يرضي الأم ويصبح منقاداً للآخرين، ويفعل ما يفعلونه لمجرد أنه لا يريد أن يسمع لوماً من الكبار أو تأنيباً منهم، واحرصي دائماً على التغاضي عن الهفوات البسيطة التي من الطبيعي أن يقع بها الصغار، فالطفل ليس في محكمة وأمام قاضٍ، ولا يمكن أن تضعي غربالاً أو منخلاً أمام تصرفاته، حيث إنه وكنتيجة لذلك سوف يتعلم الكذب لكي يخفي هذه الهفوات التي تغضبك والتي ترين أنها أخطاء جسيمة ولا تغتفر، ويجب أن تظهري له حبك دوماً وأنك تتقبلين ما يرتكبه من أخطاء، وفي الوقت نفسه يجب أن تتجنبي دوماً إهانة الطفل وخصوصاً أمام الأشخاص الغرباء.
- عودي طفلك وازرعي بداخله أن عليه المحاولة والتجريب باستمرار وأن الخطأ ليس دائماً نهاية الحياة، لأن هناك أطفالاً حين يحصلون على درجات منخفضة في المدرسة فيصبح الواحد منهم منطوياً ومهزوز الثقة بنفسه ولا يرغب في المواجهة ويتراجع كثيراً في معدله الدراسي، بل إنه سيرفض الذهاب إلى المدرسة لأنه أصبح بلا هدف حقيقي وفاقد الثقة بنفسه وبقدرته على إصلاح أخطائه.
4- ابتعدي عن مقارنة طفلك بالآخرين لكي تعززي ثقته بنفسه
اعلمي أن مقارنة الطفل بالآخرين هو أول الطرق لكي يفقد الطفل ثقته بنفسه، فيجب أن تتذكري أن كل طفل لديه صفات وقدرات وأن الفروق الفردية بين الأبناء تولد معهم وأن الأبناء حتى لو كانوا توائم فهم يختلفون بينهم، ولذلك فمن الضروري أن تتعاملي مع طفلك بناء على قدراته وتساعديه على تطويرها وليس هدمها.
تذكري أن أكبر أخطاء الأم التي تهدم ثقة الطفل بنفسه وتجعله طفلاً مهزوز الشخصية ومنطوياً وغير فعال ولا يحقق أي نجاح في المدرسة وعدم وجود طموحات ودوافع لديه هو أسلوب المقارنة مثل أن تقول الأم لطفلها: أريدك أن تصبح مثل فلان، أو لماذا فلان أكثر ذكاءً منك، أو انظر إلى درجات فلان، فهذه العبارات هي عبارات قاتلة بالنسبة للطفل، ويجب أن تتوقفي عنها لكي تبني طفلاً في حدود قدراته فقط.
5- استخدمي كلمات التشجيع لتعزيز ثقة طفلك بنفسه

- استخدمي مع طفلك ومنذ صغره عبارات التشجيع اللطيفة والقصيرة مثل كلمات: أنت تستطيع، عليك المحاولة مرة أخرى"، فيجب أن تعرفي أثر مثل هذه الكلمات على الطفل، وعليك أن تبدئي ذلك في وقت مبكر وحين يبدأ الطفل في تعلم تناول الطعام الخارجي إلى جانب الرضاعة، فحين يفتح فمه لكي يأكل من الملعقة التي تقربينها من فمه فيجب أن تبدي من خلال لغة جسدك علامات الرضا التي سوف تكون كلمة السر للتعامل معه.
- لاحظي أن الطفل يتعلم بالتشجيع، وليس عن طريق النقد، ولذلك فيجب أن تكوني قدوة له وكذلك الأب، ولا تستخدمي أي كلمة هادمة له مثل أن تقولي له: أنت سوف تكون فاشلاً مثل فلان، فيجب أن يكون النموذج الجيد المحتذى أمام الطفل نموذجاً مشرقاً يسعى الطفل لكي يصبح مثله وليس نموذجاً سيئاً سوف يظل الطفل خائفاً أن يتحول إليه، ويمكن أن يحدث ذلك بدعم الأم بالكلمات وتقديم المحفزات البسيطة وإظهار الفخر به أمام الأب، وعدم ذكر مساوئه وأخطائه أمام الآخرين خصوصاً.
قد يهمك أيضاً: علامات تكشفين بها مشاكل طفلك النفسية من عمر 6 سنوات وحتى 14عاماً






