الشاعر عبد الإله جدع: هكذا أرى المرأة

4 صور

«سيِّدتي» تلتقي الشاعر عبد الإله جدع للتعرف على شخصيته وذكرياته التي تزخر بالذكريات عن الأدب والشعر، وكان لنا الحوار الآتي:


• متى اكتشفت موهبة الشعر لديك؟
أثّرت البيئة والنشأة في تكوين ملامحي الشعرية الأولى مبكراً، فولدت محاولات هنا، وترعرعت أبيات شعرية هناك في الفكاهات والرحلات المدرسية، وكان صوت الشعور والعاطفة وصدقهما وبساطة المفردات يعلو على التراكيب والأوزان، وهي مرحلة لا تخلو منها تجربة شاعر في عمر الصبا والشباب، لكنني كنت أقدّمها على استحياء وخجل؛ حتى لا يطّلع عليها الوالد رحمه الله، والذي لم أستفد من خبرته وتوجيهاته للأسف كما كنت أتمنى، فقد مات وأنا يافع في بدايات الدراسة الجامعية.

• ما هي أول قصيدة كتبتها؟
صباح الخير مدرستي
ويا عمري ويا ثغري
فأنت نموذج الأنجال
ومهد العلم والفكر


• أنت شاعر وابن شاعر، فهل تخطط لأن يكون أحد أبنائك شاعراً أيضاً؟
أتمنى لو أنني أملك قدرة التخطيط؛ ليكون أحد أبنائي شاعراً، لكن الشعر ليس بالضرورة أن يورّث، وكم من شعراء فطاحل لم يحمل لواء الشعر من بعدهم أي من أبنائهم، أما أنا فقد كنت محظوظاً، إذ أكرمني الله بحمل جينات الشعر من والدي دون إخوتي الخمسة وأختي الوحيدة.


• قدمت مؤخراً أوبريت «خير البحر» في مهرجان جدة التاريخية، فهل أنت راضٍ عن الصدى الذي حققه؟
هذا السؤال يفتح الجراح، فأوبريت جدة «خير البحر» رغم أنه سجّل السبق في أول مهرجان تشهده جدة التاريخية، وحظي بحضور أمير منطقة مكة المكرمة الأمير مشعل بن عبدالله، ورئيس الهيئة العليا للسياحة الأمير سلطان بن سلمان، إلا أنه لم يلقَ التخطيط الإعلامي الجيد من المنظمين؛ إذ خذلهم النقل التلفزيوني عبر قنوات غير قناة الثقافية السعودية، فضلاً عن ضعف النشر الصحفي عن الأوبريت وكلماته وتداول تسجيلاته، ورغم كل ذلك أعتبر الكتابة لعشقي الأول جدة شرفاً لي ليس له ثمن.

جدة الماضي
• ما الذي تفتقده في جدة الماضي؟
أفتقد نقاوة هواء جدة العليل، وانفتاح شاطئها الجميل على البحر بعد أن سدّت الأبراج الشاهقة والمشروعات الاستثمارية نسمة البحر عن عامة الناس، وأصبحت حكراً على بعضهم، وقد كتبت قصيدة في ذلك بعنوان «يا جدة الأمس».


• وما الذي يعجبك في جدة الحاضر؟
تسعدني اليوم عودة الاهتمام بالعروس جدة ومشروعاتها وطرقها التي ظلّت لزمن تئنّ تحت وطأة فساد تعثّر المشاريع، وفشل بعضها، وضياع ما أنفقته الدولة هباءً بتفريط الذين لا يتقون الله، وفاقدي الضمائر.


• ما هو الشيء المرتبط بجدة من ذاكرة الطفولة؟
مازالت ذاكرتي تحتفظ بالمشرق في تاريخ جدة، ومنه: المنتزه الجميل بجوار فندق البحر الأحمر، وكانت فيه جلسات جميلة تطلّ على بحيرة اصطناعية فيها قارب كان يأخذنا إليها الوالد في الأعياد، وهي معالم حضارة تدل على تقدم هذه المدينة منذ زمن طويل، إضافة إلى أجواء العيد ومراجيحه وألعابه الجاذبة التي كان لها رونق ومتعة، ليس كما هي اليوم متوفرة طوال العام لا يفتقدها الأولاد ولا يشعرون بجمالها، فهذه الأشياء فقدت بريقها اليوم.


• ما تعليقك على ارتباط مدينة جدة مؤخراً بانتشار الأمراض والكوارث؟
بالتأكيد لا يسعد أي وطني غيور بما تعرّضت له جدة من تقصير وإهمال، وفساد لهذه العروس الشامخة التي تداعب البحر وترمقه بنظرات عاتبة تخفي خلفها وجع السنين، رغم ما خصصته الدولة من ميزانيات ضخمة ذهب نصيب منها مع الريح وأصحاب الضمائر الغائبة.


• من هو شاعرك المفضل؟
ليس ثمة شاعر لم يأسره صوت المتنبي الذي علا على كل الأصوات، كما تعجبني قصائد ابن زيدون، مروراً بشوقي والشامي ونزار وجويدة، ومحلياً شحاتة ويحيى توفيق.


• وكيف تصف علاقتك بالمرأة؟
حضور المرأة في حياتي كان ومازال طاغياً وآسراً، فقد كانت علاقتي وثيقة الصلة بأمي الرائعة منذ الصغر، وتشبّعت شخصيتي بمعالم طباعها وفلسفتها في الحياة كثيراً، ومن خلال التصاقي بها ومعايشتي لأحوالها ازددت إيماناً بعظمة المرأة ودورها الرئيسي في إدارة الحياة الأسرية بنجاح ومهارة رغم الاختلافات، ومنها كانت مدرستي لفهم المرأة وتقدير مكانتها، لذلك اتجهت لتأليف أول كتبي عن المرأة بعنوان «خفايا الحب والزواج»، وقد صدرت منه ثلاث طبعات، وكنت في أواخر العشرينيات من عمري، وامتد اهتمامي بالمرأة فارتديت ثوب الدفاع عنها في ذلك الكتاب، وكتابي الثاني بعنوان «الحب بين الغليان والصقيع» الذي ترجم للإنجليزية، وإضافة إلى كتابي الأخير بعنوان «خلاف أم اختلاف لأن العلاقة كقطعة البازل»، ووقفت فيه على الحياد منصفاً الرجل والمرأة ومحللاً لمعالم طباع كل منهما وتكامله مع الآخر، واحتلّت المرأة كذلك جانباً غير يسير في أشعاري أمّاً، وابنة، وزوجة حبيبة، وملاكاً محفزّاً على الإبداع ومليئاً بالمتناقضات كالإغراء والإقصاء، الحب والحنان والغيرة والكيد، والاحتواء والانفعال، والغموض والتقلّب، إنها عالم غامض مليء بالأسرار، ورغم سوء بعض النماذج فيه إلا أنه لا يمكن العيش بدونه، لذلك كان حسن الاختيار للمرأة أمراً مهماً.


• ما رأيك بدور المرأة السعودية في المجتمع في ظل النهضة التي تعيشها حالياً على مختلف الأصعدة؟
تقوم المرأة اليوم في ظل دعم وتشجيع المليك المفدّى بدور ريادي، وبعض النساء سجّلن حضوراً متميزاً محلياً وإقليمياً وعالمياً، لكن نفراً من النساء قد شغلن أنفسهن بظهور المرأة ومساواتها مع الرجل، ومكانها في الحضور والمشاركة في المناسبات والمنتديات بشكل طغى على مخرجاتهن ومشاركاتهن، وبعضهن شغلن أنفسهن بالتفاصيل والشكليات عن الجوهر والهدف.


• ماعلاقتك بقنوات التواصل الاجتماعي؟
عصر التقنية وتطوّر وسائل الاتصال ومخرجاتها في قنوات التواصل الاجتماعي بالإعلام الجديد قد منحت المبدع فرصاً للظهور والحضور والنجاح لم تكن موجودة في الماضي، لكن سوء استخدامها واستغلالها من قبل البعض أفسد مناخها الذي أزعجني، فآثرت الحدّ من نشاطي فيها.

بطاقة تعريفية
الاسم: عبد الإله محمد جدع.
العمل: شاعر وكاتب، يشغل منصب المتحدث الرسمي لنادي جدة الأدبي الثقافي، ونائب الرئيس بالتكليف، ومستشار إداري وأسري، ومدرب معتمد دولياً.
الحالة الاجتماعية: متزوج من الشريفة الدكتورة دانية بنت مزاحم آل غالب، وله ولدان وبنت، وهم: محمد، وعمر، وشادن.
أهم إصدارته: أربعة دواوين شعرية، وثلاثة كتب في العلاقات الأسرية والاتصال.