فتوى تبيح الإفطار للمسافر بالطائرة عند رؤيته الغروب

أثارت فتوى الدكتور على جمعة مفتي الديار المصرية عن إفطار المسافر بالطائرة عند رؤيته غروب الشمس الكثير من الاستفسارات حيث أكد أن إفطار المسافرين بالطائرة يكون برؤيتهم غروب الشمس في النقطة التي هم فيها، ولا يفطرون بتوقيت البلد الذي يحلقون عليه، ولا الذي سافروا منه، ولا الدولة التي يتجهون إليها، بل عند رؤيتهم غروب الشمس بكامل قرصها فإن طالت مدة الصيام طولا يشق مثله على مستطيع الصوم في الحالة المعتادة فلهم حينئذ أن يفطروا للمشقة الزائدة في السفر وليس لانتهاء اليوم، وعليهم أن يقضوا الأيام التي أفطروها.


قال مفتي مصر: ما يذكره بعض قائدي الطائرات بأن الإفطار على ميقات البلد الأصلي أو البلد الحالي غير صحيح شرعا، فالعبرة في الإفطار بتحقق الصائم من الظلمة إما حسا برؤيته أو خبرا بتصديق من يعتد بأخباره في ذلك، وكذلك الحال في الإمساك فإنه يتحقق المكلف من طلوع الفجر الصادق إما حسا أو بإخبار من يعتد بأخباره.

 قال تعالى: «وكلوا واشربوا حتى يتبين لكم الخيط الأبيض من الخيط الأسود من الفجر ثم أتموا الصيام إلى الليل».

وأكد د.علي جمعة أن الإنسان كلما ارتفع عن سطح الأرض تأخر غروب الشمس، وذلك بسب كروية الأرض. فمقتضى القواعد الشرعية أنه لا إفطار حتى تغرب الشمس في حق الصائم نفسه وإن تأخر ذلك.

وأوضح أن هناك حالة تغيب فيها الشمس ثم تخرج مرة أخرى من جهة المغرب لسرعة الطائرة، وهنا يفطر الصائم عند غيابها الأول، ولا يلتفت لردها وعودتها. وصيامه في تلك الحالة سليم وإفطاره أيضا سليم.

 

مواقيت الشرق والغرب

الداعية الشيخ يوسف البدري يرى أن الإفطار في رمضان يجب إذا حل على المسافر الغروب، والأمر يختلف في حالة السفر إلى شرق العالم عن السفر إلى غربه، ففي الغرب اليوم يطول وساعات الصيام تزيد أما عند السفر إلى الشرق فإن ساعات الصيام تقل وفي حالة الأصعب فإنه من الأفضل والأيسر الإفطار بتوقيت مكة خاصة، وأنه من الصعب رؤية الغروب بشكل كامل عند الطيران فوق السحاب لمسافات مرتفعة، فالكرة الأرضية دائرية والكعبة المشرفة في المنتصف، ومن هنا فما ينطبق على شرق العالم لا ينطبق بالمثل على غربه، ففي الشرق النهار أقصر، وفي الغرب النهار أطول بل إنه في دولة مثل الولايات المتحدة الأمريكية تنقسم في صلاتها إلى الكعبة فمنهم من يصلي متجها إلى الشرق وهم الولايات الموجودة شرق أمريكا، ومنهم من يصلي متجها بالقبلة إلى جهة الغرب، وهم القاطنون غرب أمريكا، وكلاهما صحيح.

ويضيف الشيخ يوسف أن كل الأمور الخاصة بالصوم والإفطار في رمضان انتهى الفقهاء منها قديما، ولا تحتاج إلى بحث من جديد فقياسا على الجبل يكون الأمر عند ركوب الطائرة، وفي هذه الحالة لا يكون الإفطار إلا برؤية الغروب.

 

العوامل الطبيعية

د:محمد رأفت عثمان عضو مجمع البحوث الإسلامية يقول: الصائم يحكمه المكان ورؤيته لغروب الشمس، فإذا كان في مكان على أي بقعة من بقاع الأرض إن كان في البر أو البحر أو الجو، وكانت رؤية غروب الشمس فهذا علامة شرعية لجواز إفطاره، وعلى هذا فإذا شاهد راكب الطائرة الشمس لاتزال موجودة كان ذلك من دواعي الإمساك عن المفطرات إلى أن تغيب الشمس عن نظره، وإن كان ذلك سيترتب عليه طول مدة الصيام فإن الشارع الحكيم قد منح الصائم جواز الفطر لسببين هما السفر وعدم تحمل الصيام.

ويرى د.رأفت عثمان أن السفر بذاته جعله المشرع رخصة للإفطار؛ لقوله تعالى: «فمن كان منكم مريضا أو على سفر فعدة من أيام أخر».

فالسفر هو إحدى الرخص الهامة للإفطار عند الصوم، وعلى هذا  إن استطاع راكب الطائرة أن يستمر في صيامه حتى يصل إلى مكان لا يرى فيه الشمس فإن الواجب عليه أن يمسك عن المفطرات.

ويضيف: الإسلام ارتبط في معظم فروضه بالعلامات الطبيعية مثل الشمس من شروق أو غروب والتي ترتبط بالصلاة أو الصوم، كما ترتبط الزكاة بمرور حول كامل سواء على الأموال أو المحاصيل، وغيرها ومن هنا فإن معرفة ورؤية تلك العلامات الطبيعية أصبحت من الأمور الهامة في إتمام تلك الفروض الأساسية.


توقيت مكة لا يصلح الا لمكة

د.حامد أبو طالب الأستاذ بجامعة الأزهر يرى أن الأصل أن الصائم يفطر بانتهاء اليوم، وانتهاء اليوم لا يتم إلا بغروب الشمس فإذا تأكد الصائم وهو في أي مكان من الغروب الحقيقي للشمس كان له الإفطار، ومن باب أولى فإن ذلك ينطبق على راكب الطائرة التي تطير على مسافات مرتفعة فإنه حتما سوف يرى سقوط قرص الشمس واختفاءه، وهو ما يعني اختفاءه عن البلد الذي يحلق فوقه، ومن هنا جاز إفطاره سواء سمع الأذان أو لم يسمع، تأكد من الميعاد أو لم يتأكد فهو في هذه الحالة أتم صيامه الصحيح لهذا اليوم وليس صحيحا ما يقوله بعض قائدي الطائرات بأن الإفطار على ميقات البلد الأصلي أو البلد الحالي، فذلك غير صحيح شرعا فالعبرة في الإفطار بتحقق الصائم من الظلمة إما حسا برؤيته أو خبرا بتصديق من يعتد بأخباره، كما أكد فضيلة المفتي، وفي الطائرة يكون الإفطار برؤية الغروب بالعين أي أنه الإحساس بالرؤية.

 وعن الاعتماد على توقيت مكة المكرمة في الإفطار يقول د.حامد إن توقيت مكة لا يصلح إلا لمكة فقط، ولا يصح أن يعتمد عليه الصائم  لإفطاره، وهو في أي بقعة على بقاع الأرض  فطبيعة المكان هي التي تحدد موعد الإفطار فليس من العقل أن يفطر من في شرق العالم في نفس موعد إفطار من هم في غرب العالم على توقيت مكة فهذا أمر مرفوض، كذلك لا يمكن لمن هم في الطائرات أو على السفن أن يقرروا الصيام بتوقيت مكة، وهم أمامهم الشمس ويمكنهم أن يروا بأنفسهم غروب الشمس.

وينهي د.حامد كلامه بأن الأصل في الإفطار أو الصوم هو رؤية شروق الشمس وغروبها، وهذه هي العلامات المؤكدة التي يجب أن يعتمد عليها الصائم عندما يكون في حيرة من أمره.