الغيرة أحياناً ليست ضارة

يمر كل إنسان أحياناً بلحظات غيرة أو طمع أو غضب؛ فنحن لسنا ملائكة في نهاية الأمر، ولكن الإنسان الذكي هو من يُوظف هذه الصفات السلبية لخدمته، ويُحولها إلى حوافز وجرعات قوة تجعل حياته أكثر سعادة وعطاء.

أنا طيبة.. ولكن؟
قد تكونين إنسانة طيبة لا تُضمر حقداً على أحد، ومع ذلك قد تمرين بمواقف تتبدل فيها مشاعرك فجأة وبدون إرادتك، وتشعرين بغيرةٍ تنهش قلبك أو أنانية لم تعهديها في طبعك، أو غضب يحرق الأخضر واليابس من حولك، وبعد أن تهدأ الأمور، تشعرين بذنبٍ كبيرٍ وتبدأين في لوم نفسك، ويبدأ السؤال الذي لا تبوحين به للآخرين: هل أنا إنسانة شريرة؟
وعلى هذا السؤال تجيبك الكاتبة «جوديث فيرتي»، مؤلفة كتاب «رتبي حياتك»؛ قائلة: «لا تتهمي نفسك اتهامات باطلة؛ ففي شخصية كل إنسان جوانب معتمة، هي من أساسيات تكوينه، وهي مصادر غنى في طبيعته البشرية، وإن المشاعر التي نعتبرها سلبية، يمكن أن تتحول إلى إيجابية وإلى وسائل للنجاح وتحقيق الأهداف».
وقبل أن تسألي كيف؟ تقدم لك الكاتبة هذه الإجابات على أسئلتك:

• حولي الغيرة إلى إنجازات
يمكن أن تكون الغيرة شعوراً مدمراً وهداماً، ولكنها يمكن أن تكون أيضاً حافزاً ومحرضاً على التفكير والعمل؛ لذا «حولي مشاعر الغيرة إلى نداءٍ داخلي للصحوة والتنبه»، وتذكري بأنك لست الإنسانة الوحيدة التي تمنت بينها وبين نفسها، ولو للحظات، أن تفشل خطوبة أعز الصديقات، ولست الوحيدة التي حسدت صديقتها على بيتها الجديد الذي انتقلت إليه مؤخراً، واللعبة النفسية في توظيف الغيرة إلى حوافز إيجابية، هي في العمل والمثابرة للحصول على ما حسدتِ الآخرين من أجله، وأهم ما في الأمر، هو عدم الشعور بأنك قد سقطتِ في شرك الغيرة الذي لا فكاك منه، فكري بإيجابية وأكدي لنفسك بأنك تملكين الخيارات أيضاً، واستعملي شعور الغيرة لمعرفة ما تريدين وكيف تحصلين عليه، وضعي لنفسك الأولويات، واستثمري هذه المشاعر لإعادة النظر في خططك المستقبلية؛ لأن الحياة تأخذنا أحياناً ونحتاج إلى شعور الغيرة؛ كي نعيد النظر في حياتنا من جديد.

• استثمري لحظات الغضب
كل إنسان ينتابه الغضب الشديد في مواقف حياتية معينة؛ فإذا صادفتك مثل هذه المواقف، لا تترددي في إظهار غضبك والتنفيس عن النار التي بداخلك؛ فهذا شعور طبيعي لا يمكن تجنبه، ولكن بالمقابل يمكن توظيفه لتحقيق مكاسب ونتائج لصالحك، وبدلاً من التصرف بشكلٍ أحمق، والتفوه بكلمات أو القيام بأفعال قد تندمين عليها، وتكونين مضطرة إلى الاعتذار عنها لاحقاً، تصرفي بطريقةٍ أخرى، وتذكري أن شعور الغضب يضخ مادة «الإدرينالين» إلى جسمك بقوة؛ مما يجعلك أقوى وأكثر شجاعة و جرأة؛ لذا، لا تضيعي الفرصة من يدك، ولا تدخلي في أمورٍ فرعيةٍ لا تخدمك؛ بل حددي ما تريدين، واستثمري غضبك، واحصلي على النتائج .

• الأنانية مطلوبة أحياناً
ثمة خيط رفيع بين الأنانية وحماية الذات، وعليك في بعض الأحيان أن تضعي نفسك أولاً، هذا مع التفكير بمشاعر الآخرين بالتأكيد، والنصيحة هنا أن توازني الأمور، وتضعي نفسك في إحدى كفتي الميزان؛ فإذا رجحت كفتك، لا تتردي في الاستفادة من الفرصة، وهذه هي الأنانية الإيجابية التي تساعدك على البقاء صادقة مع نفسك، وعلى حماية ذاتك حين يستدعي الأمر ذلك، ولكن عليك أن تستعملي هذا الحق بحذرٍ كبيرٍ، وأن تستشيري عقلك؛ فإذا كانت كفة مشاعر الآخرين هي الراجحة، وأنك لا تشعرين بالرضا عن نفسك لأنك تظلمينهم؛ فلا تترددي في أن تضعيهم أولاً، وإذا كان العكس، اتبعي قلبك وخذي فرصتك بلا تردد، ولكن أبقي الخطوط مفتوحة مع الآخرين؛ كي توضحي لهم وجهة نظرك، وتجنبي نفسك تبعات سوء الفهم.