ضحايا المستشارين الأسريين الوهميين

فدوى عبدالحميد
ماجد قنش
ياسر العشماوي
أحد الحسابات المنتشرة
4 صور

ضغوطات الحياة ورتمها أجبر بعض الناس إلى حمل همومهم ومشاكلهم والذهاب بها إلى مستشارين أُسريين، ومراكز استشارات أسريَّة لمساعدتهم على حلِّ مشاكلهم والخروج منها، لتكثر بالمقابل مراكز الاستشارات الأسريَّة من دون تنظيم ورقابة، وربما تكون غير مؤهلة، لذلك سعت وزارة العمل والتنمية الاجتماعيَّة إلى وضع ضوابط ولوائح تنظيميَّة لهذه المراكز والتأكد من كفاءتها لعدم استغلال مرتاديها.


«سيدتي» التقت بعض من أجبرتهم ظروفهم النفسيَّة ومشاكلهم على اللجوء لهذه المراكز، فكانوا ضحايا لاستشارات خاطئة.


أهملي زوجك
بداية تحدثت فدوى عبدالحميد (36 عامًا)، عن تجربتها مع إحدى المستشارات في مجال المشاكل الأسرية، فقالت: تعرَّضت لمشكلة مع زوجي فنصحتني إحدى الصديقات بالتحدث إلى شخصيَّة تلقب نفسها بمستشارة أسريَّة، التي وجهتني أن أهمل زوجي بحجة أنَّ الرجل كل ما أظهرت له عدم الاهتمام سيتعلق بك أكثر، وبالفعل نفذت نصيحتها ليتركني زوجي وتكبر المشكلة وتطول لأشهر عديدة، حينها أدركت مدى خطأ الاستماع إلى شخص غير مؤهل وليس لديه خبرة.
بلاغ ضد الاستشاري
بينما عانت سهاد كيال (30 عامًا) من مضايقات من كانت تعتبره مستشارها ومنقذها فتقول: طلقت من زوجي ومرَّرت بحالة نفسيَّة سيئة، فقررت أن أغيِّر حياتي ودخلت إحدى الدورات مع مدرب لتطوير الذات، وفي ذات الوقت هو مستشار أسري، وكان يقوم بعمل دورات على الـ«واتس» واشتركت في إحدى هذه الدورات وكان يطلب منا أن نتكلم عن تجاربنا على الخاص، وبالفعل حدث ذلك لأجده بعد فترة يحادثني ويضايقني ما جعلني أخبر أخي بالمضايقات لكي ينهي الموضوع، وبالفعل تقدَّمت بشكوى وعمل بلاغ ضده.
وتواصلت «سيدتي» مع أحد الحسابات المنتشرة في موقع التواصل «تويتر»، وسألته هل أنت مستشار أسري؟ فأجاب بنعم وذكر اسمه وطلب أن أحكي له المشكلة، لكن عند ردي بأنني إعلاميَّة ولا توجد مشكلة قام بعمل «بلوك» وحذف الحساب.
فماذا قال الاستشاريون؟
الاستشاري جزاء بن مرزوق المطيري، المدير التنفيذي لمركز عين اليقين للاستشارات، ورئيس اللجنة النفسيَّة بالغرفة التجاريَّة، أوضح بأنَّ هناك فرقًا بين الإرشاد الأسري والإرشاد الزواجي، فالإرشاد الأسري يتضمن إرشاد الأسرة كلها نفسيًا بدلاً من إرشاد الفرد وحده، وفيها يقوم المرشد بإمداد الوالدين وباقي أفراد الأسرة بالمعلومات والخبرات، التي تساعدهم على التغلب على المشكلات التي تواجه الأسرة، ويشمل جميع أعضاء الأسرة، أما الإرشاد الزواجي، فهو مجموع الخدمات الإرشاديَّة التي تقدَّم للأزواج بهدف تحقيق الاستقرار وحلِّ المشكلات، التي قد تعصف بالحياة الزوجيَّة، وهو يختص بالزوجين فقط، مشيرًا إلى أنَّ هناك خلطًا بين المفهومين من قبل أغلبيَّة أفراد المجتمع الذين لا يعرفون الفرق بينهما.
مضيفًا: للأسف الشديد هناك بعض من يمارس العمل في مجال الاستشارات ولا يعرف الفرق بين الإرشاد الأسري، والإرشاد الزواجي، ويمارس المجالين بشكل عشوائي، ومنهم غير متخصص في هذا المجال، فقط حصل على دورة تدريبيَّة في مجال الاستشارات الأسريَّة قد لا تتجاوز خمسة أيام، ليطلق بعدها على نفسه اسم مستشار، ووضع الإعلانات للحصول على لقب مستشار عبر دورات تنظم عبر الـ«واتس أب»، ليصبح بعدها مستشارًا ويستقبل الاتصالات لحلِّ المشكلات الأسريَّة، وبين المطيري أنَّ هناك أسبابًا عديدة لفوضى انتشار ما يعرف بـ(المستشار الأسري)، منها كثرة الأزمات والاضطرابات التي تتعرَّض لها الأُسر، والضغوط النفسيَّة، والاضطرابات التي يتعرَّض لها الفرد، إلى جانب كثرة البرامج والدورات التدريبيَّة، التي تعمل في مجال الاستشارات الأسريَّة، أضف إلى ذلك تهاون الجهات المختصة فيما يخص التحقق من مؤهلات هؤلاء الاستشاريين ومحاسبتهم.
أما المستشار والمدرِّب المعتمد في التنمية البشريَّة، عباس الرابغي، فأوضح أنَّه من المؤسف أنَّ إطلاق الألقاب ليس له حسيب أو رقيب في مجال التدريب، وبخاصة في الاستشارات الأسريَّة، فمن غير المعقول أن يسمي أحدهم نفسه مستشارًا أو مستشارة أسريَّة ثم يقدِّم نصائح للمتزوجين وهو أعزب، والمؤسف أكثر أنَّ مؤسسة التعليم المهني والتقني لا تحرك ساكنًا في هذا التجاوز، بل ونرى دائمًا إعلانات لمدربين يطلقون على أنفسهم ألقابًا ليس لها أساس من الصحة مثل الخبير الدولي أو المستشار العالمي، لذلك أتمنى من الجهات الرقابيَّة ضبط هذا المجال وتحجيمه.
الرأي القانوني
المحامي والمستشار القانوني، ياسر العشماوي، أوضح أنَّ ادعاء العلم والإرشاد جريمة يعاقب عليها النظام؛ لأنَّه غش وخداع يترتب عليه ضرر محقق أو محتمل الوقوع، لذلك فالعقوبة الجزائيَّة أولًا جبر الضرر بالتعويض عند اللجوء إلى المحكمة أو الجهات المختصة.
ثانيًا: هناك أنظمة في المملكة العربيَّة السعوديَّة ساهمت في الحدِّ من هذه الظاهرة، كنظام مزاولة المهن الصحيَّة.