وتستمر فعاليات مهرجان عشيات طقوس المسرحية بدورته العاشرة ليومها الثاني، حاملةً معها عروضاً مسرحية جديدة، فبعد العرض المصري "لو كنت"، جاء الدور على تونس، بعمل منودراما للمخرج منير العرقي ونصّ وأداء الفنانة منال عبد القوي، حمل اسم "المخفوقة بنت بوها"، وعُرض في الساحة الرئيسية لمديرية الفنون بمنطقة جبل اللويبدة في العاصمة الأردنية عمان.
حكاية "المخفوقة" .. حكاية المرأة العربية
قدم العمل قصة فتاة تونسية اسمها "زينة"، التي تسرد ما مرت به من أحداث خلال حياتها، وهي تحاول التوفيق بين حياتها كفنانة مستقلة وتقدمية، وحياتها العاطفية التي كانت تحلم خلالها بأن تتزوج، وتعيش الطقوس التونسية في الأعراس بالجزيرة التي وُلدت فيها وهي "خربا".
نقلت عبد القوي خلال شخصيتها "زينة"، المصاعب والتحديات التي تعيشها الفتاة التونسية تحديداً والعربية عموماً، في محاولتها إثبات ذاتها وتحقيق أحلامها، ومن جهة أخرى ما تواجهه من العائلة خلال هذه الرحلة، بشكل كوميدي ساخر، وبالوقت نفسه عارضة الطقوس والأغاني والرقصات التقليدية التي يتم تقديمها خلال الأعراس الشعبية في تونس، ما خلق حالة من الفرح الطويل، قاطعتها بعض المشاهد الدرامية التي أدتها الفنانة الوحيدة في العرض بين الحين والآخر، خلال سردها لهذه الأحداث.
العمل من الداخل .. ما له وما عليه
في عمل مسرحي تقدمه فنانة واحدة، ودام لأكثر من ساعتين كاملتين، من التأكيد أن هناك الكثير من التفاصيل التي يمكن الحديث عنها، بعضها رفع من سوية العمل الفنية، والآخر قلل منها، إلا أن كل ذلك لا يقلل من أهمية الجهد والمحاولة التي قُدمت خلال العمل.
طقس شعبي خارج السياق
حاول المخرج العرقي أن يجد منطقة مشتركة لتلاقي العرض المسرحي مع الطقوس التونسية في الأعراس والأفراح، حتى يتناسب عرضه مع فكرة المهرجان بما يخص "الطقوس" المسرحية، والتي هي فكرة المهرجان الرئيسية، ووجد في القصة الرئيسية للعمل مكاناً قد يُقربه من هذا الهدف، ألا وهو أن "زينة" الشخصية الرئيسية والوحيدة، كانت تحلم بالزواج، ومن هذه النقطة أطلق العنان لرؤيته الإخراجية حتى يضع الطقس التونسي السابق الذكر داخل العرض، ولكنه مع ذلك لم يُوفق كثيراً، وبدا الأمر كأنها مشاهد مقحمة لا مكان لها، خاصة أن العرقي لم يُحسن توزيعها على العمل، كما أنه لم ينجح بتقديمها بشكل صحيح حتى يخلق انسجاماً في الوحدة الواحدة للعرض.
في المشاهد الأولى من العمل التونسي، وأثناء حديث "زينة" عن قصتها مع العزوبية، أو بشكل أدق، سردها لما تُحس به كونها عزباء تعدت الأربعين عاماً، أو كما يُسميها المجتمع بـ"العانس"، ذهب العمل إلى شرح تفاصيل طقوس الأعراس التونسية في جزيرة "جربا"، حتى وصل لأن يكون شرحاً مُفصلاً ابتعد حداً كبيراً عن كونه مسرحياً، فضخّ الكثير من المعلومات عن هذه الطقوس، كأنه يعرضها بمقال مكتوب، أو برنامج وثائقي عن المنطقة، وأطال كثيراً بهذا السرد حتى أصاب الجمهور الضياع والملل باستثناء دخول فرقة تونسية شعبية عزفت بعض هذه الأغاني، حتى ولو كانت بدون أي مبرر درامي لدخولها.
بعد مرور قرابة الساعة أو أكثر على العرض، بدأ العرقي يُدخل الجمهور بأحداث العمل المسرحي، والذهاب أخيراً إلى مقولة العمل المسرحية بدون ذلك العرض المباشر والمُقحم للطقس التونسي في البداية، مقدماً الحالات الدرامية للعمل، وقصة "زينة" الحقيقية التي كانت من المفترض أن تسردها للجمهور قبل ساعة من بدء العرض، وهنا من الممكن أن نقول، أن العرض المسرحي التونسي بدء فعلاً.
البداية الثانية للعرض التونسي
بما أن العمل التونسي كان من نوع المونودراما أي عرض "الممثل الواحد"، فإن الجهد والتركيز بمعظمه ينصب على الممثل الوحيد في العرض وهي الفنانة "منال عبد القوي"، والمخرج منير العرقي، وهنا نجد الكثير الآخر من الحديث الذي قد يطول عنهما.
منال عبد القوي "زينة"
البداية الثانية للعمل، عامودها الأساس هي الفنانة عبد القوي، التي جسدت دور زينة في العرض، والتي بذلت مجهوداً كبيراً طوال ساعتين وأكثر، أثبتت أنها فنانة موهوبة ومحترفة، مُتمكنة بشكل كبير من أدواتها الفنية، قادرة على أن تقدم دراما والكوميديا بالمستوى القوي ذاته، حيث تمكنت من جذب انتباه الجمهور معظم وقت العرض، عبر أدائها وتعاملها مع الشخصية التي كسرت من خلالها الحاجز الرابع للمسرح بينها وبين المتلقي.
جسدت عبد القوي عدداً من الشخصيات التي مرت في حياة "زينة"، خلال سردها للحكاية، كانت خلالها متمكنة وقادرة على الفصل بين هذه الشخصيات، على الرغم من المشاهد القصيرة لذلك وعلى الرغم أيضاً من تشابه التاريخ الدرامي لبعضها، بدون أن يحس المشاهد بأنها تكرر نفسها.
كما هو معروف، شعرة دقيقة جداً بين الكوميديا وبين التهريج، قد يقطعها الممثل خلال أداءه دون أن يدري، ولأن العرض قائم بشكل أساسي على الكوميديا، وقعت عبد القوي بالعديد من الأحيان في هذا الفخ، وقطع الشعرة الفاصلة للتحول إلى التهريج، وربما كان الوقت الطويل الذي استغرقه العرض واحداً من الأسباب المهمة، التي أفقدت عبد القوي هذه السيطرة للخروج إلى هذا المكان المحرم مسرحياً.
منير العرقي ورؤيته الإخراجية
فقد العرقي خلال الجزء الأول من العمل قدرته على إظهار أي رؤية إخراجية، وذلك بسبب ما قدمنا له بأن العمل أقحم الطقس التونسي، واعتمد كثيراً على السرد المباشر بعيداً عن أي حالة مسرحية، لذلك لم يقدم المخرج رؤيته على أكمل وجه، وعلى الرغم من أنه تدارك ذلك في الجزء الثاني من العمل، الذي اعتبرناه "البداية الثانية"، إلا أن ذلك لا يغفر له ذلك، خاصة أنه أضاع وحدة العمل الواحد.
من جهة أخرى، كانت رؤية العرقي الإخراجية ضعيفة بعض الشيء، ولم تكن واضحة، للعديد من الأسباب أهمها اعتماده الكامل على أداء عبد القوي التمثيلي، والذي كان أساسه الحديث عن الجمهور وسرد قصتها، مع القليل من الفعل الدرامي الذي لم يُضف جديداً على العمل بشكل عام.
السينوغرافيا والديكور
لم يساعد العرقي عرضه للعمل في الساحة الرئيسية بدلاً من خشبة المسرح، فيما يخص الإضاءة تحديداً، حيث كانت الإضاءة عامة "جنرال" معظم الوقت، باستثناء حالات قليلة كانت خلال وجود الفرقة الموسيقية لإطفاء ما يشبه أجواء الإحتفال على العمل، الأمر الذي لم يساهم في بناء كامل للحالة الدرامية والإبداعية في العرض، كما أن المساحة الكبيرة للساحة الرئيسية، وأرضيتها الإسمنتية، أعاقت حركة الممثلة وأضعفتها ببعض الأحيان.
أما بما يخص الديكور، فلم يختلف الأمر كثيراً، فأوجد العرقي على الخشبة الكثير من قطع الديكور والملابس التي لم يتم استغلالها خلال العرض، وبعضها لم يتم استغلاله كما يجب، ما خلق نوعاً من الثرثرة المسرحية التي لم تضف شيئاً للعرض بشكل عام.
حكاية "المخفوقة" .. حكاية المرأة العربية
قدم العمل قصة فتاة تونسية اسمها "زينة"، التي تسرد ما مرت به من أحداث خلال حياتها، وهي تحاول التوفيق بين حياتها كفنانة مستقلة وتقدمية، وحياتها العاطفية التي كانت تحلم خلالها بأن تتزوج، وتعيش الطقوس التونسية في الأعراس بالجزيرة التي وُلدت فيها وهي "خربا".
نقلت عبد القوي خلال شخصيتها "زينة"، المصاعب والتحديات التي تعيشها الفتاة التونسية تحديداً والعربية عموماً، في محاولتها إثبات ذاتها وتحقيق أحلامها، ومن جهة أخرى ما تواجهه من العائلة خلال هذه الرحلة، بشكل كوميدي ساخر، وبالوقت نفسه عارضة الطقوس والأغاني والرقصات التقليدية التي يتم تقديمها خلال الأعراس الشعبية في تونس، ما خلق حالة من الفرح الطويل، قاطعتها بعض المشاهد الدرامية التي أدتها الفنانة الوحيدة في العرض بين الحين والآخر، خلال سردها لهذه الأحداث.
العمل من الداخل .. ما له وما عليه
في عمل مسرحي تقدمه فنانة واحدة، ودام لأكثر من ساعتين كاملتين، من التأكيد أن هناك الكثير من التفاصيل التي يمكن الحديث عنها، بعضها رفع من سوية العمل الفنية، والآخر قلل منها، إلا أن كل ذلك لا يقلل من أهمية الجهد والمحاولة التي قُدمت خلال العمل.
طقس شعبي خارج السياق
حاول المخرج العرقي أن يجد منطقة مشتركة لتلاقي العرض المسرحي مع الطقوس التونسية في الأعراس والأفراح، حتى يتناسب عرضه مع فكرة المهرجان بما يخص "الطقوس" المسرحية، والتي هي فكرة المهرجان الرئيسية، ووجد في القصة الرئيسية للعمل مكاناً قد يُقربه من هذا الهدف، ألا وهو أن "زينة" الشخصية الرئيسية والوحيدة، كانت تحلم بالزواج، ومن هذه النقطة أطلق العنان لرؤيته الإخراجية حتى يضع الطقس التونسي السابق الذكر داخل العرض، ولكنه مع ذلك لم يُوفق كثيراً، وبدا الأمر كأنها مشاهد مقحمة لا مكان لها، خاصة أن العرقي لم يُحسن توزيعها على العمل، كما أنه لم ينجح بتقديمها بشكل صحيح حتى يخلق انسجاماً في الوحدة الواحدة للعرض.
في المشاهد الأولى من العمل التونسي، وأثناء حديث "زينة" عن قصتها مع العزوبية، أو بشكل أدق، سردها لما تُحس به كونها عزباء تعدت الأربعين عاماً، أو كما يُسميها المجتمع بـ"العانس"، ذهب العمل إلى شرح تفاصيل طقوس الأعراس التونسية في جزيرة "جربا"، حتى وصل لأن يكون شرحاً مُفصلاً ابتعد حداً كبيراً عن كونه مسرحياً، فضخّ الكثير من المعلومات عن هذه الطقوس، كأنه يعرضها بمقال مكتوب، أو برنامج وثائقي عن المنطقة، وأطال كثيراً بهذا السرد حتى أصاب الجمهور الضياع والملل باستثناء دخول فرقة تونسية شعبية عزفت بعض هذه الأغاني، حتى ولو كانت بدون أي مبرر درامي لدخولها.
بعد مرور قرابة الساعة أو أكثر على العرض، بدأ العرقي يُدخل الجمهور بأحداث العمل المسرحي، والذهاب أخيراً إلى مقولة العمل المسرحية بدون ذلك العرض المباشر والمُقحم للطقس التونسي في البداية، مقدماً الحالات الدرامية للعمل، وقصة "زينة" الحقيقية التي كانت من المفترض أن تسردها للجمهور قبل ساعة من بدء العرض، وهنا من الممكن أن نقول، أن العرض المسرحي التونسي بدء فعلاً.
البداية الثانية للعرض التونسي
بما أن العمل التونسي كان من نوع المونودراما أي عرض "الممثل الواحد"، فإن الجهد والتركيز بمعظمه ينصب على الممثل الوحيد في العرض وهي الفنانة "منال عبد القوي"، والمخرج منير العرقي، وهنا نجد الكثير الآخر من الحديث الذي قد يطول عنهما.
منال عبد القوي "زينة"
البداية الثانية للعمل، عامودها الأساس هي الفنانة عبد القوي، التي جسدت دور زينة في العرض، والتي بذلت مجهوداً كبيراً طوال ساعتين وأكثر، أثبتت أنها فنانة موهوبة ومحترفة، مُتمكنة بشكل كبير من أدواتها الفنية، قادرة على أن تقدم دراما والكوميديا بالمستوى القوي ذاته، حيث تمكنت من جذب انتباه الجمهور معظم وقت العرض، عبر أدائها وتعاملها مع الشخصية التي كسرت من خلالها الحاجز الرابع للمسرح بينها وبين المتلقي.
جسدت عبد القوي عدداً من الشخصيات التي مرت في حياة "زينة"، خلال سردها للحكاية، كانت خلالها متمكنة وقادرة على الفصل بين هذه الشخصيات، على الرغم من المشاهد القصيرة لذلك وعلى الرغم أيضاً من تشابه التاريخ الدرامي لبعضها، بدون أن يحس المشاهد بأنها تكرر نفسها.
كما هو معروف، شعرة دقيقة جداً بين الكوميديا وبين التهريج، قد يقطعها الممثل خلال أداءه دون أن يدري، ولأن العرض قائم بشكل أساسي على الكوميديا، وقعت عبد القوي بالعديد من الأحيان في هذا الفخ، وقطع الشعرة الفاصلة للتحول إلى التهريج، وربما كان الوقت الطويل الذي استغرقه العرض واحداً من الأسباب المهمة، التي أفقدت عبد القوي هذه السيطرة للخروج إلى هذا المكان المحرم مسرحياً.
منير العرقي ورؤيته الإخراجية
فقد العرقي خلال الجزء الأول من العمل قدرته على إظهار أي رؤية إخراجية، وذلك بسبب ما قدمنا له بأن العمل أقحم الطقس التونسي، واعتمد كثيراً على السرد المباشر بعيداً عن أي حالة مسرحية، لذلك لم يقدم المخرج رؤيته على أكمل وجه، وعلى الرغم من أنه تدارك ذلك في الجزء الثاني من العمل، الذي اعتبرناه "البداية الثانية"، إلا أن ذلك لا يغفر له ذلك، خاصة أنه أضاع وحدة العمل الواحد.
من جهة أخرى، كانت رؤية العرقي الإخراجية ضعيفة بعض الشيء، ولم تكن واضحة، للعديد من الأسباب أهمها اعتماده الكامل على أداء عبد القوي التمثيلي، والذي كان أساسه الحديث عن الجمهور وسرد قصتها، مع القليل من الفعل الدرامي الذي لم يُضف جديداً على العمل بشكل عام.
السينوغرافيا والديكور
لم يساعد العرقي عرضه للعمل في الساحة الرئيسية بدلاً من خشبة المسرح، فيما يخص الإضاءة تحديداً، حيث كانت الإضاءة عامة "جنرال" معظم الوقت، باستثناء حالات قليلة كانت خلال وجود الفرقة الموسيقية لإطفاء ما يشبه أجواء الإحتفال على العمل، الأمر الذي لم يساهم في بناء كامل للحالة الدرامية والإبداعية في العرض، كما أن المساحة الكبيرة للساحة الرئيسية، وأرضيتها الإسمنتية، أعاقت حركة الممثلة وأضعفتها ببعض الأحيان.
أما بما يخص الديكور، فلم يختلف الأمر كثيراً، فأوجد العرقي على الخشبة الكثير من قطع الديكور والملابس التي لم يتم استغلالها خلال العرض، وبعضها لم يتم استغلاله كما يجب، ما خلق نوعاً من الثرثرة المسرحية التي لم تضف شيئاً للعرض بشكل عام.