مما لا شك فيه أن الحب أعظم إحساس في الوجود، ومن أقوى مسببات العطاء والبهجة، ومُفجّرات الطاقة عند الإنسان، ولكن شأنه شأن أي شيء آخر في حياتنا؛ هناك الضفة الأخرى من النهر، وهي عذاب الحب وألمه، وما قد يُسببه من قلق وحيرة، وهناك أسطورة تقول إنه كلما زاد عذاب الحب زاد تعلُّق الشخص والتصاقه بمن يُحب.
وحول هذا الموضوع وكيفية التعامل السليم مع عذاب الحب، تُناقشنا أخصائية علم النفس أفنان العتيبي، والتي تقول: "إن الحب حتى يكون حبًّا حقيقيًّا ويتجلى بشكله السليم، لا بد أن تكون له مواصفات ومقاييس، وهناك عدة استفهامات حول عذاب الحب، هل له لذة يشعر بها المُحب ولا يقاومها ويرغب بها؟
السطور التالية ستوضح إجابة هذا السؤال.. هل يكمن الحب في عذابه؟
بدايةً يجب أن نعي أن هذه الفكرة، موروثٌ خاطئ؛ فالإنسان بطبيعته لا يميل للألم، سواء النفسي أو الجسدي، وينفرُ بالفطرة من أي شيء قد يُسبب له الضيق والحزن، لكن ما يحدث هنا يكون خطأ من بعض الأشخاص في عدم التمييز بين الوفاء أو التمسك بالطرف الآخر، وبين التضحية بالنفس من أجل علاقة غير مُرضِية، ومن مُسبّبات هذا التصرف غير السليم عوامل نفسية كثيرة؛ كالخبرات الأسرية والاجتماعية السلبية، أو قلة النضج والتقليل من الذات، مما يجعل الشخص يتصور أن هذه هي الحياة وهذا هو الحب، برغم أن أساس فكرة الحب مُغايرة لهذا تمامًا؛ فالحب هو مشاركة شخص آخر أفراحه وزيادتها، وأحزانه مع محاولة التخفيف عنه وليس تعذيبه.
كيف نُجنّب أنفسنا عذاب الحب؟
لا يوجد في الدنيا كلها شيء كامل، ولا توجد علاقة مثالية 100%، فبالتأكيد سوف نواجه متاعبَ أو عراقيل في علاقاتنا، وقد نقع في تجربة سلبية تُسبب لنا الألم، وهذا أمر مقبول وطبيعي، ولكن ما هو غير مقبول أن نظلم أنفسنا ونُعاملها بما لا تستحق، فنستسيغ الألم، ونُفني أنفسنا من أجل الآخرين، وتكون النتيجة دائمًا أن تكوني الطرف الخاسر الوحيد في مثل هذه العلاقة، لهذا –عزيزتي- أحبي نفسك أولاً وامنحيها قدرها، وأمعِني النظر في اختياراتك، ولا تقبلي أن تُعرضي نفسك ومشاعرك للعذاب، فإذا أحسستِ ببداية ظلم أو تهاون في حقك، خذي موقفًا حاسمًا وقويًّا، وإذا استمر الوضع ابتعدي عن هذه العلاقة المدمرة، فالإنسان يستحق السعادة والطمأنينة، ولا أحد يستطيع أن ينشر السعادة ويعيش مُستقرًّا وهو تعيس، فحكّمي عقلك وقلبك معًا، ولا تخدعي نفسك أو تُبرري عدم سعادتك في العلاقة بتبريرات واهية، فلنفسك عليك حقّ، وعاملي غيرك كما تُحبي أن تُعاملي، ودائمًا كوني زهرة تنشر شذى الراحة والطمأنينة والسعادة بين المُحيطين بها.