mena-gmtdmp

هل تعيش حياتك كما تحب أم كما يريد الآخرون؟

العيش كما نحب
العيش كما نحب

هل أعيش كما أحب، أم كما يُتوقع مني؟" في عالم تكثر فيه الأصوات من حولنا، أصوات العائلة، المجتمع، وحتى الإعلام، قد يصبح من الصعب تمييز الصوت الذي ينبع من داخلنا. بين الرغبة في إرضاء الآخرين والخوف من الرفض، كثيرون يسلكون طرقاً لم يختاروها بأنفسهم. لكن ما ثمن التضحية بأحلامنا من أجل مقاييس لا تشبهنا؟

العيش كما نحب لا يعني التمرد، بل هو تعبير عن صدقنا مع أنفسنا. هو البحث عن معنى لحياتنا، واختيار ما يعكس قيمنا وطموحاتنا. بينما عيش الحياة كما يريد الآخرون قد يمنحنا القبول، إلا أنه غالباً ما يترك فراغاً صامتاً في أعماقنا.

ماذا يقول علم النفس؟

اختصاصية الصحة النفسية الدكتورة فرح الحر

اختصاصية الصحة النفسية الدكتورة فرح الحر تتحدث حول كيفية اختيار الطريقة التي تعيش فيها حياتك لـ"سيدتي".

هل الطريق الذي تسير فيه هو خيارك الحقيقي؟ أم أنك تعيش بناءً على ما يريده الآخرون منك أهلك، شريك حياتك، المجتمع..وليس بناءً على ما تريده أنت لنفسك؟

هذا السؤال يفتح باب التأمل في مدى أصالتنا مع أنفسنا، ومدى تأثير التوقعات الخارجية على قراراتنا وهويتنا.

الفكرة المحورية هي التمييز بين الحياة التي نعيشها بإرادتنا، وتلك التي نُساق لها لإرضاء الآخرين.
يمكنك متابعة أهمية حب وتقدير الذات للشباب وكيفية تحقيقه

سبب الخوف من عيش حياتك كما تحب

أزمة "الاغتراب عن الذات"

سنتحدث عن أزمة "الاغتراب عن الذات"، وهي حالة يعيشها كثيرون عندما يشعرون أن حياتهم تُبنى على توقعات الآخرين لا على اختياراتهم الشخصية خلافاً عن حب الذات.

منذ الطفولة، يُبرمج الإنسان على تلبية توقعات المجتمع والأهل مثل: كن مهذباً، اختر وظيفة مربحة، تزوج لأن الوقت حان، أنجب أولاداً، كل هذه "الواجبات" تشكل قيوداً على حرية الاختيار، فيعيش الإنسان حياة مليئة بـ"يجب" و"ينبغي"، بينما تُدفن أحلامه الحقيقية بصمت.

السبب في خوف الناس من عيش حياتهم كما يحبون يعود إلى:

  • الخوف من الرفض: لأن الدماغ يربط القبول الاجتماعي بالأمان.
  • البرمجة اللاواعية: من الأهل والمجتمع، التي تدفع الإنسان لإرضاء الآخرين.
  • الشعور بالذنب: من فكرة أن تحقيق الذات قد تسيىء للأهل أو يُظهرهم كأنهم لم يكونوا كافيين.
  • الرضا المزيف عن حياة لا نشعر بالانتماء إليها هو خيانة صامتة للذات.

إذاً غالباً ما يعيش الفرد ضمن إطار مجتمع يفرض نماذج جاهزة لما يجب أن يكون عليه "النجاح" أو "الحياة المثالية".

في هذا الإطار:

  • يُتوقع من الشاب الناجح أن يكون في وظيفة مرموقة.
  • وتُنتظر من الفتاة الناجحة أن تكون مطيعة وتتزوج وفق رغبة أهلها.
  • يُختصر النجاح بالزواج، الإنجاب، ودخل جيد، بغض النظر عما يشعر به الشخص فعلياً.

لكن ما يُغفل تماماً هو أن المجتمع لا يعيش داخل الشخص نفسه:

  • لا يشعر بقلقه.
  • لا يستيقظ على ندمه.
  • لا يعرف صراعاته الداخلية أو خبايا قلبه.

الرسالة الأساسية هي أن مقاييس المجتمع لا تعكس بالضرورة ما هو صحيح أو مُرضٍ للفرد، وأن الانسياق وراء هذه النماذج الجاهزة قد يؤدي إلى اغتراب داخلي عميق

النقاط الرئيسية:

  •  المجتمع يفرض نموذجاً مسبقاً عن الشاب أو الفتاة "الناجحين" (وظيفة مرموقة، زواج، أطفال، دخل جيد).
  •  البنت الجيدة يُفترض أن تكون مطيعة وتنفّذ رغبة الأهل.
  •  يتم ربط النجاح بمعايير خارجية، بغضّ النظر عن الرضا أو الشغف الداخلي.
  •  المجتمع لا يعيش داخل أجسادنا ولا يسمع صوت قلقنا أو ندَمنا، ولا يشعر بمشاعرنا.
  •  الفرد قد يعيش صراعاً داخلياً صامتاً بين ما يريد وما يُتوقع منه.

الرسالة: السير وفق توقعات المجتمع من دون وعي ذاتي قد يؤدي إلى فقدان الذات والشعور بالاغتراب.

كيفية عيش حياة حقيقية تنبع من ذاتنا لا من توقعات الآخرين. الفكرة الأساسية هي أن نتحرر من القيود الخارجية ونعود إلى ذواتنا لنعيش بصدق واتساق مع من نحن فعلاً.

أبرز النقاط:

  • العودة للصوت الداخلي: الاستماع بصدق لأنفسنا والتوقف عن مقارنة ذواتنا بالآخرين.
  • الوعي الذاتي: إدراك أن السعادة لا تأتي من القبول الاجتماعي بل من السلام الداخلي.
  • الحب الحقيقي: من يحبنا فعلاً سيحترم حقيقتنا حتى لو لم يفهمها.

خطوات عملية نحو الذات:

  • سؤال الذات: هل ما أفعله الآن يرضيني أم فقط يرضي الآخرين؟
  • رسم خريطة الذات: ما الذي نحب؟ ما الذي يطفئنا؟
  • تعلم قول "لا" ووضع الحدود.
  • تقليل التشتيت واتخاذ خطوات صغيرة يومية نحو الذات.
  • طلب دعم نفسي عند الحاجة.

ما رأيك الاطلاع على جلد الذات المستمر.. تحديات منذ الصغر، وطرق لتجاوز القيام بذلك

لا أحد سيعيش حياتنا مكاننا. لا أحد سيشعر بوجعنا أو يعرف حالتنا الداخلية. لذلك، لا يجب أن نكون نسخاً مما يريده الآخرون، بل يجب أن نعيش كما نحب لنصبح مصدر إلهام لا نسخة مكررة.