العرض الفرنسي "ليالي الخريف" .. شاعرية النصّ وسطوة الجسد

من عرض ليالي الخريف.jpg
من عرض ليالي الخريف
العاشقة من العرض الفرنسي.jpg
العاشقة من العرض الفرنسي
من الأداء الجسدي في العرض.jpg
من الأداء الجسدي في العرض
مشهد من العمل الفرنسي.jpg
مشهد من العمل الفرنسي
مونولوج لإحدى شخصيات العرض.jpg
مونولوج لإحدى شخصيات العرض
الأداء الجسدي من العرض.jpg
الأداء الجسدي من العرض
مشهد من العرض.jpg
مشهد من العرض
المشهد الختامي من عرض ليالي الخريف.jpg
المشهد الختامي من عرض ليالي الخريف
شخصية الحبيبة من العرض الفرنسي ليالي الخريف.jpg
شخصية الحبيبة من العرض الفرنسي ليالي الخريف
فريق العمل عقب انتهاء العرض.jpg
فريق العمل عقب انتهاء العرض
من عرض ليالي الخريف.jpg
العاشقة من العرض الفرنسي.jpg
من الأداء الجسدي في العرض.jpg
مشهد من العمل الفرنسي.jpg
مونولوج لإحدى شخصيات العرض.jpg
الأداء الجسدي من العرض.jpg
مشهد من العرض.jpg
المشهد الختامي من عرض ليالي الخريف.jpg
شخصية الحبيبة من العرض الفرنسي ليالي الخريف.jpg
فريق العمل عقب انتهاء العرض.jpg
10 صور
الأرض والحبيب والماضي، الشِعر والمطر والمدينة المهجورة التي قتلتها الحرب، الأمل في حياة أكثر سعادة وأقل ألماً، كل هذه مضامين قدمها لجمهور مهرجان "ليالي المسرح الحرّ" الدولي، العرضُ المسرحي الفرنسي "ليالي الخريف"، وهو من تأليف المخرجة والكاتبة اللبنانية المقيمة في فرنسا سيرين أشقر، والتي ترجمته أيضاً إلى اللغة العربية لجمهور المهرجان، وإخراج كل من الأشقر نفسها والفرنسي "ديدييه ماييمبا"، وذلك خلال ثاني أيام الدورة الثالثة عشر من المهرجان، على خشبة المسرح الرئيسي في المركز الثقافي الملكي في العاصمة الأردنية عمان.

الحبيب والأرض والأمل..
عرض "ليالي الخريف"، الذي أدى شخصياته على الخشبة كل من "دانييلو سيكيتش"، "أنابيل آنس"، "فلوغانس فييغ" و"سيدغيك بواغو"، العلاقة بين جسد الحبيب والأرض، وذلك من خلال حكاية امرأة عاشقة تخسر حبيبها، لتقرر بعد ذلك أن تعود إلى الأرض، التي هي أساس كل شيء، لكن رحلتها تعود بها إلى أرض طفولتها الماضية، وتبدأ بالإحساس بكل ما يخصّ ويحدث في تلك الأرض.

وعلى الجانب الآخر كان هناك أراضٍ أخرى تواجه فأس الحرب، ويلم الناس فيها جثث أحبابهم والوجوه التي يعرفوها، ولكن في الوقت نفسه هناك في المكان نفسه آخرون يحاولون العيش بشكل طبيعي على الرغم من ذلك، ما يعد ترميزاً للأمل لدى الإنسان وحبه للحياة رغم جميع المآسي والجراح التي يعيشها في الحرب، لتكون الغلبة في الختام لهذا الأمل، ولقرار الإنسان أنه سيعيش على أرضه ومع من يحب، وأن هذا القرار هو أكبر من كل ذلك الغياب.

وفي تصريح خاص لـ"سيدتي"، قالت مخرجة العمل اللبنانية سيرين أشقر، بأن هذه العرض هو التجربة الأولى لها التي تحاول أن تجمع من خلالها النصّ المسرحي مع الرقص والأداء الجسدي، والذهاب بالعمل إلى مكان تجريبي إلى حد أكبر مختلف عن تجاربها السابقة، تجربة لا تكتفي فقط بالقصة والسرد المسرحي، وهو الأمر الذي اعتبرته الأشقر بمثابة "المغامرة" بالنسبة لها.

وأضافت المخرجة اللبنانية، بأنها عملت مع مصمم الرقصات "كورير ريفر" الذي صمم اللوحات الراقصة في العمل، وحاول كلاهما أن يصنعا مساحتين على خشبة المسرح، الأولى كانت ترمز إلى الغرفة التي جمعت الحبيبين في القصة بالمشاعر الحميمية بينهما، والمساحة الثانية التي كانت ترمز إلى الأرض.

وعن تجربتها في هذه الدورة الجديدة من مهرجان "ليالي المسرح الحرّ" الدولي، عبرت الأشقر عن مدى سعادتها بهذه المشاركة، وأشادت بالتنظيم الجيد للمهرجان، وعلى وجه الخصوص إعجابها بنوعية العروض المسرحية التي تم اختيارها للمشاركة، والتي تتميز بمستوى عالٍ من الإبداع مسرحي.

في التفاصيل ..
النصّ ..
الفكرة الشاعرية في النص، حتّمت على مؤلفته الأشقر، أن تعتمد لغة شعرية عالية، حتى بدت منولوجات وحوارات المؤدين على الخشبة، كأنها قصائد تحكي عن الحب والأرض والبلاد، ولكن بشكل مسرحي ممتزج ومنسجم إلى حد كبير مع الأداء الجسدي الذي كان نصف العمل الآخر، وكانت موفقة بهذا الجانب، وتمكنت على الرغم من ترجمة النصّ عبر شاشة كبيرة خلف المؤدين، أن تلامس الجماهير الذين على اختلاف لغتهم وثقافتهم، إلا أنهم يشتركون حتماً بهذه الحالة الإنسانية.

كان اختيار ثيمة "الخريف" لموضوع العمل، أمراً منطقياً وقد يكون متوقعاً أيضاً، وذلك لما يرمز له الخريف من انتهاء لحياة ما، وموت يجيء بعد حياة مفعمة بالكثير، وخاتمة العمل التي حملت حالة من الأمل في ما سيأتي، تُضاف إلى رمزية الخريف وانتهائه، وقدوم فصل الشتاء الذي يحمل الخير والخصب، مهيئاً الأرض للربيع ولحياة جديدة مرة أخرى.

وربما الموضوع الأهم الذي اختبئ بين سطور العرض ومشاهده، كان الغياب، الغياب بأشكاله العديدة والمختلفة، غياب الحبيب، الذي انطلقت المخرجة من خلاله إلى غيابات أكثر قسوة ومأساة، كغياب من نحب في الحروب عبر الموت أو الفقد، وغياب الأمان والإستقرار، غيابنا نحن أنفسنا عن أراضينا وبلداننا، حيث مزجت الأشقر بغياب الحبيب غياب الأرض نفسها، والتي تمتلئ بالترميزات العديدة، إلى أنها أبقت خيطاً من الأمل في نهاية النفق، بأن كل هذا سينتهي يوماً ما.

الجسد .. لغة العرض الثانية ..
النصّ المكتوب والأداء الجسدي، لغتان مختلفتان تماماً حين يتم عرضهما في أي عمل مسرحي، والجمع بينهما يحتاج إلى الكثير من العمل للوصول إلى نقطة تلاقٍ تجمع هاتين اللغتين، وتمكن مخرجا العرض الفرنسي "ليالي الخريف"، سيرين الأشقر و"ديدييه ماييمبا" من الجمع بينهما، بشكل يجعلهما وحدةّ واحدة بالحفاظ على خصوصية كل واحدة منهما، فكان أداء الجسد أحياناً يحكي ما يعنيه النص، والعكس كان صحيحاً أيضاً.

رغم ذلك، كان في بعض أوقات العرض، ظهور لسطوة الأداء الجسدي على النصّ المكتوب، من خلال الرقصات والأداء الكايوغرافي المتقن الذي قدمه مؤدون محترفون، كانوا قادرين على التعبير من خلال أجسادهم عن فكرة ومضمون العمل، حتى أنه في لحظات معينة، المشهد الراقص كان يسرق الصورة من المونولوج الناطق لمؤدٍ آخر عندما كانا في الوقت ذاته، وربما لاضطرار الحضور إلى تتبع الترجمة، غاب عنهم جزء من المشهدية البصرية والصورة الكاملة بين النص والجسد.

من عين المخرج ..
اعتمد مخرجا العرض على تقسيم المسرح إلى مساحتين مختلفتين، وهما على حسب ما صرحت به الأشقر لـ"سيدتي"، مساحة الغرفة التي كانت تجمع الحبيبين، والأخرى هي الأرض التي عبرت عن عدة أمور في العمل، كـ"أرض الطفولة"، و"أرض الحرب".

في هاتين المساحتين، عمل المخرجين على فصل كل حيز عن الآخر، لتبدو المشهدية البصرية على الخشبة، كأن هناك مشهدين مختلفين، تارة يُكملان بعضهما، وتارة يطرحان موضوعين مختلفين ولكن متعلقين بالموضوع الرئيسي، مع الذكر بأن المساحتين كانتا تتقاطان في عدة مناسبات خلال المسرحية، ولكن رغم ذلك تم الحفاظ على خصوصية كل واحدة منهما، الأمر الذي ساعد المؤدين على العبور من خلال حقبتين زمنيتين مختلفتين، وليس فقط جغرافيتين، واحدة حقيقية وهي الغرفة، والأخرى متخيلة وهي "أرض الخيال".