mena-gmtdmp

صنع في إنجلترا!!

مبارك الشعلان

ذكرت بعض الصحف البريطانية، من مصادر قريبة من رئيس الوزراء البريطاني السابق توني بلير، أن كابتن الطائرة، التي استقلها بلير في أول رحلة له كرئيس للوزراء، طلب منه أن يتوقف عن الكلام على هاتفه الجوال، كما هو معمول به في جميع الطائرات، وكما هو متبع مع أي راكب. وبعد أن بدأت الطائرة في التحرك أعاد الكابتن الطلب، إلا أن رئيس الوزراء استمر في الكلام، فقال الكابتن: «لا يهمني مع من تتكلم، حتى لو كنت تتكلم مع جلالتها أغلق الخط».

فرد بلير: بالضبط أنا أتكلم مع جلالتها؛ ويقصد الملكة إليزابيث الثانية

فرد الكابتن: هذا لا يعفيك من إغلاق الهاتف!

هذه الحادثة تعتبر من أساطير ألف ليلة وليلة في الوطن العربي، فلو كانت حدثت مع أي رئيس عربي لما انتظر حتى تهبط الطائرة؛ لكي يرمي بهذا الكابتن الخائن إلى دهاليز السجون؛ ليرى أصنافاً من العذاب جراء ما اقترفته يداه بحق الرئيس، وبحق تطاوله على رمز من رموزه و«عم من أعمامه»، ولأن هذا الإجراء يحتاج إلى وقت طويل لكي تهبط الطائرة، لكلّف حرسه الشخصي بممارسة دورهم ورميه من الطائرة، باعتبار أن جثته «عفنة» لا تستحق حتى أن توارى بالتراب! ولكنها روح الديموقراطية الإنكليزية؛ التي ارتضت أن تجعل بنت «البقال» مارغريت تاتشر تحكم بريطانيا العظمى بجلالة قدرها، في حين أن «الملكة» سليلة الملوك والأمراء تتفرج!

الأمر الآخر في خبر بلير، الذي تبثه وكالات الأنباء العالمية، أنه لا يزال يحتفظ برقم هاتفه الجوال منذ نجاحه في الانتخابات؛ أي أنه احتفظ بأصدقائه وناخبيه لأكثر من 10 أعوام، وهو الشيء الذي لم يفعله أي سياسي عربي؛ لأنه بمجرد أن يفوز «يغيّر» كل شيء في حياته؛ بدءاً من رقم تلفونه، ومروراً بناخبيه، وانتهاءً بأصدقائه؛ لأن أجندة التلفونات القديمة والأصدقاء القدامى عبئان على السياسي الجديد، الذي يحاول أن ينظف و«يتنظف» من كل شيء قديم، فوضعه الجديد يتطلب أن يكون نظيفاً جداً؛ استعداداً لمرحلة جديدة يحتاج فيها إلى كثير من النظافة؛ لأنه سيتسخ جداً بعد ذلك!

الفرق بين ما يحدث مع أي سياسي عربي وبين ما حدث مع توني بلير، هو أن الأول صناعة عربية، والثاني صناعة إنكليزية

هذه هي الديموقراطية العربية... وهذه هي الديموقراطية الإنكليزية!!

شعلانيات:

 الأمس هو شيك تم سحبه، والغد هو شيك مؤجل، أما الحاضر فهو السيولة الوحيدة المتوفرة؛ لذلك علينا أن نصرفه بحكمة

  لا يجب أن تقيس نفسك بما أنجزت حتى الآن، ولكن بما يجب أن تحققه مقارنة بقدراتك.

 الديموقراطية عند البعض مثلما هي عند كثير من الديموقراطيين؛ للعرض فقط!!