آخر زعماء المافيا لا يزال طليقاً.. والشرطة تعدّ القبض عليه "مسألة شرف"

عصابة كوزا نوسترا
رسم يعبر عن العصابة الأقوى في إيطاليا
تعبيرية
الصورة الوحيدة لماتيو ميسينا دينارو
5 صور

المافيا.. كابوس الأجهزة الأمنية في كل مكان في العالم، والذي يتتبع حكايات رجالها ورؤسائها، يُدرك أن ما قدمته لنا الأفلام التي تحاكي هذه القصص، ما هي إلا أشياء بسيطة وعادية أمام ما يفعله هؤلاء المجرمين في الحياة الحقيقية، وربما من أكبر الأمثلة عليهم، الإيطالي "ماتيو ميسينا دينارو"، البالغ من العمر 56 عاماً، وهو واحد من أشهر رجالات المافيا في الوقت الحاضر، والذي يعتبر آخر عرابي المافيا الصقلية الشهيرة المعروفة بـ"كوزا نوسترا"، التي يمتد تاريخها إلى فترة القرن التاسع عشر في الجزيرة الإيطالية، والذي كان قد تم انتخابه بالإجماع زعيماً لمافيا صقلية عام 1990، حيث أصبح "دينارو" حديث الإعلام في البلاد مؤخراً.

وكان "ماتيو ميسينا دينارو"، الفار من وجه العدالة منذ قرابة الـ 28 عاماً، قد عبّر في الآونة الأخيرة عن قلقه جراء ما يحدث لمنظمته الإجرامية القديمة، من خلال كتابة رسالة بخطه يده الشخصي عُثر عليها بالصدفة، جاء فيها: "لقد اعتقلوا من لدي بهم اتصالات وبدائلهم وبدائل بدائلهم"، وذلك بحسب ما نقلته عدد من وسائل الإعلام في إيطاليا.

وفي مقابلة نادرة للغاية، أجراها العقيد "روكو لوبان"، مع صحيفة "لوفيغارو" الفرنسية، وهو من كانت قد كلفته السلطات الإيطالية بتعقب "دينارو"، قال فيها إن الخناق قد شُدد أكثر على هذا الرجل الذي أصبح رمز لـ"المافيا الصقلية"، وأضاف العقيد أن رجاله يمارسون "سياسة الأرض المحروقة من حول "دينارو"، وعاجلاً أم آجلاً سيتم القبض عليه"، وتابع أن "المسألة أصبحت.. مسألة شرف".

وأكد العقيد "لوبان"، أن رجاله في الشرطة الإيطالية، يقومون كل خمسة إلى ستة أشهر بالقبض على عدد يتراوح بين العشرين إلى الثلاثين شخصاً من المشتبه بهم في المافيا، ويعملون على مصادرة ممتلكاتهم أيضاً، مشدداً على أن رجاله "لا يتركون لهؤلاء وقتاً لالتقاط أنفاسهم، بل يتبعون كل جولة اعتقالات بأخرى مماثلة".

وقد بدأت السلطات الإيطالية تعقب "ماتيو ميسينا دينارو"، منذ لحظة انتخابه زعيماً للمافيا خلال العام 1990، ولم تتمكن أبدا من القبض عليه منذ ذلك الوقت، أي ما يقارب الـ 28 عاماً متواصلة من الفرار، ليكون بذلك زعيم المافيا الوحيد الذي لم يذق حتى الآن طعم السجن، وهو أمر نادر جداً في عالم عصابات المافيا.

وأوضح العقيد "لوبان"، بما يخص الإجراءات المشددة التي يتخذها زعماء المافيا لتفادي رجال الأمن الذين يتعقبونهم، قائلاً: "عندما يجتمع هؤلاء الزعماء لا يتحدثون إلا قليلاً جداً، بل ربما يكتفون بمحاكاة التحدث دون النطق بالكلمات، أما داخل السيارات فإنهم لا ينبسون ببنت شفة ويضربون مواعيدهم مستخدمين التمويه وبعيداً عن السيارات".

ومؤكداً العقيد "لوبان"، أن الصعوبة الكبيرة للمحققين في تعقب هذا الرجل، تكمن في أنهم لا يمتلكون أي صور حديثة له، فالصورة الوحيدة الموجودة له تعود إلى عام 1993، كما أن المعلومات المتوفرة حوله تتسم بالتناقض دائماً ولا توصل إلى أي شيء، حتى أنهم لا يعرفون إن كان لا يزال في صقلية من الأساس، لكن ثمة من يرى أنه هاجر إلى "كالابريا" أو إلى خارج البلاد، كما يتحدث البعض عن إجرائه جراحة تجميلية ليطمس المعطيات المتوفرة حوله ويشوش على من يلاحقونه.

وفي تقرير نشرته الصحيفة أن "السلام المافيوي" – أي فترة الخمود في صراعات عصابات المافيا- الذي يعم إيطاليا منذ سنين، والذي حدث بعد موجة الاغتيالات والقتل التي شهدتها حقبتي ثمانينيات وتسعينيات القرن الماضي، تشير إلى أن "دينارو" يسيطر على منطقته جيداً.

ومن جهة أخرى، لا يتفق العقيد روكو لوبان" مع هذه الترجيحات، إذ يرى أن الاعتقالات التي طالت العديد من عناصر المافيا - والتي لم تقابل بأي مقاومة تذكر - تدل على أن المافيا الصقلية حالياً تحت ضغط شديد وفي وضع لا تحسد عليه.