اختار ديمنا أن يقول كلمته الأخيرة في دار بالنسياغا Balenciaga لا بصخب، بل بأداء رصين وعرض راقٍ حمل توقيعه المميز. لم يكن الحدث مجرد عرض أزياء راقية، بل لحظة فنية مسرحية، تمثل ختام مرحلة مؤثرة من التعاون بين المصمم الجورجي والدار الفرنسية التي شهدت خلال السنوات الماضية تحولات لافتة تحت قيادته.
تصاميم من أرشيف بالنسياغا

في قصر فخم تنبعث منه لمسات الكلاسيكية، خيَّم جو شاعري على العرض؛ إذ بدا كل تفصيل وكأنه يروي حكاية خاصة من أرشيف بالنسياغا، مع طبعات واضحة من لمسات ديمنا المتمردة. الإضاءة الخافتة، والموسيقى التي تحاكي التنفس، والتصاميم المنحوتة بأيدٍ خبيرة، كلها عناصر اجتمعت لتشكل مسرح وداع ذكي ومتقشف.
النجوم حاضرون ولكن.. الحديث كان للأزياء

مع أن السجادة الحمراء شهدت مرور وجوه معروفة في عالم الفن والموضة، مثل نيكول كيدمان، كاردي بي، وليزا رينا؛ فإن العيون ظلت مشدودة إلى المسرح حيث اللغة البصرية كانت أبلغ من أي حضور. إطلالة كيم كارداشيان، التي جسدت بها أيقونة العصر الذهبي إليزابيث تايلور، لم تكن مجرد لحظة أزياء، بل رمزاً لمزج القديم بالمعاصر، أحد أبرز سمات ديمنا في عمله.
لغة خياطة عالية.. بتوقيع لا يخطئه أحد

العرض لم يتخلَّ عن حِرفية ديمنا العالية التي اتكأت على الخيال والهندسة البصرية. من الكتفين المرتفعتين بشكل مبالغ فيه إلى فساتين تبدو منحوتة أكثر من كونها مخيطة، جاءت المجموعة كاستعراض لمخزون ذاكرة المصمم الذي لم ينفصل يوماً عن الشارع مع أنه عمل في قلب الرفاهية.
أحد أبرز التصاميم حمل طابعاً مسرحياً بأكتاف ضخمة تتحدى التوازن، فيما ظهرت أخرى كأنها امتداد طبيعي لأجساد عارضيها، في مفارقة متعمدة بين المبالغة والبساطة.
ما وراء الخشبة: معرض يختصر سيرة فنية

على هامش العرض، افتتح ديمنا معرضاً خاصاً بعنوان بالنسياغا على يد ديمنا داخل مبنى تابع لمجموعة Kering هناك سرد حكايات كل قطعة، وتحدث للزوار عن فلسفته ومصادر إلهامه، مؤكداً أن تصميم الأزياء ليس فقط ذوقاً بل حالة فكرية. كان ذلك المعرض بمنزلة رسالة أخيرة إلى جمهورٍ تعلق به، وإلى دارٍ احتضنت تطلعاته.
وداع بلا دموع... فقط احترام
ما ميز هذا الوداع هو صمته؛ لا خطابات، لا تصفيق حاد، فقط لحظة تأمل واختفاء تدريجي لرجل أعاد تعريف الموضة الراقية من منظور ثقافة البوب والحياة اليومية. حتى الموسيقى التي رافقت العرض كانت تسجيلاً حقيقياً لأصوات فريق عمل بالنسياغا وهم ينادون بعضهم بعضاً.

من بالنسياغا إلى ما هو قادم

بقدر ما كان العرض توديعاً، فإن المصمم أعلن أن رحلته المقبلة الى دار غوتشي لن تكون تكراراً، بل استكمالاً لمسار بدأه منذ دخوله إلى عالم الموضة، حيث لا قواعد ثابتة سوى الإبداع.
