طالما افتتن عالم الموضة بالسيارات، فهذا الترابط بين العالمين بات أقوى في الآونة الأخيرة، بدليل سلسلة التعاونات الراقية التي جمعت دور الأزياء العالمية بماركات السيارات الفخمة، والأمثلة كثيرة فهناك الشراكة التي جمعت أليس أند أوليفيا Alice & Olivia الجديدة مع شركة فورد برونكوFord، وشراكة المصمم تومي هيلفيغر Tommy Hilfiger الذي تكفل بتنفيذ أزياء فيلم الفورمولا 1 القادم من بطولة براد بيت Brad Pitt ودامسون إدريس، ناهيك عن شراكة الأخير مع فريق كاديلاك Cadillac للسباقات.
فلطالما كانت العلاقة بين الموضة وصناعة السيارات قائمة، لكنها الآن تشهد تقارباً أكثر من دائرة الضوء. ومؤخراً تعاونت كل من فيراغامو Ferragamo وبورشه Porsche، لإنشاء طرازين حصريين للاحتفال بالذكرى الأربعين لـ Porsche Italia، وهما سيارة Porsche 911 Carrera 4 GTS وسيارة Taycan 4S، اللتان ستتوفران حصرياً للسوق الإيطالي. لقد رغبت بورشه إضافة لمسات فنية من الدار الإيطالية المشهورة بالحرفية اليدوية وعنايتها بالتفاصيل المتقنة، وهي القواسم المشتركة بين العلامتين، فالرفاهية تكمن في تفاصيل منمقة لا تبدو للعين للوهلة الأولى، ولكنّها تصنع الفرق، وترتقي بالتصميم الى مستوى آخر.
الأسباب الحقيقية وراء شراكة المصممين مع ماركات السيارات العريقة
منذ 50 عاماً، تعاونت شركات السيارات مع مصممي الأزياء، ويعود تاريخ هذه الروابط الى الستينيات عندما نظم بيار كاردان Pierre Cardin عرضاً من وحي سيارة جاغوار Jaguar في أكتوبر 1963، وفي أواخر السبعينيات استعانت شركة فورد موتور بمصممين مبدعين مثل بيل بلاسBill Blass، وأوبير دي جيفنشي Hubert De Givenchy، وإميليو بوتشي Emilio pucci. ولا ننسى دار كارتييه Cartier التي تعاونت مع شركة لينكولن. وفي غضون ذلك، لجأت كاديلاك Cadillac إلى غوتشيGucci، بينما لجأت لامبورغيني Lamborghini إلى فيرساتشي Versace، ومازيراتي إلى إرمينيجيلدو زينيا Ermengildo Zegna، وبوغاتيBugatti إلى هيرميسHermes. هذه الاستراتيجية الرابحة تلقى رواجاً بين الطرفين، ليس فقط لكونها تساهم في تحسين التصميم بل لأنها تعتبر استراتيجية تسويقية مربحة، تساهم في الترويج لصورة العلامتين وفي توسيع الانتشار بين هواة هذين العالمين المتقاربين.
مما لاشك فيه أنَ سلسلة التعاونات الرابحة التي تكلّمنا عنها دفعت بشركات المعارض إلى تنظيم عرض بعنوان Fashion & Cars في 19 يوليو الماضي في متحف لوماي أمريكا للسيارات.
لطالما ارتبطت العلامات التجارية الفاخرة مع رياضة السيارات. شهدت السبعينيات طفرة في الشراكات بين المصممين وشركات صناعة السيارات، من تعاون بيير كاردان Pierre Cardin مع شركة سوبارو Subaru إلى التعاون الأنيق الذي جمع دار غوتشي Gucci بسيارة كاديلاك، ودار كارتييه للمجوهرات العريقة وعلامة لينكولن. لكن هذه الروابط لم تقتصر على منصات العرض فقط، ففي مجموعته لربيع 1992، هزّ المصمم الراحل تييري موغلير Thierry Mugler عالم الموضة بسترة الدراجات النارية المزوّدة بحزام جلدي ومرايا جانبية. وفي عام 2015، قدم المصمم المبدع جيريمي سكوت Jeremy Scott عرضاً رائعاً مليئاً بالفقاعات، أشبه بعروض الأزياء على منصات العرض، ضمن عرض أزياء موسكينو Moschino النسائي الجاهز في ميلانو، وكشف النقاب عن مجموعة أزياء رجالية مستوحاة من الدراجات النارية.
في الآونة الأخيرة، دفعت الشعبية الواسعة والمفاجئة لسباقات الفورمولا 1، بدعم من نجم حلبات السباق لويس هاميلتونLewis Hamilton العلامات التجارية الفاخرة إلى تعزيز هذا التعاون بين العالمين. وفي عام 2023، صممت دار شانيل Chanel قميصاً مستوحى من سباق السيارات ضمن مجموعة كروز، مما دفع عشاق الفورمولا 1 ومؤثري الموضة على حدّ سواء إلى التهافت لشرائها.
بالنسبة لمصمم مثل تومي هيلفيغر، الذي يحرص على حضور غراند بري فورمولا وان في إمارة موناكو مع زوجته، لطالما جسدت حلبة سباق السيارات جوهر الأسلوب الأمريكي البسيط، لذا بدا التعاون مع كاديلاك في تصميم طقم الفريق الرسمي طبيعياً.
يرى هيلفيغر أن رياضة السيارات تُمثل مجالاً جديداً للأزياء للتواصل بين مختلف الصناعات، مُعيداً تعريف الأناقة في سياق جديد، ومُستفيداً من التوجه الصاعد نحو "الترفيه في عالم الموضة". ويوضح قائلاً: "رياضة السيارات اليوم تتجاوز مجرد سباقات السيارات، إنها حركة ثقافية عالمية تجمع بين الرياضة والموضة والترفيه والابتكار. ومع استمرار تداخل الخطوط الفاصلة بين الرياضة والأناقة، فإن الفرص في هذا المجال لا حدود لها".
وانطلاقاً من هنا يمكننا فهم السبب الذي كان يدفع بالدور العريقة إلى توطيد علاقاتها مع نجوم سباق السيارات، وخاصة دار لويس فويتون التي كانت ترتبط بعلاقة قوية من خلال مصممها في العام 2017 كيم جونز مع لويس هاميلتون.
تتجه علامات تجارية أخرى إلى ما هو أبعد من الفورمولا 1. تعاونت أليس + أوليفيا Alice & Olivia مع برونكو لإطلاق مجموعة حصرية تُقلب مفهوم السيارات الرجالي التقليدي رأساً على عقب، مُحاكيةً رحلة سيدني سويني عام 2022 في إعادة بناء سيارتها برونكو موديل 1969.
أبرز التعاونات بين السيارات وعالم الموضة عبر السنوات
غوتشي × فيات:
تُعدّ سيارة فيات 500، المُستوحاة من ماركة غوتشي، مثالاً بارزاً على التعاون الناجح في عالم الموضة والسيارات، حيث تجمع بين السيارة الإيطالية الشهيرة وأسلوب غوتشي الممهور بلوغو الدار والشريط المزدان بالخطوط الحمراء والخضراء.
هيرميس × بوغاتي:
تتبرز لمسة هيرميس على سيارة بوغاتي لتجسّد الفخامة والحرفية اللتين تُميّزان كلتا العلامتين التجاريتين، مما أدّى الى إنتاج سيارة حصرية ومُخصصة للزبائن النخية.
مرسيدس بنز × فيرجيل أبلوه:
أعاد المصمّم الراحل فيرجيل أبلوه Virgil Abloh تصميم سيارة مرسيدس-مايباخ وهي تجسد مثالاً آخر على التعاون الذي يجمع بين الموضة الراقية وتصميم السيارات.
بورش × إيمي ليون دوري:
يُضفي هذا التعاون منظوراً جديداً على كلتا العلامتين التجاريتين، مع التركيز على التصميم وتقدير مُشترك للتفاصيل.
لامبورغيني وبالنسياغا:
كما تعاونت كل من لامبورغيني وبالنسياغا، وعبّرت عن التناغم بين الموضة الراقية وتصميم هيكل السيارات.
بي إم دبليو × كيث:
يُظهر هذا التعاون كيف يُمكن لعلامات الأزياء أن تُضيف لمستها الفريدة إلى هذا الخط الشهير من السيارات.
لاند روفر × بول سميث:
أثمرت هذه الشراكة عن سيارة لاند روفر ديفندر جريئة ونابضة بالحياة بتصميم فريد يزدان بلوغو الدار المخطط الزاهي بألوانه.
بيجو 205 لاكوست:
مزج هذا التعاون بين بيجو ولاكوست وتم ربطه بعالم التنس وترافق مع تصميم خاص لسيارة بيجو 205.
كروم هارتس × رولز رويس:
يُظهر تعاون دريك مع كروم هارتس ورولز رويس في تصميم طراز كولينان مُخصص كيف يُمكن لعلامات الأزياء والسيارات أن تُلبي الأذواق والتفضيلات الفردية.
تُظهر هذه التعاونات التوجه المتنامي لعلامات الأزياء والسيارات للتعاون لابتكار منتجات فريدة ومميزة تجذب جمهوراً أوسع. كما تُبرز كيف يُمكن لهذه الشراكات توسيع نطاق وصول العلامة التجارية، وخلق تجارب فريدة، ودخول أسواق جديدة. انطلاقاً من هنا، يمكننا فهم كيف تعاونت إي بي إل وماكلارين لابتكار حذاء رياضي، يمزج بين هندسة السيارات وتصميم الأحذية.
السيارات وجيل Baby Boomers .. كيف نواكب جيل الشباب؟
تواجه شركات صناعة السيارات أزمةً حقيقية: فالذين يستطيعون إنفاق مبالغ طائلة وربما مئات الآلاف لشراء سيارة فاخرة يتقدمون في السن، ولا يقودون سياراتهم كثيراً، بينما تُظهر العديد من الدراسات الحديثة أن أبناء جيل الألفية، في بعض الحالات، يشترون سيارات جديدة أقل - أو سيارات أرخص. يبدو أن أيام العشرينيات من العمر قد ولّت عندما كان الشباب يتوقون لامتلاك سيارة "رائعة" بمجرد حصولهم على وظيفتهم الأولى. ففي تلك الفترة كان المصمم بول بواريه ينظم بعض عروضه بالتعاون مع شركات تصنيع السيارات، كما في العرض الذي نظمه في لندن، في 1 سبتمبر 1919.
بينما تواصل شركات تصنيع السيارات الرياضية الفاخرة، مثل مازيراتي ولامبورغيني وفيراري، التعاون مع علامات تجارية فاخرة مثل زينيا ويوجي ياماموتوYohji Yamamoto وجيورجيو أرمانيGiorgio Armani، تتجه شركات تصنيع سيارات أخرى، حتى باهظة الثمن منها، نحو فئة أخرى من المصممين: جمهور أزياء الشارع. في الصيف الماضي، تعاونت مرسيدس-بنز مع فيرجيل أبلوه، مؤسس علامة أوف-وايت والمدير الإبداعي لأزياء لويس فويتون الرجالية، للكشف عن نموذج سيارة تجريبية طبق الأصل - مشروع جيليندواجن - صممه لمرسيدس-بنز. بيعت سيارة الدفع الرباعي الفاخرة من الفئة G، التي أُعيد تصميمها كقطعة فنية مغطاة بالجبس، بمبلغ 160 آلاف دولار في مزاد علني في أكتوبر.
تابعي المزيد عن ألوان الملابس التي تناسب البشرة السمراء.. دليلكِ لاختيارٍ موفَّق
خلاصة
يشكل عام تلقى هذه الخطوات ترحيباً من المصممين العالميين انطلاقاً من عشقهم لعالم السيارات المرفهة ومنهم ديان فون فورستنبيرغ، رالف لورين وجيورجيو أرماني وتومي هيلفيغر وغيرهم، فيما تأمل شركات السيارات أن تحفز هذه التعاونات مُحبي أزياء الستريت ستايل على النظر إلى عالم السيارات من منظور جديد، أو، إذا لم يكونوا في سن القيادة، أن يُشجعوا آباءهم على شراء سارات فخمة. وإذا لم يكن جيل الألفية أو الجيل زد قادراً على شراء سيارة فخمة، فتأمل شركات السيارات هذه أن يقبل هذا الجيل على الأقل على البدء باقتناء سترة هودي فاخرة أو قطعة ملابس أخرى تحمل شعارها لتعزيز صورة العلامة التجارية، ليقبل بعد حين حتى على شراء سيارة مميزة.
