لم يكن تصنيف فيفيان ويستوود Vivienne Westwood بوصفها واحدة من أكثر الفنانين تأثيراً في بريطانيا خلال الخمسين عاماً الماضية من فراغ؛ فقد كان ذلك نتاجاً لمشوارها الحافل بالفن المغلف بالجنون، فهي واحدة من محترفي فن الخروج على المألوف، ووجود ماركتها ضمن جدول اليوم الافتتاحي لأسبوع الأزياء في الرياض هو حدث بحد ذاته، يدفعنا إلى الغوص في تاريخها الذي أثرت به مشهد الموضة البريطاني عبر تصاميمها المتسمة بالغرابة.
هي رائدة أسلوب البانك المستوحى من موسيقى تحمل الاسم نفسه الذي اشتهرت في السبعينيات والثمانينيات والمرتكز على الدمج غير المتوقع للخامات والطبعات، وأبرز سماته طبعة الترتان وجلد اللاتكس والملابس الممزقة أو المنفذة بتقنية التفكيك، هي مصممة سابقة لعصرها، كرست للإرث البريطاني بطابعه الفيكتوري من زاوية جريئة لم ينافسها فيها أحد؛ فغرابة تصاميمها كانت السبب الرئيسي وراء شهرتها الواسعة والدافع لانضمامها إلى أسبوع الموضة اللندني في عام 1981.
موهبة متفردة مدفوعة بمسؤولية اجتماعية وبيئية

لم تكن فيفيان ويستوود مجرد مصممة أزياء تملك متجراً وتعرض في الأسبوع اللندني؛ فقد عكست روح التمرد السائدة في بداية السبعينيات، والمدهش أنها كانت سباقة في تبني أفكار الاستدامة عبر تصاميمها، حتى إنها كانت تدعو للحد من الشراء في زمن لم تكن فيه المشاكل البيئية متفاقمة إلى الحد الذي هى عليه الآن، لقد كانت ويستوود نموذجاً للمصمم الذي يحمل قضايا مجتمعه، وتجلى ذلك في عروضها التي أضحت بوصلة لعشاق الموضة في بداية التسعينيات.
وُلدت فيفيان ويستوود في 8 من إبريل عام 1941، ودرست صناعة الحلى الفضية في سن مبكرة، وفي عام 1971 افتتحت متجرها في "ليت إت روك" في شارع كينجز في تشيلسي بلندن بالتعاون مع مالكولم ماكلارين، أما انطلاقتها الحقيقية في عالم صناعة الأزياء كانت في عام 1981 عندما كشفت عن أولى مجموعتها ضمن أسبوع الموضة في لندن، لتتوالى عروضها المميزة وتتحول في بداية التسعينيات إلى علامة فارقة تجذب محبي الموضة الإنجليزية المتمردة، وخلال رحلتها قدمت فيفيان ويستوود تصاميم أيقونية تستحق الوقوف عندها سنكشف لك أبرزها في السطور التالية.
أنماط إنجليزية ميزت مجموعات فيفيان ويستوود

ارتبط اسم فيفيان ويستوود بالأسلوب الجريء في إعادة صياغة الأزياء البريطانية التقليدية؛ فبرعت في استخدام تويد هاريس ونقشة الترتان في تنفيذ أزيائها المستوحاة من موسيقى البانك، وظهر ذلك بشكل واضح في مجموعة القراصنة Pirate collection لخريف وشتاء 1981 – 1982 التي ضمت سترة Buccaneer الشهيرة، ظلت طبعة الترتان حاضرة في عروضها عبر السنين حتى إنها افتتحت بها عرض ربيع وصيف 2014 حيث ظهرت العارضة بفستان تفكيكي بتوب على طراز القميص موصول بتنورة دانتيل خضراء تظهر البوت الـ Safety المنقوش أسفلها، لقد جاءت تعبيراً عن نهج ويستوود الجريء في صياغة الأزياء اليومية.
تنورة ميني كريني القطعة الأيقونية في مشوار ويستوود

بالغوص في عالم فيفيان ويستوود الساحر لا بُدَّ أن نتذكر تنورة ميني كريني Mini Crini التي أدرجتها في مجموعة تحمل الاسم نفسه في عام 1985، التنورة القصيرة ذات التصميم المنفوخ حملت طابعاً فيكتورياً أكسبها شهرة واسعة حينذاك، وحولها إلى تصميم خالد أحيته المصممة الإنجليزية في مجموعاتها اللاحقة، حتى إن تأثيرها وصل إلى مجموعة ربيع وصيف 2025 حيث أطلت العارضات بفساتين مزخرفة تحتضن قصتها منطقة الخصر مزودة بتنانير منفوخة يمكن فصلها بسهولة عن التصميم.
ويستوود تحول الكورسيه إلى زي نهاري

لم تنحصر جرأة فيفيان ويستوود في الأفكار ومصادر الوحي فقط، بل في قدرتها على إعادة تعريف الأزياء النسائية بشكل غير متوقع؛ فمن كان يتخيل أن يتحول الكورسيه الذي كان جزءاً من الملابس الداخلية في القرن الثامن عشر إلى قطعة يومية تُرتدى بكل أناقة، لقد فعلتها المصممة الإنجليزية في مجموعاتها الراقية في أواخر الثمانينيات، وظل هذا النمط سائداً على منصات عروضها خلال التسعينيات وصولاً إلى الألفية الثالثة، وهنا نتذكر الفستان الأسود ذا الحمالات العريضة والتنورة المنفوخة التي مشت بها العارضة في مجموعة ربيع وصيف 2015.
قد ترغبين في التعرف إلى الصيحات الجمالية العصرية من أسبوع الأزياء في الرياض 2024
الفساتين الدرامية جزء أصيل من عروض فيفيان ويستوود

منذ أن أطلقت المصممة الإنجليزية مجموعة "النساء لا يعرفن كل شيء عن الكوكوتيري" في عام 1996 المستوحاة من أعمال رسام الروكوكو الفرنسي أنطوان واتو Antoine Watteau والفساتين الدرامية المرتكزة على الكشاكش والمصنوعة من الحرير والتفتا لم تفارق مجموعتها، لقد استحضرتها بشكل أقل جرأة في مجموعة ربيع وصيف 2018 حيث تألقت إحدى العارضات على المدرج بفستان أحمر منفذ بحواف مكشكشه ومنسق مع صندل موصول برباط يلف الكاحل، إطلالة أعادت إلى الذاكرة الفساتين الخالدة المستوحاة من إطلالات النساء في القرن الثامن عشر.
واليوم ونحن ننتظر بكل شغف العرض الأول للماركة الإنجليزية في الشرق الأوسط ضمن فعاليات أسبوع الأزياء في الرياض 2025 نتوقع أن نرى مجموعة استثنائية، كان قد صرح "كارلو داماريو"، الرئيس التنفيذي لدار "فيفيان ويستوود" أنها ستُمثل ثمرة تعاون يجمع خبرة فريق الأزياء الراقية لديهم مع المهارة الحرفية الرفيعة للحرفيين السعوديين المحليين حيث من المفترض أن يُقام هذا العرض وبالتعاون مع "فنون التراث" الثقافية المعنية بصون إرث المملكة العربية السعودية في مجال الحرف التقليدية.
لا يفوتك التعرف إلى جدول أسبوع الأزياء في الرياض 2025