في اليوم العالمي للإذاعة .. "البودكاست إذاعة العصر"

فتاة تقدم برنامجاً إذاعياً عبر البودكاست
البودكاست ما هو إلا برامج إذاعية حسب الطلب تبث عن طريق الإنترنت

لم يستطع عصر الرقمنة أن يغيّب الإذاعة كما فعل مع الكثير من تقنيات القرن الماضي وآلياته، والتي عُدّت بوقتها طفرة وسابقة توقف عندها الزمن. وإنما استطاعت الإذاعة التماهي بل والاندماج مؤخراً مع صرعات العصر وتكنولوجياته، بوسائله التواصلية ومواقعه الإلكترونية وتطبيقاته التفاعلية، وحتى قنوات بث المحتوى، عقب سنوات من التراجع عانت منها الإذاعة بثمانينيات وتسعينيات القرن الماضي، وتوقّع كثير من المحللين اختفاء الإذاعة في زخم الإمكانيات التكنولوجية للألفية الجديدة؛ فقد أُعطيت الإذاعة أنفاساً للحياة تجددت مع أوائل أجهزة الراديو الرقمية، التي يتم بثها عبر الإنترنت، وصولاً إلى البودكاست وما أحدثه من تغييرات جذرية في صناعة الراديو التقليدية. فما هو البودكاست، وكيف تحوّل لإذاعة العصر؟

البودكاست ميراث البرامج الإذاعية التقليدية

البودكاست ما هو إلا برامج إذاعية حسب الطلب تبث عن طريق الإنترنت


بحسب موقع historiansplaining.com، ظهر مصطلح البودكاست، وهو الميراث الأكثر مباشرة للبرامج الإذاعية في بداية العقد الأول من الألفية الجديدة، بفضل الصحفي بن هامرسلي الذي مزج بين المصطلحين pod (والذي يعني المشغل المحمول) وهو مشتقّ من جهاز الـiPod، والذي قدّمته شركة Apple، وCast تعني البث (الانتشار) المأخوذة من كلمة الإذاعة (Broadcast)، وتحدّث عن "ثورة مسموعة" ناشئة من صوت الهواة، وكان ذلك بالعام 2004، ويُعَد هامرسلي أول من أطلق على الإذاعة الناشئة هذا الاسم "البودكاست".
وفي واقع الأمر؛ فإن مقدِّم البرامج الإذاعية والصحفي والمدوّن الصوتي (الأمريكي من أصل هولندي) آدم كاري Adam Curry، هو أول من أضاف ملفات صوتية إلى ملف RSS، وقرر إنشاء برنامج لإدارة تلك الملفات، وأطلق عليه اسم iPodder؛ نسبة إلى مشغل الموسيقى المحمول الموجود في جهاز iPod، وقد كان أول بودكاست على الإطلاق، Morning Coffee Notes (RSS) تم إعداده بواسطة ديف وينر. وتم إصداره في 11 يوليو 2004.
لاحقاً، بدأت تطبيقات مثل iTunes وSpotify في إعطاء مساحة لهذه المحتويات، وابتداءً من عام 2015، حقق البودكاست طفرة كبيرة على هذه المنصات.. تعَد ملفات البودكاست اليوم من بين المحتوى الصوتي الأكثر شيوعاً على الإنترنت؛ حيث يوجد الآن أكثر من 550 ألفاً من البودكاست النشط على الإنترنت، وهو في نموّ سريع؛ حيث يمتد لأكثر من 100 لغة مختلفة من جميع أنحاء العالم.
يلقى البودكاست شعبية كبيرة في الدول الغربية ويقدمه متخصصون أو هواة، على أن البودكاست في العالم العربي في تطوّر مستمر.

ما هو البودكاست؟

"مقدمو البودكاست" هؤلاء هم المسؤولون عن صنع البودكاست


البودكاست ما هو إلا برامج إذاعية حسب الطلب تُبث عن طريق الإنترنت، يمكن تحميلها والاستماع لها في أيّ وقت؛ حيث يقوم فرد أو مجموعة من الأشخاص بإنشاء محتوى بتنسيق صوتي؛ ليتم نشره على الإنترنت، من خلال موقع ناشر البودكاست والتطبيقات المخصصة لها؛ حتى يتمكن أيّ شخص من الاستماع إليه متى وأينما يرغب في أيّ مكان وفي أيّ وقت.
يدور البودكاست حول موضوعات مختلفة ومتنوّعة، بعضها يغطي الترفيه، والبعض الآخر رأي وأخبار ومراجعات وعلوم وغير ذلك الكثير. وتكون هذه البيانات بلا حدود، وما يميزها فقط هو إبداع مقدّميها ومنتجيها.
كل ما تحتاجه لإنشاء بودكاست خاص بك، هو جهاز محمول حديث ومكان هادئ ومحتوى مميّز لجذب المشاهد، ثم تسجيل الحلقة، ثم الولوج لإحدى المنصات لنشر البودكاست الخاص بك.

  • الفرق بين البودكاست والإذاعة (البرودكاست)

وفقاً للموقع السابق (historiansplaining.com)، يوجد في الراديو فريق كبير من الأشخاص، مثل: المذيعين والمنتجين وكُتاب السيناريو وفنيي الصوت وما إلى ذلك، وهم الذين يشكّلون فريق إنشاء المحتوى. من ناحية أخرى، في البودكاست، يتم دمج كل هذه المصطلحات السابقة في كلمة واحدة، "مقدمو البودكاست"، هؤلاء هم المسؤولون عن صنع البودكاست ونشره وتوزيعه.
وللبودكاست طرق وهيئات مختلفة، ومثال على ذلك هو المصطلح المعروف باسم "بودكاست الفيديو"، وهو خطوة أبعد من البودكاست الصوتي التقليدي فقط، ويتم تعريفه على أنه مجموعة من المنشورات الرقمية، التي يكون غرضها نقل المعلومات عبْر الصوت والفيديو. مع العديد من المزايا مثل: حقيقة أن الصوت ليس هو البطل الوحيد.
ويمكنك التعرُّف على شبكة البودكاست العربية الرائدة في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، عبْر السياق التالي: "ثمانية" تقود عصراً جديداً للمحتوى العربي على الإنترنت في 2024

راديو العصر الجديد

الطريقة الأكثر فائدة للتفكير في البودكاست هي راديو العصر الجديد


تؤكد د. مها نبيل أبوالخير، أستاذ الإعلام بكلية الآداب جامعة الإسكندرية لـ«سيدتي»: أن البودكاست هو في الأساس محتوى صوتي، مصمم للاستماع إليه بمفرده، من دون الحاجة إلى أيّة مدخلات مرئية. الطريقة الأكثر فائدة للتفكير في البودكاست، هي راديو العصر الجديد. لافتة أن ملفات البودكاست توفّر طريقة فريدة للتفاعل مع المحتوى أثناء القيام بمهام متعددة؛ فالمتلقي يمكنه الاستمتاع بمجموعة متنوّعة من ملفات البودكاست التي لا تكون بهدف التسلية والمتعة فقط؛ بل يمكنها أن تُثري معارفه وتَزيد ثقافته في مختلف المجالات، من الأخبار والسياسة إلى الاهتمامات المتخصصة.
تقول د. مها: تعَد القدرة على العثور على محتوى يتعلق بأيّة اهتمامات متخصصة غير معتادة، أحد أهم جوانب نموّ البودكاست. علاوة على ذلك؛ فإن البودكاست بطبيعته "حسب الطلب"؛ فإذا فاتك مقطع من الراديو يثير اهتمامك؛ فإنه يكون قد اختفى، أما بالنسبة لملفات البودكاست؛ فيمكنك دائماً العودة للبداية، والتوقف مؤقتاً عندما تريد، والاستماع إليها عدة مرات كما تريد؛ حيث تعَد القدرة على الاستماع في وقتك وفقاً لجدولك الزمني، أمراً إيجابياً كبيراً كان لصالح البودكاست.
وقد استطاع البث الصوتي من خلال البودكاست، أن يخلق حقبة جديدة، ويطوّر أنواعاً جديدة من المستندات الصوتية؛ حيث يحافظ على جميع صفات الجودة التي يتمتع بها سابقه، مع منحها لمسة وضمان الاستقلالية عند الاختيار والجدول الزمني والمحتوى، مع إمكانية اختيارك الجهاز التكنولوجي الذي تفضّل الاستماع إليها من خلاله.

  • مميزات البودكاست عن الإذاعة التقليدية

    تقول د. مها: من سلبيات البودكاست أن أغلب مَن يقدّمه، من الهواة غير المتخصصين؛ حيث يقدّم منشئ المحتوى برنامجه بالزاوية التي يراها وفقاً لأيديولوجياته وقناعاته، والتي يمكن أن يوظّفها لتغيير ماهية الحدث، وقد يُضفي عليه بعض التعديلات أو التأثيرات غير المحسوبة؛ وفقًا لذوقه الخاص؛ مما يفقد البودكاست كوسيلة إعلامية المصداقية المطلوبة، إلا أن ذلك لا يقلل من مميزاته، ومنها:
  • يسمح البودكاست بإنشاء سياق من العلاقة مع المتلقي والتفاعل معه.
  • منشئو البودكاست على يقين من أن المستمع يريد الاستماع إليهم تحديداً؛ فهو الذي اختار الموضوع، ولا يُفرض عليه كما ببرامج الإذاعة.
  • يسمح إنشاء البودكاست لمحطات الراديو ببث برامجها في أيّ مكان وزمان.
  • إن إنشاء البودكاست كان بالنسبة لبعض المستمعين، بمثابة اكتشاف صداقة جديدة.

ويمكنكم التعرف إلى المشاركات العربية في البودكاست، إذا تابعتم الرابط التالي: الإمارات تستضيف المؤتمر العالمي للاتصالات الراديوية 2023