mena-gmtdmp

في اليوم العالمي للتصميم الفنانة الإماراتية نورة السركال: أعمالي ليست رؤيا بل بوح داخلي

نورة السركال
نورة السركال

نورة السركال فنَّانةٌ إماراتيَّةٌ متعدِّدةُ التخصُّصاتِ، تبحثُ في زوايا العلاقاتِ الإنسانيَّة، وتضيء ما ظهرَ منها، لتغوصَ مرَّةً ثانيةً في المجهولِ، تفتشُّ عن إنجازٍ آخرَ. تعشقُ الإبداعَ، وتهتمُّ بعلمِ الأنسابِ من خلال البحثِ الأرشيفي، وتُقدِّم أعمالاً فنيَّةً لمعالمَ واضحةٍ، وأخرى مخفيَّةٍ، لكنَّها لا تزولُ.

جماليَّاتٌ حالمةٌ، تعتمدها نورة في رؤيتها الجماليَّة، فهل تستندُ إلى الحلمِ لتحوِّله إلى حقيقةٍ؟ في حوارنا معها بمناسبة اليوم العالمي للتصميم سنخوص معها في عالمها الإبداعي لنتعرف إلى تفاصيل أعمالها وعالمها عن قرب.


جماليات حالمة

نورة السركال

 


تركِّزُ نورة السركال، وفق حديثها لـ «سيدتي»، على الإضاءةِ على الرواياتِ المهملةِ، أو التي قد تكون محظورةً، وتتجلَّى ممارستها الفنيَّةُ في الموادِّ، والأشياءِ التي تنسجمُ مع التجريب. تذكرُ: «أشعرُ بأن الأمرَ برمَّته ليس حلماً، وإنما سعي لتحقيقِ الذات. أقتني أفكاري من الواقعِ الذي يجبُ أن يكون واضحاً، وصريحاً، وهو إذا لم يروَ بأناملي كما هو، وعلى حقيقته، لن يثيرَ أي ردَّةِ فعلٍ لدى المُشاهِد، ولن يُحفِّرَ في الذاكرة. جميعُ أعمالي الفنيَّة، تغوصُ في أعماقِ الواقعِ حيث تتكلَّمُ عن العائلةِ، عن الإرثِ الذي يُمثِّلني كنورة، ويحكي قصصَ الإمارات. حلمي الذي أصبحَ تحقيقاً للذات، هو أصالتي التي تنتمي للمكانِ الذي أعيش فيه».

أفكار تبدأ عشوائية

لا توجدُ فكرةٌ مدروسةٌ، تتبعها نورة قبل تصميمِ أي منشورٍ. مع ذلك، تجدُ نفسها، كما توضحُ، تتوصَّلُ إلى الأفكارِ بشكلٍ عشوائي سواء أثناء أداءِ المهامِّ، أو قيادةِ السيارة، أو التحدُّثِ مع الأصدقاءِ والعائلة، أو حتى خلال تصفُّحِ الإنترنت، وتقولُ: «بمجرَّدِ أن أضعَ فكرةً في ذهني، يبدأ السحرُ. أضعُ أدواتي الفنيَّة، وأجرِّبُ عليها كلَّ ما يدورُ في خلدي. أحياناً تنجحُ أفكاري، وفي أخرى لا تنجح، لكنْ هذا ما يجعلها مُسلِّيةً ولافتةً. هي في النهايةِ خطواتٌ لتحقيقِ الذات، تبدأ بسؤالٍ، أطرحه على نفسي: لماذا حصلَ هذا، وبأي صيغةٍ، يمكن الكلامُ عنه؟ ثم أبدأ عمليَّةَ بحثٍ مكثَّفةً، فكلُّ عملٍ فنِّي، يحتاجُ إلى تمعُّنٍ ودراسةٍ مستفيضةٍ».

دخون أمي

السجَّادةُ حالةٌ، تُشعِرُ نورة بالسعادةِ دائماً، والسببُ أن «حكايتها، التي تُنسَجُ خيوطُها من سجَّادةِ الصلاة، بدأت معي أيَّامَ دراستي في لندن. كنت أصطحبها إلى عملي في الاستديو الفنِّي، وقد تعوَّدنا من تقاليدنا الإماراتيَّة على أن نقومَ بتبخيرها بالدخون، وفي ذلك، كنت أستخدمُ تحديداً دخون أمي التي تهوى صناعةَ العطور، وتعمدُ دوماً إلى تركيبِ خلطاتها الخاصَّةِ لإهدائها للأهلِ والأقارب، لذا لم يكن غريباً عليَّ حملُ هذا الشغفِ معي، ومحاولةُ دمجه لاحقاً في مغامراتي الفنيَّة، فالرائحةُ المملوءةُ بالذكريات، هي ما كانت تصلني بأمي في الغربة. كلّما سجدتُ على السجَّادةِ، أشمُّ رائحةَ أمي، هذه الرائحةُ التي لا يمكن التقاطها، هي روحٌ من السعادةِ، تملأ المكانَ بالنسبةِ لي. قرَّرتُ أن ألتقطَ هذه الرائحة، وأحوِّلها إلى عملٍ فني إبداعي، أتواصلُ فيه مع أمي، مع عائلتي، ومع وطني، ومن هنا بدأت سلسلةٌ فنيَّةٌ رائعةٌ، أبدعتُ فيها السجَّادةَ السحريَّة، وقد استوحيتُ إبداعها من قصصِ النبي سليمان التي تروي انتقالَه من مكانٍ لآخرَ من خلال السجَّادة. هذه الحالةُ التي لا تُوصَف، دفعتني لكثيرٍ من البحثِ عن كلِّ ما يتعلَّقُ بهذه السجَّادة، وقد شاركت بها بمعرضٍ في الرياض، والبحرين، وربطتها بالسجَّادةِ التي تُفرَدُ في مجالسنا العائليَّة، وتحملُ أخبارَ جميعِ أفرادِ الأسرة. تسمعُ ذكرياتهم، وتكتمُ أسرارهم، وتحتوي على خطواتهم. نقلتُ رائحةَ المكانِ من خلال هذه السجَّادةِ مستعينةً بموادَّ مثل الدخونِ، والعودِ، والعنبرِ، والقهوة، وكل ما يمكن أن تجدَه في المجلسِ، جعلته يدخلُ في تكوينِ السجَّادةِ الفنِّي».

ومن عالم الفن والإبداع تابعي اللقاء مع الفنانة التشكيلية والخزفية الإماراتية حصة العجماني

 

نورة السركال 

من أعمال نورة السركال

قصص لم تروَ

ما تبدعه نورة، ليس خيالاً كما تقولُ، وتتابعُ عن موضوعاتها: «أنا أتكلَّمُ عمَّا يمكن رؤيته، وما لا يمكن رؤيته، لكنْ في النهايةِ، هي أشياءُ حقيقيةٌ. أنا مهتمَّةٌ جداً بالتاريخِ، وبقصصِه الساحرة، لأن هناك الكثير مما لم يُكتَبُ عنه، وهذا كما قلنا، لا يعني أنه خيالي، وإنما غامضٌ، ولم يُكشَفُ عنه الستار. أشعرُ بأنه من واجبي بوصفي فنَّانةً، أن أروي هذه القِصصَ بأناملي، وأن أجعلَ الناسَ أقربَ إليها، ترغبُ في التعرُّفِ عليها، وعندما أُبدِعُ في فنٍّ ما، أرغبُ في إظهاره مشبَّعاً بالإنسانيَّةِ التي ألملمها، لأنني أشعرُ بأنها ضاعت».

 

«أعمالي أصالتي تنتمي للمكان الذي أعيش فيه»

أشياء لا نلاحظها

سألناها عن المجوهراتِ التي تبدعها، فأوضحت أن التفرُّدَ سرُّ نجاحها. تقولُ نورة: «كلُّ شغوفةٍ بالمجوهراتِ، أحبُّ أن ترتدي قطعاً، لا تجدها عادةً في الأسواقِ، وتُحفِّز على الحوار. في إطارِ عملي، لدي مجموعاتٌ ذات طابعِ فنِّي، وأخرى تأخذُ بعينِ الاعتبار الوجه التسويقي، لكنْ كلُّ ما أصمِّمُه، هو ذو طابعٍ تجريبي، يدفعُ بحدودِ ما يمكن تقديمُه للعالم. كلُّ ما نراه في الأسواقِ مثالي، بينما نحن أشخاصٌ غير مثاليين، إذاً لماذا نصنعُ مجوهراتٍ مثاليَّةً؟ حتى في المجوهراتِ، أستخدمُ المجوهراتِ الدخون (بخور العود)، الذي تمسَّكتُ به في صناعتي بوصفه مكوّناً أساسياً، لأُظهِرَ الجمالَ في غير المثاليَّةِ، وفي الأشياءِ التي لا نُلاحظها في العالم، ومن هذا المنطلقِ، هو ليس حلماً، وإنما حقائقُ، لا نراها، وبما أن رائحتَه جميلةٌ، ومظهرَه غير جذَّابٍ، لذا أحببتُ أن أغيِّرَ مظهره، وأن أدمجَه مع الذهب، ليصبحَ أكثر جاذبيَّةً».

يمكنك متابعة الموضوع على نسخة سيدتي الديجيتال من خلال هذا الرابط