الفن موجود في كل مكان ينبض في كل الموجودات حتى من دون أن ندركه تماماً، هو يُغطي تقريباً كل جانب من جوانب حياتنا ويتغلل في تصرفاتنا وسلوكياتنا، والفن ليس مجرد ترفيه، بل هو شكل من أشكال التعبير الإنساني الذي يتجاوز سياقات المتعة السطحية؛ فهو يسهم بقوة في تشكيل هويتنا وثقافتنا، ويعزز من فهمنا للعالم من حولنا وفق هذا السياق وانطلاقاً من اهتمام الكثيرين بالفن التشكيلي ومحاولاتهم التوغل بين دروبه وآفاقه يرغبون في بدء المسيرة في الفن التشكيلي والانغماس في عوالمه الرحبة الفتية. بالسياق التالي "سيدتي" التقت الفنانة التشكيلية هدير جمال الدين لتخبرك إستراتيجيات تساعدك في بدء المسيرة في الفن التشكيلي.
كل شخص يمارس الفن بطريقة ما في الحياة اليومية
تقول هدير جمال الدين -حاصلة على ماجستير في تطور المفاهيم والأساليب الفنية التشكيلية في العصر الهلينستي- لـ"سيدتي": الفن يحيط بنا في كل شيء لا يمكن أن ننكر وجوده أو نتخطاه، ولا يمكننا أن ننكر أن كل شخص منا يقوم بنوع من الممارسة الفنية في حياته اليومية، وقد غيَّر الفن حياة الكثيرين ومنحهم الكثير من السعادة والفهم العميق للحياة؛ فالفن يثري حياتنا بتجارب عاطفية وجمالية، ويساعدنا على فهم أنفسنا والآخرين، ويساهم في بناء مجتمعات أفضل، وعامة لبدء المسيرة في الفن التشكيلي من الضروري أن يمتلك الشخص أساساً متيناً من التقنيات والتكتيكات الفنية، واستكشاف وسائط وأساليب متنوعة، وتطوير رؤية شخصية في عالم الفن يكرس للتفرد والتميز، كذلك من المهم أيضاً البحث في سوق الفن، وبناء شبكة علاقات واسعة تساعدك في الترويج لأعمالك.
ويمكنك من السياق التالي التعرف إلى: قلم "الحبر الجاف".. من اخترعه؟ ولماذا شكَّل طفرة في الكتابة؟
نصيحة غير تقليدية!
وتشرح هدير: عندما تتطلع إلى بدء المسيرة في الفن التشكيلي بصفتك مبتدئاً، قد يكون من المفضل التركيز في اختيار مجال واحد فقط -مثل الألوان المائية أو الألوان الزيتية أو النحت- والانغماس فيها بكل قوتك. لتستطيع أن تحقق تطوراً ما يمكنك رصده وتتبعه وتنميته؛ فالتركيز على وسيط واحد أسرع طريقة لإتقانه، وهذا لا يعني أن تقتصر فقط على المجال الفني الذي اخترته أو التقنية التي قررت تعلمها؛ فما المانع أن تتعرف إلى باقي المجالات الفنية واستكشاف مجموعة متنوعة أخرى من السبل والوسائل الفنية.
وتضيف: تبدو هذه نصيحة غير تقليدية خلافاً لكل من يؤكد أهمية التركيز على وسيلة فنية واحدة، ولكن ما المانع أن تجرب الرسم بالرصاص أو الفحم في يوم، ثم الانغماس في عالم الألوان المائية في اليوم التالي، ثم تجربة الأكريليك أو الباستيل بعد ذلك أو الرسم بالزيت سواء بالفرشاة أو السكين أو من الأنبوب مباشرة، أو حتى باستخدام أي وسيلة أخرى؛ فكل وسيط فني تعمد له يقدم لك خبرة وتجارب ودروساً فريدة من نوعها تُحسِّن مهاراتك الفنية العامة وتُوسِّع آفاقك الإبداعية في المجال الذي اخترته، إلا أنه يجب الانتباه لو كانت ميزانتك محدودة؛ فيجب ألا تشتري مجموعة من الأدوات الجديدة باهظة الثمن والأصلية في حال لو كنت فقط تجرب طريقة فنية جديدة، يمكنك فقط أن تحصل على بعض أدوات الرسم المناسبة والبسيطة للمبتدئين؛ فأنت لستَ مضطراً للإسراف، ولتجعل أفضل الأدوات والخامات للسياق الفني الذي قررت الخوض فيه والاستمرار به خلال مسيرتك الفنية، يمكنك أيضاً البحث في أستوديوهات الفن المحلي عن دورات أو أمسيات فنية مفتوحة إذا كنت ترغب في التجربة هناك أولاً والانخراط في متجمع الفنانين؛ لتلتقط بعضاً من خبراتهم وتتعرف إلى سياقات أداءاتهم وتتمكن من بدء المسيرة في الفن التشكيلي.
وإذا تابعت الرابط التالي ستعرفين أكثر لنصائح حول إنشاء لوحة باستخدام الألوان المائية
كيف أبدأ؟
تقول هدير: في البداية لا بُدَّ أن تعلم أن هناك سراً خفياً في عالم الفن، فكلما زادت معرفتك بالأساسيات؛ زاد استمتاعك بممارسة الفن، وعندما تكون مبتدئاً ستبدأ من الصفر لتتعلم بعض التقنيات، واعلم أنك لن تكون فناناً مبدعاً منذ اللحظات الأولى التي تمسك بها الفرشاة، بل ستخطئ وتتعثر وتشعر بأنك لا تستطيع الاستمرار لأنك لست متأكداً مما يجب فعله بعد ذلك، ولكن لا تتوقف ولا تترك اليأس يتسلل لقلبك، ابدأ وحاول وتعلم وتعلم وتعلم؛ فالأساسيات هي أسرع طريقة للإتقان.
إنشاء مشاريعك الفنية الأولى
عند بدء المسيرة في الفن التشكيلي وإنشاء مشاريعك الفنية الأولى، تأكد من التركيز على: أولاً، الاستمتاع. من السهل الشعور بخيبة الأمل عندما لا تسير الأمور على ما يُرام من البداية، لكن تذكر أن عينك الثاقبة -التي تكتشف الأخطاء- هي في الواقع أحد العوامل التي ستساعدك على التطور لتصبح فناناً عظيماً. احتضن عملية التعلم، واستمتع بكل لحظة من الإبداع. للفن فوائد عديدة تتجاوز مجرد المنتج النهائي؛ إنه وسيلة للاسترخاء والتعبير عن نفسك وإيجاد المتعة في بساطة الإبداع. لذا؛ تخلَّ عن ضغط الكمال، وانغمس في فنك بقلب مفتوح وروح مرحة.
وإذا تابعت السياق التالي ستتعرفين على: أنواع الخطوط في الرسم وأهميتها.. تعرفي إليها بالتفصيل
إستراتيجيات مهمة لبدء المسيرة في الفن التشكيلي:
التدريب وتطوير المهارات
- فكِّر في الحصول على شهادة في الفنون الجميلة أو برنامج في الفنون البصرية والتصميم، حيث ستكتسب معرفة نظرية وعملية في تخصصات مختلفة، مثل الرسم، والتصوير الزيتي، والنحت، والطباعة، وغيرها.
- حاول الالتحاق ببعض الدروس وورش العمل، حيث يمكنك أن تكمل تدريبك بدروس أو ورش عمل يقدمها فنانون محترفون، يمكنك تعلم تقنيات محددة، والحصول على آراء وتعليقات، واستكشاف مناهج فنية مختلفة.
- احرص على التعليم الذاتي، وخصص وقتاً للممارسة المستمرة، وجرِّب مواد وتقنيات متنوعة، وابحث عن موارد إلكترونية مثل الدروس التعليمية والدورات لتوسيع مداركك.
اعمد لاستكشاف وتطوير أسلوبك من خلال:
- التجريب: لا تتردد في تجربة أساليب ومواد وتقنيات مختلفة لاكتشاف ما يثير شغفك وما يُمكِّنك من التعبير عن رؤيتك الفنية على أفضل وجه.
- ابحث عن وسائل للإلهام: ابحث في أعمال فنانين آخرين، سواءً كانوا معاصرين أو تاريخيين، لاستلهام المزيد وتوسيع نطاق مراجعك، مع مراعاة أسلوبك الفني الفريد.
- تطوير أسلوبك الشخصي: مع استكشافك وتجربتك، ستبدأ بتطوير أسلوبك الخاص -طريقة فريدة للتعبير عن نفسك من خلال فنك.
- حاول أن تبني مسيرتك الفنية.
- تواصل مع المعارض الفنية والمنصات الإلكترونية وغيرها من المساحات التي تُعرض وتُباع فيها الأعمال الفنية لفهم السوق والفرص المتاحة لنوع عملك.
- اختر بعناية أفضل أعمالك وأنشئ محفظة أعمال رقمية ومادية تُبرز موهبتك وأسلوبك.
- استخدم وسائل التواصل الاجتماعي لعرض أعمالك، والمشاركة في الفعاليات الفنية، والتواصل مع المعارض الفنية وأمناء المتاحف، وبناء شبكة من المعارف في عالم الفن.
- ابحث عن فرص وشارك في دعوات التقديم والمسابقات والمعارض لاكتساب الشهرة والتقدير.
وبالنهاية يمكنك متابعة الرابط التالي للتعرف إلى: كيفية تعلم مهارات فنية جديدة
