يمر الشاب أو الفتاة بمرحلة انتقالية دقيقة بمجرد الانتهاء من سنوات الدراسة المدرسية استعداداً لدخول الجامعة، فهي مرحلة تشهد كثيراً من المتغيرات سواء على مستوى الشخصية أو المهارات التي يجب أن يتحلى بها الطالب.
فبينما اعتاد الطلاب على بيئة دراسية منظمة في المدرسة، تأتي الجامعة بمفاجآتها، وتضعهم أمام تجربة تعليمية وحياتية مختلفة تماماً، تتطلب قدراً أعلى من الاستقلالية والانضباط حتى لا تتحول إلى مرحلة فوضوية تضيع من عمر الشخص.
إعداد: إيمان محمد
الفرق بين المدرسة والجامعة
الانتقال من المدرسة إلى الجامعة ليس مجرد تغيير في المكان أو طريقة التدريس، بل هو عبور نحو مرحلة النضج والاستقلالية، ويمكن تحديد هذه الفروق في التالي للاستعداد الجيد قبل مواجهة أزمات.
الفروق العمرية بين الطلاب
في المدرسة الثانوية، غالباً ما يتشارك الطلاب أعماراً متقاربة، لا تتجاوز الفروق بينهم عاماً أو عامين، وهو ما يخلق بيئة متجانسة يسهل التفاعل داخلها، لكن الأمر يختلف في الجامعة، فهي مرحلة قد تضم طلاباً من فئات عمرية متنوعة وكذلك خلفيات ثقافية متعددة، التعامل مع هذا التغيير يتطلب كثيراً من الوعي والفهم والتحلي بميزة المرونة والتكيف، لكن هذه التجربة تتميز بالثراء الاجتماعي ما يوسع آفاق الطالب، ويعزز مهاراته في التواصل مع مختلف الأنماط البشرية، كما يشير موقع University of Bridgeport إلى أن هذا التنوع يخلق مجتمعاً تعليمياً نابضاً بالحياة يدعم الابتكار والتطور الشخصي.
الاستقلالية وتحمل المسؤولية
خلال الدراسة في مرحلة المدرسة عادة الآباء هم المسؤولون عن كل التفاصيل، حتى ينقلب الأمر تماماً في المرحلة الجامعية وتبدأ المسؤولية والاستقلالية الحقيقية، في المرحلة الجامعية أنت المسؤول عن إدارة وقتك، اختيار مواعيد محاضراتك، وحضورها من عدمه، كما يؤكد موقع UCAS البريطاني، فإن الجامعة تعلمك أن تكون قائد نفسك، لأن لا أحد سوف يذكرك بموعد تسليم مشروع، كما لن يحاسبك أحد على غيابك بينما ستتحمل نتيجة تصرفاتك.
المكان وأسلوب التدريس
تتميز الفصول المدرسية بصغر حجمها، غالباً أقل من 35 طالباً، ما يسمح بمتابعة فردية من المعلم، بينما قد تضم محاضرات الجامعة مئات الطلاب، في تلك البيئة الكبيرة، يتحول دور الأستاذ من ملقن مباشر إلى موجه فقط، يقدم لك المادة العلمية ويترك لك مهمة البحث والتعمق، ويشير الخبراء إلى أن هذه النقلة تعزز من قدرة الطالب على التعلم الذاتي؛ إذ يصبح مسؤولاً عن متابعة كل الدروس بنفسه، ويحاول دون ضغوط فهم المفاهيم، والاستعداد للمناقشات أو المشاريع العملية.
المقررات ونظام التقييم
من أكثر الفروق الواضحة بين المدرسة والجامعة، هو نمط المقررات الدراسية وكذلك نماذج التقييم، بشكل أوضح فإن الدراسة في الجامعة ليست مجرد استيعاب لما يُقال في المحاضرات، بل تتطلب جهداً كبيراً خارج القاعة الدراسية، المقررات مكثفة، مليئة بالقراءات والأبحاث، والتقييم يعتمد بدرجة أكبر على قدرتك على التحليل والتطبيق، وليس مجرد حفظ المعلومات، كما أن عدد الاختبارات أقل لكنه أكثر تأثيراً على النتيجة النهائية؛ فقد يتحدد مصيرك الأكاديمي في مادة معينة بناءً على اختبارين أو ثلاثة طوال الفصل الدراسي.
أما في ما يخص التقييم، فالمدرسة تمنح فرصاً كثيرة لرفع الدرجات من خلال الواجبات اليومية والدرجات الإضافية، بينما في الجامعة، فإن الأمر أكثر صرامة وموضوعية.

المرونة في اختيار المسار الأكاديمي
من أبرز مزايا الجامعة حرية اختيار التخصص والدورات الدراسية، فإذا كنت لا تفضل مادة معينة في المدرسة، كالكيمياء أو التربية الرياضية، فاعلم أن الجامعة تمنحك الفرصة للتركيز على ما تحبه فعلاً، يمكنك حتى الدخول كطالب "غير محدد التخصص" لتستكشف ميولك قبل اتخاذ قرارك النهائي، وأن هذا الخيار يساعد الطلاب على إيجاد مسارات مهنية تتناسب مع شغفهم وقدراتهم.
قد يهمكم أيضاً أن تطلعوا إلى: كيف تدير مصروفك وأنت طالب جامعي؟
أنماط العلاقات
الحياة الجامعية مفتوحة على عكس المدرسة، في الجامعة أمام الشباب فرص مليئة بالأنشطة الطلابية، مثل الفعاليات الثقافية والرياضية، والفرص التطوعية، هذا يتيح لهم تكوين شبكة علاقات واسعة تدوم لما بعد التخرج، وهو جانب لا توفره المدرسة بالقدر نفسه، أما في المدرسة فالعلاقات محدودة لا تتخطى أسوار الفصل والمدرسة، ويشدد الخبراء على أهمية الانخراط في هذه الأنشطة باعتبارها جزءاً أساسياً من التجربة الجامعية التي تصقل الشخصية وتوسع المدارك، وتساهم لاحقاً في تراكم الخبرات الشخصية.
حدود الحريات والمسؤوليات
الحرية الكبيرة في الجامعة تأتي بمسؤوليات أوسع، إدارة المال، إعداد الطعام، غسل الملابس، وحتى الاهتمام بالصحة النفسية والجسدية، لم تعد هناك شبكة الأمان اليومية التي توفرها العائلة أو المعلم، بل أنت الآن في مواجهة العالم الواقعي بخطوات تدريجية.