السرطان مرض يهدد سلامة الكيان الإنساني، ليس فقط جسمانياً، وإنما اجتماعياً ونفسياً بشكل يعوق المريض في أدائه أدواره الاجتماعية والاندماج في حياته الطبيعية، وإصابة المرأة بمرض سرطان الثدي يمثل تهديداً للمريضة في كل جوانب حياتها، ويربك الأسرة كلها ويضعها في أزمة، وقد يؤثر المرض كذلك على العلاقات الزوجية والأسرية، ويؤدي إلى تغيرات جوهرية في الأدوار الاجتماعية التي تقوم بها الأسرة.
سرطان الثدي يربك الأسرة كلها ويؤدي إلى اضطراب الحياة اليومية

تقول خبيرة التنمية البشرية سحر مراد لـ"سيدتي": "إن سرطان الثدي من الأمراض المهددة لحياة المرأة وكيانها الاجتماعي والنفسي والصحي؛ لأن هذا المرض اللعين عندما يصيب المرأة المتزوجة، ولم تجد أمامها زوجاً متفهماً لظروفها الصحية؛ فيمكنها طلب الدعم من الأهل والأصدقاء؛ عبر مشاركة المهام اليومية، كما يمكن اللجوء إلى مجموعات دعم عن بُعد، أو التواصل مع جمعيات متخصصة للحصول على المشورة ورفع الروح المعنوية، فهذا المرض قد يؤدي إلى تغيرات جوهرية في الأدوار الاجتماعية التي تقوم بها الأسرة، لذا يعد الدعم الاجتماعي إحدى الوسائل بالغة الأهمية التي يمكن أن يقدمها أفراد الأسرة للمريضة المصابة بسرطان الثدي أو المحيطين بها، وقد يحمل الدعم الاجتماعي في طياته معنى المعاضدة والمؤازرة وشد الأزر والتقوية، بل والمساعدة على مواجهة جميع المواقف الحياتية".
مفهوم الدعم الاجتماعي
الدعم الاجتماعي هو ما تتلقاه المرأة من الدعم العاطفي والمعلوماتي والمادي والعملي؛ لمساعدتها على التعامل مع المرض من خلال الآخرين في بيئتها الاجتماعية كالأسرة، والأصدقاء، والجيران، واختصاصيي الرعاية الصحية، ويهدف إلى تحسين جودة حياتها، وتعزيز احترامها لذاتها، وربما تحسين النتائج السريرية، خاصة عندما تواجه أحداثاً أو مواقفَ يمكن أن تثير لديها المشقة، وتسبب لها المتاعب، مما يساعدها على التكيّف مع الأزمات والشدائد.
الرابط التالي يعرّفك إلى: العلاج من خلال الفن لمريضات سرطان الثدي
للمجتمع دور فعال في دعم المصابات بسرطان الثدي
تقول سحر مراد إن الدعم الاجتماعي يعد بالغ الأهمية في مساعدة مريضات سرطان الثدي على التخفيف من الآثار السلبية لمرض سرطان الثدي، حيث يمكنه أن يُحدث تأثيراً كبيراً على كيفية تأقلم المريضة مع وضعها الطبيعي الجديد، حتى أثناء رحلة الشفاء منه، وللمجتمع دور مهم في دعم مريضة سرطان الثدي، من خلال:
التوعية بالكشف المبكر

الدعم المجتمعي يلعب دوراً حيوياً في التوعية بالكشف المبكر؛ من خلال تشجيع النساء على إجراء الفحوصات الدورية، وتوفير معلومات شاملة حول عوامل الخطر وطرق الوقاية، بالإضافة إلى تقديم الدعم الشامل سواء كان (طبياً، نفسياً، واجتماعياً)، يتم ذلك عبر حملات توعوية، وفعاليات تثقيفية، حيث تُقام حملات ميدانية ووحدات متنقلة للكشف المبكر في مختلف المناطق، خاصة المناطق النائية وذات الموارد المحدودة، لتسهيل الوصول إلى الفحص والعلاج المجانية، حيث تنتشر الحملات التوعوية بشكل مكثف، خاصة في أوقات معينة مثل شهر أكتوبر، لتذكير المجتمع بأهمية الكشف المبكر، مما يُسهم في زيادة نسبة الشفاء.
الحث على العلاج
الدعم المجتمعي يحث على العلاج؛ عبر تعزيز شعور مريضة سرطان الثدي بالدعم والتقدير، مما يحسّن من استجابتها للعلاج ويزيد من التزامها به، كما يشمل تقديم المساعدة العملية والمعنوية لتقليل التوتر وتسهيل عملية الشفاء، وتلعب المجموعات الداعمة دوراً مهماً في خلق بيئة آمنة لمشاركة الخبرات وتطوير مهارات التأقلم، كما يشجع الدعم المجتمعي على الالتزام بخطة ومسيرة العلاج، فعندما تشعر المريضات بالدعم، يكنّ أكثر ميلاً للالتزام بتعليمات العلاج والأدوية، كما يساعد الدعم المجتمعي في زيادة شعورهن بالاستقلالية، والثقة في قدرتهن على اتخاذ قرارات تتعلق برعايتهن الصحية.
الحد من العزلة
يوفر الدعم الاجتماعي الشعور بالانتماء؛ من خلال توفير مساحات آمنة للتعبير عن المشاعر، وتشجيع المشاركة في الأنشطة الاجتماعية، وتقوية الروابط الأسرية والاجتماعية، ويزيد من الشعور بالانتماء، ويدعم الأفراد في مواجهة تحدياتهم، وتساعد تلك المجموعات الداعمة على تقليل مشاعر الوحدة والعزلة والانفصال التي قد تشعر بها المريضات، كما تسمح بمشاركة الأفكار والمشاعر في بيئة داعمة.
والرابط التالي يعرّفك: أهمية الكشف المبكر عن سرطان الثدي
تعزيز القدرة على المواجهة

يمنح الدعم المجتمعي مساندة نفسية وعملية واجتماعية، مما يعزز قدرتهن على المواجهة؛ من خلال تقليل العزلة، وتعزيز الثقة بالنفس، وتخفيف الأعباء الجسدية والمالية، أيضاً يشمل هذا الدعم التثقيف حول المرض، وتوفير مصادر معلومات موثوقة، وتشجيع التواصل المفتوح، والمساعدة في المهام اليومية، وتعزيز القوة النفسية للمريضات لمواجهة المرض والتحديات المرتبطة به.
تحسين الجودة النفسية
يقوم بتحسين جودتهن النفسية؛ من خلال توفير الدعم العاطفي والاجتماعي، والتعرف إلى خيارات العلاج وتقديم معلومات شاملة عنها، ويكون ذلك من خلال مجموعات الدعم، وتثقيف وإشراك الأسرة في عملية الدعم؛ من خلال جلسات توعية وتثقيف، وتعليمهم كيفية تقديم الدعم المناسب للمريضة، وربط المريضات بمصادر الدعم، بما في ذلك الدعم المادي؛ وذلك لتقليل القلق والتوتر وتعزيز القدرة على المواجهة، وزيادة احترام الذات.
التأقلم مع المرض
يقدم الدعم المجتمعي لمرضى سرطان الثدي أشكالاً متعددة للمساعدة على التأقلم مع المرض، بما في ذلك الدعم العاطفي والاجتماعي، وذلك من خلال الاستماع الفعّال، وتوفير المودة والتعاطف، والتركيز على المشاعر الإيجابية، وتفهم مشاعر الخوف والحزن، واحترام الخصوصية والمعلوماتية والتثقيفية، والدعم البدني والغذائي، ويمكن الحصول على ذلك من خلال مجموعات الدعم (بما في ذلك عبر الإنترنت)، والعائلة والأصدقاء، والمؤسسات الصحية والمجتمعية، والبرامج الحكومية، حيث يمنح المريضة القوة لمواجهة التحديات النفسية المرتبطة بالمرض والعلاج.
فهم أفضل للحياة
يساعد الدعم الاجتماعي في استكشاف معنى جديد للحياة، وإعادة بنائه بعد تشخيص السرطان، وتحسين فهمهن للحياة بشكل أفضل؛ من خلال تعزيز الثقة بالنفس، وتوفير بيئة داعمة للتغلب على تحديات المرض، ويشمل هذا الدعم الأسرة والأصدقاء ومجموعات الدعم المختصة والمهنيين الصحيين، مما يساعدهن على استعادة الشعور بالحياة الطبيعية، وبوجود مجتمع يفهم رحلتهن من خلال مجموعات الدعم، مما يعزز شعورهن بالانتماء والتواصل، وجودة الحياة بشكل عام.
تأثير إيجابي على النتائج السريرية
تشير بعض الأبحاث إلى أن الدعم الاجتماعي القوي يمكن أن يرتبط بتحسن النتائج الصحية ومعدلات البقاء على قيد الحياة لفترة أطول، وتقليل خطر تكرار المرض، وتحسين جودة الحياة، كما يمكن لهذا الدعم أن يخفف من الشعور بالوحدة والعزلة، ويعزز من ثقة المريضة بنفسها وقدرتها على التكيف مع المرض والعلاج.
مجموعة الروابط التالية تعرفك كيفية التعامل مع الصديقة مصابة السرطان من خلال السلسلة: