مفهوم ريادة الأعمال هو مفهوم حديث، ولكن يبدو أنه يتطور على نحو حثيث بسبب الدور البارز الذي يلعبه جيل زد، والذي تحول من مجرد مستهلك إلى رائد أعمال ومحرك للسوق.
جيل زد هو مواليد ما بين ( 1997–2012)، وهو أصبح في الآونة الأخيرة قوة اقتصادية جديدة لا تقارن بالأجيال التي سبقتها، وما يميز هذا الجيل في سوق ريادة الأعمال هو أن لديه مفاهيم مختلفة عن فكرة أن "العمل" لا يعني بالضرورة وظيفة مكتبية من التاسعة إلى الخامسة، وهذا عزز الابتكار والتجارب الفريدة.
فما الذي يجعل جيل زد مختلفاً عن غيره في عالم ريادة الأعمال؟ وما هي دوافعه وأدواته وتحدياته؟
لماذا يفضل جيل زد ريادة الأعمال؟

في تقرير نشرته Forbes في يونيو 2024، أوضحت المجلة أن جيل زد يتجه بشكل متزايد نحو تأسيس أعماله الخاصة، ووفقاً لبيانات صادرة عن WP Engine، فإن 62% من هذا الجيل يخططون لإطلاق مشاريعهم الشخصية، مما يجعله الجيل الأكثر طموحاً من الناحية الريادية مقارنة بالأجيال السابقة، هذا وأرجع التقرير هذا التوجه بين أبناء جيل زد إلى بعض العوامل مثل:
الاستقلال المالي
إن الرغبة في الاستقلال المالي والمهني تجعل جيل زد أكثر ميلاً لإطلاق مشروعاتهم الخاصة، حيث يسعى جيل زد إلى تجنب الاعتماد على أصحاب العمل التقليديين، بل وتعد الوظيفة آخر اهتماماتهم ربما لأنهم لا يفضلون التقييد.
الأمان الوظيفي
صحيح أن جيل زد يبحث عن الأمان الوظيفي، ولكن من منظوره الخاص، فلم تعد الوظيفة التقليدية المرتبطة بدوام كامل تمثل لهذا الجيل الأمان، بينما يشعرون بعدم الثقة في الوظائف الثابتة التي لم تعد التوازن الحياتي الذي يبحثون عنه.
الاعتماد على التكنولوجيا
أحد أهم مزايا جيل زد هو تطويعه للتكنولوجيا والمهارات الرقمية لخدمة احتياجاته، كما أنه جيل محترف في بناء مشاريع بتكلفة منخفضة، وفعالية عالية، ومن أي مكان في العالم بفضل تمكنه من أدوات التكنولوجيا لاسيما الذكاء الاصطناعي.
التكنولوجيا المدمجة في نمط حياتهم سبب بارز لنجاحهم، فمنذ البداية تعاملوا مع الهواتف الذكية كأدوات تواصل وتعلم وربح، ومن خلال أدوات مجانية مثل Canva، Notion، TikTok، وحتى الذكاء الاصطناعي، استطاعوا بناء مشاريع شخصية، إدارة متاجر إلكترونية، إطلاق بودكاست، أو بيع خدماتهم كمستقلين.
الجرأة
يشير التقرير إلى إن هذا الجيل "لا ينتظر الإذن بالنجاح"، بل يقتحم السوق ويصنع لنفسه فرصاً جديدة، وهو ما تؤكده منصات مثل TikTok وInstagram وShopify، حيث يتواجد عدد هائل من أصحاب المشاريع الصغرى تحت سن 25 عاماً.
هذا الجيل يتعامل مع ريادة الأعمال ليس فقط كوسيلة لتحقيق الدخل، بل أيضاً كوسيلة لإحداث تغيير مجتمعي ملموس، سواءً في مجالات الاستدامة، الصحة النفسية، حقوق الحيوان، أو دعم الأقليات، تسعى نساء جيل زد إلى الدمج بين العمل والرسالة، بين النجاح والأثر.
رائدات الأعمال يقدن ثورة جيل زد
صحيح أن هذا الجيل بشكل عام يمكن القول بأنه مؤثر في سوق ريادة الأعمال، إلا أن الظهور النسائي له أهمية خاصة، أشار Mastercard في تقرير صادر في مارس الماضي، إلى الارتفاع الملحوظ في نسبة رائدات الأعمال من جيل زد.
وفقاً للتقرير، فإن:
- 52 % من النساء في جيل زد يطمحن لإطلاق مشاريعهن الجانبية خلال ثلاث السنوات المقبلة.
- هذا الرقم يفوق نسبة النساء من جيل الألفية (41%)، مما يشير إلى تطور في رؤية المرأة الشابة لدورها المهني والاستثماري.
- الملفت أن 19% من رائدات الأعمال الشابات أكدن أنهن يردن إنشاء مشاريع "تفعل شيئاً جيداً للعالم"، ما يعكس بُعداً إنسانياً واجتماعياً جديداً في ريادة الأعمال النسائية.
التحديات والفرص أمام جيل زد

رغم هذا الزخم، لا تخلو رحلة جيل زد من التحديات:
- محدودية الخبرة العملية مقارنة بالأجيال الأكبر، التعامل مع القوانين والتراخيص والإجراءات الرسمية التي لا تزال موجهة نحو الشركات التقليدية.
- الضغط النفسي المستمر نتيجة المقارنات الرقمية والمثالية المصطنعة على وسائل التواصل.
لكن، في المقابل، يمتلك هذا الجيل أقوى أدوات الحضور الرقمي والتسويق الذاتي، ويتميز بقدرة هائلة على التكيّف والتعلم السريع، ويبدو أن ما يمنحه القوة الأكبر هو إيمانه بأن العالم يتغير... وأنه ليس مضطراً لاتباع المسارات التقليدية التي رسمها الآخرون.
مستقبل جيل زد في ريادة الأعمال
يتفق خبراء فوربس على أن جيل زد لا يسير على خطى من سبقوه، بل يعيد تعريف مفاهيم مثل الوظيفة والنجاح والعمل والغاية، جيل يرى أن بإمكانه أن يكون رئيس نفسه، ويصنع مشروعاً بلمسة إنسانية، ويحقق دخلاً وهو يدرس أو حتى من منزله، وفي هذا التحول، تكمن فرصة هائلة للمجتمعات، والمؤسسات، والأنظمة التعليمية لتواكب هذا الفكر الجديد، وتدعمه، وتوفر له البنية المناسبة للنمو.
اقرؤوا أيضاً: اقتصاد الإلهام: رواد أعمال يصنعون الثروة من الشغف والتأثير