يرى بعض الموظفين أنّ وظائفهم ليست كما يتوقعون، إذ إن مسمياتهم الوظيفية لا تنعكس تماماً على أدوراهم في المنظمة، بل وقد يزاولون مهامَّ تزيد على مهامهم الأساسية، ومن ثم يُمثلون جزءاً محورياً في الشركة دون أنّ يُدركوا ذلك وقد يصعب الاستغناء عنهم!
عبر السطور القادمة تطرقنا إلى مفهوم الوظائف الرمادية، وكيف تُشكل فجوة خفية في الهياكل التنظيمية، وذلك وفقاً لما أخبرنا به المستشار والمهتم بتطوير الفرق/ عبدالله البصيلي، قائلاً:
"بأغلب المنشآت، لا سيما تلك التي تنمو بسرعة أو تمر بتحولات تنظيمية يظهر نوع من الأدوار لا يُصنف بوضوح ضمن الهيكل الرسمي، هي ليست وظائف رسمية، ولا تحمل مسميات واضحة، لكنها تلعب أدواراً مؤثرة في استمرارية العمل وحل المشكلات وتنسيق المهام، ويمكن تسميتها مجازاً بـ"الأدوار غير الرسمية الممتدة"، فهي تمثل تلك المساحات العملية التي لا تُدرج ضمن الهيكل الرسمي، لكنها تنشأ من الحاجة الفعلية، وتُمارس فعلياً بين حدود التوصيف الوظيفي ومتطلبات الواقع".
ما المقصود بالوظائف الرمادية؟
استطرد المستشار والمهتم بتطوير الفرق/ عبدالله البصيلي معرفاً الوظيفة الرمادية بأنها دور مؤثر داخل المنظمة لايتم الاعتراف به رسمياً في الهيكل التنظيمي، لكنها تظهر نتيجة احتياج عملي، وتُؤدي من قبل أشخاص غالباً ما يتصفون بالمرونة المبادرة، والتعدد في المهارات، ووفقاً لتعريف التنظيم غير الرسمي في علم الإدارة، فإنّ هذه الأدوار تنشأ من "شبكات التفاعل والعلاقات التي لا يتم تحديدها عبر الخط الرسمي للسلطة".
وأبرز الأمثلة على هذا النوع من الوظائف:
- منسق إداري أصبح العقل التنظيمي للفريق دون أن يكون مديراً.
- موظف دعم فني يتحول لمستشار داخلي غير رسمي بسبب خبرته في التعامل مع كل الأنظمة.
- سكرتير يتعامل مع ملفات الموارد البشرية، التقارير المالية والعلاقات الحكومية، لأنّه "يعرف كل شيء".
هذه الأدوار تنشأ عادةً بسبب نقص في التوصيفات الوظيفية، أو بسبب مرونة الموظف أو نتيجة لثقافة تنظيمية تميل إلى الاعتماد على "الأشخاص" بدلاً من "الأنظمة".

التحديات والمخاطر
على الرغْم من الأهمية الوظيفية لهؤلاء الأفراد، فإنّ بقاءهم في هذه المساحة الرمادية قد يؤدي إلى حدوث بعض المشكلات منها:
- غياب العدالة في التقييم والمكافآت، حيث لا يُعترف بمساهماتهم رسمياً.
- احتراق وظيفي نتيجة ضغط التوقعات مع غياب صلاحيات واضحة.
- مركزية المعرفة، حيث تختزن المهام الحرجة في أفراد محددين، مما يهدد استمرارية العمل.
- عدم وضوح المسار المهني، ما يؤدي إلى مغادرة الكفاءات الباحثة عن وضوح أكثر.
تعرفوا أيضاً إلى مهارات مؤثرة إيجاباً على جودة العمل.
كيف يمكن للمنشآت التعامل مع هذه الوظائف؟
وأضاف "البصيلي" مخبراً حول إدارة الوظائف الرمادية بشكل احترافي، بواسطة اتباع بعض الخطوات، وهي:
التشخيص والتحليل
- إجراء مقابلات داخلية لاكتشاف المهام الفعلية التي تُؤدَّى خارج المسميات.
- استخدام أدوات تحليل العمل مثل بطاقات ملاحظة المهام أو خرائط المهام.
إعادة تصميم الهيكل
- دمج الأدوار الرمادية في توصيفات رسمية جديدة.
- تصميم مسارات مهنية مرنة تستوعب التنوع في الأداء.
التقدير والمكافأة:
- إدراج الأدوار الرمادية في أنظمة التقييم مع منح أصحابها صلاحيات وموارد تتناسب مع مهامهم.

توزيع المعرفة
- نقل المهام الحساسة من الأفراد إلى الأنظمة، مع تعزيز التوثيق وتوزيع الصلاحيات.
اطلعوا أيضاً على ماهية الترقية الوهمية التي يستخدمها بعض المدراء وتأثيراتها؟.