ألم الحوض المزمن مؤشر لأمراض عدّة

تعاني بعض السيدات من آلام متكرّرة في المنطقة التي تقع تحت السرّة وبين الوركين تدوم ما بين ثلاثة وستة أشهر، معوّقةً حياتها اليومية. تسمّى هذه الحالة بـ «متلازمة آلام الحوض المزمنة»، وتشكّل تحدّياً للجسم الطبي، نظراً إلى أسبابها غير الواضحة وتاريخها المعقّد وتداخلها مع أمراض أخرى. وتتمثّل أبرز أعراضها في الألم أثناء العلاقة الزوجية وأثناء عملية الإخراج أو التبوّل وبعد الجلوس لفترات طويلة، فضلاً عن الكسل والثقل أو الضغط في منطقة الحوض والتقلّصات. ويتضاعف الألم بعد الوقوف لساعات طويلة، ويبرز عند الإستلقاء. ولعلّ أحد الجوانب الأكثر تأثيراً بسبب الألم المزمن هو انعكاسه على الحياة اليوميّة، وما ينتج عنه من اضطرابات في النوم والمزاج العام، ممّا قد يؤدّي إلى الإنسحاب من الحياة الإجتماعية.

«سيدتي» تسلّط الضوء على هذا المرض، من خلال معلومات مستمدّة من الإستشارية في أمراض النساء والتوليد الدكتورة نادية عبد الفتاح كابلي.


أسباب مسؤولة

هذه الأسباب العضوية المحتملة لآلام الحوض المزمنة:

1- البطانة المهاجرة عندما تتجمّع الطبقة المكوّنة لبطانة الرحم خارج مكانها الطبيعي  أي حول المبيضين وخلف الرحم وعلى أربطة الرحم وقاع الحوض، تزيد من توتّر عضلات قاع الحوض، مسبّبة آلاماً متكرّرة.

2- العدوى أثناء العلاقة الزوجية  ممّا ينتج ندوباً والتصاقات مؤلمة في الحوض.

3- إحتقان الحوض المزمن  نتيجةً لتوسّع الأوردة الدموية حول الرحم والمبيضين.

4- وجود أورام ليفية رحمية والتصاقات ناتجة عن عملية استئصال الرحم أو المبيضين.

5- الإكتئاب والإجهاد النفسي المزمن إذ لاحظت دراسات نفسيّة أن نسبة مرتفعة من السيدات اللواتي يعانين من هذا النوع من الآلام سبق لهن التعرّض للعنف الجسدي أو الجنسي أو التعنيف النفسي أثناء الطفولة والمراهقة. 

 

إستشيري طبيبك

بعد الحصول على التاريخ الطبّي للمريضة، ووصف شدّة الألم وتوقيت حدوثه وما ينفع في التخفيف منه، تخضع إلى فحص للحوض ليتعرّف الطبيب على المناطق المعتلّة. وهنا، يجدر بالطبيب المعالج إجراء فحوص مخبرية للتحرّي عن حالات العدوى الجنسية والتهابات الحوض، وكذلك فحص الحوض باستخدام الأشعة فوق الصوتية. وقد تستدعي بعض الحالات أن يقوم الطبيب بمنظار للبطن ومنطقة الحوض، لمزيد من الإستقصاء عن أسباب الآلام.

 

سبل العلاج

يشمل العلاج الأدوية المضادة للآلام والإلتهابات أو الإكتئاب بجرعات محدّدة، لمدّة تختلف من سيّدة إلى أخرى. ويستفيد البعض من العلاج الطبيعي وتمرينات الإسترخاء، خصوصاً في حالة التقلّصات المؤلمة في عضلات الحوض، وذلك بواسطة التدليك اليدوي أو الحراري أو موجات كهربائية محدّدة نحو منطقة الألم. وقد أثبتت الدراسات فاعلية كبيرة للوخز بالإبر الصينية. وقد تستدعي الحالة اللجوء إلى العلاج بالهرمونات، كأدوية تنظيم الحمل ومثبّطات المبيضين لإيقاف الدورة الشهرية والتبويض مؤقتاً، وذلك لمنح أنسجة الحوض والأوعية الدموية المحتقنة فرصة للتعافي.

وقد يلجأ الطبيب إلى استخدام المنظار الجراحي في تشخيص بعض أسباب آلام الحوض المزمنة، كالتهاب بطانة الرحم والتهاب الحوض، كما يتمّ فصل الإلتصاقات بين أعضاء الحوض. وفي حالات قليلة، تستدعي اللجوء إلى معالجة الضفيرة العصبية الحسية والعقد العصبية الحركية في أربطة الرحم والحوض، وذلك بإزالة النسيج العصبي جراحياً أو باستخدام «اللايزر» أو إبطال حساسيته باستخدام الحقن بأدوية معيّنة لتخدير الألم وتسمى عملية «لونا» LUNA.

وفي بعض الحالات قد لا تظهر السيدة استجابة لجميع السبل السابقة، فيلجأ الطبيب إلى إجراء جراحي استثنائي لاستئصال الرحم والمبيضين وما يحيط بهما من التصاقات وأورام ليفية، وذلك لمساعدة السيدة على تجاوز المعاناة المزمنة واستعادة نشاطها وعافيتها الجسدية والنفسية.

إحمي نفسك بالإسترخاء

للوقاية من آلام الحوض المزمنة، يجدر بالمرأة اللجوء إلى أسلوب الإسترخاء الذاتي وتخفيف التوتر، مع الإلتزام بالجماع الآمن والعناية بالجسم والتغذية الجيدة والرياضة وأعمال التنشيط البدني كالتدليك الذي يتعامل مع العضلات والأربطة والأنسجة الرخوة على أيدي متخصّص.