الألياف والتدخل الجراحي لعلاج أبرز الأمراض الشرجية

تعاني النساء خصوصاً من اضطراب شرجي مستقيمي في مرحلة معيّنة من حياتهن، يتمثّل في: الشعور بألم وحكّة في الشرج وصعوبة في التبرّز وضيق في فتحة الشرج، ما يسبّب لهنّ إزعاجاً شديداً يمنعهنّ من القدرة على الجلوس بشكل معتدل وسليم. وتفيد التقديرات الطبية الحديثة أن نحو 40 % من سكان العالم يتعرّضون خلال مراحل حياتهم المختلفة لأعراض البواسير الشرجية.

«سيدتي» اطلعت من الاستشارية في الجراحة العامة في «المستشفى السعودي الألماني» بجدة الدكتورة ابتسام دمرداش على الأنواع المختلفة من الأمراض الشرجية أعراضها وطرق علاجها والوقاية منها. 

يمثّل الشرج الجزء الأخير من أجزاء الجهاز الهضمي، بدايةً بالمستقيم وانتهاءً بفتحة الشرج بطول يبلغ حوالى 3 إلى 4 سنتيمترات، وتشمل وظيفته الرئيسة التحكمّ في عملية التبرّز، إذ يحوطه نوع من العضلات تعرف باسم العضلات الحابسة الداخلية والخارجية والتي تخضع الأخيرة منها لإرادة الإنسان إذ تنبسط عند قيامه بالتبرّز أو خروج الغازات.

وتحتوي هذه المنطقة من الجسم على عدد من نهايات الأعصاب التي يسبّب تعرّضها لالتهاب شديد أو قطع أو تمزّق إلى الإحساس بألم شديد وعدم قدرة على الحركة.

وتواجه الشرج مجموعة من الأمراض، أبرزها:   

 

1- البواسير الشرجية Hemorrhoids: زوائد تخرج من فتحة الشرج وتتكوّن من مجموعة من الأوعية الدموية المتضخّمة والأوردة المحتقنة، بالإضافة إلى بعض أجزاء العضلات الملساء الموجودة وبعض الأنسجة الضامة والتي تحاط جميعها بنسيج خلوي خارجي مماثل للقناه الشرجية. وقد أظهرت الدراسات الطبية الحديثة أن البواسير تعتبر مشكلة شائعة تنشأ نتيجة انتفاخ الأوردة في الشرج والمستقيم، وقد تصيب أي فئة عمرية، إلا أنها عادة ما تظهر في الفئة العمرية المتراوحة بين 46 و65 عاماً، علماً أن غالبية الحالات المصابة (حوالي 67.5%) هي في سنّ الخمسين.

وفي هذا الإطار، كشفت دراسة أميركية حديثة عن ارتفاع معدّل حدوث الإصابة بالبواسير الشرجية بالولايات المتحدة إلى 4.4 %، كما يحتاج حوالي 500,000 مصاب سنوياً إلى التدخل العلاجي لتعرّضهم للنزف الشديد.

أنواعها: تختلف الإصابات بالبواسير الشرجية، وتنقسم إلى:

- الدرجة الأولى: هي عبارة عن بواسير داخلية، يشكو فيها المريض من النزف المستقيمي، وهو دم أحمر اللون يخرج أثناء التبرّز أو قبله نتيجة افتقار الغذاء للألياف المليّنة والتي تعرف طبياً بـ Internal Hemorrhoids.

- الدرجة الثانية: تظهر هذه الزوائد أثناء التبرّز، لكنّها تعاود الدخول مرة أخرى داخل الشرج بعد الانتهاء من عمليه التبرّز وتعرف بـ External Hemorrhoids.

- الدرجة الثالثة: تظهر هذه الزوائد أثناء التبرّز ولا تعود إلى الداخل تلقائياً إلا إذا قام المريض بدفعها بنفسه.

- الدرجه الرابعة: تظلّ هذه الزوائد خارج الشرج بشكل دائم، سواء كان هناك تبرّز أم لا.

أعراضها: ظهور دم أحمر اللون بالبراز، نزف أثناء التبرّز أو قبله، شعور بحكّة شديدة عند فتحه الشرج، تضخّم بفتحة الشرج، شعور بالامتلاء داخل المستقيم ما يؤدي إلى إحساس بعدم الانتهاء من التبرّز، خروج إفرازات مخاطية وإن كانت غير شائعة الحدوث.

وتجدر الإشارة إلى أن البواسير الشرجية غير مؤلمة، ويعتبر هذا الفارق جوهرياً بين البواسير والشرخ الشرجي، حيث أن البواسير غير مؤلمة سوى في حال حدوث مضاعفات كالتجلّط والسقوط الحاد والنزف الشديد والانسداد الوريدي.

أسبابها: تنتج الإصابة بالبواسير الشرجية عن الأسباب التالية:

- اتباع بعض العادات الغذائية غير الصحيحة وقلّة الحركة وضعف النشاط البدني.

- الإمساك بنوعيه الشديد والمزمن والإجهاد أثناء التبرّز بالضغط على البطن.

- استخدام المليّنات القوية والإصابة بالإسهال المزمن وظهور البواسير الشرجية على المدى الطويل.

 - عارض مصاحب لبعض أمراض الكبد والقلب وارتفاع الضغط بالوريد البابيPortal Hypertension.

وتجدر الإشارة إلى ظهور البواسير الشرجية لدى الحوامل بشكل خاص Pregnancy related Hemorrhoids نتيجة تعرّض أوردة الحوض للضغط بسبب زيادة حجم وثقل الرحم، مع تقدّم مراحل الحمل. ولكن، يختفي هذا النوع من البواسير بعد الولادة لدى 70% من السيدات.

نصائح علاجية 

في حال الدرجتين الأولى والثانية: استخدام العلاج التحفظي بعد استشاره الطبيب المتخصّص أو إجراء ربط للبواسير أو استخدام «اللايزر» العلاجي أو التدبيس الجراحي إذا كان هناك نزف.

في حال الدرجتين الثالثة والرابعة: يجدر بالمريض الخضوع إلى عملية لاستئصالها بالكامل.

للوقاية: لتجنّب تعرّضك للبواسير الشرجية ينصح باتباع الخطوات الآتية:

- اتباع الإرشادات الغذائية الصحيحة كزيادة نسبة الألياف في الوجبات الغذائية والسوائل بصورة مستمرة، مع التخفيف من تناول المأكولات السريعة والوجبات التي تفتقر إلى الفيتامينات والألياف الطبيعية.

- الحرص على ممارسة التمرينات الرياضية أو المشي بصورة يوميّة لإبقاء حركة الجهاز الهضمي مستمرة وطبيعية.

- إذا كانت طبيعة عملك تضطرك للجلوس المطوّل، فيجدر بك أخذ فترات تمارسين فيها المشي لبعض الوقت.

- الذهاب فوراً إلى دورة المياه عند الشعور بالحاجة للتبرّز، ما يقلّل من تراكم الفضلات وتجميعها داخل الجسم.

 

2- الشرخ الشرجي Anal fissure: هو عبارة عن شرخ أو شقّ بالجلد يصيب فتحة الشرج، مع امتداد رفيع داخل القناة الشرجية، ويكون مؤلماً للغاية خصوصاً عند التبرّز. وتفيد دراسة أنّ الشرخ المزمن يعتبر من أهم أسباب النزيف الشرجي لدى الأطفال. وفي هذا الإطار، يؤكد المتخصّصون أن حوالي 78% من المصابين بالشرخ الشرجي المزمن تتراوح أعمارهم ما بين 20 و60 سنة، كما أن معدّلات إصابة السيدات به أعلى من معدلات إصابة الرجال.

أنواعه: وهناك نوعان من الشرخ الشرجي، هما:

- الشرخ الحاد: يحدث لمرّة واحدة، فيشكو المريض حينها من ألم شديد أثناء التبرّز، يصاحبه نزيف حاد. وفي غالبية الحالات، قد يستمر لمدّة أقل من 6 أسابيع، ليختفي بعدها.

- الشرخ المزمن: يستمرّ لما يزيد عن 6 أسابيع، وهو النوع الذى يصيب المريض مع كل نوبة إمساك. وينصح الأطباء، في هذه الحال، بتناول الأدوية واستخدام المراهم والتحاميل الموضعية، بالإضافة إلى المليّنات والمسهّلات التي بدورها تمنع الإمساك وتقلل الشعور بالألم أثناء التغوّط.

أسبابه: ثمة مجموعة من الأسباب المسؤولة عن الشرخ الشرجي، أبرزها:

- الإمساك الشديد.

- عدم الانتظام في مواعيد التبرّز والبقاء أيام طويلة بلا رغبة في التبرّز.

- زيادة حجم الكتلة البرازية.

- الولادة: تتعرّض الحوامل إلى احتمالية الإصابة بالشرخ المزمن بنسبة 10%

- الإسهال المزمن وكثرة استخدام المسهّلات والتعوّد عليها. 

ويمكن أن يحدث الشرخ الشرجي بدون سبب واضح، خصوصاً لدى من يعانون من السمنة الزائدة أو نتيجة الجلوس لفترات طويلة.

أعراضه: تتمثّل الأعراض، في:

- شكوى المريض من ألم شديد أثناء عمليّة التبرّز وبعدها، والتي تصل إلى حدّ الإحساس بفقدان الوعي من شدّة الألم. لذا، تصف بعض النساء ألم الشرخ الشرجي بأنه مشابه لألم الولادة، علماً أنّه يستمر لمدة ساعة تقريباً بعد التبرّز، فيما يشعر البعض الآخر بعدم الرغبة في دخول الخلاء ثانية مطلقاً نتيجة الألم المفرط وغير المحتمل الذي وصفه الأطباء بأنه يشبه الحرقان الشديد أو كأنه قطع أو تمزّق أثناء التبرّز.

- تشنج العضلات الشرجية، ما يؤدّي إلى حدوث ضيق شرجي وشعور بألم زائد مع زيادة التمزّق.

- مرور دم أحمر اللون بالبراز يظهر على السطح الخارجي، وعادةً ما يكون غير ممتزج به، إلا أنه في كثير من الأحيان لا يعاني المريض من نزول دم أو نزيف، كما هو الحال لدى المصابين بالبواسير الشرجية.

- شعور بالحكة في منطقه الشرج وخروج بعض الإفرازات المخاطية.

نصائح علاجية

- في حال الشرخ الشرجي الحاد: يتمّ علاجه بالأدوية والتحاميل والمراهم، مع وصف مليّن حتى يزول الإمساك، بالإضافة إلى أهمية اتباع نظام غذائي يشمل الخضر الطازجة والفاكهة (البرتقال والعنب والخس والبطيخ)، مع تجنب الإكثار من النشويات والخبز الأبيض والامتناع عن تناول الفلفل الحار.

- في حال الشرخ الشرجي المزمن: يحتاج المريض إلى التدخّل الجراحي حسب درجة إصابته، بالإضافة إلى ضرورة اتباع العادات الغذائية السابقة قبل وبعد الجراحة.

 

3- الناسور الشرجي Anal Fistula: هو عبارة عن تكوّن قناة تصل ما بين داخل الشرج وبين الجلد الخارجي المحيط بفتحة الشرج نتيجة وجود نوع من الالتهابات المزمنة مسبقاً. وتزداد  معدّلات الإصابة لدى مرضى كرون Crohn’s disease بنسبة تتراوح بين 30% و50%.

أسبابه: ينتج عن تعرّض المصاب لخرّاج حول الشرج، ما يؤدّي إلى تكوين تجويف أو قناة عقب انفجاره تلقائياً أو جراحياً إذا ما لم يتمّ بشكل سليم أي أنه يحدث كمضاعفات للخرّاج الشرجي Perianal Abscess. كما يصيب هذا النوع الرجال أكثر من النساء وذلك بنسبة رجلين إلى كل امرأة.       

أعراضه: تشمل أعراض الناسور الشرجي:

- حدوث إفرازات قيحية لها رائحة كريهة بشكل متكرّر حول الشرج، مع احتمال نزول دم. 

- تكوّن أكياس صديدية، مصحوبة بارتفاع في درجة الحرارة.

- ألم حول الشرج نتيجة انسداد القناة والذي يزول بمجرد إعادة فتحها مرة أخرى أو بتكوّن ناسور آخر.

- ازدياد الألم مع الجلوس أو الحركة أو التبرّز أو السعال. 

نصائح علاجية

- العلاج الدوائي: يشمل المراهم الموضعية من المضادات الحيوية، مع الاهتمام بالنظافة الشخصية وتجنّب حدوث الإمساك.

وفي حال فشل العلاج الدوائي أو عدم استجابة المريض، يتمّ التدخل الجراحي في شكل استئصال للقناة الواصلة بين الشرج و فتحة الناسور الخارجية.