غالباً ما تتسم تعاملات الأم مع أطفالها الصغار، بالدفء والعطف والحنان والاهتمام، والتي تُعد مؤشرات قوية على نتائج مهمة في حياة الطفل؛ إذ تضفي على شخصيته سمات من النجاح الأكاديمي والمهني، ومزيد من الصحة والرفاهية في علاقاته الاجتماعية والمهنية، ما يؤكد على تأثير بيئات الأبوة والأمومة الإيجابية.
وفي المقابل أثبتت الدراسات أن الحنان الزائد للأم، وعطفها الذي يُكبل الطفل، وإصرارها على الارتباط بطفلها الذي يسيطر على أفعاله، ويؤخر نمو مهاراته، ويقف حائلاً بدون دوام علاقاته، يعتبر ارتباطاً سلبيا "مرضياً" يؤخر نمو الطفل النفسي، و يهدد تطور شخصيته، ويمنع اكتمال نضجه. اللقاء والدكتورة ليلى فريد أستاذة التربية وعلم نفس الطفل لمزيد من الشرح والتوضيح.
التأثير الإيجابي لحنان الأم:

أثبتت الدراسات بأن الفرق يبدو واضحاً بين من تلقوا الحنان والدفء الأمومي منذ طفولتهم من 5-10 سنوات، وبين من لم يتلقوه؛ حيث اتضح أن من حظوا بعطف أكبر، أصبحوا شباباً أكثر انفتاحاً ووعياً ولطفاً من أشقائهم الذين تلقوا دفئاً أقل.
كما أضافت دراسات أخرى أن العناق الدافئ، وحكايات قبل النوم في سنوات الطفولة، وغيرها من سمات الحنان تؤثر على الشخصية بعد البلوغ، أكثر مما كان يُعتقد.
آثار "الارتباط المرضي" للعطف الأمومي:

قد يصل الأمر لدى بعض الأمهات، ولمجرد خلود أطفالهن إلى النوم أن يشعرن بحالة من الحزن في الليل! وفي صورة أخرى؛ نجد أخريات يغرقن أطفالهن بالحماية وكتم نشاطهم أو الحد من انطلاقاتهم الطفولية.
وقد يصل الارتباط إلى عدم الموافقة على خوض أطفالها اللعب الصعب؛ كالتسلق أو التدريب على الألعاب القتالية؛ كالكاراتيه أو الملاكمة أو المصارعة، ما يورث بداخل الطفل الكثير من المشاكل النفسية ومنها:
قلة الثقة بالنفس:
قد يشعر الطفل بعدم القدرة على الاعتماد على نفسه واتخاذ القرارات بنفسه، مما يؤدي إلى نقص في الثقة بالنفس.
صعوبة التكيف:
قد يجد الطفل صعوبة في التكيف مع المواقف الجديدة والتحديات، حيث يفضل البقاء في منطقة الراحة وتجنب أي تجربة جديدة.
التأخر في تطوير مهارات الاستقلال:
قد تؤثر الحماية الزائدة على قدرة الطفل على تطوير مهارات الاعتماد على النفس واتخاذ القرارات بشكل مستقل.
علاقات اجتماعية متأزمة:
قد يصعب على الطفل تكوين علاقات اجتماعية صحية مع أقرانه بسبب الحماية الزائدة التي تجعله يعتمد على والدته في كل شيء.
القلق والاكتئاب:
في بعض الحالات، قد يؤدي الخوف والحماية الزائدة إلى زيادة مستويات القلق والاكتئاب لدى الطفل.
مظاهر الحب الزائد السلبي:
- الحماية المفرطة: قد تحرم الأم طفلها من الفرص للتجربة والتعلم من خلال مواجهة التحديات.
- التعلق المفرط: قد يتسبب التعلق الزائد بالطفل في تقييد استقلاليته وتعريضه لمشاكل نفسية.
- التدليل الزائد: قد يسبب التدليل الزائد في انخفاض الثقة بالنفس لدى الطفل وصعوبة تكوين علاقات صحية.
نوعان من التعلق:

التعلق الطبيعي، أو ما يسمى بالتعلق الآمن، والتعلق المرضي وهو ينقسم إلى نوعين إما (قلق أو تجنبي):
التعلق القلق: يعني ملازمة الأم لطفلها بسبب خوفها عليه، فيدفعها قلقها عليه إلى شدة التعلق به حتى لا تفقده.
التعلق التجنبي: أن تكون الأم متعلقة بطفلها ولكنها تخشى أن يصبح نقطة ضعف في حياتها، مما يدفعها إلى سلوكيات تجنبية تجاهه.
وبالتالي تفرض هذه الأم سيطرتها على أبنائها في محاولة للتحكم فيهم، فيصبح التعلق في ظاهره ليس رغبة في القرب، وإنما صورة من صور السيطرة والتحكم.
مظاهر تدفق الحنان:
مجرد خروج الطفل من رحم الأم إلى العالم الخارجي، يبدأ الاتصال والارتباط الحسي بينهما، ويوماً بعد يوم يزداد التعلق بالأم، وأحياناً تتعلق الأم بصغيرها بصورة أكبر، فتراها تشعر بالقلق عليه وهو يلعب في الحديقة؛ خشية أن يقع أو يتعرض لمضايقة من أحد تؤذيه.
وقد ترفض ذهابه إلى الرحلات الترفيهية بالمدرسة، ظناً منها بأنها تحميه من مخاطر قد يتعرض إليها وهو بعيد عن عينيها، قد لا تحب الأم السماح لطفلها بقضاء يوم عند أحد أصدقائه بالبيت، ولا ترسله لشراء لوازم المنزل عندما يصبح عمره مناسباً لذلك.
وأحياناً كثيرة تخاف من ركوب طفلها الدراجة حتى لا يقع، وتخاف من تعلمه الألعاب القتالية حتى لا يتأذى، ولو استطاعت أن تبقيه بجانبها 24 ساعة لفعلت.
طرق مدروسة للعلاج:

- التوازن بين الحماية والسماح بالاستقلالية: يجب على الأم أن تسمح لطفلها بالتجربة والتعلم من خلال مواجهة التحديات، مع توفير الدعم والمساندة اللازمة.
- بناء الثقة بالنفس: يجب على الأم أن تشجع طفلها على الثقة بقدراته ومواجهة التحديات، وتساعده على تطوير مهارات الاستقلال.
- توفير علاقات اجتماعية صحية: يجب على الأم أن تساعد طفلها على تكوين علاقات اجتماعية صحية مع أقرانه، وتجنب الإفراط في الحماية.
- التركيز على الإيجابيات: يجب على الأم أن تركز على إيجابيات طفلها وتشجعه على تحقيق أهدافه، بدلاً من التركيز على نقاط ضعفه.
*ملاحظة من"سيدتي": قبل تطبيق هذه الوصفة أو هذا العلاج، عليك استشارة طبيب متخصص.