mena-gmtdmp

خوف الأطفال الزائد: هل لأسلوب التربية علاقة؟ 

صورة لطفلة خائفة
طفلة على ملامحها يبدو الخوف شديداً
الخوف شعور طبيعي لدى الأطفال، بل ضروري في مراحل معينة لحمايتهم من المخاطر، لكن، حين يتحول هذا الشعور إلى حالة دائمة، ويصبح عائقاً أمام التطور النفسي والاجتماعي للطفل، فهذا يُنذر بمشكلة عميقة الجذور، غالباً ما تبدأ من البيت، في المقابل يتعجب بعض الآباء من خوف طفلهم من الظلام، ويتساءل آخرون: لماذا يخاف طفلي من الاختلاط بالغرباء؟ أو حتى من ارتكاب خطأ بسيط! ويستمرون: وهل هذه مخاوف طبيعية، أم أن هناك خطأ ما في أسلوبنا في التربية ينميها بصمت؟
يستعرض هذا التقرير الأسباب الرئيسية وراء نشأة الخوف الزائد لدى الأطفال، في 5 نقاط محددة واضحة الشرح والتحليل، كما يكشف عن تأثير أنماط تربية الوالدين، بجانب تقديم سبل عملية للتعامل معه، وذلك وفقاً لموقع. Healthy line الطبي.

متى يتحول الخوف الزائد عند الأطفال إلى مرحلة الخطر؟

طفلة تشعر بالخوف الشديد من الظلام
كل الأطفال يخافون من أشياء في مراحل معيّنة: كالحيوانات، الظلام، الغرباء، أو الأصوات العالية، لكن ما يتصف به الخوف الزائد هو استمراره لفترات طويلة.
كذلك يظهر الخوف في مواقف لا تستدعي الخوف أصلاً، لهذا يتحول الخوف في عيون الطفل إلى عائق أمام رحلة التعلّم، التواصل، والاستكشاف.مثال: طفل يخشى أن يُخطئ فتجدينه يتوقف عن المشاركة في أي تجربة أو رحلة أو حتى لعبة يمارسها.
وآخر يخاف من أن يُترك وحده في الغرفة، أو أن ينام وحده، وثالث يرتعب من الخروج من المنزل بسبب فكرة غامضة عن " الخطر" والتي شعر بها في أجواء البيت، هذا الخوف ليس فطرياً بالكامل، بل هو غالباً انعكاس مباشر لأسلوب التربية الخاطئ .

طرق للتعامل مع خوف الطفل هل تودين التعرف إليها؟

التربية المتسلّطة والحماية الزائدة بوابة القلق الأولى

طفلة تحتمي بأمها خوفاً من عقاب الأب
كشفت عدة دراسات تربوية ونفسية أن الأسلوب التسلّطي في التربية؛ الذي يقوم على الأوامر الصارمة، العقوبات القاسية، والحدود المغلقة، يترك الأطفال في حالة دائمة من الترقب والخوف من الفشل أو الرفض، هنا الطفل لا يشعر بالأمان، بل يحس بالخطر المحتمل من كل شيء حوله، بما في ذلك تصرفاته هو!
كما أن الحماية الزائدة، وهي الوجه الثاني للسيطرة، تجعل الطفل يشعر بأنه غير قادر على حماية نفسه أو اتخاذ قراراته، فعندما تمنعه أمه من اللعب في الحديقة خوفاً عليه، أو يرفض والده تركه يتحدث أمام الناس خوفاً من الإحراج، يُبرمج الطفل على أن الخطر منتشر في كل مكان، وأنه شخص ضعيف.
وهذا تماماً ما أظهرته أبحاث عالمية نُشرت؛ حيث تبيّن أن الأطفال الذين نشأوا في بيئات تقييدية أو مسيطرة، يظهرون استجابات خوفية أعلى، خاصة في المواقف الاجتماعية أو الجديدة.

غياب الدفء العاطفي والنقد المستمر من الأسباب

طفل يشعر بالخوف
الخوف الزائد الذي يشعر به الطفل، لا ينشأ فقط من وجود خطر ما، بل أحياناً من غياب الدعم النفسي؛ الطفل الذي لا يجد حناناً أو احتواءً كافياً داخل منزله، يتعلّم أن العالم مكان بارد، وأن عليه أن يخاف لأن لا أحد يحميه.
غياب الدفء العاطفي لسبب ما، أو وجود النقد المستمر من جانب الآباء، يجعل الطفل يعيش في قلق من فقدان الحب أو من عدم كفايته، وهذا النوع من الخوف هو الأخطر، لأنه داخلياً يشعر بأنه السبب في كل خطر، وأنه لا يستحق الأمان.
في المقابل أظهرت بعض الدراسات أن الأطفال الذين تربطهم علاقات وثيقة وعاطفية مع والديهم، يكونون أكثر قدرة على ضبط مخاوفهم، وأقل عرضة لتضخيم المخاطر.

تأثير غياب الأب والقلق الصامت على الطفل

طفل يحتضن أمه هرباً من الخوف
رغم أن كثيراً من الأمهات يقمن بالدور الأكبر في التربية، إلا أن غياب الأب أو بُعده عاطفياً أو فعلياً أحياناً، له تأثير عميق على منظومة الأمان النفسي للطفل.
الطفل بحاجة إلى الحنان والرعاية من الأم، والثقة والحماية من الأب، عندما يغيب أحدهما، أو يكون موجوداً من دون تفاعل حقيقي، تظهر لدى الطفل تساؤلات تحمل معاني مثل: من يحميني؟، أو هل يمكنني الوثوق بالآخرين؟
يؤكد هذا أن أبحاثاً عديدة بيّنت أن الأطفال الذين لديهم علاقة غير آمنة مع آبائهم يظهرون مستويات أعلى من القلق والخوف، خصوصاً إذا كان الأب نفسه يعاني من توتر دائم أو انفعال زائد.

خطوات عملية لتقليل آثار الخوف الزائد

طفلة قلقة خائفة وأم تحاول تهدئتها
افهمي مخاوف طفلك من دون سخرية: ولا تقولي له: "أنت جبان" أو "هذا لا يستحق الخوف" بل اسأليه عما يخيفه، واستمعي له بتعاطف.
تجنّبي الحماية المفرطة: دعي طفلك يواجه مواقف بسيطة، مع دعمك، ليكتسب الثقة تدريجياً، ليس عليك إنقاذه دائماً.
كُوني نموذجاً للهدوء: الأطفال يقلّدون، لا يسمعون فقط؛ إذا رآك تتعاملين مع المواقف بهدوء، سيتعلّم ذلك تلقائياً.
اعترفي بمشاعر طفلك : وجّهيها، وتفهمي خوفه، واخبريه أنها أمر طبيعي، ولكن دعنا نفكّر معاً كيف يمكننا التعامل مع هذا الشعور؟
لا تعاقبي طفلك على خوفه؛ الخوف ليس خطأ ، والطفل لا يخاف ليسبب لك القلق والتعب، بل رسالة بأنه يحتاج من يُريه أنه آمن.
اعملي على تدعيم علاقتك بطفلك: لا شيء يطفئ نار الخوف داخل قلب وعقل الطفل، مثل الشعور بالحب غير المشروط.
أسلوب التربية هو السبب: خوف الأطفال الزائد ليس مشكلة نابعة أو سببها الطفل، بل غالباً ما يكون انعكاساً لأسلوب التربية أو البيئة العاطفية المحيطة به.
يحتاج الطفل إلى: والد يسمعه، يفهمه، يُشعره بالأمان، ويُعلّمه أن الحياة ليست خالية من المخاطر، لكنها أيضاً ليست كلها مخاوف أو تهديد.
تابع: علاج مخاوف الطفولة :
  1. اجعلي الطفل يشعر بالأمان، في كثير من الأحيان، كل ما يحتاجه الأطفال الخائفون هو الطمأنينة، يمكن أن يهدىء احتضان الطفل من مخاوفه ويجعله يشعر بالأمان.
  2. تحدثي مع الطفل عن مخاوفه، وذكريه أن شخصيته أصبحت أقوى وأكبر، فهذا يزيد من ثقته بقدراته، واجعلي الطفل يخبرك بسبب الخوف، واستمعي إليه من دون مقاطعة أو التقليل من مخاوفه أيضاً، فهذا يزيد من ثقته بقدراته وإمكانياته.
  3. عدم الاستخفاف بمشاعر الطفل، لا يوجد شيء يخيف الطفل أكثر من الاعتقاد بأنه لا يمكنه اللجوء إلى والديه وطلب المساعدة، لذلك يجب احترام مشاعر الطفل والتعاطف معه، لأن ذلك يبني الثقة بين الأم وبين طفلها.
  4. منح الطفل فرصة للتعبير عن مشاعره، وتعليمه القدرة على التعامل مع عواطفه وأفكاره بطريقة صحيحة وغير مبالغ فيها، ويفكر كثيراً قبل أي تصرف ويدرك أنه بإمكانه التغلب عليه بشكل مستقل.
  5. عدم المبالغة في رد الفعل، يمكنك صرف انتباه طفلك عن خوفه بإشراكه في بعض الأنشطة البدنية، مخاوف الطفولة ليست علامة على وجود خطأ أو مرض لدى الأطفال، فهو جزء من عملية النمو الطبيعية.
  6. تعزيز التفكير الواقعي: اطلبي من الطفل أن يضع قائمة بمخاوفه ثم يفكر فيها بعقل صافٍ، التفكير المنطقي هو أداة قوية يمكنك استخدامها للسماح لطفلك بالتغلب على مخاوفه، واجعليه يفهم أن خوفه لا أساس له من الصحة.
*ملاحظة من"سيدتي": قبل تطبيق هذه الوصفة أو هذا العلاج، عليك استشارة طبيب متخصص.