mena-gmtdmp

وفقاً لدراسات: الصداقات الدولية لأطفالك جواز سفر نحو عالم أوسع

صورة لطفلين وتواصل عبر القارات
الصداقات الدولية منفذ لطفلك لعالم أوسع
تربية الطفل مهمة ومسؤولية كبيرة يحملها الآباء وحدهم، وهي تحوي العديد من التفاصيل الصغيرة التي تشكل في النهاية شخصية الطفل، ولكن في زحمة الحياة اليومية قد يغفلون أموراً بسيطة قادرة على إضافة الجديد المفيد الذي يمكن أن يقوم بتغيير مستقبل أبنائهم. من هذه الأمور الصداقات الدولية، تلك الروابط والصداقات التي يبنيها الأطفال مع أقرانهم من ثقافات وجنسيات أخرى بالمدارس الدولية أو عبر برامج النت.
هذه الصداقات قد تنشأ في مدارس دولية، أو عبر برامج التبادل الطلابي، أو حتى من خلال المخيمات الصيفية والأنشطة المشتركة على الإنترنت، ومع العولمة المتسارعة لم يعُد غريباً أن يجلس الطفل في فصل يضم جنسيات متعددة، أو أن يشارك في نشاط ترفيهي يفتح أمامه أبواب التعرف إلى لغات وعادات مختلفة.
والسؤال: ما الفوائد التي يجنيها الطفل من تكوين الصداقات الدولية؟ ولماذا يجب على الأهل تشجيع أبنائهم على خوض مثل هذه التجارب؟ الدكتور ياسين المراغي أستاذ علم الاجتماع يشرح الكثير والكثير من الفوائد التي تعود على الطفل من الصداقات عبر القارات.

الصداقات الدولية استثمار في مستقبل الطفل

طفل سعيد بجلوسه أمام الشاشة

تكوين الصداقات الدولية ليست ترفاً أو تجربة عابرة، بل هي استثمار طويل في شخصية الطفل ومستقبله؛ فهي تقدم له: أدوات لفهم العالم، مهارات للتواصل، التحلي بالشجاعة للانفتاح، وتُعَد جسراً نحو مجتمع عالمي.
عزيزتي الأم، عزيزي الأب، حين تشجعان أطفالكما على تكوين صداقات عبر الثقافات؛ فأنتما تمنحانهم جواز سفر صغيراً نحو عالم أرحب وأمل أكبر، يتمتعون فيه بمعلومات أكبر؛ ما يمنحهم سعة أفق أوسع.
الكلام ليس من فراغ، هناك العديد من الدراسات، منها واحدة بريطانية شملت 730 طفلاً أظهرت أن من لديهم صداقات عابرة للأعراق يؤدون أفضل في اختبارات إدراك مشاعر الآخرين.
دراسة أخرى وجدت أن الأطفال الذين لديهم صداقات قوية عبر الثقافات يتمتعون بمرونة نفسية أعلى، ويشعرون بقبول أكبر، بجانب أن الصداقات المدرسية القوية ساعدت على انخفاض معدلات التنمر بين الأطفال.

الصداقة العابرة تقدم للطفل رؤية أوسع للعالم

طفلان مغتربان تجمعهما الصداقة

الطفل الذي ينشأ في دائرة ثقافية ضيقة قد يرى العالم من زاوية محدودة، لكن حين يدخل في علاقة صداقة مع طفل من ثقافة أخرى، يبدأ تدريجياً بفهم أن العالم أكبر وأغنى من مدرسته أو مدينته.
الأبحاث أثبتت أن الأطفال الذين يكونون صداقات دولية، يمتلكون القدرة على إدراك أن هناك مشاعر وآراء مختلفة عن مشاعرهم؛ ما يعني أن الطفل يصبح أكثر تقبلاً للاختلاف، وأكثر قدرة على استيعاب التنوع.

الصداقة خارج الحدود تمد الطفل بمهارات لغوية

التعرض للغات جديدة من خلال الأصدقاء ليس درساً مدرسياً جافاً، بل تجربة حية يتعلم فيها الطفل كلمات وعبارات من الحياة اليومية، وقد يحفظ الطفل أغنية بلغة أجنبية، أو يتعلم كيف يقول مرحباً وشكراً بلغة صديقه الجديد، هذه البداية البسيطة قد تفتح شغفاً طويل الأمد بتعلم اللغات.

مع الصداقة العابرة يصبح الطفل أكثر تعاطفاً وتسامحاً

الصداقة عبر العولمة المتسارعة تفيد الطفل

كثير من الدراسات العالمية تؤكد أن جودة الصداقة العابرة للثقافات لها تأثير مباشر في الصحة النفسية للطفل؛ فهي تزيد من قدرته على الصمود أمام التمييز أو التنمر.
الدراسة شملت أكثر من 1000طفل من أصول مختلفة، وأظهرت أن من لديهم صداقات متينة مع أطفال من خلفيات أخرى يتمتعون بمرونة نفسية أعلى ويشعرون بدعم أكبر من محيطهم.
وفي السياق العربي وجدت دراسة أن الأطفال الذين يتمتعون بصداقات قوية، وصفوا مناخ المدرسة بأنه إيجابي، كما أظهروا مستويات أعلى من التعاطف، ما يبرهن أن الصداقة بعامة أداة لحماية الطفل نفسياً واجتماعياً.

الصداقة الدولية تمد الطفل بالثقة والمهارات الاجتماعية

طفل يتكلم مع صديق خارج بلده

حين يحاول الطفل التواصل مع شخص مختلف ثقافياً أو لغوياً، فإنه يكتسب شجاعة خاصة، يتعلم كيف يعبر عن نفسه بطرق جديدة، وكيف يتجاوز سوء الفهم أحياناً. هذه الخبرات الصغيرة تشعره بثقة بالنفس وقدرة على بناء العلاقات في المستقبل، سواء داخل بلده أو خارجه.

الصداقة العابرة تكسر الصور النمطية للطفل

كثيراً ما تتشكل لدى الأطفال تصورات نمطية عن بلدان أو شعوب معينة من خلال الإعلام أو الأحاديث المحيطة، لكن حين يعرف الطفل صديقاً من تلك الخلفية، تتحول الصورة إلى تجربة واقعية؛ بمعنى مشاركته الألعاب والضحك والواجبات المدرسية، هنا يصبح الآخر فرداً قريباً لا مجرد صورة بعيدة.

الصداقة الدولية تعطي للطفل وعياً عالمياً أوسع

طفلتان تتحدثان بطلاقة مع أصدقاء عبر الشاشة الرقمية
  • الأطفال الذين لديهم أصدقاء من خلفيات مختلفة يصبحون أكثر اهتماماً بالأخبار العالمية والجغرافيا والثقافات؛ فجأة قد يسأل الطفل عن علم بلد صديقه، أو يبحث عن موقعه على الخريطة، أو يتابع أحداثاً مرتبطة به، هذه الفضولية تحفز حب المعرفة والتعلم الذاتي.
  • التعرف إلى ثقافات أخرى لا يعني فقدان الهوية، بل على العكس، الطفل حين يرى كيف يتمسك أصدقاؤه بعاداتهم، يبدأ بتقدير عاداته الخاصة، والتفكير في جذوره. في النهاية يصبح أكثر اعتزازاً بتراثه وأكثر وعياً بقيمه.
  • الصداقات الدولية التي تبدأ في الطفولة قد تمتد سنوات طويلة، وقد تفتح لاحقاً أبواباً للدراسة أو السفر أو حتى فرص العمل، كثير من الشباب الذين شاركوا في برامج تبادل طلابي ذكروا أن الصداقات التي كونوها ساعدتهم لاحقاً في خطوات أكاديمية ومهنية.
  • حين يكبر الأطفال وهم يرون التنوع شيئاً طبيعياً، يصبحون أكثر ميلاً للتعاون وأقل ميلاً للصراع، الصداقات الدولية تُغرس قيم السلام منذ الصغر، فتخلق أجيالاً قادرة على بناء جسور إنسانية.

كيف يمكن للأهل دعم هذه الصداقات؟

اختيار بيئة تعليمية متنوعة: المدارس الدولية أو التي تستضيف طلاباً من خلفيات مختلفة توفر فرصة طبيعية للتعارف.
تشجيع الأنشطة المشتركة: المخيمات الصيفية، وورش العمل الفنية، أو الدورات الرياضية المختلطة.
فتح النقاش في البيت: التحدث مع الأطفال عن أصدقائهم المختلفين والاحتفاء بإنجازاتهم.
استخدام التكنولوجيا بشكل إيجابي: عبر برامج التوأمة بين المدارس أو غرف الدردشة التعليمية التي تجمع أطفالاً من دول متعددة.