mena-gmtdmp

هل أُساعد طفلي في عمل الواجب؟ أم أترك له مساحة ليستقل؟

صورة لأم تشرح لطفلتها ما يصعب عليها
أم تدعم طفلتها في عمل الواجب المدرسي ولا تعمله لها
سؤال يتردد على ألسنة كثيرات من الأمهات مع بداية كل عام دراسي، ورغم هذا يتمسك التربويون بكلمتهم؛ وهي: تربية الأبناء لا تحتاج لرعاية واهتمام يومي فقط، فهي رحلة تتواصل مع ساعات اليوم وأيام الشهر، وتمتد طوال سنوات العمر؛ لبناء شخصيات مستقلة قادرة على مواجهة التحديات، ومن أبرز المهام التي تواجه الأمهات والآباء اليوم هي: كيف نساعد أطفالنا في الدراسة؟ وهل نشاركهم عمل الواجبات المدرسية؟ أم أننا بذلك نحرمهم من فرصة تنمية استقلاليتهم؟
المشكلة تتكرر يومياً تقريباً في بيوت كثيرة مع العودة للمدارس، حيث يقف الأهل حائرين: هل نتدخل أم الانسحاب هو الأفضل لهم؟
هنا يشير الدكتور حسن حجازي، أستاذ التربية ووضع المناهج، إلى أن الدراسات التربوية الحديثة تؤكد أن إفراط الآباء في مساعدة الطفل قد يؤدي إلى نتائج عكسية، في حين أن الدعم المتوازن يشجع الطفل على تحمل المسؤولية، وتطوير مهارات التفكير النقدي لديه، وبناء الثقة بالنفس، والآن إليكِ التفاصيل.

حدود مساعدة الأبناء

طفلة سعيدة بعمل الواجب المدرسي وحدها

دور الأهل في مساعدة الأبناء في الدراسة لا يقل أهمية عن دور المدرسة، لكنه يحتاج إلى وعي وحدود واضحة؛ فالمطلوب ليس إنجاز الواجبات بدلاً من الطفل، بل تمكينه من الأدوات التي تجعله قادراً على التفكير المستقل، التحليل، والمحاولة.
إن الأمهات والآباء الذين يتبنون نهجاً متوازناً يجمع بين الدعم والتشجيع والانسحاب التدريجي، يربّون أبناءً أكثر ثقة بأنفسهم، أقدر على مواجهة التحديات الأكاديمية، وأكثر استعداداً للحياة العملية لاحقاً.
بهذا الشكل يصبح الواجب المدرسي فرصة ذهبية لبناء شخصية مستقلة ومسؤولة، لا مجرد مهمة يومية ترهق الأسرة.

ابني يعاني من التأخر الدراسي: فما هي الأسباب؟

الفرق كبير بين الدعم والاستقلالية

أم تساعد طفلها وتشجعه

المساعدة لا تعني الحلّ بدلاً عن الطفل، ودور الأهل الأساسي هو الشرح والتوضيح، وليس إنجاز الواجبات نيابة عن الأبناء، فالطفل يحتاج إلى أن يخطئ ويتعلم من الخطأ أكثر مما يحتاج إلى حلول جاهزة.
من المهم التدرج في الانسحاب في المراحل الأولى، فالطفل يحتاج إلى كثير من الدعم والتوجيه، لكن مع مرور الوقت يجب تقليل التدخل تدريجياً، بحيث يتعلم الاعتماد على نفسه في البحث عن الحلول.
مراقبة علامات الجاهزية؛ بمعنى عندما يُظهر الطفل حافزاً داخلياً، أو يحاول التجريب بنفسه، أو يطرح أسئلة عن كيفية الحل، فهذه إشارات واضحة على أنه مستعد لخطوات أكبر من الاستقلالية.
تشجيع التفكير العميق بدلاً من إعطاء الإجابة، يمكن للأم أن تسأل: كيف فكرت في هذه المسألة؟ أو ما الخيار الآخر الذي يمكنك تجربته؟ وهي أسئلة تنمّي مهارات التفكير وتدعم بناء شخصية ناقدة للطفل.

إرشادات خاصة بالمواد الدراسية

طفل يفتقد التركيز وينتظر المساعدة

مادة الرياضيات
السنوات الأولى: استخدام الوسائل البصرية؛ مثل: المكعبات أو الأشكال؛ لتوضيح العمليات الحسابية.
المرحلة المتوسطة: تشجيع الطفل على شرح طريقة تفكيره قبل طلب المساعدة.
المرحلة الثانوية: ترك مساحة للتجربة الذاتية في حل المسائل، ثم مراجعة الأخطاء ومناقشتها معاً.
مادة اللغة والآداب
السنوات الأولى: المساعدة في القراءة بصوت مرتفع وبناء حصيلة لغوية.
المرحلة المتوسطة: مناقشة الأفكار الرئيسية للنصوص، لكن ترك كتابة الملخصات أو المقالات للطفل نفسه.
المرحلة الثانوية: التركيز على وضوح الأفكار وبنية النص، مع تجنّب التدخل في صياغة المحتوى.
مادة العلوم
السنوات الأولى: مشاركة الأبناء في التجارب البسيطة ومساعدتهم على تدوين الملاحظات.
المرحلة المتوسطة: توجيه في صياغة الفرضيات، مع ترك حرية تصميم التجربة وجمع النتائج.
المرحلة الثانوية: تشجيع البحث المستقل وتحليل البيانات، مع تقديم ملاحظات عامة على التفكير النقدي.
الدراسات الاجتماعية
السنوات الأولى: ربط المفاهيم بالحياة اليومية، مثل الحديث عن المناسبات أو العادات.
المرحلة المتوسطة: مساعدة الأبناء على تحليل المصادر المختلفة وفهم وجهات النظر المتعددة.
المرحلة الثانوية: تشجيع تكوين رأي شخصي حول القضايا التاريخية أو المجتمعية، وصياغة مقالات مستقلة.

ترتيبات تدريجية لبناء الاستقلالية

طفل يذاكر ويعد واجباته باستقلالية
"أسلوب "أنا أفعل، نحن نفعل، أنت تفعل":
أنا أفعل: عرض الطريقة أمام الطفل.
نحن نفعل: حل المسألة أو الفقرة معاً.
أنت تفعل: ترك المهمة كاملة للطفل.
الاتفاق مع الأبناء على قواعد واضحة:
مثل: الالتزام بوقت محدد للمذاكرة، والسماح بطلب المساعدة فقط بعد المحاولة الذاتية.
تشجيع الطفل:
على تقسيم المهام الكبيرة إلى خطوات صغيرة؛ باستخدام قوائم بسيطة، أو تحديد وقت لكل مهمة.
مدح الجهد وليس النتيجة:
الثناء على المحاولة والصبر والالتزام يعزز روح المثابرة، بينما التركيز على الدرجة النهائية فقط قد يضعف الدافعية.
إفساح المجال للتجربة والخطأ:
بعض الأخطاء مفيدة؛ لأنها تمنح الطفل فرصة لاكتشاف طرق جديدة للحل، وتبني القدرة على التحمل.

توصيات عملية للأمهات والآباء

طفلة كسلانة والأم تشعر بعدم استجابة طفلتها

تجنب الإفراط في التدخل: الأبحاث الحديثة تشير إلى أن المساعدة الزائدة قد تؤدي إلى ضعف الاعتماد على الذات وفقدان الحافز الداخلي.
التركيز على بناء الدافعية: حين يشعر الطفل أن والديه يثقان بقدراته، وأن المساعدة تأتي لتشجيعه وليس لفرض الحلول؛ فإن دافعيته الداخلية تتضاعف.
إدراك أن المساعدة ليست سبباً دائماً للفشل: غالباً ما يطلب الأطفال الأقل تحصيلاً دعماً أكبر من أسرهم، هذا لا يعني أن المساعدة ضارة، بل إن نوعيتها هي التي تحدد النتيجة.
التوازن بين الدعم والحرية: أفضل نهج هو المساعدة في التنظيم والمتابعة العامة، مع ترك التنفيذ الفعلي للأبناء.
استخدام الحقائق لدعم الممارسة اليومية: تشير بيانات حديثة إلى أن هناك ما يزيد على 250 مليون طفل حول العالم لا يتقنون المهارات الأساسية في القراءة والرياضيات حتى بعد سنوات من التعليم.
كما أن الأبناء الذين يتلقون دعماً منزلياً متوازناً يُظهرون مرونة أكاديمية أعلى بنسبة تصل إلى 30% مقارنة بأقرانهم، هذه الأرقام تعكس أهمية الدور الأسري في سد الفجوات التعليمية.