لماذا تُعدّ الحيوانات الأليفة شريكاً تربوياً لطفلك؟ و7 خطوات للتعامل/%D8%B3%D9%8A%D8%AF%D8%AA%D9%8A-%D9%88%D8%B7%D9%81%D9%84%D9%83/%D8%A3%D8%B7%D9%81%D8%A7%D9%84-%D9%88%D9%85%D8%B1%D8%A7%D9%87%D9%82%D9%88%D9%86/1823712-%D8%A7%D9%84%D8%B7%D9%81%D9%84-%D9%88%D8%A7%D9%84%D8%AD%D9%8A%D9%88%D8%A7%D9%86%D8%A7%D8%AA-%D8%A7%D9%84%D8%A3%D9%84%D9%8A%D9%81%D8%A9
أم وطفلتها تمرحان مع الكلب الأليف
في أحد أيام الصيف، خرجت الطفلة سارة ذات ثماني السنوات إلى الشرفة الصغيرة في منزلها، ولاحظت أن العصفور الذي بنى عشه هناك بدأ يهتزّ تحت حرارة الشمس القوية، تركت لعبها، وأحضرت قطعة قماش خفيفة ووضعتها برفق تحت العشّ، ثم ذهبت إلى والدتها قائلة: أريد أن أتأكد أن العصفور مرتاح، هل يكفي ما فعلت؟ شعرت الأم بالسعادة بعد هذا الحوار البسيط والذي يعني الشيء الكثير؛ كارتباط الطفل بكائن حيّ، وشعوره بالمسؤولية تجاهه، ومن خلال هذا الارتباط، تنفتح أمام الطفل أبواب كبيرة للتعلّم والنمو، ليس فقط من الناحية العاطفية، بل أيضاً من الناحية التربوية والنفسية. في هذا التقرير سنتعرف من الدكتورة ليلى عبد الجواد أستاذة علم نفس الطفل إلى الفوائد التربوية والنفسية لـتربية الحيواناتالأليفة لدى الأطفال، وكيف يمكن أن تختلف هذه الفوائد بحسب نوع الحيوان الأليف.
تجربة تعليمية متكاملة
طفلة تمرح مع الطائر
تربية الحيوان الأليف ليست رفاهية، بل هي تجربة تعليمية متكاملة تساعد الطفل على النمو النفسي والاجتماعي والعاطفي؛ فهي تعلّمه الحب والرحمة، وتغرس فيه الانضباط، وتشجعه على التواصل، وتفتح له نافذة نحو الطبيعة. لكن هذه التجربة تحتاج إلى إشراف وتوجيه من الأم والأب، فالحيوان ليس وسيلة سحرية لتربية الطفل، بل أداة تربوية ناجحة حين تُدار بحكمة ووعي. اختيار الحيوان المناسب، ومتابعة العلاقة بين الطفل والحيوان، وتحويل كل موقف إلى فرصة للتعلم، هي مفاتيح النجاح في هذه الرحلة الجميلة، وسيحتفظ طفلك بذكريات لا تُنسى مع ذلك الكائن الصغير الذي عاش معه. سيتذكر كيف علّمته القطة الحنان، وكيف أضحكه الكلب في أوقاته الصعبة، وكيف منحه العصفور حبّ الطبيعة، وبعد سنوات وحين يكبر، سيقول لك بابتسامة: أمي، أتذكرين حين كنا نطعم العصفور معاً؟ عندها ستدركين أن تلك اللحظة الصغيرة كانت درساً عظيماً في الحبّ والرحمة والمسؤولية.
تأثير تربية الطفل للحيوان الأليف
طائران داخل المنزل
تنمية التعاطف والرحمة عندما تشجع الأم أو الأب طفلهما على رعاية كائن حي -سواء كان كلباً أو قطة أو طائراً أو حتى سلحفاة– يتعلّم الطفل أن الكائنات الحية تحتاج إلى رعاية واهتمام، هذا الشعور يولّد بداخله إحساساً بالتعاطف والرحمة، ويدفعه للتفكير في مشاعر الآخرين. وقد أظهرت العديد من الدراسات أن الأطفال الذين يعيشون مع حيوانات أليفة يكونون أكثر قدرة على التعبير عن مشاعرهم، وأقل عرضة للسلوك العدواني، ولديهم استعداد أكبر للتعاون والمساعدة. بهذه الطريقة، يصبح الحيوان الأليف "معلماً صامتاً" يغرس في الطفل قيم الرحمة، فيتعلّم أن اللطف ليس فقط تجاه البشر، بل تجاه كل كائن حي. تحمل المسؤولية والانضباط تربية الحيوان الأليف تمنح الطفل فرصة عملية لتعلّم معنى المسؤولية؛ فعندما يُطلب منه إطعام الحيوان، أو تنظيف مكانه، أو الاهتمام بصحته، يشعر بأنه يقوم بدور حقيقي داخل الأسرة. هذه المهام الصغيرة تُكسبه مهارة التنظيم والانضباط، وتجعله يدرك أهمية الالتزام بالوقت والواجب، ومع مرور الوقت، تنمو لديه الثقة بالنفس لأنه يرى نتيجة أفعاله مباشرة في سعادة الحيوان وصحته. هكذا تتحوّل تربية الحيوان إلى درسٍ تربويّ مستمرّ في الانضباط والالتزام والتعاون الأسري. دعم نفسي وتنظيم التوتر الحيوانات الأليفة تمتلك قدرة مدهشة على تهدئة القلوب الصغيرة، فعندما يمرّ الطفل بيوم صعب أو يشعر بالحزن، يكفي أن يحتضن قطته أو يلاعب كلبه حتى يشعر بالراحة. وجود الحيوان الأليف يمنح الطفل شعوراً بالأمان، ويخفف من مشاعر الوحدة والقلق، ويشجعه على التعبير عن مشاعره دون خوف من الحكم عليه. وقد لاحظت أمهات كثيرات أن أبناءهن الذين يمتلكون حيوانات أليفة يصبحون أكثر استقراراً من الناحية العاطفية، وأكثر قدرة على مواجهة الضغوط اليومية؛ حيث إن التفاعل الهادئ مع الحيوان يهدّئ الطفل ويعيد إليه توازنه الداخلي. تعزيز المهارات الاجتماعية والتواصل تربية الحيوان الأليف تفتح أمام الطفل نافذة للتفاعل الاجتماعي؛ فالطفل الذي يملك حيواناً يصبح أكثر استعداداً للحديث عنه ومشاركته مع الآخرين، مما يزيد من ثقته بنفسه ويعزز قدرته على التواصل. كما أن العلاقة بين الطفل وحيوانه تتيح له التدرّب على مهارات مثل الإصغاء، وفهم الإشارات غير اللفظية، والقدرة على الصبر والتسامح. وبالنسبة للأطفال الخجولين أو الانطوائيين، فإن الحيوان الأليف غالباً ما يكون صديقهم الأول، ومن خلاله يبدأون تدريجياً في الانفتاح على الآخرين بثقة أكبر. توثيق صلته بالطبيعة والصبر والتأمل تربية الحيوانات تمنح الطفل فرصة للتفاعل المباشر مع الطبيعة، فهو يراقب كيف تنمو المخلوقات، وكيف تتحرك، ومتى تحتاج إلى الراحة أو الطعام، هذه التجربة تُعلّم الطفل الصبر والملاحظة، وتبعده عن الإيقاع السريع الذي تفرضه الشاشات والتكنولوجيا. فمشاهدة سلحفاة تتحرك ببطء، أو مراقبة طائر يبني عشه، أو العناية بزهرة صغيرة يأكل منها الأرنب، كلها تجارب تربوية تُنمي الحسّ الطبيعي لدى الطفل وتغرس فيه حبّ الحياة واحترامها بكل تفاصيلها.
ثانياً: نقاط يجب أن يعرفها الأهل قبل اقتناء حيوان أليف
طفلة تلعب مع قطتها
القدرة على الرعاية: يجب أن تتأكدي من أن العائلة قادرة فعلاً على توفير وقتٍ وجهدٍ لرعاية الحيوان، فالمسألة ليست “لعبة مؤقتة”، بل التزام يومي. الاختيار المناسب: لا يناسب كل حيوان كل طفل. يجب اختيار الحيوان وفق عمر الطفل وطباعه ومساحة البيت. الإشراف المستمر: لا يجب ترك الطفل وحده مع الحيوان دون مراقبة، خاصة في السنوات الأولى. التثقيف المسبق: من الجميل أن يتعلّم الطفل قبل اقتناء الحيوان معلومات بسيطة عنه: ماذا يأكل؟ كيف يُعامل؟ متى يرتاح؟ تقبّل مشاعر الفقد: في حال فقدان الحيوان أو موته، من المهم الحديث مع الطفل عن الحزن بطريقة هادئة وصادقة، فهذه التجربة تُعلّمه تقبّل الفقد بطريقة صحية.
ثالثاً: أيّ الحيوانات أنسب لطفلك؟
سلحفاة
الكلب: يعلم الطفل الولاء والإحساس بالأمان، والقدرة على المشاركة واللعب الجماعي. القطة: تمنح الطفل إحساساً بالهدوء والحنان، وتعلمه احترام خصوصية الآخرين، وهي مناسبة للأسر التي تفضل حيوانات نظيفة ومستقلة. الطيور: تجذب انتباه الطفل بجمالها وصوتها، وتعلم الطفل المراقبة الدقيقة والطبيعة، والمعروف أن الطيور تحتاج إلى نظافة مستمرة ومكان آمن داخل المنزل.
طفل وطائر
السلحفاة: تعلم الطفل الصبر والهدوء والتأمل، وتناسب الأطفال الذين يفضلون حيوانات غير نشطة، وهي تتطلب عناية بسيطة ولكنها طويلة المدى. اختيار الحيوان المناسب لطفلك لا يعتمد على الشكل أو النوع فقط، بل على مدى توافق طبيعته مع شخصية طفلك، والوقت المتاح للعائلة للعناية به.
رابعاً: خطوات عملية للأمهات والآباء
اختيار الحيوان قرار عائلي مشترك
اتخاذ القرار كعائلة: اجعلي اختيار الحيوان قراراً مشتركاً بين أفراد الأسرة، ليشعر الجميع بالمسؤولية.
تحديد المهام: قسّمي المسؤوليات بوضوح، فمثلاً الطفل يقدّم الطعام، والأم تنظّف المكان، والأب يتابع المواعيد البيطرية.
إشراك الطفل في التعلم: شاهدي معه مقاطع تعليمية بسيطة حول كيفية رعاية الحيوان الذي اخترتموه.
تحدّثي معه عن مشاعره: اسأليه كيف يشعر الحيوان؟ ومتى يكون سعيداً أو متعباً؟ هذا يعزز الذكاء العاطفي لديه.
المتابعة المستمرة: راقبي العلاقة بين الطفل والحيوان. إن وجدتِ أنه بدأ يفقد الاهتمام أو يشعر بالإجهاد، يمكن تعديل المهام أو المشاركة معه.
التعامل مع المواقف الصعبة: في حال مرض الحيوان أو موته، لا تُخفوا الحقيقة، تحدثوا مع الطفل بلغة بسيطة، واشرحوا أن الحزن طبيعي وأن الرعاية مسؤولية نبيلة.
تشجيع الإبداع: يمكن تشجيع الطفل على رسم حيوانه أو كتابة قصة عنه، هذا يعزز خياله ويقوّي ارتباطه بالتجربة.
*ملاحظة من "سيدتي": قبل تطبيق هذه الوصفة أو هذا العلاج، عليك استشارة طبيب متخصص.