تنظيم الوقت مفتاح حياة الطفل الناجح.. فكيف نعلّمه لأبنائنا؟ 5 دروس مُلهمة/%D8%B3%D9%8A%D8%AF%D8%AA%D9%8A-%D9%88%D8%B7%D9%81%D9%84%D9%83/%D8%A3%D8%B7%D9%81%D8%A7%D9%84-%D9%88%D9%85%D8%B1%D8%A7%D9%87%D9%82%D9%88%D9%86/1824586-%D8%AA%D9%86%D8%B8%D9%8A%D9%85-%D9%88%D9%82%D8%AA-%D8%A7%D9%84%D8%B7%D9%81%D9%84
طفل يحترم تنظيم وقته ويحترم توزيعاته
كثيراً ما تستيقظ الأم كل يوم على مشهد يتكرر مراراً في بيوت كثيرة؛ وهو أن طفلها يفتح عينيه كل صباح ببطء وتكاسل، ينظر إلى الساعة.. لقد تأخّرت! فتلاحظه يركض خلف الحافلة، يرفض تكملة إفطاره، يفتقد وضع بعض الكتب بحقيبته، ينسى واجباته، ليصل إلى المدرسة وهو يشعر بالخجل والإحباط! وهنا تتساءل الأم: لماذا يعاني طفلي كل صباح؟ لماذا يتأخر؟ كيف يمكن لطفلي أن يتعلّم تنظيم الوقت و احترامه؟ والأهم كيف أساعده في تنمية هذه المهارة؟ اللقاء والدكتورة وفاء صدّيق أستاذة علم نفس الطفل لحكاية 5 دروس ينبغي تطبيقها على الطفل ليتعلم النظام وفن احترام الوقت ويصبح إنساناً ناجحاً.
النظام قيمة عالية
تنظيم الوقت ليس قيداً على الطفل
ما أجمل أن يستيقظ الطفل مبكراً، ليطفئ منبّهه بابتسامة، يرتب حقيبته بنفسه بعناية، يتناول فطوره بهدوء، ويخرج إلى الحافلة بثقة. ما ألطف أن تنظر إليه أمه بفخر وتقول في نفسها: ها قد فهم أن النظام ليس قيداً على طفولته، بل جناحاً لحريته، وأن تخبر نفسها بأن النظام ليس عقوبة ولا حرماناً، بل هدية نمنحها لأطفالنا ليحسنوا استثمار أيامهم. الطفل الذي يتعلم كيف ينظم وقته، سيتعلم كيف ينظم ويخطط لحياته، فتتسع أحلامه ويكون قادراً على تحقيقها. النظام ليس قيداً إنه المفتاح الذي يفتح أبواب المستقبل، تشير الإحصاءات الدولية إلى أن الأطفال الذين يعيشون ضمن بيئة أسرية منظمة تزيد فرص النجاح الدراسي لديهم بنسبة تتجاوز 25% عن الذين يعيشون في بيئة غير منظمة وبلا روتين ثابت لا يحصلون على قدر كافٍ من النجاح الدراسي، وهذا يعني أن النظام الأسري يُعدّ حجر الأساس في تربية طفل ناجح ومتزن.
الدرس الأوّل: النظام يحافظ على الوقت
تنظيم الوقت يقلل من مستويات القلق
الوقت مثل الماء: إن لم نضعه في إناء يتسرب ويضيع، تخيّلي الطفل وقد استيقظ في وقت محدد؛ حضّر حقيبته الليلة السابقة، خصّص عشر دقائق للمذاكرة، ثم ارتدى زيّه المدرسي واتجه بابتسامة إلى المدرسة! الكلام ليس من فراغ؛ دراسات دولية حديثة أظهرت أن الأطفال الذين يعيشون وفق روتين يومي ثابت، مثل مواعيد محددة للنوم، المذاكرة، واللعب، يتمتعون بانخفاض في مستويات التوتر وتحسن في الانتباه. وتشير الإحصاءات أن أقل من 15% من الأطفال حول العالم يلتزمون بجميع الإرشادات الزمنية اليومية (النوم، النشاط، وقت الشاشة)، بينما غالبية الأطفال يعيشون بلا جدول واضح، مما يؤثر على أدائهم الدراسي وسلوكهم. الدرس هنا بسيط: اجلسي مع طفلك مساءً، اكتبا معاً: اليوم الذي نحلم به غداً: (صباحاً – مدرسة – واجب – لعب – نوم).
الدرس الثاني: النظام يصنع العظماء
تنظيم الوقت عادة تُربّى منذ الصغر
ابدئي حديثك بكلام عن الكاتب العربي الشهير "نجيب محفوظ" الحائز على جائزة "نوبل" العالمية في الأدب 1988، الذي كان يوقظ نفسه كل صباح في السادسة ليكتب أعمالاً خالدة حتى الثامنة- موعد عمله خارج المنزل- ليعود بعد ذلك من جديد، فيعلمنا أن النظام واحترام الوقت ليس قيداً، بل هو أداة نجاح. العباقرة لا يولدون كذلك، الحقيقة أن الكثير منهم صنعوا أنفسهم بالنظام، الكاتب الذي ذكرتْ الأم اسمه، ضمن العظماء والعلماء الذين كانوا يشددون على تخصيص ساعات محددة للعمل والراحة، هم أمثلة حيّة على أن النظام يصنع الإلهام ولا ينتظره. الدرس هنا: إن النظام لا يحتاج عبقرية خارقة، بل قراراً صغيراً يتكرر كل يوم.
في الصف، هناك طفل منظم حضر أدواته وأنجز واجبه، فابتسمت المعلمة وقالت: ما أجمل أن تكون جاهزاً، وهناك آخر نسي كتبه وتأخر في تسليم واجبه، فجلس محبطاً يحاول اللحاق بالدرس. التعليق هنا واضح؛ النظام لا يجعل يومك أسهل فقط، بل يجعلك مميزاً، والطفل المنظم يشعر أنه يقود يومه، بينما الفوضوي يشعر أن الوقت يطارده. من الناحية النفسية، التنظيم المبكر يساعد الأطفال على اكتساب الانضباط الذاتي والثقة بالنفس، وتشير تقارير الصحة العالمية إلى أن الأطفال الذين يعيشون بلا روتين منتظم يعانون من ضعف في الانتباه وزيادة السلوك الفوضوي. الدرس هنا: جدول بسيط يعلّم الطفل الفرق بين أن يتحكّم في يومه أو أن يضيّع فيه.
الدرس الرابع: النظام يبني الثقة بالنفس
عندما ينتهي الطفل من واجبه في الوقت المحدد، أو يحضّر حقيبته قبل النوم، فإنه يشعر بإنجاز صغير يتحول مع الوقت إلى ثقة كبيرة، هذا الشعور يغيّر نظرته إلى نفسه: من طفل يتأخر دائماً إلى طفل يمكن الاعتماد عليه. الثقة بالنفس تُبنى بتجارب متكررة من النجاح في إدارة الوقت، وهنا يأتي دور الأهل في تعزيز ذلك من خلال الثناء الواقعي، مثل: "أعجبني أنك بدأت الواجب المدرسي من تلقاء نفسك"، أو "رائع أنك تذكّرت تحضير حقيبتك"، هذه العبارات البسيطة تزرع في الطفل شعوراً بأنه قادر ومتميز. الدرس هنا: النظام لا يعلّم الطفل كيف ينظم وقته، بل كيف ينظم ذاته.
الدرس الخامس: النظام لا يعني الحرمان من اللعب
النظام يمنح الطفل متعة اللعب
يعتقد بعض الآباء أن الجدول اليومي يعني تقييد الطفل ومنعه من المرح، لكن الحقيقة أن النظام هو الذي يمنحه وقتاً للمتعة والراحة. وما أعظم الطفلة التي تنظم يومها بين المدرسة والواجب واللعب، وتساعد أمها في المطبخ ثم تقرأ قبل النوم، في اليوم التالي نجدها تستيقظ نشيطة وسعيدة، لأنها لم تُحرَم من شيء، بل حصلت على وقتها الكامل لكل شيء. الدرس هنا: النظام لا يسرق من الطفل لحظاته، بل يحميها من الضياع، وكلما شعر الطفل أن اللعب جزء من جدوله، أحب النظام أكثر، وأصبح شريكاً فيه لا مكرهاً عليه.
توصيات عملية للأمهات والآباء
أم تشارك طفلها تنظيم حاجاته
ابدئي بجدول يومي بسيط: استخدمي ورقة ملوّنة أو لوحة في الغرفة لتقسيم اليوم بين المدرسة، المذاكرة، اللعب، والراحة. استخدمي مؤقتاً ساعة رملية: علّمي الطفل أن المذاكرة عشرون دقيقة ثم راحة قصيرة. هذا يساعده على تقدير الوقت. كوني قدوة: عندما يرى الطفل أمه أو والده ينظمان وقتهما، سيتعلم أن النظام أسلوب حياة، لا عقوبة. شاركيه وضع الأهداف: اجعليه يكتب مهامه بنفسه ويضع علامة عند الإنجاز. حوّلي التنظيم إلى لعبة: استخدمي نجوماً أو ملصقات للمكافأة عندما يلتزم بالجدول. كوني مرنة: ليس كل يوم مثالياً، والأهم هو الاستمرار لا الكمال. *ملاحظة من "سيدتي": قبل تطبيق هذه الوصفة أو هذا العلاج، عليك استشارة طبيب متخصص.