غالبية الدراسات تربط كمال نمو الطفل بصحته النفسية -قبل الاعتماد على سبل الرعاية الاعتيادية من طعام وشراب- التي يستمدها الطفل من الدعم الأسري والتواصل الإيجابي، وعبر كلمات الأم الحانية ونظراتها ولمساتها الدافئة، مع توفير بيئة أسرية آمنة خالية من الشجارات؛ ما يوفر الأمان النفسي للطفل والقدرة على التعامل مع تحديات الحياة، وهذا ما يؤكده الدكتور نور الدين رضوان أستاذ الصحة النفسية للطفل برياض الأطفال، خاصة ونحن في عصر يلهث فيه الصغار قبل الكبار وراء الشاشات الرقمية.
كيف تحقق الأسرة الطمأنينة لصحة أطفالها النفسية؟

الحب والدعم غير المشروط: أظهري حبك لطفلك بالكلمات واللمسات "مثل العناق والابتسام"، وأخبريه دائماً أنك تحبينه وبجانبه.
التواصل المفتوح: خصصي وقتاً للحديث معه والاستماع له، واجعليه يشعر بالحرية والراحة في التعبير عن مشاعره؛ فهذا يعزز أمانه النفسي.
اعملي على تنمية ثقته بنفسه: بمدح تصرفاته الجيدة وتقدير جهوده، ولا تنسي تشجيعه على تجربة أشياء جديدة واكتشاف العالم.
أعطيه مهام منزلية بسيطة تناسب عمره: ومعها سيشعر بالإنجاز والمساهمة، ومن المهم تجنب الشجار أمام الأطفال؛ حتى لا تسحبي شعوره بالأمان.
علمي طفلك حل المشكلات بعقلانية: مع مرونة وتعامل إيجابي مع المشكلات، وتحدثي معه بهدوء عند الخلاف.
الأنشطة المشتركة: قوموا بوصفكم أسرة بأنشطة جذابة معه، مثل المشي أو الرسم؛ فهي تساعده على اكتشاف وفهم العالم بطريقة آمنة.
التقليل من وقت الشاشة: كاستخدام الهواتف والتلفزيون؛ ما يعمل على تخفيف مصادر التوتر والقلق.
علامات نقص الأمان النفسي عند الطفل:
- حساسية مفرطة تجاه النقد أو الخوف من الفشل.
- صعوبة في بناء علاقات صحية مع الآخرين.
- ردود فعل عاطفية مفرطة أو كبت للمشاعر.
- ميل للعزلة والانفراد والتجنب أو الشعور بقلق دائم.
التحليل الطبي لهرمونات الحب والتلامس

هرمون "الأوكسيتوسين" واللمس والاحتضان
- هرمون الأوكسيتوسين هو هرمون الاحتضان "العناق"، يُفرَز بواسطة الفص الخلفي للغدة النخامية، وهو الذي يدفع الإنسان ليحتضن من يحب.
- يساعد هذا الهرمون في إدرار اللبن من ثدي الأم المرضع، كما يساعد الطفل علي تنمية المشاعر الودية بداخله، والعطف على الآخرين.
- يُعرف الأوكسيتوسين أحياناً بهرمون الحب؛ لأنه ينطلق عندما يترابط الناس اجتماعياً، ويلعب دوراً في إحساس الطفل بالإحساس بالطمأنينة.
- يلعب اللمس دوراً حاسماً في نمو الطفل؛ حيث وُجد أن تدليك الرُّضَّع يزيد الوزن أسرع من الرُّضَّع غير المدلكين.
- وبالاحتضان يكسب الطفل الشعور بالأمان والإحساس بالدفء، ويزيد الثقة بالنفس، ويقلل من التوتر، ويساعده على النوم.
الشعور بالطمأنينة لمجرد أنه مع من يحب

عادة ما يربط الطفل في ذهنه بين المشاهد والوجوه والأصوات والرائحة؛ ما يجعله يشعر بالطمأنينة لوجوده مع من يحب، العناق يقلل كيمياء الغضب، ويقلل من ضغط الدم الانقباضي في المواقف العصيبة.
الاحتضان يترك آثاراً عميقة تمتد لسنوات؛ فهو يحسن المزاج، ويرفع المناعة، ويزيد من التقارب بين أفراد الأسرة؛ فلا تحرميه منه.
كلما ارتفعت مستويات الأوكسيتوسين في الأم خلال الأشهر الثلاثة الأولى من الحمل؛ زادت لديها سلوكيات الترابط مع طفلها.
حضن الأم الدافئ يكسب الوليد مظلة من الطمأنينة تمتد معه لسنتين، كما يقلل حضن الأم من بكاء الرضيع، ويعزز نموه وتطوره.
لماذا يبكي مولودك ليلاً أكثر من النهار؟ هل هناك حقائق علمية؟
محبة الوالدين تنعكس بالطمأنينة على الطفل

الطمأنينة النفسية والروحية أهم بكثير من الطمأنينة الاقتصادية والمالية؛ فقد يحتمل الولد الفقر والألم والخطر إذا توافر له الأمان النفسي والروحي.
وظيفة الآباء توفير المحبة لصغارهم؛ لينشأ الطفل معافًى سعيداً نفسياً قادراً على العطاء والمحبة، فالشجار الدائم بين الوالدين يعقد الولد، ويسحب بساط الأمان والطمأنينة السعيدة من تحت قدميه.
نعم الروابط العائلية المتماسكة تدخل شعوراً بالاستقرار والاطمئنان داخل قلب الطفل، فتحمل ذاكرته صورة أسرته مجتمعة، وهي تمارس بعض النشاطات معاً، والفرق كبير بينه وبين من يفتقد هذا الإحساس مستقبلاً.
التربية المناسبة تبعث على الطمأنينة
وتعين تربية الأولاد على احترام والديهم، واحترام الآخرين من إخوة ورفاق، ومن ثَمة يتلقون احتراماً متبادلاً منهم، وحيث تكون التعليمات ذات طابع مقنع وحازم تكون التربية السوية التي تمارس بمحبة وعدل؛ ما يوجد الاطمئنان في حياة الابن.
الطمأنينة بالهزهزة والمداعبة
آثار الهزهزة ومداعبة خصلات الشعر والقبلة الدافئة تترك بصمات جذابة سحرية، تبعث على الرضا وراحة النفس، وتمد الطفل بالهدوء النفسي، والاطمئنان العاطفي.
الطمأنينة بالمحبة الدائمة من الأبوين
يكتسب الطفل أول شعور بالأمان في عالمه الجديد، إذا أحس بأن والديه يوليانه الاعتناء والمحبة، وهذه المحبة الثابتة تتضمن القبول، ولكي يزداد شعوره بالأمان لا بُدَّ من أن يُحمل ويُضم، وتتم محادثته؛ ما يؤكد له أنه محبوب.
الطمأنينة لشعور الطفل بالانتماء
الابن صغيراً كان أو كبيراً بحاجة إلى أن يكون جزءاً من الأسرة أو الصف أو الفريق، أو أي جماعة يتفاعل معها، وهذا الإحساس بالانتماء يوفر له الأمان والشعور بالقيمة والاعتبار عند الآخرين.
وتنمية مشاعر الانتماء لدى الطفل تتولد بالاشتراك وبمشاطرة هموم العائلة، وتولي بعض المسؤوليات، والتركيز على عمل وجهد الولد قبل التركيز على الهدايا؛ ما يمنحه شعوراً بالانتماء.
والولد يطمئن كذلك حين يدعوه والده للمناقشة، وحين تُقدر آراؤه، وعندما يدخله الأهل في الحسبان، حالة قيامهم بنشاط اجتماعي أو ترفيهي، وحين تشمله مسؤوليات العائلة.
* ملاحظة من "سيدتي": قبل تطبيق هذه الوصفة أو هذا العلاج، عليك استشارة طبيب متخصص.






