mena-gmtdmp

مريم الهبيدي: التمكين المالي ليس ترفاً بل ضرورة لبناء اقتصاد متوازن

مريم الهبيدي مدربة الوعي المالي وريادة الأعمال - الصورة من المصدر
مريم الهبيدي مدربة الوعي المالي وريادة الأعمال - الصورة من المصدر

لا يُدرك كل رواد الأعمال وأصحاب المشاريع أهمية الإدارة المالية في نجاح المشروع الريادي، وأحياناً قد يتعاملون معها كموضوع ثانوي يقوم فقط على تتبع النفقات، لكن في الواقع الإدارة المالية هي العامود الفقري الذي يقوم عليه نجاح المشروع؛ إذ إنها تمثل استراتيجية شاملة تضمن الاستدامة والنمو.
في هذا السياق استضفنا مريم الهبيدى، مدربة الوعى المالي وريادة الأعمال، ومالكة مؤسسة كريتف التقنية، للتحدث حول أهمية الوعي حيال "الإدارة المالية" وزيادة الوعي والتمكين المالي، والذي يعد اليوم أمراً مهماً جداً في أي مجتمع لا سيما مع الانتشار الكبير لثقافة ريادة الأعمال واتجاه الكثيرين نحو تنفيذ أفكارهم الخلاقة وابتكاراتهم ضمن مشاريع خاصة بعيداً عن نمط الوظيفة التقليدية المحدودة الأفق؛ لذا موضوعنا اليوم سيكون: الإدارة المالية للمشاريع الريادية: من الوعي إلى التمكين.

 

أهمية الإدارة المالية للمشاريع الريادية

 

الإدارة المالية وأهميتها بالنسبة للمشاريع الريادية - الصورة من freepik تصوير snowing


تلعب الإدارة المالية وفق الخبيرة دوراً أساسياً في إبعاد المشاريع عن أخطار الإفلاس وعدم القدرة على الوفاء بالالتزامات؛ إذ تضمن من خلال المتابعة والتحليل والتخطيط احتفاظ المشروع بسيولة نقدية كافية لإنجاز عملياته دون خسارة أو تأخير. كما وتساعد صاحب المشروع على فهم الواقع المحيط بالمشروع وتوقع الخطوات اللاحقة، وبالتالي اتخاذ قرارات استراتيجية مبنية على أسس متينة وواضحة، وذلك فيما يخص الاستثمارات والتسعير والإنتاج وغير ذلك. وبهذا الشكل تبني الإدارة المالية سمعة قوية وملفتة للشركة، مما يساعد على جذب الاستثمارات والشراكات، وبالتالي التوسع والنمو وزيادة الربحية.

 

الاقتصاد السعودي والطفرة الريادية


تقول مريم الهبيدي إن "وتيرة التغيير في الاقتصاد السعودي تتسارع، ومعها تتغير نظرتنا إلى مفهوم العمل والنجاح"، وتضيف: "فاليوم، لم تعد ريادة الأعمال خياراً محدوداً أو مغامرة فردية، بل أصبحت أحد محركات التحول الوطني ضمن رؤية المملكة 2030".
وتتحدث الهبيدي من واقع خبرتها قائلة: "خبرتي السابقة في مكتب الأمير محمد بن فهد لتنمية الشباب أكدت لي أن التنمية الحقيقية تبدأ عندما نزود الأفراد بالأدوات الصحيحة لا بالتوجيهات النظرية. كنت أرى كيف أن الشغف وحده لا يكفي، وأن المشاريع الواعدة تحتاج إلى نظام مالي واعٍ يحميها من التعثر، وإلى بيئة حاضنة تتيح التعلم، لا الخوف من الخطأ. اليوم، تشهد المملكة طفرة ريادية غير مسبوقة. البرامج الحكومية، الصناديق الاستثمارية، المسرعات، والمنصات الرقمية كلها تعمل ضمن منظومة متكاملة لتشجيع الابتكار، وتسهيل تأسيس الشركات، ورفع مساهمة المشاريع الصغيرة والمتوسطة في الاقتصاد الوطني".

 

الاستقلالية المالية للمرأة السعودية

 

مريم الهبيدي مدربة الوعي المالي وريادة الأعمال - الصورة من المصدر


تشير مريم الهبيدي إلى أنه "مع هذا التحول، برزت المرأة السعودية كشريك فعال في الاقتصاد الحديث، وصانعة قرار مالي وريادي واعٍ".
وتضيف: "من خلال دراستي في جامعة أريزونا الحكومية، وبحثي الأكاديمي بعنوان "الاستقلالية المالية للمرأة السعودية عبر التمكين المهني"، أدركت أن التمكين لا يتحقق فقط عبر الدخل، بل عبر الفهم، الفهم العميق لكيفية إدارة المال، وبناء الاستقلال المالي، الذي يخلق خيارات أوسع في الحياة".
وتابعت حديثها قائلة: "مبادرات مثل مسرعة أعمال المرأة (منشآت)، وبرنامج التمكين الريادي للمرأة من بنك التنمية الاجتماعية، تمثل خطوات عملية نحو بناء قاعدة نسائية قوية في سوق العمل الحر".
هذا وقد أشرنا سابقاً إلى أن المرأة السعودية تتخطى مستهدفات الرؤية: مشاركة قياسية في سوق العمل والمناصب

 

تحديات تستحق الالتفات لها

 

تحديات تستحق الالتفات لها - الصورة من freepik تصوير creativeart


أشارت الهبيدي إلى مجموعة من التحديات التي لا تزال موجودة رغم هذا التقدم، وهي تحديات "تستحق الالتفات لها" وفق قولها، وأبرزها:

  • ضعف الإدارة المالية لدى بعض المشاريع الناشئة

  • الحاجة إلى مهارات تحليل البيانات واتخاذ القرار المبني على الأرقام لا الانطباع

  • عدم القدرة على بناء ثقافة استدامة مالية تتجاوز الحماس الأولي للمشاريع

وتؤكد: "التحدي الحقيقي لم يعد في الحصول على التمويل، بل في إدارة التدفقات المالية والتخطيط طويل المدى لهذا أقول دائماً:
الفكرة قد تفتح الباب، لكن الإدارة المالية هي التي تبقيه مفتوحاً".

 

لغة الأعمال تتطلب وعياً


تشير مريم الهبيدي إلى أن زيادة الوعي حول أهمية الإدارة المالية يتطلب نهجاً متعدد الأبعاد، يتضمن توفير برامج تعليمية وتدريبية وعملية متخصصة، تُحاكي النماذج الوطنية ومواكبة التحول التقني وترسيخ المفاهيم المالية الضرورية وكشف التحديات والفرص، كما والاستفادة من الخبرات والإرشاد الحكيم من قبل مختصين وخبراء، كما ويشمل مبادرات وحملات وطنية ترسخ ثقافة الوعي المالي، وهذه المبادرات والحملات تكون تحت مظلة شراكات كبرى مع مؤسسات ومنصات حكومية أو خاصة؛ لتحقيق أكبر قدر ممكن من الفائدة.
وفي الختام تقول مدربة الوعي المالي إن "ريادة الأعمال اليوم هي لغة المستقبل، ولغة المستقبل تتطلب وعياً، التزاماً، ومهارة في التفكير المالي. ولأن المرأة السعودية أثبتت كفاءتها في جميع الميادين، فهي قادرة اليوم على قيادة مشروعاتها بعقلية استثمارية متزنة تجمع بين الطموح والمسؤولية".
وتضيف: "الحرية المالية ليست هدفاً بعيداً، بل مسار يبدأ بخطوة من الوعي. كلما زاد وعي المرأة بإدارتها للمال، زادت قدرتها على التأثير في مستقبلها المالي، وأسرتها، ومجتمعها، فالتمكين المالي ليس ترفاً، بل ضرورة لبناء اقتصاد متوازن يقوده وعي، لا صدفة".


في الختام نسأل: هل تحتاج الشركات الناشئة إلى مستشار مالي.. لماذا وكيف تختاره؟