من أهم عوامل النجاح لأي رائد أعمال هو التحلي بالمرونة، فخلال مسار الشركات قد تتغير الأسواق أو الجمهور، ومع متابعة بيانات التحليل تظهر علامات تشير إلى أن الشركة بحاجة إلى تحويل في المسار وهو ما يعرف بـ pivot.
ريادة الأعمال بشكل عام قائمة على الابتكار ومسايرة المتغيرات وإيجاد حلول لمشكلات تظهر، فقد تحتاج إلى استراتيجية مرنة تسمح بالتغيير مع تعزيز هوية الشركة.
ما هي استراتيجية تحويل المسار pivot؟
بحسب Growth Mentor، طرح إريك ريس في كتابه “The Lean Startup”، تعريفاً للـ Pivot بأنه تصحيح للمسار بهدف اختبار فرضية جوهرية جديدة حول المنتج أو الإستراتيجية أو محرك النمو. أي أن الشركة لا تهدم نفسها وتبدأ من الصفر، لكنها تغير اتجاهها الأساسي بناءً على ما أفادت به بيانات السوق وتحليلها العلمي.
ويشير الموقع إلى أن هذا المصطلح يستخدم في الأعمال لوصف تغيير مفاجئ وواضح في الإستراتيجية ليضع الشركة في اتجاه جديد. غالباً يحدث هذا بعد ظهور معلومات أو معطيات تجعل الرؤية القديمة للسوق غير صالحة كما كانت.
أمثلة لشركات نجحت بعد اتباع الـ pivot
- ستاربكس بدأت ببيع ماكينات القهوة وحبوب البن في السبعينيات، قبل أن تغير المسار وتتحول إلى بيع القهوة نفسها وتجربة المقهى كمنتج أساسي.
- Flickr انطلقت لعبة إلكترونية تتضمن خاصية لمشاركة الصور، ثم اكتشف مؤسسوها أن المستخدمين يهتمون أكثر بالصور، فحولوا المنصة بالكامل إلى تطبيق لمشاركة الصور.
- في المقابل، Blockbuster تُذكر دائماً كمثال لشركة كان عليها أن تتحول مبكراً إلى نموذج البث والاشتراك عبر الإنترنت، لكنها لم تفعل، فاختفت أمام صعود نتفليكس. وحسب Harvard Business Review فإن الـ pivot لا يعني أن الشركة فشلت، ولكن هي درجة من الوعي وقراءة المعطيات بعين ثاقبة قادرة على التوقع والمخاطرة.
هل الـ pivot يشمل تحولات كبيرة؟
يشير الخبراء إلى أن التحولات ليست كلها بالحجم نفسه، بينما الأمر يتوقف على البيانات. مثلاً في حالة ستاربكس فإن التحول يعد جذرياً لأن المنتج وطريقة تقديمه وشكل العلاقة مع العملاء اختلف كثيراً، بينما في حالات أخرى قد يعتمد الـ pivot على تفاصيل محددة صغيرة، مثل: تغيير شريحة العملاء المستهدفة، تعديل الأسعار لاستهداف سوق مختلف، أو إعادة تموضع المنتج من حل تقني متخصص إلى منتج أبسط يستهدف جمهوراً أوسع.
وهنا يشدد الخبراء أنه ليس كل تعطل في المبيعات يحتاج إلى تحويل مسار أحياناً يكون المطلوب تحسيناً في التنفيذ لا تغييراً في الإستراتيجية من الأساس.
متى يكون الـ pivot ضرورة؟

يشير الخبراء إلى مجموعة عوامل تدفع في اتجاه التفكير في تحويل المسار:
غياب ملاءمة المنتج مع السوق
ويتم تحديد ذلك من خلال، أنه بعد فترة معقولة من التجربة لا يوجد نمو في عدد المستخدمين، ولا التزام حقيقي، ولا تفاعل، ولا عوائد، رغم محاولات جادة في التسويق والتحسين.
ظهور استخدام ثانوي للمنتج
بعض الشركات تلاحظ أنه بعد طرح المنتج، الجمهور قام باستخدامه بشكل غير متوقع في شيء قد يبدو في البداية لرائد الأعمال أنه استخدام ثانوي لكن تحول مع الوقت لاستخدام أساسي، في حالة فليكر كان الاستخدام الهامشي هو مشاركة الصور لكنه تحول بفعل الجمهور لاستخدام رئيسي، لأنه هو ما جذب المستخدم، لا اللعبة نفسها، هذه إشارة إلى فرصة Pivot وليست مشكلة بالضرورة.
سوق أصغر من المتوقع
قد تكتشف أن الشريحة التي تستهدفها غير قادرة على الدفع، من ثم يجب هنا تغيير قاعدة العملاء نفسها، واستهداف فئة مختلفة تماماً عما فكرت فيه في البداية.
تكاليف استكمال المسار الحالي مرتفعة
الهدف من أي شركة هو الربح، بينما إذا تخطت تكلفة الإنتاج معدلات الربح أو بدت متساوية، فقد حان الوقت لتحويل المسار نحو منتج أو خدمة تكلفتها تناسب العملاء، ومن ثم لا تصبح عبئاً على الشركة.
ورغم الإشارات السابقة، فإن الخبراء يحذرون من الوقوع في فخ التغيير لمجرد الهروب من مواجهة مشاكل التنفيذ. فالقائد الذكي لا يغير الهدف في كل مرة يواجه فيها مقاومة، بل يختبر جميع العوامل السابقة وفقاً للبيانات المتاحة والتي تعطي صورة واضحة عن السوق.
مخاطر الـ pivot
صحيح أن المرونة خطوة مهمة للنجاح، لكن الخبراء يشددون على أن ثمة مخاطر أيضاً قد يواجهها رائد الأعمال في تحويل المسار أو الـ pivot، مثل:
- أن يتطلب الـ pivot إعادة بناء أجزاء من المنتج أو الفريق أو العلامة التجارية، يتطلّب إعادة استثمار وقت وموارد في اتجاه جديد، مع احتمال فشل هذا الاتجاه أيضاً.
- أحياناً قد يتسبب في فقدان الشركة جزءاً مما بنته من ثقة أو وضوح في الهوية إذا كان التحول حاداً ومتكرراً.
لذلك، يؤكد الخبراء أن النصيحة ليست تحويل المسار كلما صعبت الأمور، بل أن يكون القرار قائماً على بيانات حقيقية وفهم واقعي للعملاء، لا على ملل المؤسس من الفكرة أو الانبهار بترند جديد في السوق.
اقرأوا أيضاً الذكاء الاصطناعي طريقك لانتشار العلامة التجارية: كيف؟





