هل يعود السبب إلى نقص الأفكار الإبداعية؟ المسلسلات المقتبسة.. وأسرار تفوقها

هل يعود السبب إلى نقص الأفكار الإبداعية؟ المسلسلات المقتبسة.. وأسرار تفوقها
نسرين أمين- تصوير: أحمد الشهابي

في عالم صناعة التلفزيون، نجد أن المسلسلات المقتبسة تحظى بشعبية كبيرة وتتفوق في بعض الأحيان على الدراما المحلية. تعدّ هذه الظاهرة محط اهتمام وتساؤلات عديدة، حيث يتساءل الكثيرون عن سبب تفوق المسلسلات المقتبسة، ولماذا اتجهت الدراما إليها؟ هل يرجع ذلك لنقص في الأفكار الإبداعية في الدراما المحلية، أم أن هناك عوامل أخرى تؤثر في تفضيل المشاهدين لهذه النوعية من المسلسلات؟ يهدف هذا التحقيق إلى استكشاف الأسباب وراء تفوق المسلسلات المقتبسة ومقارنتها بالدراما المحلية، في محاولة لفهم الظاهرة وتوفير نقاط نظر متعددة حول الموضوع. إضافة إلى تحليل التأثيرات المحتملة لهذه الظاهرة، بدءاً من احتمال نقص الأفكار الإبداعية في الدراما المحلية وصولاً إلى قوة القصص الأجنبية التي تجذب الجمهور.


نسرين أمين: لا مانع من استخدام الفورمات الأجنبية بأسلوب يعبر عن الثقافة المحلية

نسرين أمين- تصوير: أحمد الشهابي


في هذا السياق، تشير الفنانة نسرين أمين، إلى أن الاقتباس من الفورمات الأجنبية يحدث في جميع أنحاء العالم، وأنه من الممكن تقديم نجاحات مشابهة بمسلسلات تعبر عن الثقافة المحلية وتستخدم الفورمات الأجنبية كمصدر إلهام.
وتعبر نسرين أمين عن عدم قلقها بشأن المقارنة بين النسخة المحلية والنسخة الأصلية، وتتحدث عن تفاعل الجمهور واستجابتهم الإيجابية تجاه التعريب الناجح للمسلسل قائلة: «أعمال الفورمات الأجنبية لاقت صدى كبيراً لدى الجمهور».
وترى أن نجاح أعمال الفورمات الأجنبية يتوقف على قدرة المؤلف في صياغة أفكار تتناسب مع ثقافة كل دولة وتقاليدها المحلية.
وتشير إلى أن الانتقادات والمخاوف الأولية التي تواجهها المسلسلات المقتبسة هو أمر طبيعي، وذلك بسبب اهتمام الجمهور بمعرفة كيفية تحويل العمل الأصلي إلى نسخة عربية. ومع ذلك، تلفت نسرين إلى ردود الفعل الإيجابية من الجمهور والتفاعل المشجع بعد مشاهدة هذه الأعمال.
وتؤكد أن الاقتباس من الفورمات الأجنبية لا يعدّ مشكلة أو يعني ذلك أن هناك فقراً في الإبداع، لأن على سبيل المثال القضايا التي تعاني منها المرأة أو الرجل على حد سواء لا تختلف بين دولة وأخرى أو عرق أو دين، وكذلك القضايا المجتمعية، ولكن الاختلاف يكمن في التناول والطرح وفقاً لعادات وتقاليد كل دولة، لافتة إلى أنه طالما يتم تقديم فكرة قوية تعبر عن الثقافة والتقاليد المحلية بشكل ناجح لا توجد مشكلة في ذلك.
وتلمح نسرين أيضاً إلى أن الفيصل في نجاح المسلسل هو الفكرة نفسها وجودة العمل الدرامي. وتعكس وجهة نظرها رؤية توازن بين الاقتباس والتطوير الإبداعي، وتشجع على استخدام الفورمات الأجنبية كمصدر إلهام، ولكن بأسلوب يتلاءم مع الجمهور المحلي ويعبر عن الثقافة المحلية بشكل فعّال.


إنجي المقدم: سعيدة بتجربتي مع الفورمات الأجنبية

إنجي المقدم- تصوير خاص لسيدتي


وترى الفنانة إنجي المقدم، أن وجود هذا النوع من الدراما لا يشكل أزمة، بل يمكن أن يسهم في تطويرها، طالما تم تمصيره أو تعريبه بشكل جيد يتوافق مع البيئة العربية والعادات والمعتقدات. وتؤكد أن الأعمال المستوحاة من الفورمات قدمت بشكل جيد وحققت نجاحاً كبيراً، بفضل تقديمها بطريقة تناسب المجتمع الذي نعيش فيه. وتشدد على أن هذا التنوع في الدراما يساهم في تطويرها وتحفيز الكتّاب المصريين والعرب على تقديم أفكار جديدة ومختلفة.
وقالت إنها سعيدة بتجربتها مع الفورمات الأجنبية من خلال مسلسل «قواعد الطلاق الـ 45» وهي دراما مصرية والنسخة العربية من المسلسل الأمريكي «دليل الصديقات للطلاق». وهو يدور حول ثلاث نساء يكافحن بعد طلاقهن ضد الصور النمطية للمجتمع ونظرته للسيدة المطلّقة، وتتحول كل منهن من امرأة أربعينية تواجه الطلاق في مجتمع شرقي إلى امرأة تواجه المجتمع، ويعملن من أجل الحصول على الحياة السعيدة التي يستحققنها، والبحث عن أسباب السعادة في العلاقات العاطفية، مبدية فخرها أنها قدمت عملاً يتحدث عن المرأة بشكل ضمني، مضيفة »إلى جانب أن الكاتب قدم التعديلات بما يتفق مع ثقافتنا وتقاليدنا. ولاقى العمل نجاحاً كبيراً».
يمكنك أيضاً الاطلاع كيف يحول مهرجان كان السينمائي حياة المدينة؟!


أحمد مجدي: الهجوم على هذه الأعمال غير مبرر

 


من جانبه، يذكر الفنان أحمد مجدي أنه شارك في العديد من الأعمال المستوحاة من الفورمات ويعدّ مسلسل «الآنسة فرح» من أبرز الأعمال التي حققت نجاحاً كبيراً. ويرى أن الهجوم على هذه الأعمال غير مبرر، حيث إن استخدام الفورمات أصبح أمراً متبعاً في العالم بشكل عام، وليس مقتصراً على مصر فقط.
وأكد أنه يجب تمصير الفورمات بشكل جيد لتناسب البيئة المحلية وتقاليد المجتمع، والفورمات ليست مشكلة وتسهم في تطوير الدراما من خلال تقديم أفكار جديدة وتنويع الأعمال المقدمة للجمهور.


محمد فاضل: مستاء من استخدام الفورمات الأجنبية في الأعمال المصرية


عبّر المخرج محمد فاضل، عن استيائه الشديد من استخدام الفورمات الأجنبية في المسلسلات والأعمال الدرامية المصرية. ويرى أنه يجب أن تكون لدينا اجتهاداتنا الخاصة، خاصةً أن الدراما العربية لديها تاريخ طويل وتراث قوي. وأكد أن اعتماد الأشكال المستوردة يؤثر على الإبداع ويقيّد المبدعين.
بالنسبة لمجتمع الرواية، فإنه يعتقد أنه يحتاج إلى ثقافة وتأنٍ في اختيار القصص والنصوص التي يتم تحويلها إلى أعمال درامية. ويدعو صناع الأعمال إلى اللجوء إلى لجان الفكر التي تضم متخصصين وأساتذة يمكنهم تقديم المشورة والإرشاد فيما يتعلق بالاختيارات الإبداعية. هذا يساعد في توفير نماذج إبداعية قوية وملهمة للجمهور.
تعكس تصريحات محمد فاضل اهتمامه بالمحتوى المحلي والإبداع الأصيل. ويشدد على أهمية الاجتهاد الفردي والاستفادة من الخبرات المحلية في تطوير المشهد الفني والدرامي في مصر.
يمكنك أيضاً التعرف على أبرز الأعمال التي تحدثت عن الصداقة


مجدي صابر: تؤثر سلباً على التجديد والإبداع


أما الكاتب والسيناريست المصري مجدي صابر، فقد عبّر عن رفضه للاستخدام المفرط للفورمات الأجنبية في الدراما المصرية ويراها قد أضرت بالمحتوى المحلي. ويعتقد أن استخدام الفورمات الأجنبية بشكل مفرط يؤدي إلى تشابه وتكرار القصص والنماذج الدرامية، ما يؤثر سلباً على التجديد والإبداع في الدراما المصرية.
يشدد صابر على أهمية تطوير الأعمال الدرامية المصرية بشكل أصيل وفريد، مع الاستفادة من تراث الدراما المصرية الغني والاستماع إلى متطلبات الجمهور المصري. كما يشجع على ابتكار قصص جديدة وتطوير أفكار مستقلة تناسب ثقافة المجتمع المصري وتلبي تطلعاته.
تصريحات مجدي صابر تعكس رغبته في حماية الهوية الثقافية للدراما المصرية وتعزيز الإبداع والتجديد في المحتوى الدرامي. ويشدد على أهمية تطوير المواهب المحلية وتقديم أعمال فنية تتمتع بالأصالة والجودة لتحقيق نجاح في الساحة الفنية.
يرى مجدي صابر أن الاعتماد المفرط على الفورمات الأجنبية قد أثر سلباً على القدرة الإبداعية للكتّاب المحليين في صناعة الدراما المصرية. ويؤكد أنه بدلاً من تقليد النماذج الأجنبية، يجب على صناع الأعمال الاستفادة من خبرتهم الفنية والتعبير عن ثقافتهم الخاصة وتجاربهم الشخصية في إنتاج محتوى مميز.
يشدد صابر على ضرورة تشجيع كتاب السيناريو وتمكينهم من تطوير أفكارهم الخاصة وتقديم أعمال فريدة تعكس تفاصيل وواقع المجتمع المصري. موضحاً أن الابتكار والتجديد في الدراما المصرية هما المفتاح لاستعادة مكانتها وجذب الجمهور.
بالإضافة إلى ذلك، يؤكد صابر على أهمية وجود لجان فكرية تقوم بدراسة وتقييم النصوص والأفكار الدرامية قبل تنفيذها، لضمان جودة المحتوى والابتكار في تقديمه. ويؤمن بأن هذه اللجان يمكن أن تسهم في رفع مستوى الدراما المصرية وتعزيز قيمتها الفنية.


طارق الشناوي: علينا الاستعانة بلجان الفكر المتخصصة


في سياق متصل، قال الناقد الفني طارق الشناوي إن الاقتباس من السينما والدراما العالمية ليس ظاهرة محصورة في مصر فحسب، بل تتبعها العديد من الدول حول العالم. ويرى أن نجاح التجربة يعتمد على وجود طابع خاص للعمل المصري، الذي يمزج بين الاقتباس وإضافة العنصر المصري الأصيل.
ويشير طارق الشناوي إلى أن الأسلوب المتبع في هذه الأعمال يكمن في استخدام النمط القصصي نفسه، ولكن مع إضافة عناصر وطابع مصري. ويستشهد بعدد من الأعمال التي اتبعت هذا الأسلوب وحققت نجاحاً كبيراً مثل «جراند أوتيل» و«طريقي» اللذين كتبهما السيناريست تامر حبيب.
ويعدّ أن نجاح الأعمال المقتبسة يعتمد على تحقيق هدفها والحصول على رضا الجمهور، وأنه لا يمكن أن يحكم أحد بشكل قطعي على ذلك. ويشدد على أنه عندما يتم اقتباس العمل من دون ذكر المصدر، فإن ذلك سرقة لأفكار الآخرين. مشيراً إلى أن مسألة الاقتباس والحصول على الفورمات تعد قضية اقتصادية بحتة.
ومن هذا المنطلق، يشدد الشناوي على أنه ليس كل من يقرر الاقتباس واستخدام الفورمات الأجنبية يحقق نجاحاً في أعماله. يؤكد أن النجاح في هذا السياق يعتمد على قدرة المبدعين على تحقيق الأهداف المرجوة وكسب رضا الجمهور، وهذا الأمر يعدّ نسبياً ويختلف من عمل لآخر.
ويجدد دعوته لصناع الأعمال الفنية بالاستعانة بلجان الفكر المتخصصة التي يمكن أن تقدم المشورة والإرشاد للحفاظ على الإبداع والتميز، وذلك من خلال اختيار الأفكار والقصص المناسبة التي تتوافق مع الثقافة والتراث المصري.
وبشكل عام، يجد الناقد طارق الشناوي أن مسألة الاقتباس والفورمات الأجنبية تمثل تحدياً لصناع الدراما في مصر، حيث يجب أن يكون هناك توازن بين الاستلهام من الخارج والحفاظ على الهوية والأصالة المصرية في الأعمال الفنية المنتجة.
يمكنك أيضًا الاطلاع على آراء نقاد وفنانون عن الأسباب.. لماذا اختفت الأفلام الرومانسية من السينما المصرية؟