الحياة وشعور السعادة

د. سعاد الشامسي 
د. سعاد الشامسي  
د. سعاد الشامسي

الحياة وشعور السعادة

الحياة واحدة، والعُمر لا يحتمل المُجازفة..

وما نحن إلا رقمين.. رقم عمري يبدأ عند الولادة وينتهي عند توقف نبض القلب، ورقم وظيفي عند استلامنا مهام عملنا وينتهي عند تقاعدنا من الوظيفة.

لذلك أنا أؤمن بنفسي ووجودي.. ولن يمنع إيماني هذا شيءٌ على الأرض..

السعادة في التغيير، تلكَ اللحظات الأولى، أتذكُرُها؟

نعم.. اللحظة الأولى في كُل شيء، في كُل موقفٍ مررتُ بهِ يوماً.. حينما حلُمْتَ للمرة الأولى، أتذكُر شعورك حينها؟

كانت بمثابة المفاجأة... الصدمة المُمتعة!

نبضة كهربائية سرت في أعماق أعماقك، فَرِح بها عقلك.. ورقص لها القلبُ على أُغنية أنشدها كروان.. وانفصلتَ عن العالم للحظات.. مرت سريعاً..

وما الضيرُ في ذلك، فكل حُلوٍ يَمُر في ثوانٍ... لَكِنك مررتَ بها..

لقد نالت السعادة من عُمركَ لحظات.. أو نِلتَ أنت مِنها همسات..

فأَبْقِها في ذاكرتك خالدةً، تذكّرها دائماً ولا تدعْها تذبل وتموت.. فتلك اللحظات هي ما يدفعُنا للعيش والمُثابرة.. والاستمرار في تلقي المزيد من جلدات القدر.. وصدمات العُمر هي التي تعطينا القوة لنتحمل..

وها نحنُ نتحمل حتى النهاية.. لأن هُناك سعادةً تذوقت قلوبُنا لذتَّها!

السعادة في تغيير كُل شيء، في أن نُجرب الأمر للوهلة الأولى.. فلا تكون نتائجه مُتوقعة..

فَتتلذذ بالنتائج عقولنا... وأقل النتائج تُسعدُنا..

الأمر يرتبط كثيراً بالتوقع.. فإذا أردتَ السعادة فلا تتوقع شيئاً، قُم بالأمر فحسب..

ودَعِ النتائجَ تُبهرك، وتُسعِدُك بقدرٍ أكثر مما تمنيت..

السعادةُ في أول حُب، أول علاقة..

السعادة في أول لمسة يدٍ.. أول قُبلةٍ على الجبين..

وأول ضمةٍ للصدر في ليلٍ بارد..

السعادة حين اجتزتَ الاختبار، حين قُبلتَ في عملك..

حين نجحتَ للمرة الأولى في إقناع الآخرين بفِكرك..

فأثبتَّ نفسك ووجودك بينهم، وصارت لكَ فائدةٌ تُحترم!

السعادة في أول لقاء، أتذكُر؟ حين التقيتما للمرة الأولى.. وارتسمت على وجهك أسارير السعادة.. وامتلأت سماؤك بأسراب الفيروز.. وتجمعت كُل ضحِكات العالم ومُتعِهِ في عينيك..

أتذكُر أم نسيت؟! حين تصبب جبينك عرقاً، وكأنك مُعلق بخيوطٍ ضعيفة في قمم جبال الأندلس..

كأنك مُتَّ، ثُم عدتُ للحياة من جديد.. كأنك بُعثت من زمنٍ آخر، فصِرتَ في هذا الزمان مَلِكاً خالداً.. سُلطةً ونفوذاً..

أتذكُر تلكَ اللحظات؟ أم صار عقلك مُمتلئاً بالهزائم فحسب؟!

السعادة في السفر.. الرحيل عن عالمنا، إلى عالمٍ آخر..

إلى وجوهٍ مغايرة وأُناسٍ جدد.. إلى ثقافاتٍ تختلفُ جذرياً عن ثقافتنا..

حضارات وآثار.. وصور من الطبيعة الخلابة..

أتذكُر سعادتك، حين وطأت قدماك أراضٍ خارج البلاد للمرة الأولى..

كيف كان حالك حينها؟

صِف لي كيف كانت عيناك تذرُف الدمع.. وكم دمعةً سالت على وجنتيك، من قَدر السعادة التي نالت قلبك..

كيف كان حالك حينها؟

أرأيت ما تفعلهُ السعادة بنا..

آمنتَ الآن بِأن الحياة لا تصلحُ من دون شعورٍ بالسعادة..