المخرج السعودي عبد المحسن الضبعان: السينما لها مكانتها والمرأة السعودية قادمة بقوة

المخرج السعودي عبد المحسن الضبعان
المخرج السعودي عبد المحسن الضبعان
عبد المحسن الضبعان والزميلة سميرة مغداد
المخرج السعودي عبد المحسن الضبعان خلال اللقاء مع سيدتي
الضبعان والمنتج محمد الحمود والممثل أسامة القس بمهرجان مراكش للفيلم الدولي
المخرج السعودي عبد المحسن الضبعان
6 صور

شارك الفيلم السعودي «آخر زيارة» في مهرجان مراكش للفيلم الدولي في دورته الـ18، وحاز على جائزة لجنة التحكيم. وتُعدُّ هذه المشاركة الأولى من نوعها في تاريخ المهرجان. روى الفيلم حكاية من عمق المجتمع السعودي تمثّلت في علاقة أب بابنه، يسافران معاً إلى قرية الأب للاطمئنان على الجد المريض. وفي الطريق إلى هناك، تتشكّل علاقة متوترة، تتصاعد مع أحداث الفيلم لتكشف عن صراع جيلَيْن مختلفَيْن، وتزداد حدتها وهما في قلب الحياة البدوية في القرية. حاولنا من خلال المخرج السعودي عبد المحسن الضبعان أن نفهم فكرة الفيلم أكثر ونتعرف على عالم السينما الذي يدشنه بأول فيلم روائي طويل له بعد أفلام قصيرة.


ماذا غياب المرأة تماماً عن فيلم «آخر زيارة»؟
لقد سألني بعض الصحافيين السؤال ذاته عن غياب المرأة، وحتى غياب الموسيقى، هو اختيار فني. لا يعني غيابهما أنني لا أحب الموسيقى أو أكره المرأة أو نتقصّد عدم مشاركتها. يصعب فقط إظهار المرأة في مجتمعات محافظة كهذه يغلب عليها الطابع الأبوي أو الذكوري، فيكون دورها هامشياً ولا أريد تعزيز هذه الصورة في عملي الأول، لأنني رجل يؤمن بالمساواة وبدور المرأة. المجتمع الذي تناولتُه مجتمعاً أبوياً ذكورياً، لكن الفيلم ليس ذكورياً، ولعل غياب المرأة فيه بدور فعال، هو ما جعله يبدو جامداً بارداً يخلو أحياناً من العاطفة.


جيل وقيم

المخرج السعودي عبد المحسن الضبعان
المخرج السعودي عبد المحسن الضبعان


تم التركيز على دور الأب، ألم تحمّل الأب أكثر من طاقته؟
أبداً. الأب هو العصب في الفيلم، والقصة تحكي عن شاب مراهق يمثل الجيل الجديد ويجد نفسه في رحلة سفر لم يرغب فيها والأب نفسه له ماضٍ قد يكون شبيهاً بماضي ولده، لكنه لم ينعتق ولم يتمكن من التحرر من قيد المجتمع الذي يريد ابنه التخلص منه.


الابن كما شاهدنا كان رمزاً لنقل قيم جديدة قد تصدم المجتمع القديم. هل اشتغلت بخلفية فكرية معينة وأردت فعلاً تمرير خطاب معين عن ضرورة التغيير؟
صحيح أنا أريد أن أعبّر عن أبناء جيلي، فنحن لا نرفض أبداً القيم السابقة ونتعايش معها، ولكن لا نريد أن تلقي بظلالها على جيلنا، فنحن جيل مختلف له أفكاره ورؤيته الخاصة للأمور، وتطلعاته للمستقبل قد لا تلتقي مع الجيل السابق.


كيف انبثقت موهبتك في السينما؟
أنا لا أزعم أبداً بأنني متفرّد، هناك سعوديون كثر يملكون حسّاً إبداعياً راقياً في المجال ويعشقون عالم الصورة، فقط لم تكن الفرصة قد حانت لإظهار مواهبهم والتعبير عنها بأشكال مختلفة، لكن من استطاعوا أن يصمدوا في هذا المجال، هم قلّة. شخصياً كنتُ مولعاً دائماً بالفنون وبالأفلام ومشاهدتها وقراءة الكتب حول السينما. للأسف، ثمة صورة نمطية عنّا ونحن لم نغيرها بالتواصل والتعبير عن طاقاتنا، لكن أعتقد أننا الآن نسير في الطريق الصحيح والمستقبل واعد، وحتى وزارة الثقافة الآن تحاول إحياء هذا الحضور الذي لم يُسوَّق جيداً لا غير، فالطاقات الشابة في السعودية زاخرة بالعطاء وفي مجالات متنوعة.


كيف تعاطيتَ مع السينما؟
بالشغف والمحبة. لم أدرسها ولكنني اجتهدتُ وعملتُ فيها بتعب شخصي وأسستُ بمعية آخرين شركة إنتاج في الرياض، هي سينما مستقلة يلتف حولها أناس يعشقون الفن، ولا نملك إمكانيات كثيرة وفيلم «آخر زيارة» هو الفيلم الطويل الأول لي بعد فيلمَيْن قصيرَيْن.


وهل عُرض الفيلم في السعودية؟
إلى الآن لا. عُرض في مهرجانات دولية في المسابقة الرسمية والآن في مراكش، وأنا سعيد جداً بهذا العرض في مهرجان عربي وبلد نتقاسم معه قيماً مشتركة وثقافة متشابهة، فهذا اختبار أول وجسّ نبض لما سيأتي لاحقاً.


حذرٌ من السينما الاستهلاكية التجارية

من مهرجان مراكش
من مهرجان مراكش


ما رأيك في السينما العربية وهل لديها خصوصية يجب أن تميزها؟
أبداً. هي لغة كونية تهتم وتبحث دائماً عن الإنسان، الخصوصية كعربي ومسلم في قيم وروابط مشتركة في المجال الطبيعي، وأعتقد أن السينما العربية هي سينما المؤلف وهي السينما الفنية البديلة للسينما الاستهلاكية. لا توجد صناعة بعد في العالم العربي، لأن السينما الوحيدة التي تملك صناعة هي السينما المصرية التي لديها أيضا آليات لإيصال أفلامها وثقافتها بشكل عام. لذلك، عندما أشاهدُ أفلاماً من اليمن أو المغرب أو أفلاماً خليجية في المهرجانات، أشعرُ تجاهها باهتمام أكبر، لأنني أريدُ أن أقف على نظرة شخص هو أقرب لي كمؤلف وكمخرج.


هل لديك فكرة عن السينما المغربية؟
أعرفُها من خلال المهرجانات، أعتبرُها سينما فنية، قد توجد سينما شعبية لكني لا أعرفُها. شاهدتُ أفلاماً جيدة لمخرجين مميزين، مثل هشام العسري ونبيل عيوش وحكيم بلعباس.


تتحدث هنا عن سينما نخبوية؟
لا أفرّقُ بين النخبوي والشعبي، أنا حذرٌ إلى حد ما من السينما الاستهلاكية التجارية.


فيلم أسري واجتماعي

المخرج السعودي عبد المحسن الضبعان
المخرج السعودي عبد المحسن الضبعان


الفيلم الذي شاهدناه يرتكز أساساً على الصورة أكثر من الكلام؟
الصورة لغة كونية ويلتقي فيها كل الناس ويفهمها الجميع. وكل المشاهدين عبر العالم على تماس معها.


وكيف تم اختيار الممثلين في الفيلم؟
هذا الفيلم هو الفيلم الروائي الطويل الأول لكل الممثلين، كلنا نخوض التجربة للمرة الأولى في الإخراج والإنتاج والتمثيل، سبق أن اشتغلنا على أفلام قصيرة وأعمال تلفزيونية. والممثلون كلهم خريجو مسرح. والممثل الرئيس الذي لعب دور الأب، الممثل أسامة القس هو أستاذ لغالبية الممثلين الشباب في فن الأداء المسرحي.


هل فكرتَ في فيلم مقبل وما هو؟
أعتقد أن كل مخرج بمجرد أن ينتهي من فيلم، يفكر في فكرة لفيلم آخر. هناك أفكار لم تختمر بعد، لكنها تصبّ في اتجاه فيلم اجتماعي أسري يلقي الضوء على واقع الأسر السعودية.


المرأة أقوى في الفن

خلال اللقاء مع سيدتي
خلال اللقاء مع سيدتي


لماذا شكرت زوجتك خلال تقديم الفيلم؟
لأنها تدعمني بلا حدود وعاشت معي مخاض هذا العمل الفني قبل وأثناء وبعد الفيلم، فهي حريصة على عملي أحياناً أكثر مني وفخورة بي وهذا يجعلني ممتناً لها طول العمر.


لم تكن المرأة حاضرة في الفيلم لكنها حضرت من خلال توجيه كلمة شكر لزوجتك أمام الجمهور.
لعلها إشارة جيدة ليلتقطها من انتقد غياب المرأة، لأن المرأة هي الأساس وهي نبع الحياة.


أين تجد المرأة السعودية في المجال الفني؟
المرأة موجودة في كل الفنون ومع الوضع الحالي، باتت مشاركتها أفضل، بخاصة أن الفن اليوم مؤطر، وأصبح احترافياً لم تعد تسوده الفوضى كما في السابق. يعني صار مجالاً آمناً أكثر للمرأة والرجل معاً، وأبرز الأسماء الفنية لدينا هي هيفاء المنصور وحضورها لافت.


ما هو الفيلم الذي أثار انتباهك في الآونة الأخيرة وفي المهرجان؟
لم أحضر كل الأفلام وشاهدتُ فيلم الفلسطيني إيليا سليمان وهو من المخرجين الذين أحب أعمالهم كثيراً وأتابع كل أفلامه.


وبالنسبة إلى السينما العربية؟
أذهلني فيلم «طلامس» للتونسي علاء الدين سليم، وأعتقد أن هذا الفيلم يشكّل مساراً جديداً في السينما العربية.


بمن تأثرت في مسارك؟
كنتُ أعشق السينما الأميركية في البدايات، ثم السينما الأوروبية والآسيوية التي فتحت لي بوابة أخرى ومنحتني معنى آخر للسينما.


والنجم الذي أثر فيك؟
كنتُ وما زلتُ أعشق جاك نيكلسون.

لمشاهدة أجمل صور المشاهير زوروا أنستغرام سيدتي

ويمكنكم متابعة آخر أخبار النجوم عبر تويتر "سيدتي فن"