تربية الطفل للحيوان ..وتأثيره النفسي والاجتماعي

تربية الطفل للحيوان وتأثيره التفسي والايجابي

 

كثيراً ما يلحُ الأطفال على آبائهم لاقتناء حيوان أليف، ومنهم من يستجيب للأبناء مما يدخل الفرحة إلى قلوبهم، وهناك من يرفض من دون التعرف على سلبية أو إيجابية تربية الحيوان بالبيت على الطفل. الدكتور محمد عبد المطلب الطبيب النفسي معنا لتوضيح مدى تأثير تربية الطفل لحيوان بمنزله على سلوكياته ومشاعره

تربية الحيوان يؤثر على مشاعر الطفل

فكرة تربية حيوان بالبيت

الطفل ينشغل برعايته

معظم الأطفال يمتلكون طاقة كبيرة في اللعب، وفي الوقت نفسه يملون سريعاً فيشرعون في الشغب وإثارة الفوضى حتى يفقد أهل البيت أعصابهم

فتظهر فكرة شراء حيوان أليف يشغل وقت فراغ الطفل وينشغل برعايته، والنتيجة، يتحول الطفل مع مرور الوقت إلى طفل مسؤول وصبور وحنون أيضاً

وفي المقابل يرفض البعض هذا الأمر لما يسببه من متاعبَ في إطار التربية والاهتمام، أو خوفاً على الأطفال من تعرضهم للإيذاء أو الإصابة بالأمراض

بينما هناك دراسات أثبتت أن الأطفال الذين يربون حيوانات تزيد لديهم عملية إفراز الهرمون المسؤول عن السعادة والبهجة والاسترخاء، كما تزيد لديهم فكرة المسؤولية وتقبل الآخرين

تأثير تربية الحيوانات على سلوك الطفل

تربية الحيوان تدخل الرحمة والحنان بقلب الطفل

تربية الحيوانات أياً كان نوعها، تؤثر على شخصية الأطفال بشكل إيجابي، قد لا تخطر على بال من يمتلكون حيوانات أصلاً، فالحيوانات تعلم الأطفال المسؤولية والاعتماد على النفس والصبر

وهي مفيدة في ملء وقت فراغ المراهقين أيضاً، كما أن الأبحاث العلمية أثبتت أن الأشخاص الذين يقومون بتربية الحيوانات أقل تعرضاً للإصابة بأمراض القلب والسكر والضغط

كما أن تربية الحيوانات تزرع في نفوس الأطفال قيمة "الرحمة" و"الحنان" والشعور بالآخر، فالحيوانات تسمى بـ"السائل المحروم" الذي لا يستطع النطق ليطلب طعاماً أو شراباً

عندما نوكل لطفل بعضاً من مسؤولية الاهتمام بالحيوان الأليف، فإننا ننمي لديه حاسة الرحمة والعطف والأهم قدراته العقلية ومهاراته في استنباط حاجة الحيوان من حركاته

قضاء الأطفال وقتاً مع الحيوانات الأليفة يُشعرهم بسعادة أكبر من التي يشعرون بها حين يقضون نفس الوقت مع إخوتهم وأقرانهم

الطفل يحصل على علاقة سعيدة وخالية نسبيّاً من الصراعات مع الحيوان الأليف، مقارنة بعلاقته مع إخوته التي قد تكون مزدحمة بالمشاحنات

الأسس التي يجب إتباعها عند اقتناء حيوان أليف

ألا يكون لدى أحد أفراد المنزل حساسية من تربية الحيوانات الأليفة

الحرص على وجود مكان مخصص لهذا الحيوان داخل المنزل أو خارجه

توفير التطعيم والطعام المناسب للحيوان

التأكد من أن هناك وقتاً لرعايته؛ لأن الحيوانات تشعر مثلنا تماماً إذا أهمل صاحبها في رعايتها حتى ولو بـ"اللعب معها" وربما تمرض وتموت

تعويد القط أو الكلب على الأكل المتواجد بالمنزل؛ حتى لا يشعر أصحابه بعبء التكلفة المادية، معرفة كافة المعلومات اللازمة عن نوع وفصيلة الحيوان الذي تمتلكه

للحيوان طبيعة نفسية مثل الإنسان

في حالة عدم قدرة مالكه على رعايته يجب أن يضعه بإحدى دور رعاية الحيوانات الأليفة ولا يتركه بالشارع؛ لأنه حتماً في هذه الحالة سيموت ولن يستطع العيش

يجب أن ننتبه أن للحيوانات طبيعة نفسية مثل الإنسان تماماً، فالحيوان يحزن ويفرح ويكره ويحب، وإذا أرادت أم أن تحسن من سلوك طفلها فلتوكل إليه مسؤولية رعاية حيوان أليف

فمثلاً كل طفل حسب عمره المناسب، يمكنكِ أن تضعي لطفلك جدولاً لإطعام الحيوان أو اللعب معه، الاشتراك في شراء طعامه وتحضير أدوات نظافته مع الأم

معرفة مواعيد التطعيم للحيوان، وبالتالي ستضمنين طفلاً مشغولاً طوال الوقت بمسؤوليات هامة ومفيدة وممتعة بالنسبة له.

دراسة أثبتت التطور الصحي والنفسي والاجتماعي للطفل

تربية الحيوان تطور سلوك الطفل الاجتماعي

اعتمدت دراسة أوربية أعدها مجموعة من الباحثين بعد رصد علاقة ٧٧ طفلاً وطفلة في عمر ١٢ عاماً من عائلات مختلفة، بالحيوانات الأليفة التي يمتلكونها، مشترِطةً أن يكون لدى الطفل على الأقل أخ واحد أو أخت واحدة، وحيوان أليف واحد على الأقل أيضاً

وأكدت الدراسة من خلال رصد سلوكيات ومشاعر الأطفال، إضافة إلى طرح الأسئلة عليهم، على إسهام هذه العلاقة في التطور الصحي والنفسي والاجتماعي الذي يظهر جليّاً بعد سنوات عندما يكبر الطفل

وتوصلوا إلى أن علاقة الحيوان الأليف بالطفل لا مثيل لها، ففي مقابل عطاء قليل نسبيّاً من جانب الطفل للحيوان يتمثل في تقديم الطعام والشراب له، يعطي الحيوان للطفل الكثير من الحنان والترفيه والإحساس بحماية وحراسة حيوان، قد يفتقدها في حياته لسبب أو لآخر

تربية الحيوان وقاية وعلاج للطفل

كما أثبتت الدراسة أن الطفل أحياناً كثيرة يفضل الحيوان الأليف على إخوته، وكانت صادمة بعض الشيء، ولكن مع التمعُّن في قراءتها نجدها مفيدة جدّاً للأسرة والمجتمع

وفي النهاية، حثت الدراسة الأسرة على اقتناء الحيوانات الأليفة وتربيتها؛ لأن هذه العلاقة يمكنها أن توفر أداة وقاية وعلاج للطفل من مشكلات نفسية واجتماعية كثيرة محتملة

تربية الحيوان وسلوكيات المراهقين

تربية الحيوان مفيدة صحيا ونفسيا للطفل

سن ١٢عاماً سن غاية في الحساسية، بداية المراهقة؛ لأن الطفل ينتقل فيها من مرحلة الطفولة إلى مرحلة المراهقة، وفي هذه المرحلة غالباً ما تسوء علاقة الطفل بإخوته وأمه وأبيه

الطفل في هذا السن يحتاج نوعاً معيناً من المشاعر، وإذا لم يحصل عليه من أسرته يحاول الحصول عليه من أي طرف آخر

حب اقتناء حيوان أليف وتربيته في الأصل غريزة تعكس شخصية الطفل، كما أن اقتناء الفتيات المراهقات للحيوان الأليف، يعكس نزوعهن لسلوك ينطوي على الحنان والتعاطف كأمهات في المستقبل

أمام هذا، هناك إجماع على أن وجود الحيوان الأليف في حياة الطفل والمراهق مهم جدّاً ومفيد على المستويين الصحي والنفسي.

الحيوان الأليف وطفل التوحد

تربية الحيوان يكسبه عادات حميدة

كما أن اقتناء كلب يقلل من الإجهاد ويجعل التعامل أسهل كثيراً بين أفراد الأسر التي يعاني أحد أطفالها مرضَ التوحُّد، ممّا يُحسِّن كثيراً من نوعية حياتهم

الحيوان الأليف مخلوق يعي الكثير، وقادر على التمييز بين الكبير والصغير وبين الطفل الطبيعي وذي الاحتياجات الخاصة، مما يجعل الحيوان يحنو على الأخير بشكل خاص

وإذا كان للحيوان الأليف عند الطفل ذي الاحتياجات الخاصة تلك الأهمية؛ فوجوده في حياة الطفل الطبيعي لا يقل أهمية

وجود الحيوان الأليف في حياة الطفل يكسبه العديد من الصفات الحميدة، مثل تحمُّل المسؤولية وإظهار مشاعر الحب والرعاية للآخرين، وترسيخ مبدأ توزيع الأدوار داخل الأسرة

الأشخاص الذين يتعايشون مع أمراض عقلية خطيرة سئلوا عن الأشياء التي ساعدتهم على إدارة حالتهم وتسيير أوضاعهم

حيث اختار 80% منهم الحيوان الأليف كعامل أساسي لتحسن حالتهم، في حين أن البقية التي تمثل ٢٠٪ فقط وضعت الحيوان في المرتبة الثانية

سلبيات تربية حيوان بالبيت

لتربية الحيوان سلبيات ايضا

من السلبيات، تعلق الطفل به بشكل كبير؛ بحيث لا يتفاعل مع البيئة خارج المنزل أو يبتعد عن البيئة المحيطة به من أقارب وأصدقاء، بالإضافة إلى معاناة بعض الأطفال من الحساسية

 لعب الأطفال مع تلك الحيوانات الأليفة يجعلهم يقومون ببعض الأنشطة البعيدة عن الجلوس في المنزل باستمرار، فهي تشده إلى الحركة والجري، كما أنها تضيف للطفل بعض المهارات الحركية

إذا كانت علاقة الطفل بالحيوان الأليف تمضي على نحو مبالغ فيه فقد يضرُّ ذلك الطفل، كما قد يضرُّ علاقته بأسرته وبمَن حوله، مما يعزِّز لديه الشعور بتفضيل العزلة

وهنا يكمن دور الاب والأم في الملاحظة الواعية لمدى تطور العلاقة بين الطفل والحيوان، مقارنة بعلاقته بإخوته أو أصدقائه

فتح باب تربية الطفل للحيوان الأليف يجب أن يكون خلال مرحلة عُمرية معينة، حين يصبح الطفل مُدركاً بالقدر الكافي الذي يسمح له بأن يختار نوع الحيوان الأليف الذي يريده

ذلك بأن يجمع الطفل معلومات عن طرق تربية الحيوان، ويدخر الأموال للمساهمة في شرائه ثم يسهم مباشرةً في رعايته، وإلا سوف يعتاد الطفل على عدم المسؤولية

وينصح بدراسة أنواع الحيوانات بحيث يمكن تجنُّب بعض أنواع الكلاب التي أثبتت الدراسات شراستها وغدرها، بل وجنونها لدرجة تصل إلى قتل الأطفال

هل مررت بتجربة تربية حيوان أليف بالبيت..شاركينا قصتك؟