الحمض النووي يعيد كتابة التاريخ البشري

كشفت عالمة الأنثروبولوجيا الفرنسية إيفلين هاير، مؤلفة كتاب The Odyssey of Genes، في مقابلة مع صحيفة Nouvel Observateur الفرنسية، أن الحمض النووي شكّل ذاكرة الكائنات الحية منذ ظهور الخلايا الوحيدة قبل 3.5 مليار سنة؛ وصولاً إلى البشر؛بفضل علم الجينوم، يمكننا الغوص في ماضي الجنس البشري، وفهم حياة أسلافنا بشكل أفضل، ومعرفة أسباب هجرتهم من مكان إلى آخر وفقاً لـthetellerreport..


التاريخ من كل نوع

إيفلين هاير..عالمة الأنثروبولوجيا الفرنسية


توضح هاير، أن مراقبة الاختلافات بين النيوكليوتيدات تتيح تتبع تاريخ كل نوع من الكائنات الحية على حدة، ومعرفة فترات نموها وتدهورها وطبيعة هجراتها.
فيما يتعلق بمدى ارتباط الطفرات الجينية بقوانين التطور الناتجة عن تكيف الأنواع مع بيئتها، تعتقد الباحثة أن هذه الطفرات تحدث بدون هدف أو غرض؛ لأنها ببساطة «أخطاء في تكاثر الكود الجيني، إذا كانت هذه الطفرات ضارة؛ فإنها تختفي، ولكن إذا كانت مفيدة؛ فإنها تستمر عبر الأجيال، لكن معظمها محايدة وليس لديها فائدة خاصة.
تقول هاير، إنه بالنسبة للبشر على وجه التحديد، تفاجأ العلماء باكتشاف العدد المنخفض من الجينات المرتبطة بالطفرات المفيدة التي تميزنا عن أقرب أسلافنا.
يشير هذا إلى أن العقل البشري ليس نتاج سلسلة من الطفرات التطورية، كما نعتقد.


طبيعة الهجرات البشرية

الحمض النووي يعيد كتابة التاريخ البشري


رداً على سؤال حول طبيعة الهجرات البشرية الأولى، تقول هاير، إن أسلافنا تحركوا ببطء شديد، وحافظوا على مسافة أميال قليلة بينهم.
تسمح مراقبة معدل الطفرات بتتبع الفترة التي تفككت فيها المجموعات البشرية جغرافياً.
من خلال مقارنة جينوم السكان الأفارقة الحديثين مع تلك الموجودة في القارات الأخرى، تمكن العلماء من تتبع مسار الهجرات البشرية.
بعد مغادرة أفريقيا منذ حوالي 70000 عام، لم يصل البشر إلى شمال أوروبا إلا بعد 30 ألف عام؛ مما يعني المشي بمعدل 3 كيلومترات لكل جيل.
لطالما تساءل علماء الآثار والأنثروبولوجيا عن وصول البشر إلى أستراليا، وهل يمكن أن يتم ذلك سيراً على الأقدام؟
من خلال إعادة رسم خريطة العالم القديم والتيارات البحرية، اكتشف الباحثون أن أقرب نقطة برية للوصول إلى أستراليا تتطلب عبور بحر يبلغ حوالي 50 كيلومتراً، وخلصوا إلى أن أول عبور بحري جماعي حدث خلال تلك الفترة، على الرغم من أن عدد المغامرين، لم يكن هناك ما يكفي لتحمل الوقت الطويل.

 

تراجع غير مسبوق تشهده البشرية..في معدل المواليد!

تراجع معدل المواليد بسبب..ارتفاع معدل الحياة عند الولادة


وحول التأثير المحتمل للضغط الديموغرافي على بحث البشر المستمر عن مناطق جديدة للعيش فيها، أكدت هاير، أن البشر لم يتكاثروا بأعداد كبيرة منذ ملايين السنين، كما هو الحال مع القردة العليا التي كانت 10 مرات أكثر من البشر.
الفترة التي غادر فيها الإنسان أفريقيا، منذ حوالي 70 ألف سنة، لم تتميز بنمو سكاني كبير؛ بل على العكس، شهدت انخفاضاً في عدد السكان.
وتضيف هاير، أن عدد الناس كان يتزايد مع زيادة الموارد؛ لذلك حدثت طفرة سكانية مع ظهور الزراعة في أجزاء مختلفة من العالم منذ حوالي 10 آلاف عام.
مع الاستيطان في المناطق الزراعية، بدأت الجماعات البشرية تستفيد من المحاصيل بشكل دوري، وتنوعت المواد الغذائية وازداد عدد المواليد.
وفيما يتعلق بالتراجع غير المسبوق الذي تشهده البشرية حالياً في معدل المواليد، أكدت هاير، أن هذه الظاهرة الخطيرة مازالت مستمرة في الظل بسبب ارتفاع معدل الحياة عند الولادة، وهو ما يحد نسبياً من معدلات التراجع الديموغرافي، لكن هذا ليس مخفياً في البلدان التي تعاني من معدلات الشيخوخة.

 

تشديد إجراءات الهجرة..يجعل ظروفها أكثربؤسا

تشديد إجراءات الهجرة..لن يوقف حركة الناس من مكان إلى أخر


تتوقع الباحثة الفرنسية، أن يتقلص عدد سكان العالم بعد أن وصل إلى ذروة ما بين 9 و11 مليار شخص.
في ظل تشديد إجراءات الهجرة بين الدول، تقول هاير، إن هذا لن يوقف حركة الناس من مكان إلى آخر؛ بل سيجعل ظروف الهجرة أكثر بؤساً.
في رأيها: «يجب ألا نغفل أن جميع أسلافنا كانوا مهاجرين، كما يظهر حمضنا النووي».