جيهان البحار سيدة ظل بامتياز، لا تستهويها الأضواء والشهرة، هي من المخرجين القلائل الذين يحرصون على كتابه سيناريوهات أفلامهم، لذا تجدها دوماً معتكفة على جهازها. انتهت مؤخراً من تصوير مسلسل "نصف قمر" الذي من المنتظر عرضه خلال رمضان المقبل على القناة المغربية الأولى. ويعالج مسلسل "نصف قمر"، من تأليف وإخراج جيهان، العلاقات الاجتماعية في مستوياتها المختلفة، إذ يطرح أسئلة حول المعنى الحقيقي للحب.
جيهان السيناريست
كانت بدايتها عند حصولها على الإجازة في السمعي البصري من كلية ابن مسيك الحسن الثاني بالدارالبيضاء، لتتخصص بعدها في الكتابة، وتساهم في سيناريو العديد من السيتكومات الرمضانية، بدءًا من "للا فاطمة"، و "دار امي هنية" ثم "ياك احنا جيران"، وبعدها تفرغت لكتابة الأفلام التلفزيونية كـ "حد الصداقة" لعادل الفاضلي، "للأزواج فقط" لحسن بنجلون، ثم أفلام سينمائية منها "نساء في مرايا" لسعد الشرايبي.
وبالموازاة مع كل هذا درست جيهان في مدينة السينما ورزازات المونتاج، ثم انتقلت للدراسة والتكوين بين فرنسا وبلجيكا في الكتابة والمونتاج والإخراج.
في 2008 تعرف عليها النقاد وعشاق السينما من خلال فيلمها القصير الأول "شيفت زائد حذف" الذي توج في مجموعة من المهرجانات الوطنية والدولية، بينها جائزة السيناريو بالدورة الثامنة لمهرجان بيروت الدولي.
توجت جيهان البحار في المهرجان الوطني للفيلم بطنجة بجائزة النقد وجائزة أحسن سيناريو عن فيلمها القصير "الروح التائهة"، الذي لقي اهتماماً ملفتاً من جانب الجمهور والنقاد، حيث يحكي قصة فنان تشكيلي شاب، يعاني الفقر وظروف الحياة البائسة، فتصبح لوحاته الأنيس الوحيد لحياته الرتيبة، والدافع الذي يحرك فيه رغبات خفية.
المخرجات قادمات
لقي آخر أفلامها القصيرة "الفصل الأخير" ترحيباً واسعاً من طرف النقاد والجمهور، حيث ساهمت تجربتها الناجحة في الأفلام القصيرة في فتح شهية المتتبعين لمشاهدة عملها الطويل الأول
تعتبر جيهان البحار أن المخرجات في العالم العربي لهن بصمة خاصة، وحتى في المغرب عرفت السنوات الأخيرة بروز عدد من الأسماء الواعدة. والإخراج بالنسبة لها فن ورؤية وهي في ذلك لا تفرق بين الرجل والمرأة ،حيث أن أهم ما يعنيها هو تقديم صورة عن المجتمع بتصور إبداعي. وترى أن النساء المخرجات يساهمن بتطوير السينما الحديثة رغم إكراهات النظرة الذكورية أحياناً، لكن للمرأة بصمتها في الفن السابع وترى أن المستقبل سيكون واعداً بالطاقات النسائية التي لم تقل كلمتها بعد في المغرب وفي العالم العربي.
وتمكنت البحار من بناء أسلوب خاص بها، والسير بخطى متأنية وحثيثة نحو بناء نظرتها الخاصة للعالم ، فشخوص أعمالها تعيش صراعاً داخلياً وتمزقاً داخلياً، إلا أنها تختار في كل مرة التعبير عن الأمر ذاته بطريقة مختلفة. وتضيف قائلة:" لا أريد أن أحصر نفسي وأسجن نظرتي السينمائية في قالب واحد ،اخترت الانطلاق في عوالم مختلفة تتأرجح بين الكوميدي والدرامي وبين السرد الخطي والسرد المتمرد الذي لا يحترم ضوابط".
في بلاد العجائب
تعتز جيهان بفيلمها الطويل في بلاد العجائب، الذي لقي نجاحاً كبيراً خلال تقديمه 2017،ويحكي قصة سيدة ثرية تتميز بشخصية فريدة تضطرها الظروف إلى العيش برفقة عائلة فقيرة في جبال الأطلس ،حيث شظف العيش وقساوة الطبيعة.
ويسعى "في بلاد العجائب" من خلال مقاربة كوميدية تسليط الضوء على معاناة سكان المغرب العميق في جبال الأطلس.وقد حاز على جوائز كثيرة داخل وخارج المغرب.
ومن المنتظر أن يظهر فيلمها الطويل الثاني صيف هذا العام ،وتقول لـ"سيدتي":" أفضل أن لا أتحدث عنه حتى يكتشفه الجمهور"،وتعد بأنه سيكون مفاجأة جميلة وهو من سيتحدث عن نفسه.