الفنان التشكيلي عبد القادر الريّس: الحروف العربية في التجريد جماليات تحكي قصصاً

حكايةٌ جميلةٌ تربط الفنان التشكيلي الإماراتي، عبد القادر الرّيس باللغة العربية وحروفها المرنة، بدأت عندما أثبت نفسه بالرسم التجريدي بتحد كبير، ولكي يعطيها صبغة شرقيّة أدخل إليها الحروف العربية، وهكذا كانت جماليات قصص بدأت بحرف الواو.

 


أدخل الريس الخط العربي في أعماله التجريدية، في أوائل التسعينيات، بتجربة أطلق عليها «حروفيات»، ركزت على حرفي الواو والهاء؛ حيث تنسجم تجليات «الواو والهاء» في إيقاع فني ساحر، ولكل حرف معنى، تروي نغماته مقاصد عظيمة في خيالات الفنان، يستدرك قائلاً: «الواو له أكبر معنى هو واحد أحد ووطن، ووالدان، رسمته على مجموعة «السكينة»، وهو الحرف الوحيد الذي أعيش داخله، وأشعر فيه بأنني موجود.. تشدني جمالية شكله، التي تشبه السيف، بينما يشكل حرف الهاء الذي ارتبط بالواو في كلمة «هو» إشارة إلى الله عز وجل. فأنا أعشقه لأنه يحتوي على قدر من السكون والانسيابية، وقد جسّدته على أكبر لوحة في أعمالي؛ حيث يصل ارتفاعها إلى خمسة أمتار ونصف المتر، وهي من مقتنيات وزارة الثقافة وتنمية المعرفة».

عادة ما يضيف الريّس الحرف إلى لوحته بعد الانتهاء منها؛ حيث يجد له المكان المناسب، حسب المساحات، الذي تتيح ألوانه لإنارة أكبر، وحيثما تتزاحم الكتل اللونية، يكون المكان المناسب لوضع الحرف؛ بتزاوج مبتكر.

 

روائح معتّقة

في كل فترة تتوق نفس الفنان إلى رسم نفحات الحنين من حوله، فمرة يحطّ عنبر ألوان ريشته لينقل روعة الأبواب الخشبية التراثية، بروائحها المعتّقة، المفتوحة على الآتي والبدايات الجديدة، بدلالات ورمزية يحاول إبرازها في رسم النقوش البسيطة لهذه الأبواب.. أبواب تحمل كنوز الذاكرة التي خلفها لنا الآباء، سواء بطريقة شكلها، أو ارتفاعها، أو اتساعها، يتابع قائلاً: «كنت أجسد الطفولة في الأبواب العادية، التي تروي متعة بساطة العيش، وقسوته التي تظهر في المسامير الموجودة على تلك الأبواب، هي رموز ارتبطت بهذه التحوّلات، تعبر إلى المستقبل من خلال الماضي والحاضر».

الصدق يفتح أبواب النجاح

يخطط الريّس لابتكار أحرف تجريدية بحتة، تستغني عن التفاصيل، لكنه الآن يركز على خط الثلث، برومانسية انطبعت أيضاً على الأحرف العربية، يستطرد قائلاً: «خبرة السنين جعلتني أشعر برومانسية جعلت الحروف انسيابية، توضع على اللوحات كالنسمة الهائمة، التي تبحث عن طريقها، في ريشة مفعمة الإحساس بالحميمية، التي من دونها لا تجد تلك الكثافة من الحب، ولا يستطيع الفنان تشكيلها».
يختار الفنان عبد القادر حرف الحاء ليعبّر به عن توقه إلى المرأة التي طالما لمع الحب في عينيها، وهي أمّه، ويهديه لها؛ لأنه يحمل سرّ شموخها، وروعة أنوثتها.
ويشترط في اللوحات سواء كانت كلاسيكية أو تجريدية أو انطباعية، وجود الصدق الذي يفتح أبواب النجاح أمام الفنان. والريّس الذي تعدّ أعماله بصمة وطنية مهمة، خصوصاً الموجودة في متحف الاتحاد، أو حتى عمله على مترو دبي، يحلم في إنشاء متحف يضم أعماله وغيره من فناني الإمارات، توثيقاً للحركة التشكيلية في الدولة، موضحاً أن التقنيات الحديثة بقدر ما تسهم في امتلاك الأفكار وتطوير الإبداع، فإنها تعدّ حجر عثرة وعامل هدم في تطوير الملكات والقدرات الإبداعية لدى الفنان.