المعماري إبراهيم الجيدة: نصيحتي للمبتدئين الاستلهام من تاريخنا 

المعماري القطري إبراهيم الجيدة
المعماري إبراهيم الجيدة: نصيحتي للمبتدئين الاستلهام من تاريخنا 
صورة لـ «استاد» الثمامة
«استاد» الثمامة
صورة لـ«استاد» الثمامة
«استاد» الثمامة
«استاد» الثمامة
صورة لـ «استاد» الثمامة، كما يبدو في الليل
متحف المطافي بقطر
متحف المطافي في قطر
من مشاريع المهندس إبراهيم الجيدة
من مشاريع الجيدة السكنية
مصلّى سدرة
مصلّى سدرة
المعماري القطري إبراهيم الجيدة
صورة لـ «استاد» الثمامة
صورة لـ«استاد» الثمامة
«استاد» الثمامة
متحف المطافي بقطر
من مشاريع المهندس إبراهيم الجيدة
مصلّى سدرة
7 صور

إبراهيم محمد الجيدة هو كبير المهندسين المعماريين في «المكتب الهندسي العربي» AEB، الشركة الهندسية ذات المشاريع الممتدة في أنحاء عدة من الشرق الأوسط وجنوب شرق آسيا، والتي فازت في تصميم «استاد» الثمامة، الذي استضاف بعض المباريات أخيراً، أثناء «مونديال قطر 2022». يُعرف الجيدة، قطري الجنسية، بأسلوبه الذي يستلهم من العمارة الإسلامية، ويعيد تشكيل عناصر منها، بصورة حديثة، ما يجعل تصاميمه لا تقطع الصلة بالماضي، وتمثل الحاضر خير تمثيل. عن الطفولة في الدوحة وسنوات الدراسة الجامعية في «أوكلاهوما» الأميركية والعمارة ومصادر الإلهام والأحلام، يتحدث الجيدة إلى «سيدتي»، في هذا الحوار.

المعماري إبراهيم الجيدة

يحمل «استاد» الثمامة، وهو أحد الملاعب التي استضافت المباريات خلال «مونديال قطر» توقيعك. حدّثنا أكثر عن التصميم المستوحى من القحفية (أو قبعة الرأس التقليدية)؟

كان مشروع «استاد» الثمامة عبارة عن مسابقة عالمية للتصميم؛ من متطلباتها أن يعكس الأخير شيئاً من التراث العربي المحلي، مع الإشارة إلى غطاء الرأس، كمرجع لاستيحاء الأفكار منه. نظرت إلى المسابقة على أنها فرصة لي، خصوصاً أن القحفية هي جزء من تراثنا، ومن زي طفولتي. لكني، لم أكن أتخيل أن هناك نماذج ونقوش مختلفة للقحفية، وتاريخ طويل في منطقتنا العربية. من هنا، طورت الفكرة، وتوفقت في الفوز بهذه المسابقة العالمية، واختير تصميمي للتنفيذ.


هل من معايير محددة يعتمدها المعماري لجعل ملعب الكرة مريحاً للجمهور، وأكثر حماسة لناحية الصوت؟


كان جزء من العمل هو تعيين 20 استشارياً من حول العالم في تخصصات مختلفة لإعداد الدراسات العميقة حول جوانب مختلفة تجعل «الاستاد» يؤدي وظائفه على أكمل وجه، بما في ذلك الصوت، وكيف تتحرك الجماهير والحشيش الذي يركض اللاعبون عليه وتلامسه الكرة والإضاءة المتعلقة بهذا العنصر وكيف ينمو.

يُعرف النهج الذي تتبعه بدمج عناصر من الهندسة العربية بالحداثة. كيف توائم بين هذه المدارس؟

العناصر الهندسية العربية الغنية على مر العصور هي مصدر للإلهام، وليس للاقتباس من دون تطوير. لعل «استاد» الثمامة يقدم المثال الأبرز على ذلك، لناحية النقوش على القحفية التي تغطي الملعب، علماً أني استخدمت مواد وتقنيات معاصرة، في التنفيذ. كانت التجربة ناجحة. لذا، أنصح الطلاب والمعماريين المبتدئين بالاتكاء على تاريخنا، للاستلهام منه، وليس للنسخ نسخاً طبق الأصل. العالم يتطور، وكذا الأمر لناحية مواد البناء. والاستلهام من التاريخ مفضل عن نسخ عناصر تقليدية أو حديثة لا تمت إلينا بصلة.

صورة لـ «استاد» الثمامة

تابعي المزيد: المهندسة إيفا شوميلاس Eva Szumilas: العودة إلى روح الفنون الزخرفية هو شعاري

منطقة الجسرة القديمة

صورة ثانية لـ «استاد» الثمامة

هل لطفولتك دور في اختيار العمارة للدراسة الجامعية، ثم للمسيرة المهنية؟

أعتقد أن اختيار العمارة مسير حياة، يرجع إلى طفولتي، لكني شعرت بذلك في ما بعد. فقد كنت أسكن في منطقة الجسرة القديمة (بالدوحة)، التي تمتاز بالسكك والسوق والحوش، وقد تراكم في عقلي عبر الأعوام مفهوم النسبة والتناسب، وتأثير العمارة والتخطيط في حياة الناس الاجتماعية. أضيفي إلى ذلك السفر أثناء الطفولة، فقد كانت الوالدة (حفظها الله) تأخذني للمتاحف والمباني المهمة، أثناء الرحلات العائلية خارج البلد، ما أثر بي. عناصر اللعب في عمر الطفولة كانت متعلقة أيضاً بالبناء والفنون، بشكل عام. أعتقد أنه لا يمكن اختيار التخصصات في الميادين التي تتعلق بالفن، من دون تأثيرات الطفولة، وأنه سيصعب النجاح والتفوق إذ قرر المرء امتهان الفنون في الكبر من دون روافد من الطفولة.

بعد العمل على أكثر من 1500 مشروع منذ عام 1991؛ ماذا يمكن القول عن مضمار العمارة والتصميم، في دول الخليج راهناً؟

دول الخليج تحضن المباني الأكثر تطوراً في العالم؛ الدليل على ذلك هو عدد المعماريين العالميين الأهم، الذين صمموا تحفاً معمارية في المنطقة. في قطر مثلاً، هناك تحدّ لهؤلاء حتى يُعلوا عمارات لها روابط بطريقة أو بأخرى بتراثنا الشرق أوسطي والعربي والإسلامي. من الأمثلة على ذلك، (المعماري الفرنسي) جان نوفيل الذي استوحى بناء «المتحف الوطني» من «زهرة الصحراء» (تسمى أيضاً «وردة الصحراء» أو «قحوف الرمل» باللهجة المحلية وهي تكوين صخري يتشكل من الحجارة الجيرية ويظهر تحت سطح الأرض ويدل على توافر المياه الجوفية) و(المعماري الأميركي من أصل صيني) آي إم بي في «المتحف الإسلامي»، والملاعب، منها ملعب الوكرة لزها حديد الذي يعكس تراث المنطقة وعلاقتها بالبحر والمراكب.

صورة ليلية لـ «استاد» الثمامة

 

دول الخليج تحضن المباني الأكثر تطوراً في العالم


تابعي المزيد: مصمم الديكور غيث معتوق: أستوحي بعض تصاميمي من لوحات فنية تعجبني

الملك آرثر

متحف المطافي في قطر

ماذا بقي في البال من دروس من زمن الجامعة في «أوكلاهوما»؟

أتذكر الجهد الذي كنا نقوم كطلبة به في كلية العمارة، والسهر على الدرس، وزملاء الدراسة الذين ظللت على تواصل مع غالبيتهم حتى اليوم، وأقابلهم في أماكن مختلفة من العالم. وجهد المدرسين وكيف شكلوا طريقة تفكيرنا وأرشدونا إلى كيفية استخلاص الأفكار الجيدة في التصميم، وهو ما سيبقى في فكري إلى الأبد. أضيفي إلى ذلك، تعلمت في الجامعة أيضاً أن يروي تصميمي قصة ما. في أحد المشاريع، كان علينا تصميم مركز خدمي بمدينة «أوكلاهوما» الأميركية، على أن يشتمل المركز على المبنى البلدي. وقد حصّلت درجات مرتفعة لأني أشرت أني استوحيت تصميم مشروعي، من الطاولة المستديرة للملك آرثر (هو رمز من الرموز الميثولوجية في بريطانيا العظمى حيث يمثل الملكية العادلة في الحرب والسلم)، وكيف أن الشكل الدائري يجمع بين الناس ويوحد بينهم، وقد كان لذلك وقع. لا أزال أستخدم هذا النهج في تصاميمي.

في عداد مشاريعك، مساجد عدة. هل يمكن الحديث عن عمارة حديثة للمساجد تنحو أكثر فأكثر إلى طراز «الحد الأدنى» Minimalist style؟

في عصر مليء بالمعلومات والأشكال الهندسية والمواد المعقدة، التي تشغل الناظر، كلما كانت أشكال المباني الدينية بسيطة وتتبع طراز الحد الأدنى، كان ذلك أجمل وموح بالصفاء الذهني، بعكس الماضي حينما كان الصفاء الذهني مسيطر على الأفراد فكانت النقوش والحرفية أكثر عمقًا آنذاك على هذا النوع من المباني. الواضح أن المباني الدينية التي تفوز بالجوائز راهناً مميزة ببساطتها.

ماذا عن اهتمامك بالعمارة البيئية، وعن مدى تطبيق هذا النهج في عمارات الخليج؟

خلال الطفرة العمرانية في ثمانينيات القرن الماضي وتسعينياته، وبداية الألفية الثانية، كان الهم البيئي غائباً، للأسف، فقد كانت العمارات عبارة عن علب زجاجية كبيرة تستهلك الطاقة، وتبذرها. اليوم (لله الحمد)، ملاعب قطر تراعي الاستدامة إلى حد بعيد، كذا الأمر لناحية المباني الحكومية وشبه الحكومية، إذ يفرض قانون البناء الاستدامة، وهذا أمر ملائم للحياة ومريح.

من مشاريع الجيدة السكنية

 

أعمال المعماريين العالميين في قطر فتحت مداركي على كيفية ترجمة هويتنا بطريقة معاصرة


«حلم أرغب في تحقيقه»

مصلّى سدرة


في إحدى أوراقك البحثية، تقدم رؤيتك للمدن السكنية الحديثة، في دول الخليج، التي تحافظ على الهوية والثقافة وتتأقلم مع الحداثة. هل يمكن الشرح أكثر عن هذا المفهوم؟

هذا مهم لي، ولمشواري في مضمار العمارة، وحلم أرغب في تحقيقه. يقضي الحلم بإعادة تصميم المدينة القديمة، التي حافظت على خصوصيتنا وطبائعنا وكانت مبانيها تتلاءم مع حركة الهواء والشمس، لكن بصورة تلائم العصر الحديث أي تحويل المدينة التقليدية لمكان يضم منازل تسمح للأطفال باللعب خارجاً على غرار ما كنا نفعل في الحارة من دون الخوف من السيارات ويلائم هويتنا وعادتنا وتقاليدنا، مع عكس الحداثة في الاستخدام وطرق المعيشة.


هل من مؤثر أو مؤثرين من عالم العمارة والتصميم، في مسيرك؟

صحيح أني أعجبت بأسلوب فلان وفلان في المضمار؛ لكني أميل خصوصاً إلى كيفية عكس العمارة مهما كانت وظيفتها، للهويات والتراث، فأنا رحال، وطالما أثرت بي هويات العالم المختلفة من شرق آسيا إلى أوروبا إلى جنوب أميركا، وخصائص الشعوب. أضيفي إلى ذلك، المعماريون العالميون الذين رفعوا مباني في الخليج، وفي قطر تحديداً، فتحوا مداركي ومدارك الجيل الجديد من المعماريين على كيفية ترجمة هويتنا، بطريقة معاصرة.

تابعي المزيد: انطلاق النسخة الثالثة من "الملتقى الإقليمي للهندسة المعمارية" في حي دبي للتصميم