في الحلقة الثانية من «قصة وعي»: بنت اسمها سارة

في الحلقة الثانية من «قصة وعي»: بنت اسمها سارة
في الحلقة الثانية من «قصة وعي»: بنت اسمها سارة

قصة وعي هو برنامج توعوي يطل عليكم كل أسبوع من شهر رمضان، يعالج مشكلات تَتعلق بالصحة النفسية، التي يمكن أن نجد حلاً لمشكلاتها في هذا الشهر الفضيل. في الحلقة الثانية من قصة وعي، تكشف لنا جنى بورسلان، اختصاصية في علم النفس التربوي، عن قصة فتاة تدعى سارة، التي من خلال العلاج النفسي الذي توافر لها في الشهر الفضيل، استطاعت أن تتحرر من مشكلاتها، من دون أن تورط أطفالها معها، فكيف استفادت من الشفاء؟ وما قصة تجنيبها لتوريط أطفالها معها؟ سارة فتاة، استفادت من الشهر الفضيل، وتمكنت من التوقف عن الصوم في التعبير عن مشاعرها، وسمحت لنفسها أن تنضج عاطفياً؛ لتتمكن من إدارة أسرتها بشكل صحي وبعيد عن العثرات.

بحر من العزلة

بحر من العزلة

نشأت سارة في كنف أبوين مشغولين بالعمل بشكل دائم، وهذا ما سبب لها إحساساً بالنقص بين أصدقائها؛ فلطالما تمنت أن ترفع نظرها وهي على خشبة المسرح المدرسي لتجدهما في الصف الأمامي، يراقبان ويصفقان لنجاحها. وكم تخيلت أنهما في صفوف المشجعين على المدرج الرياضي للمدرسة، وهي تلعب كرة السلة، يشجعانها على تسجيل هدف، لكن شيئاً من هذا لم يحصل، وغاصت سارة في بحر من العزلة، كل هذا انعكس على تصرفاتها؛ فصارت تواجه الحياة بمفردها، اعتقاداً منها أن هذا ما سيمدها بالأمان، حتى أصبحت في العشرينيات، وارتفع الحاجز ليحجب قدرتها على التواصل مع الآخرين الذين اعتبرتهم غرباء بأفكارهم ومعتقداتهم؛ فلم يكن سهلاً عليها أن تتقبل رجلاً لتعيش معه حياة عاطفية وزوجية سعيدة.

إحساسها الوهمي بالأمان

كانت حياة متعبة بالنسبة لها

في الواقع كانت سارة تحمي نفسها من الآخرين ومن خيبات الأمل. هكذا تربت، وهكذا علمت نفسها بنفسها أن تواجه الحياة؛ ما أوقعها في المطبات، فجذبت إلى محيطها أشخاصاً لا يمتلكون الحس العاطفي الكافي لسد ثغرة العطش في حياتها، هم تماماً يشبهون والديها. دارت الأيام لتجد سارة نفسها مسؤولة عن عائلة، وعن تركيبة اجتماعية لم تفهم تفاصيلها، كانت حياة متعبة بالنسبة لها، ورغم إحساسها الوهمي بالأمان، لكنها تحملت مسؤولية جعلتها تعتقد أيضاً بأنها وحدها القادرة على إدارة شؤون عائلتها، وهذا في الوقت نفسه ما أصابها بالإحباط؛ لافتقادها من يمكن أن يساعدها، فهي ما زالت وحيدة، وكأن شيئاً لم يتغير في حياتها. الفرق بين الاضطراب والمرض النفسي

الأخذ والعطاء بتوازن

انتبهت إلى الطفل الذي تربى في داخلها

سارة اليوم غيرت مصيرها، بعد أن أصبحت أماً لتوأمين، تصالحت مع نفسها واستوعبت ما مرت به بفضل ركائز البيت التي ازدادت قوتها، وذلك بعد أن التحقت بحصص خاصة للعلاج النفسي؛ خوفاً منها على طفلتيها، فقد شعرت تجاههما بالمسؤولية، فهي لا تريد تحميلهما ترسباتها مشكلاتها النفسية المعقدة، من ماضيها الذي يحفر داخلها. هي ببساطة أعطت نفسها فرصة في هذا الشهر الفضيل لتتعافى من ماضيها، من رواسبه وشؤونه الخاصة، رأفة بهاتين البريئتين اللتين تنتظران كل ما هو مبهج في الحياة. سارة تعلمت الأخذ والعطاء بتوازن؛ كل هذا لتجنب أطفالها اضطرابات قد تشوه شخصياتهم، وتعرقل حياتهم المستقبلية. وخلال رحلتها في التعافي انتبهت إلى الطفل الذي تربى في داخلها، ولمست جراحه، وقررت تغيير كل هذه الأنماط في حياتها، وقررت بينها وبين نفسها قبول مساعدة ومساندة مَن حولها، خصوصاً زوجها؛ فهناك أشخاص ناضجون وموجودون في حياتنا العاطفية، يمكننا أن نتصالح معهم، وندخلهم في عالمنا بهدوء، من دون أن يتجاوزوه أو يحاولوا التعرف إلى خصوصياته. نصائح في تربية الأطفال التوائم